- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة أجوبة العالم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة أمير حزب التحرير
على أسئلة رواد صفحته على الفيسبوك "فقهي"
جواب سؤال
أهل الفترة واليهود والنصارى
إلى الشيخ عاصم الجعبري
السؤال:
بعد بعث سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هل يعد من بقي على الديانة اليهودية أو النصرانية من أهل الجنة؟ وما مصير من لم تصلهم الرسالة المحمدية ويعبدون الأوثان أو المخلوقات الأخرى؟ لو يتم توضيحه في الإجابة على الاختلافات المذكورة.
أفيدونا بارك الله فيك
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
كأنك تسأل عن أهل الفترة... وإليك ما يلي:
1- في البداية لا بد من التأكيد على أن اليهود والنصارى كفار وكذلك عبدة الأوثان وكل من يعبد شيئاً غير الله فكلهم كفار، فالمسلم هو من يدين بدين الإسلام الذي جاء به رسول الله محمد ﷺ، والكافر هو من يدين غير دين الإسلام وهو غير مؤمن، وغير مسلم... قال تعالى: ﴿إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ﴾ فغير المسلم كافر، وإذا مات خلد بالنار، يستوي في ذلك الوثني واليهودي والبوذي والنصراني والشيوعي، فكلهم كفار وكلهم غير مسلمين غير مؤمنين، ويخلدون في النار يوم القيامة. فقد كفَّرت آيات القرآن كل من لم يَدِن بالإسلام واعتبرت غير المسلمين كفاراً دون أي فارق بين كافر وآخر، فقال تعالى عن النصارى: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ)، وقال: ﴿لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ﴾ وقال عن أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ﴾ وقال في الكفر بين المشركين وأهل الكتاب سوياً: ﴿مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ﴾ وقال: ﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ وقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾ وحينما أجْلى الرسول عليه الصلاة والسلام يهود بني النضير نزل قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ﴾، فدلت هذه النصوص وغيرها على أن اليهودي كافر والنصراني كافر والمشرك كافر وأنهم جميعاً غير مؤمنين وأنهم في النار.
2- سبق أن أجبنا في 18 رمضان 1439هـ الموافق 2018/06/03م سؤالاً حول أهل الفترة، ومما جاء في الجواب المشار إليه ما يلي:
[... الناس الذين كانوا بين بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام وبين بعثة من قبله من الأنبياء (أي أهل الفترة) ناجون لأنهم لم يُبلَّغوا رسالة، هذا إذا كانوا مشركين أو لم يتبعوا رسالة. أما أهل الكتاب فقد اتبعوا رسالة ثم حرفوها، فهم قد اتبعوا رسولاً فبُلِّغوا رسالة، ثم حرفوها، ولذلك فهم لا يعتبرون من أهل الفترة... وكذلك فإن كفار الغرب لا يعتبرون من أهل الفترة فقد بلغهم الإسلام، فكيف بالكفار الذين يعيشون بين المسلمين؟ فأهل الفترة هم الذين لم تبلغهم الدعوة، وما عداهم فليسوا من أهل الفترة.] انتهى.
وواضح من هذا الجواب أن أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين حرفوا دين أنبيائهم لا يُعدون من أهل الفترة وليسوا ناجين حتى قبل مبعث النبي ﷺ، فكيف بعد بعثته ومعرفتهم برسالته؟
3- بالنسبة لليهود والنصارى الذي ظلوا على دينهم بعد بعثة الرسول ﷺ كما جاء في السؤال فقد ورد في شأنهم نص واضح من حديث النبي ﷺ الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة عن رسول الله ﷺ قال: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ»، وواضح من هذا الحديث الشريف أن من لم يتبع محمداً ﷺ بعد بعثته من اليهود والنصارى فليس من الناجين بل هو من أصحاب النار.
4- أما ما جاء في سؤالك عن عبدة الأوثان وعبدة المخلوقات الأخرى الذين لم تصلهم رسالة النبي محمد ﷺ، فإننا نستبعد أن يكون هناك على الأرض من لم تصله رسالة الإسلام، فالعالم أصبح متقارباً مثل قرية صغيرة وما يحصل في مشرقه يعلمه أهل المغرب في لحظات جراء التطور الهائل في الاتصالات... والإسلام حديث الناس في كل مكان، والدول الكبرى والدول التابعة لها تحارب الإسلام تحت اسم "الإرهاب" ويذكر قادتها وسياسيوها الإسلام في كلامهم يومياً، كما تبث البرامج حول الإسلام ونبي الإسلام ﷺ... ثم إن المسلمين منتشرون في الدنيا كلها ويحتكون بغير المسلمين... فالبوذيون والهندوس والسيخ يعرفون الإسلام ويعرفون المسلمين... وعبدة الأوثان في أفريقيا يعرفون المسلمين... ولذلك فكما ذكرنا آنفاً فإننا نستبعد أن يكون هناك على الأرض من لم يسمع بالإسلام ومن لم تبلغه دعوة الإسلام...
لكن إن افترضنا وجود من لم تبلغه دعوة الإسلام في عصرنا هذا من عبدة الأوثان أو عبدة سائر المخلوقات ممن لا يتبعون رسالة نبي من الأنبياء فإن هؤلاء يأخذون حكم أهل الفترة ولا يعذبون بسبب عدم اتباعهم رسالة محمد ﷺ لأنهم لا يعرفونها ولم يسمعوا بها ولا بالرسول ﷺ، وذلك لقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ ولقوله سبحانه: ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾... ولكني أكرر استبعاد أن يكون هناك أحد لم تبلغه دعوة الإسلام، ومع ذلك فإن كان على سبيل الافتراض فهو من أهل الفترة.
هذا ما أراه في هذه المسألة والله أعلم وأحكم.
أخوكم عطاء بن خليل أبو الرشتة
16 شوال 1443هـ
الموافق 2022/05/16م
رابط الجواب من صفحة الأمير (حفظه الله) على الفيسبوك
رابط الجواب من صفحة الأمير(حفظه الله) ويب