- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال: حول مفهوم حب السيادة
السؤال:
( ورد في كتاب مفاهيم سياسية لحزب التحرير ) صفحة 54 تحت عنوان "دوافع الصراع بين الدول" ما نصه: "لا يخرج الصراع الدولي منذ فجر التاريخ عن أحد دافعين: إما حب السيادة والفخر، وإما الركض وراء المنافع المادية. وحب السيادة: إما حب سيادة الأمة والشعب كما كان الحال مع ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية، وإما حب سيادة المبدأ ونشره كما كان الحال مع الدولة الإسلامية طوال ما يقارب الألف وثلاثمائة عام، وكما كان الحال مع الدولة الشيوعية خلال ثلاثين سنة من عمرها، قبل أن تنهار في أوائل تسعينات القرن الماضي، بعد سبعين سنة من إنشائها."
نحن نعلم أن صراع الدولة الإسلامية مع غيرها من الدول ليس آتيا من حب سيادة المبدأ لأن حب السيادة هو مظهر من مظاهر غريزة البقاء، ونشر مبدأ الإسلام وحبنا له ليس آتٍ من غريزة البقاء، بل هو آتٍ من خلال أوامر الله ونواهيه أي متعلق بغريزة التدين، فلماذا إذن قلنا بدافع غريزة البقاء بدل أن يكون بدافع غريزة التدين لأن الصراع الدولي بالنسبة للدولة الإسلامية هو لنشر الإسلام؟ أرجو توضيح هذا الأمر الوارد في المفاهيم، وجزاك الله خيراً.
الجواب:
يبدو أن صاحب السؤال قد التبس عليه المظهر الغريزي فظنه ينطبق على الدولة، ولذلك ظنّ أن جملة "حب سيادة المبدأ..." أنها جملة تدل على مظهر غريزة البقاء.
ويزول الالتباس عنده إذا أدرك أن مظاهر الغرائز هي مرتيطة بالأفراد وليس بالدول، فإن قلنا هذا الفرد يحب السيادة، فنعم هنا السيادة مظهر من غريزة البقاء، ويكون قولنا إن الفرد يصارع الآخرين من أجل حب السيادة فيعني هذا أنه لإشباع مظهر غريزة البقاء... ولذلك لا يجوز أن نقول هذا الفرد يجاهد من أجل حب السيادة أو أن حب السيادة هو دافعه للجهاد، بل يجب أن يكون دافعه طاعة الله سبحانه وامتثالاً لأمره... ولكن هذا لا ينطبق على الدول، فلا يقال إن للدولة غريزة تدين وغريزة بقاء وغريزة نوع تريد الدولة أن تشبعها!
وقد يحل المشكلة أن يسأل السائل نفسه عن غريزة النوع ومظاهرها، فإنه لا شك سيتبين أنه لا يمكن أن يقول إن عند الدولة غريزة نوع لإشباعها! وهكذا في كل غريزة حيث إنها مرتبطة بالأفراد.
فإذا وضحت هذه إلى السائل، فقد أصبح سؤاله يحمل جوابه، لأن الوارد في الكتاب هو:
"لا يخرج الصراع الدولي منذ فجر التاريخ وحتى قيام الساعة عن أحد دافعين: إما حب السيادة والفخر، وإما الركض وراء المنافع المادية. وحب السيادة: إما حب سيادة الأمة والشعب... وإما حب سيادة المبدأ ونشره كما كان الحال مع الدولة الإسلامية..."انتهى.
وهذا يعني أن الصراع الدولي بالنسبة للدولة الإسلامية هو حب سيادة المبدأ الإسلامي،أي امتثال الحكم الشرعي بسيادة المبدأ بأن تكون له دولة تطبق الإسلام وتنشره. ولا يقال هنا إن هذا مظهر من مظاهر غريزة التدين للدولة، ولا مظهر من مظاهر غريزة البقاء للدولة، بل هو حكم شرعي على الدولة تنفيذه، لأن الدولة ليس لها غريزة بل هي للأفراد.