الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

(سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير

على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي")

جواب سؤال

هل الربا لا يقع إلا في الأصناف الستة؟

إلى علاء المقطري

 

السؤال:

السلام عليكم،

سؤال ورد من أحد الإخوة واسمه محسن الجعدبي - صنعاء.

قال r : «أي قرض جر منفعة فهو ربا». وقد حددت الأحاديث أن الربا في الذهب والفضة وبعض الأصناف (التمر والزبيب والحنطة والشعير). فهل الأوراق الإلزامية ليس فيها ربا بحكم أنها ليست مغطاة بالذهب ولا بالفضة؟ وهل يجوز أن يسلف شخص شخصاً آخر طن حديد ويشترط أن يعيد له حديداً ولكن أكثر من الطن، مثلا طناً ونصفاً؟

وجزاكم الله خيراً

 

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،

نعم إن الربا لا يقع إلا في الأصناف الستة: التمر، والقمح، والشعير، والملح، والذهب، والفضة... ولكن هذا في البيع والسلم... وأما القرض فيقع في كل شيء، فلا يحل إقراض شيء ليرد إليك أقل ولا أكثر، ولا من نوع آخر أصلاً. لكن مثل ما أقرضت في نوعه ومقداره.

 

وأما كون الربا في هذه الأنواع الستة فقط، فلأن إجماع الصحابة انعقد عليها، ولأنّ الرسول الله r يقول: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير، والتمر بالتمر والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد». رواه مسلم عن عبادة بن الصامت. فالإجماع والحديث نص على أشياء معينة فيها الربا، فلا يثبت إلاّ فيها. ولم يرد في غير هذه الأنواع الستة دليل على التحريم، فلا يكون الربا في غيرها، ويدخل فيها كل ما هو من جنسها، وما ينطبق عليه وصفها. وأما ما عداها فلا يدخل. وهكذا فإن الربا لا يقع في البيع والسلم إلا فقط في ستة أشياء: التمر والقمح والشعير والملح والذهب والفضة، فهي أسماء جنس لا يقاس عليها.

 

ولكن وردت نصوص عند الحديث عن الزكاة تذكر الذهب والفضة كنقد أي ليس فقط كاسم جنس، بل كنقد يتعامل به الناس أثماناً وأجوراً، وهذه الأدلة يستنبط منها علة، وهي النقدية، فتقاس عليها أوراق النقد الإلزامية، لتحقق هذه العلة فيها، وتطبق عليها أحكام زكاة النقد، بحساب ما تساويه في السوق من الذهب، أو الفضة. عن علي بن أبي طالب عن النبي r قال: «إذا كانت لك مئتا درهم، وحال عليها الحول، ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء - يعني في الذهب - حتى يكون ذلك عشرون ديناراً، فإذا كانت لك عشرون ديناراً، وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار» رواه أبو داود. كما ورد عن علي قوله: «في كل عشرين ديناراً نصف دينار، وفي كل أربعين ديناراً دينار». وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله r : «.. فهاتوا صدقة الرقّة، في كل أربعين درهماً، درهماً وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم» رواه البخاري وأحمد. كما روى عبد الرحمن الأنصاري في كتاب رسول الله r ، وكتاب عمر في الصدقة: «... والورِق لا يؤخذ منه شيء حتى يبلغ مئتي درهم» رواه أبو عبيد.

 

كل هذه الأحاديث دلت على النقدية والثمنية؛ لأن ألفاظ الرِّقة مع قرينة «في كل أربعين درهماً»، والورِق، والدينار، والدرهم، ألفاظ تطلق على الذهب والفضة المضروبتين والمسكوكتين، أي التي هي نقود وأثمان، والتعبير بهذه الألفاظ يدل على أن النقدية والثّمنية مرادة من هذه الأحاديث، وبها تعلَّقت كثير من الأحكام الشرعية، كالزكاة، والديات، والكفارات، والقطع من السرقة، وغيرها من الأحكام.

 

وبما أن الأوراق الإلزامية قد تحققّت فيها هذه النقدية والثمنية، أي أثماناً للأشياء، وأجرة للمنافع والخدمات، وبها يشترى الذهب والفضة، كما يشترى بها سائر العروض والأعيان، فإنها تكون قد تحققت فيها النقدية والثمنية، المتحققتان في الذهب والفضة، المضروبتين دنانير ودراهم، فتكون مشمولة بأحاديث وجوب الزكاة في النقدين الذهب والفضة، فتجب فيها الزكاة، كما تجب في الذهب والفضة، وتقدّر بالذهب والفضة. فمن كان عنده مبلغ من هذه الأوراق الإلزامية يساوي قيمة عشرين ديناراً ذهباً - أي 85 غراماً ذهباً - وهو نصاب الذهب، أو كان عنده مبلغ يساوي قيمة 200 درهم فضة - أي 595 غراماً فضة - وحال عليه الحول، وجبت عليه الزكاة فيه، ووجب عليه إخراج ربع عشره.

 

ويُزكّى عن الذهب بالذهب، وبالأوراق النائبة، والأوراق الوثيقة، ويُزكّى عن الفضة بالفضة، وبالأوراق النائبة والوثيقة، كما يُجزئ أن يزكّى عن الذهب بالفضة، وبالأوراق الإلزامية، وعن الفضة بالذهب، وبالأوراق الإلزامية؛ لأنّها جميعها نقود وأثمان، فيُجزئ بعضها عن بعض، ويجوز إخراج بعضها عن بعض لتحقّق الغرض في ذلك.

 

وما دامت الزكاة تجب فيها، فكذلك تطبق عليها أحكام الأموال كالربا والديات والكفارات، والقطع من السرقة، وغيرها من الأحكام، وهكذا فإن أحكام الربا في الذهب والفضة كنقد وليس كجنس تنطبق على الأوراق الإلزامية كنقد لأن علة النقدية متحققة فيها.

 

وأما القرض فجائز في هذه الأصناف الستة، وفي غيرها، وفي كل ما يتملك، ويحل إخراجه عن الملك، ولا يدخل الربا فيه إلا إذا جر نفعاً لما رواه الحارث بن أبي أسامة من حديث علي رضي الله عنه بلفظ «أن النبي r نهى عن قرض جر منفعة» وفي رواية «كل قرض جر منفعة فهو رباً» ويستثنى من ذلك ما هو من قبيل حسن القضاء دون زيادة لما رواه أبو داود عن أبي رافع قال «استسلف رسول الله r بكراً فجاءته إبل الصدقة فأمرني أن أقضي الرجل بكره فقلت لم أجد في الإبل إلا جملاً خياراً رباعياً فقال: أعطه إياه فإن خيار الناس أحسنهم قضاءً».

 

وبناء عليه فأي قرض من الأصناف الستة أو غيرها يجب أن يعاد لصاحبه دون زيادة "منفعة" وإلا كان ربا، ومن ثم فلا يجوز أن تقترض طن حديد وتعيده طناً ونصفا فإن هذا يكون ربا.

 

آمل أن يكون الجواب واضحا بإذن الله.

 

أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة

 

14 ربيع الآخر 1439هـ

الموافق  2018/01/01م

 

 

رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) على الفيسبوك

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع