- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال
هل يجوز في حق الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون مجتهدا؟
السؤال:
قرأت في الشخصية- الجزء الأول (لا يجـوز في حـق الـرسـول أن يكون مجتهداً)، وقرأت في مقدمة الدستور- القسم الثاني (فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أنفق مال الفيء برأيه واجتهاده، وأنفق مال الجزية برأيه واجتهاده، وأنفق مال الخراج الذي كان يأتي من البلدان برأيه واجتهاده، وقد جاء النص الشرعي فيها تاركاً للرسول صلى الله عليه وسلم أن ينفقها كما يرى، فكان ذلك دليلاً على أن للإمام أن يصرف هذه الأموال برأيه واجتهاده، لأن فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك دليل شرعي، فيكون إذناً للإمام أن يصرف هذه الأموال برأيه واجتهاده.) انتهى
فكأن بينهما تناقضاً، فأرجو توضيح ذلك؟
الجواب:
ليس هناك تناقض بين ما جاء في الشخصية الأول، وبين ما جاء في المقدمة القسم الثاني:
أما ما جاء في الشخصية الأول (لا يجـوز في حـق الـرسـول أن يكون مجتهداً)، فإن أدلته مبينة في الشخصية تحت هذا الباب، وهي أدلة واضحة صحيحة في هذا الأمر كقوله سبحانه ( قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ ) أي قل لهم يا محمد إنما أنذركم بالوحي الذي أُنزل علي، أي أن إنذاري لكم محصور بالوحي. وقال تعالى في سورة النجم: ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى)...
أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم في التشريع لا يقول إلا وحياً ولا يفعل إلا وحياً فلا يجتهد من نفسه لأن المجتهد يصيب ويخطئ وهذا لا يصح في حق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي لا يقول في التشريع ولا يفعل إلا بالوحي.
أما ما جاء في المقدمة القسم الثاني فهو متعلق بتسيير أمور الدولة بالإنفاق على مصالح المسلمين أو تعيين وال أو قاض... فإنفاق ملكية الدولة كالجزية والخراج والفيء وأموال المرتدين... على مصالح المسلمين موكول باجتهاد رئيس الدولة بما يحقق مصالح المسلمين، وكذلك فإن تعيين وال هو كذلك موكول باجتهاد رئيس الدولة بما يحقق مصالح المسلمين.
فالرسول صلى الله عليه وسلم كان نبياً رسولاً وحاكماً في المدينة، وهو صلى الله عليه وسلم في التشريع لا يجتهد بل يبلغ ما أنزل، ولكنه صلى الله عليه وسلم كحاكم في الإنفاق على مصالح المسلمين، فإنه صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك برأيه واجتهاده لتحقيق مصالح المسلمين، فمثلاً في حنين أعطى صلى الله عليه وسلم أناساً من الغنائم ولم يعط آخرين، مع ملاحظة أن هذا فقط فيما أوكلَ الشرعُ إنفاقه لرئيس الدولة، وأما ما عداه فلا ينطبق عليه كإنفاق الزكاة مثلاً.
ومثل هذا تسيير إدارة جهاز الدولة كما لو عيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً والياً أو قاضياً... فلا يقال عن فلان الوالي إن ولايته تمت بالوحي، وإنما هي من إدارة شئون الدولة في باب تعيين الولاة وأمثالهم باجتهاده صلى الله عليه وسلم بما يحقق مصالح المسلمين.
وهكذا فليس هناك تناقض بين ما جاء في الشخصية الأول، وبين ما جاء في المقدمة القسم الثاني.