- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
المزاوجة بين لفظي (علاقة، مشاكل) في كتاب النظام الاجتماعي
مزاوجة مقصودة ولها دلالة
السؤال:
ورد في كتاب النظام الاجتماعي في موضوع الزواج ص112 في الكتاب الذي بين أيدينا، ص101 في الكتاب على الموقع الرسمي، في الفقرة الأولى وهي (تنشأ عن اجتماع النساء والرجال علاقات تتعلق بمصالحهم ومصالح الجماعة التي يعيشون بينها، وهي غير المشاكل التي تنشأ من الاجتماع في المجتمع للبيع والإجارة والوكالة ونحوها. وقد يتبادر للذهن أن هذه العلاقات هي الزواج وحده...).
في البداية يتحدث عن علاقات، ثم يذكر وهي غير المشاكل، ثم ينتقل وقد يتبادر للذهن أن هذه العلاقات، فلماذا قال وهي غير المشاكل ولم يقل وهي غير العلاقات مع أن الحديث عن العلاقات؟
الجواب:
إن النظام في الإسلام ينظم أمرين: العلاقات، والمشاكل الناشئة، فمثلاً علاقة الرجل بالمرأة ينظمها نظام الإسلام بالزواج، وما ينشأ عن هذه العلاقة من مشاكل ينظمها نظام الإسلام بالطلاق مثلاً، فالزواج ليس تنظيماً لمشكلة ناشئة بل هو تنظيم لعلاقة بين فردين: ذكر وأنثى، والطلاق ليس تنظيماً لعلاقة بل هو علاج وتنظيم لمشكلة قد تنشأ لوجود العلاقة... وعلاقة البيع بين أفراد المجتمع ينظمها الإسلام بعقد البيع، وما ينشأ عن هذه العلاقة من مشاكل ينظمها نظام الإسلام بأحكام فسخ العقد مثلاً... وهكذا فالنظام يشمل أمرين: تنظيم العلاقة بأحكام شرعية، ومعالجة ما ينشأ من مشاكل بأحكام شرعية... وقد حرص في كتاب النظام الاجتماعي على إبراز هذين الأمرين في أكثر من موضع من الكتاب، أي حرص على إبراز أن نظام الإسلام فيه أحكام تنظم العلاقات وأحكام تعالج المشاكل وتنظمها، فهو نظام يشمل النواحي جميعها، فمثلاً جاء في كتاب النظام الاجتماعي ما يلي:
- صفحة 6-7 من الكتاب:
(... وعلاوة على ذلك فإن كلمة (الاجتماعي) صفة للنظام، فلا بد أن يكون هذا النظام موضوعاً لتنظيم المشاكل التي تنشأ عن الاجتماع، أو للعلاقات الناشئة عن الاجتماع. واجتماع الرجل بالرجل، والمرأة بالمرأة، لا يحتاج إلى نظام لأنه لا تنشأ عنه مشاكل، ولا تنشأ عنه علاقات تحتاج إلى نظام. وإنما يحتاج تنظيم المصالح بينهما إلى نظام، من حيث كونهم يعيشون في بلاد واحدة ولو لم يجتمعوا. أما اجتماع الرجل بالمرأة، والمرأة بالرجل، فإنه هو الذي تنشأ عنه مشاكل تحتاج إلى تنظيم بنظام، وتنشأ عنه علاقات تحتاج إلى التنظيم بنظام، فكان هذا الاجتماع الأولى بأن يطلق عليه النظام الاجتماعي لأنه في حقيقته ينظم الاجتماع بين الرجل والمرأة، وينظم العلاقات التي تنشأ عن هذا الاجتماع.) انتهى.
- صفحة 100 من الكتاب:
(... أما ما ينشأ عن هذا الاجتماع من علاقات، وما يتفرع عنه من مشاكل، فإنه جزء آخر من النظام الاجتماعي، وهو الزواج، والطلاق، والبنوة، والنفقة، وما شاكلها. وإنه وإن كانت تلك الأحكام - أحكام الزواج والطلاق وما شاكلها - هي من أنظمة المجتمع، لأنها تنظم علاقة الفرد بالفرد، إلا أنها من حيث أصلها قد نشأت عن الاجتماع الذي يحصل بين المرأة والرجل، ولذلك تبحث من حيث أصولها ونشأتها في النظام الاجتماعي. أما من حيث تفصيلاتها وتفرعاتها فإنها جزء من أنظمة المجتمع، وتبحث في باب المعاملات.) انتهى.
وهكذا يتبين أن المزاوجة بين لفظي (علاقة، مشاكل)، ليست خاصة بالموضع الذي أشار إليه السؤال في الصفحة 101 من كتاب النظام الاجتماعي، وذلك للسبب الذي ذكرناه من التفريق بين العلاقة والمشكلة، وأن النظام يشمل الأمرين معاً...
وهناك أمر آخر وهو أن الموضع المسئول عنه يناسب فيه أن يُذكر لفظ "العلاقات" في الموطن الأول والموطن الثالث لأن الحديث في الموطنين هو عن الأمر نفسه أي عن علاقات الرجل بالمرأة الناشئة عن الاجتماع، أما الموطن الثاني وهو الذي في الوسط فإنه يتحدث عن غير هذه العلاقات فيتحدث عما ينشأ "من الاجتماع في المجتمع للبيع والإجارة والوكالة ونحوها"، والبيع والإجارة والوكالة ونحوها هي علاقات بين الناس، وما ينشأ عنها يناسبه استعمال لفظ "مشاكل" أكثر من استعمال لفظ "علاقات"، وإليك النص المشار إليه مرة أخرى:
(تنشأ عن اجتماع النساء والرجال علاقات تتعلق بمصالحهم ومصالح الجماعة التي يعيشون بينها، وهي غير المشاكل التي تنشأ من الاجتماع في المجتمع للبيع والإجارة والوكالة ونحوها. وقد يتبادر للذهن أن هذه العلاقات هي الزواج وحده، والحقيقة أن الزواج واحد منها، وأنها تشمل غير الزواج، ولذلك كان الاجتماع الجنسي ليس هو المظهر الوحيد لغريزة النوع، بل هو واحد من مظاهرها.) انتهى.
وبهذا يظهر أن المزاوجة بين لفظي (علاقة، مشاكل)، مزاوجة مقصودة ولها دلالة، وأنها تناسب أيضاً المقام في الموضع المسئول عنه، ولذلك لا يلزم تغيير النص أو تعديله، فهو نص مستقيم متناسق.
آمل أن يكون الأمر قد أصبح واضحاً.
30 جمادى الأولى 1440هـ
05 شباط/فبراير 2019م