الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

أجوبة أسئلة

 

شركات التأمين التعاوني ( الإسلامي)، النص الفكري

 

 

 

السؤال الأول:

 

ما هو الحكم الشرعي في الشركات التي ظهرت وتنامت بشكل ملحوظ وتسمى تارة شركات التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي؟ علماً بأن أصحابها والمسوقين لها يقولون إنها تختلف عن شركات التأمين التجاري المحرمة لأنها تعاونٌ بين المسلمين في مساعدة بعضهم بعضا عند حصول حادث لأحدهم مقابل أقساط يدفعونها؟ ويذكرون في هذا السبيل حديث مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشعريين على تعاونهم كما هو مبين في بحث مرفق حول الموضوع. نرجو الجواب بشكل مفصل وجزاكم الله خيرا.


الجواب:

لقد اطلعت على ما أرسلته عن الموضوع، وكذلك اطلعت على مصادر أخرى، وقد تبيّن لي ما يلي:


أولاً: واقع هذا التأمين:
1- إن التأمين التعاوني، والتكافلي، والإسلامي، لا يختلف هذا التأمين من حيث طريقة تكوينه، وعمله... والحكم فيه واحد.
2- إن القائمين عليه يسوقونه على أنه تبرع من أشخاص بمبالغ معينة لمساعدة بعضهم بعضا إن حدث حادث خطر مثل حريق أو حادث سيارة أو... ومع ذلك فإن عقداً يوقع مع "المتبرع" من شركة التأمين!
3- إن القائمين عليه يقولون إن هذا التأمين غير قائم بقصد الربح بل هو تعاون على البر والتقوى.
4- إن القائمين عليه يقولون إنه يختلف عن التأمين التجاري المحرّم القائم بقصد الربح واستثمار الأموال المدفوعة من المؤمنين من أجل الربح... والذي يدخله الغرر من حيث إن المؤَمن يدفع اشتراكه ولا يدرى متى يحدث له حادث!
5- إن القائمين عليه يستدلون على مشروعيته بحديث الأشعريين أنهم كانوا عندما تصيبهم مجاعة يضعون الطعام الذي مع كل واحد منهم في مكان واحد ويأكلون منه معاً، - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.» متفق عليه.
6- وهذه الشركات التعاونية... تقوم بعملية "إعادة التأمين"، أي تُعطي شركةُ التأمين التعاوني المحلية أو الصغيرة، تعطي ما لديها من اشتراكات المؤمنين إلى شركة تأمين كبرى للقيام بأمر المال واستثماره...


وهذا ما ورد في كتبهم ونشراتهم حول إعادة التأمين:
(بما أن شركات التأمين الصغيرة لا تستطيع تغطية تعويضات الأضرار الكبيرة، ولا تستطيع تحمل أخطار التأمين على البواخر والطائرات، لذلك تجد نفسها مضطرة لكي تؤمن على التأمين لدى شركات تأمين عملاقة موجودة في عواصم العالم الكبرى مثل أوروبا وأميركا، ويسمى هذا إعادة التأمين...)


7- إن القائمين على هذا التأمين التعاوني... لا ينكرون تحريم التامين التجاري، لأن الفتاوى صدرت بتحريمه من جهات عدة هم يقرون شرعيتها مثل:
(- هيئة كبار العلماء في السعودية.
- مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ومقره في جدة.
- المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ومقره في مكة.
- مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر.
................)انتهى.


ولكنهم يقولون إن التأمين التعاوني يختلف عنه فهو حلال، ويعدّونه تبرعاً، وأنه ليس استثماراً تجارياً، وأنه لا يقوم بأعمال إعادة التأمين مع شركات التأمين التجاري...، وحاولوا استغلال قرار هيئة كبار علماء السعودية في 4/4/1397هـ في الترويج لهذا التأمين.


ويحسن بنا، من باب التوضيح أن نذكر كيف تم ذلك القرار، وكيف استدركت الهيئة قرارها، على الرغم من أن الهيئة ترتبط بالحكومة... وفي هذا ما فيه، ولكننا للإنصاف نذكر ما تم:
لقد عرض القائمون على هذا التأمين الأمر على هيئة كبار علماء السعودية، على أنه تبرع للبر والتقوى وليس بغرض الاستثمار أو الربح كما بينا أعلاه، فاتخذت الهيئة قراراً في 4/4/1397هـ تحت رقم 51، أجازت فيه التأمين التعاوني على ضوء المعلومات التي أعطيت لها، وقالت في أول قرارها:
(إن التأمين التعاوني من عقود التبرع التي يقصد بها أصالة التعاون على تفتيت الأخطار والاشتراك في تحمل المسئولية عند نزول الكوارث وذلك عن طريق إسهام أشخاص بمبالغ نقدية تخصص لتعويض من يصيبه الضرر، فجماعة التأمين التعاوني لا يستهدفون تجارة ولا ربحاً من أموال غيرهم وإنما يقصدون توزيع الأخطار بينهم والتعاون على تحمل الضرر...)انتهى


وختمت القرار بطلبها (أن يتولى وضع المواد التفصيلية لهذه الشركة التعاونية جماعة من الخبراء المختصين في هذا الشأن تختارهم الدولة وبعد انتهائهم من ذلك يعاد ما كتبوه إلى مجلس هيئة كبار العلماء لدراسته وتطبيقه على قواعد الشريعة، والله الموفق.)


وواضح من قرار الهيئة أنها عدّته تبرعاً لا محلّ فيه للربح أو الاسترباح لأنه وصف العمل بعقد تبرع وليس معاوضة من قبل طرفين، وذلك حسب المعلومات التي قُدمت للهيئة من القائمين على هذا التأمين.


ولما كان التأمين المذكور ليس تبرعاً، والشركات تدرك ذلك، فإنها حاولت تسويق أعمالها مستغلة قرار الهيئة، ما دفع اللجنة الدائمة للبحوث العلمية في الهيئة لإصدار بيان جاء فيه: (أما بعد: فإنه سبق أن صدر من هيئة كبار العلماء قرار بتحريم التأمين التجاري بجميع أنواعه لما فيه من الضرر والمخاطرات العظيمة وأكل أموال الناس بالباطل ... كما صدر قرار من هيئة كبار العلماء بجواز التأمين التعاوني وهو الذي يتكون من تبرعات المحسنين ويُقصد به مساعدة المحتاج والمنكوب، ولا يعود منه شيء للمشتركين - لا رؤوس اموال ولا أرباح ولا أي عائد استثماري - لأن قصد المشترك ثواب الله سبحانه وتعالى بمساعدة المحتاج، ولم يقصد عائداً دنيوياً، وذلك داخل في قوله تعالى:]وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان[. وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم "والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" . وهذا واضح لا إشكال فيه، ولكن ظهر في الآونة الأخيرة من بعض المؤسسات والشركات تلبيس على الناس وقلب للحقائق، حيث سموا التأمين التجاري المحرم تأميناً تعاونياً، ونسبوا القول في إباحته إلى هيئة كبار العلماء من أجل التغرير بالناس والدعاية لشركاتهم، وهيئة كبار العلماء بريئة من هذا العمل كل البراءة، لأن قرارها واضح في التفريق بين التأمين التجاري والتأمين التعاوني، وتغيير الاسم لا يغير الحقيقة. ولأجل البيان للناس وكشف التلبيس ودحض الكذب والافتراء صدر هذا البيان.)انتهى "المصدر: بيانات وفتاوى مهمة، اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، دار ابن الجوزي، الدمام، السعودية، 1421هـ/ 1999م."


ثانياً: إن هذا التأمين لا يختلف عن التأمين التجاري إلا بالتلاعب بالألفاظ:
1- فهو ليس تعاوناً من أجل البر والتقوى، بل هو استثمار للأموال المدفوعة، وتوزيع أرباح على المشتركين، ولكنه لا يسميها أرباحاً أو فوائد، كما تسميها شركات التأمين التجاري، أو البنوك، بل يسميها "فائض"!
2- وهو ليس تبرعاً، بل هو اشتراك بأسهم كما في التأمين التجاري بدليل أن المشترك في هذا التأمين لو لم يعط ربحاً على اشتراكه بما يسمى "فائض"، فإنه يشتكي ويقيم دعوى، ولو كان تبرعاً لما كان له هذا الحق، وكذلك فإن التبرع هو تصرف من طرف واحد، لا يحتاج إلى توقيع عقود وشروط تكون مجالاً للتفاوض... لأن المتبرع ينتهي دوره بالتبرع.
3- وهو استثمار لأموال المشتركين وليس وضع التبرعات في صندوق دون استثمار، فهو مثل استثمار أموال التأمين التجاري...
4- وهو يقول بإعادة التامين، أي إعطاء الأموال لشركة كبرى أقدر على الاستثمار كما يفعل التأمين التجاري...
5- وتقوم على إدارة شئونه إدارة تمثل المشتركين وفق اشتراكاتهم "أسهمهم"، والذي يكون اشتراكه أكثر يكون هو المتحكم في مجلس الإدارة، كالتأمين التجاري.
6- والغرر واقع فيه مثل التأمين التجاري فلا يدري المشترك متى يحدث له حادث...
7- إن برامج هذا التأمين لا تختلف عن برامج التأمين التجاري فهو: تأمين من الحريق، حوادث السيارات، البضائع براً جواً بحراً، أجسام السفن، النفط والغاز... إلخ. وكل الفرق أن التأمين التجاري يذكر التأمين صراحة، وأما التأمين التكافلي فهو يكتب في البرنامج: برنامج تكافل للتأمين من الحريق، برنامج تكافل للتأمين على حوادث السيارات، برنامج تكافل للتأمين على البضائع براً وجواً وبحراً... إلخ.


ثالثاً: إن القول بأنه يختلف عن التأمين التجاري من حيث إن التأمين التعاوني أو التكافلي، أو الإسلامي له دليل من الشرع، وهو حديث الأشعريين، هذا الاستدلال غير صحيح، لأن حديث الأشعريين هو بعد حدوث الحادثة، فإنهم يتعاونون في مواجهتها، فعند القحط أو الجوع أو النازلة يتعاونون تجاهها بان يدفع كل منهم ما يستطيع للوقوف في وجه هذه النازلة، لا أن يشتركوا في الدفع قبل وقوعها.


فنص الحديث واضح: « إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ.»، فهم إذا أرملوا أَيْ فَنِيَ زَادهمْ... فعندها يجمعون ما عندهم في ثوب واحد ويقتسمونه...


رابعاً: إن الحكم الشرعي في هذا التأمين هو التحريم، وذلك:
1- هو ليس تبرعاً، فإذن لا يُبحث هذا التأمين على هذا الأساس.
2- هو ضمان من شركة التأمين المكونة من اشتراكات الأشخاص تجاه المشترك الذي تحدث له حادثة، ولذلك فإن شروط الضمان في الإسلام يجب أن تطبق عليه:
أ- أي يجب أن يكون هناك حق مستوفى في الذمة، أي أن الحادثة تقع ثم تقوم الشركة بضمان الشخص الذي وقعت عليه الحادثة، أي بدفع ما يترتب عليه.
ب- وأن لا يكون عقد معاوضة، أي لا يأخذ الضامن تعويضاً سواء أسمي ربحاً أو فائضاً، أو اشتراكاً...
ج- وأن يكون عقد شركة التامين عقداً شرعياً بأن يستوفي شروط الشركات في الإسلام، أي مال وبدن وليس شركة أموال، فالتامين المعروض للبحث هو شركة أموال، وكلهم يدفعون مالاً، وحتى مجلس الإدارة الذي يتصرف في أمر الشركة هو ممثل لأموالهم، وليس لأبدانهم فلا يوجد أي منهم مشتركاً ببدنه، بل بماله، فواقعه من حيث الشركة هو مثل واقع الشركة المساهمة، أي شركة أموال.
د- وأن لا يكون استثمار المال بطرق غير مشروعة، عن طريق شركات أخرى، مهما كانت التسمية، سواء أسميت استثماراً أم إعادة تأمين...
وأدلة ذلك هي أدلة شركات الأموال، وأدلة الضمان، وكلها مستوفاة في النظام الاقتصادي.


والخلاصة هي أن التأمين التعاوني أو التكافلي أو الإسلامي لا يلبي شروط الضمان في الإسلام ولا شروط الشركات في الإسلام، فهو لا يجوز شرعاً.

 

 

 

 

السؤال الثاني:

 

ورد في كتاب التفكير ما نصه "ومن هنا يشترط في فهم النص الفكري إلى جانب المعلومات السابقة ثلاثة شروط:  أحدها أن تكون المعلومات السابقة في مستوى الفكر الذي يراد فهمه،  وثانيها أن يدرك واقعها كما هو إدراكاً يحدده ويميزه عن غيره،  وثالثها أن يتصور هذا الواقع تصوراً صحيحاً يعطي الصورة الحقيقية عنه"
ما الفرق بين تصور الواقع وإدراك الواقع مع الأمثلة إن أمكن؟

 


الجواب:

 

إدراك الواقع، هو تحليل ماهية الشيء، مثلاً إدراك واقع الحرية الشخصية، أن تحلِّلَ هذا النص، فتفهم منه أن يفعل الشخص ما يشاء دون أن يمنعه أحد، فيلبس ما يشاء ويعاشر من يشاء بالأسلوب الذي يريد... إلخ.


أما تصور الواقع فهو أن تتمثله مطبقاً، وترى النتائج المترتبة على ذلك، فتفهم نتيجة حالة التطبيق للحرية الشخصية، فترى الانحلال الخلقي والمفاسد الجمة وانفلات الرغبات الشخصية...
أي تتصوره مطبقاً كأنك تراه رأي العين.


ومثلاً: العلمانية، فإدراك واقعها أن تدرسها وتعلم أنها تعني فصل الدين عن الحياة، والدين في المسجد لا يخرج منه، والعلاقات بين الناس تحكمها قوانين البشر دون تدخل الدين بها...


وأما تصور هذا الواقع فهو أن تتمثله مطبقاً، فترى كيف سيكون المسلم الذي يؤمن بالعلمانية أشبه بمن عنده انفصام في الشخصية، فهو يقرأ }وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ{ فينفذها ويصلي ويقرأ } وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ{، فلا ينفذها بل يحتكم إلى قوانين البشر، مع أن الله سبحانه هو الآمر في الآيتين "وأقيموا الصلاة"، و"وأنِ احكم..."، وهكذا تجد المسلمين الذين لا يحتكمون إلى الإسلام بل يأخذون القوانين الوضعية، تجدهم لا ينهضون، ولا يأخذون فعلاً بأسباب القوة، لأنهم يطبقون ما لا يعتقدون، فهم مسلمون ويحتكمون لغير الإسلام!


والخلاصة: أن إدراك الواقع يعني معرفة ماهيته ومكوناته ونصوصه ومحتوياته... وتصور الواقع هو تمثله مطبقاً في الواقع وما ينتج عنه وما يترتب عليه...

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع