- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أجوبة أسئلة
الجزية وجزيرة العرب
أما تساؤلك عن جزيرة العرب وكيف أُخذ من نصارى نجران الجزية أي أنهم كانوا يسكنونها وهكذا اليهود في خيبر بإقرارهم فيها على شطر الثمر كما جاء في الأحاديث مع أنه لا يجوز في الجزيرة دينان، وقولك كأن هذا تناقض، فإليك الجواب:
لقد وردت عند الفقهاء أقوال مختلفة حول جزيرة العرب التي لا يصح أن يكون فيها دينان بل الإسلام فقط.
وبتدبرها يتبين أن جزيرة العرب هي من عدن أَبْين إلى ريف العراق في الطول، ومن الأبلّة (في ناحية البصرة) أي ريف العراق إلى جدة على البحر في العرض. أي أن اليمن من جزيرة العرب وخيبر من جزيرة العرب.
وذلك لما يلي:
أ - ورد في كتاب الأموال (أما شبه جزيرة العرب بما فيها اليمن ...) ص50
ب - نقل ابن الأعرابي عن الهيثم بن عدي (أن الجزيرة من العذيب إلى حضرموت). والعذيب من أرض العراق بعد القادسية بأربعة أميال على حدود البادية كما جاء في معجم البلدان.
جـ - وعن الأصمعي (جزيرة العرب ما بين عدن أبين إلى ريف العراق في الطول، والعرض من الأبلّة إلى جدة) والأبلّة بناحية البصرة.
وما نقله ابن الأعرابي والأصمعي هو المشهور عند كثير من الفقهاء.
د - وروى أبو داود عن سعيد بن عبد العزيز قال:
(جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر)
هـ - وقد روى عن أبي عبيدة بن الجراح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب» أخرجه أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد بأسانيد، رجال اثنين منهما ثقات ومتصل إسنادهما. وفي رواية الدارمي من طريق أبي عبيدة بن الجراح قال: كان في آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب» فأخرجهم عمر رضي الله عنه.
و - ورد في القاموس المحيط في مادة (جزر): وجزيرة العرب: ما أحاط به بحر الهند وبحر الشام ثم دجلة والفرات أو ما بين عدن أبين إلى أطراف الشام طولاً ومن جدة إلى أطراف ريف العراق عرضاً.
ولذلك ترجح لدينا أنَّ جزيرة العرب هي:
(من عدن أبْين إلى أطراف الشام طولاً، ومن جدة على البحر إلى أطراف ريف العراق عرضاً) أي أن نجران وخيبر منها، وقد أثبتنا هذا في الأموال فقلنا (شبه جزيرة العرب بما فيها اليمن).
أما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ من نصارى نجران الجزية وتعامل مع يهود خيبر على النصف من الثمر وأقرهم فيها، فهذا صحيح، ولكن هذا قبل أحاديثه صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب، وهذا واضح فيما يلي:
أ - حديث عائشة رضي الله عنها: «آخر ما عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يترك بجزيرة العرب دينان» أخرجه أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح.
ب - في روابة الدارمي السابقة من طريق أبي عبيدة رضي الله عنه قال: كان في آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب» فأخرجهم عمر رضي الله عنه.
ج - أخرج البخاري من طريق سفيان بن عيينة عن سليمان بن أبي مسلم الأحول سمع سعيد بن جبير سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول يوم الخميس وما يوم الخميس ثم بكى حتى بلَّ دمعه الحصى قلت يا أبا عباس ما يوم الخميس قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه ... إلى أن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب ...» الحديث أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قاله في مرض موته صلى الله عليه وسلم.
ولذلك فلا تناقض بين أخذ الجزية من نصارى نجران ومعاملة يهود خيبر مساقاةً بشطر الثمر وإقرارهم فيها، لا تناقض بين هذا وبين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب حيث كان هذا في آخر أيامه صلوات الله وسلامه عليه، فهو ناسخ لما قبله.
2 من ذي الحجة 1425هـ.
في 12/01/2005م.