الأحد، 20 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/22م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال: ماذا وراء اتفاق تطبيق الشريعة في وادي سوات وهل سيحقق السلام

 

 

 

    السؤال:

 

في الخامس عشر من شباط 2009 أعلنت الحكومة الباكستانية عن توصلها لاتفاق مع المؤيدين لطالبان باكستان وجماعة تطبيق الشريعة المحمدية. وتضمنت بنود الاتفاقية تطبيق نظام العقوبات في الإسلام في منطقة وادي سوات، وقامت حركة الطالبان بإعلان وقف لإطلاق النار... فقد قال الناطق الرسمي باسم حركة الطالبان مسلم خان " أعلنت حركة الطالبان وقف لإطلاق النار من جانب واحد لإثبات حسن النوايا، فلن يهاجم مقاتلونا رجال الأمن الباكستانيين أو المنشآت الحكومية." ولكنه أضاف بأن المقاتلين سيظلون في مواقعهم وسيدافعون عن أنفسهم ضد أي هجوم يتعرضون له. وقد تسبب الاتفاق في الكثير من الانتقادات الداخلية والخارجية.

 

فما الذي وراء هذا الاتفاق؟ وهل سيحقق السلام في وادي سوات؟

 

 


الجواب:

 

لا بد من الإشارة إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تعقد حركة تطبيق الشريعة المحمدية مع الحكومة اتفاقية لتطبيق الشريعة في وادي سوات، فقد وقعت اتفاقية بين الطرفين مماثلة لهذه الاتفاقية في عام 1994 وفي عام 1999 وفي عام 2007. إلا أن هذه الاتفاقيات لم تدم طويلا، واستخدمت الحكومة الباكستانية تلك الاتفاقيات في كل مرة لأغراضها الخاصة بها، وهذه المرة لا يبدو أن في نية الحكومة الالتزام بهذا الاتفاق والأرجح أنها ستستغل الاتفاق للوصول إلى عدة أهداف منها:


    أولا: لا يريد الجيش الباكستاني أن يتورط في قتال شرس مع المسلحين في سوات وفي الوقت نفسه الدخول في قتال حركة الطالبان، وبيت الله مسعود، وجماعة "تحريك طالبان باكستان" في منطقة القبائل، أي أن هذا الاتفاق سيتيح المجال أمام الجيش الباكستاني لرص صفوفه لاستخدامه في أماكن أخرى.


    ثانيا: تهدف الحكومة الباكستانية من وراء الاتفاق شق صفوف طالبان سوات والطالبان الموالين للقاعدة، فقد قال سفير باكستان في واشنطن حسين حقاني" نحاول شق صف القاعدة والمسلحين الطالبانيين من جهة والحركات المحلية في سوات الساعية لتطبيق الشريعة من جهة ثانية، وهذا جزء من واقعية الجيش والاستراتيجية السياسية التي ستدفع بالسكان المحليين إلى الانقلاب على الإرهابيين وبالتالي حصار الإرهابيين والقضاء عليهم."


    ثالثا: وهو الهدف الأهم، وهو أن أمريكا تخطط لهجوم في أفغانستان في فصل الربيع وقد أرسلت 17,000 جندي إضافي لهذا الغرض، وبهذا الدعم الإضافي ستزداد القوات الأمريكية في أفغانستان بنسبة 40%، وتتشكل هذه القوات الإضافية من 8,000 جندي من المارينز و4,000 جندي من الجيش مزودين بسيارات ستريكير "Stryker" المدرّعة و5,000 موظف دعم. وستستخدم تلك القوات في العمليات القتالية -والتي غالبا ما تشتد في فصل الصيف- من أجل تقوية قبضة الاحتلال في الأقاليم المحيطة بكابول، وحماية الطرق الالتفافية المحيطة بالعاصمة، وفوق كل ذلك تدعيم قوات النيتو في جنوب أفغانستان لتأمين عملية الانتخابات الرئاسية التي ستجري في آب 2009.


    رابعاً: ولتدعيم الخطة الأمريكية لإيجاد الاستقرار في أفغانستان، فقد دفعت أمريكا بالجيش الباكستاني لإبرام اتفاق مؤقت مع المسلحين في سوات كي يركز الجيش جهوده في منطقة القبائل، يضاف إلى ذلك أن هذه الخطة تقتضي أيضاً أن تكون باكستان مستعدة وغير منشغلة على الحدود الهندية، لذلك أمرت أمريكا الحكومة الباكستانية الموالية لها لإرضاء الهند ومن ثم إزالة التوتر مع الهند، فاستجابت الحكومة، وأعلن رحمان مالك المستشار الداخلي لرئيس الوزراء مسئولية باكستان الجزئية عن أحداث بومباي. وقبل بضعة أيام من إعلان الحكومة الباكستانية مسئوليتها الجزئية عن أحداث بومباي صب سينج مودي "Singh Modi" من حزب" JBJ" جناتا بهارتا الهندي الموالي لأمريكا، صب جام غضبه على حزب المؤتمر الذي كان يُصعِّد مع باكستان، حيث ركز عضو الحزب المذكور على العامل الداخلي في أحداث بومباي حيث قال" إذا سألنا أي مواطن هنا في الهند عنده أدنى معرفه ودراية عن أحداث بومباي فإنه سيقول لنا بأن تلك الأحداث ما كانت لتحصل لولا تلقيها دعماً من الداخل"، فكلا العميلين الأمريكيين في باكستان وفي حزب جاناتا، ساعدا في تخفيف التوتر بين حكومة زارداري وحكومة الهند بقيادة حزب المؤتمر، وذلك لعدم إيجاد ذريعة لحزب المؤتمر يستخدمها في الاتجاه نحو العمل العسكري مع باكستان، كل ذلك لأن أمريكا تريد إبعاد التوتر عن حدود باكستان مع الهند، ليتفرغ الجيش الباكستاني إلى القيام بأعمال عسكرية مشتركة مع أمريكا في منطقة القبائل!


    خامساً: بالنسبة للتصريحات الأمريكية المتضاربة عن اتفاق سوات، فإنه كان ملاحظا فيها أن الإعلان عن الاتفاق جاء بعد مغادرة هولبروك "Holbrook" باكستان، ولا يتصور أن تكون أمريكا على غير علم به، وزيادة على ذلك فإن التصريحات الأولية التي صدرت عن الرسميين الأمريكيين كانت مادحة للاتفاق، على النقيض من تصريحات النيتو وبريطانيا. فقد كرر نائب الناطق بلسانِ وزارة الخارجية الأمريكية جوردن دوجايد "Gordon Duguid" ما ذكره الرسميون الباكستانيون في وزارة الدفاع عن الاتفاق حيث قال" إن القانون الإسلامي جزء من الدستور الباكستاني، فلا أرى مبررا لأي أحد خارج باكستان ليناقش هذه المسألة وبالتأكيد ليس من على هذه المنصة". ولما وصف أحد الصحفيين الاتفاق بأنه اتفاق بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان رد عليه بالقول" أنا لست متأكدا من تشخيصك لما يحصل في باكستان، لذلك أحيلك إلى الحكومة الباكستانية لتشرح لك ذلك" وهذه التصريحات تتعارض مع التصريحات التي صدرت عن مندوب بريطانيا الساميّ في إسلام أباد حيث قال:" إن اتفاق السلام السابق لم يكن شاملا ولم يكن حلا دائما لمشكلة سوات، يجب أن نتأكد من أن هذا الاتفاق سينهي العنف وليس لخلق متسع لمزيد من العنف".


    سادسا: أما عن تصريحات هولبروك المتشددة حول الاتفاق، فإن القصد منها تهدئة التحفظات التي صدرت عن النيتو والهند وبلدان أخرى، وفي الوقت نفسه تدلل على رغبة واشنطن في إرسال رسالة قوية للجيش الباكستاني مفادها عدم تجاوز الغرض من الاتفاق وهو التهدئة المؤقتة هناك والتفرغ إلى قتال طالبان في أفغانستان وعند الحدود الباكستانية الأفغانية، ثم بعد ذلك القضاء على المسلحين في سوات، وان أمريكا لن تقبل تكرار عام 2006 عندما عقدت الحكومة اتفاقية مماثلة مع المسلحين في منطقة القبائل، فبدأ المسلحون بلملمة أنفسهم وبشن هجمات مسلحة داخل أفغانستان، ولذلك فإن الجيش الباكستاني لم يسحب قواته من وادي سوات رغم توقيع الاتفاق.

 

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع