- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب سؤال: توتر بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني
السؤال:
لوحظ مؤخراً توتر شبه مستمر بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني: مؤتمر جوبا مع القوى المعارضة، والمسيرات والندوات الحاشدة... على الرغم من أن المفترض في الحركة الشعبية أنها في الحكومة وليست في المعارضة، ثم جولات سيلفاكير الأفريقية والأوروبية، وما أشيع من فشل المبعوث الأمريكي "غرايشن"، يضاف إلى ذلك أن البرلمان قد أقر خلال هذا الأسبوع قانون الأمن الوطني بمعارضة الحركة الشعبية، وهذا اليوم 22/12/2009 أقر قانون الاستفتاء بمقاطعة الحركة الشعبية للجلسة، فهل يمكن القول أن هذا توتر حقيقي بين الحركة والمؤتمر؟ وإن كان، فهل يعني تقلب ولاء الحركة من أمريكا إلى أوروبا وبخاصة بريطانيا؟ أو هو توتر ظاهري تديره أمريكا؟
الجواب:
إن استمرار التوتر بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في السودان هو مسألة طبيعية تسبق الانفصال، فكل منهما يريد إلقاء اللوم على الآخر في التوصل إلى هذه النتيجة حتى لا يكون مهددا بالاتهام فيما بعد من الخصوم نتيجة المشاكل التي ستترتب على الانفصال...
فاتفاقية نيفاشا هي اتفاقية انفصال في الأساس، وادعاء البشير بأن الاستفتاء سيأتي بخيار الوحدة هو نفسه لا يصدِّق ذلك، فمجرد القبول بمبدأ الاستفتاء يعني أن الانفصال بات حقيقة في السودان، وأن تصرفات كل الفرقاء تصب في تحقيق هذا الهدف.
يقول تاج السر محمد صالح القيادي في الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي يتزعمه الميرغني: "إن ما يرشح على صفحات الصحف وما تسمعه هذه الأيام اعتدنا عليه ... إنه تكرار لما حدث في كل المسائل التي اختلفت فيها رؤى الطرفين، إنهما يسرعان إلى نشر خلافاتهما عبر وسائل الإعلام، لكنهما سرعان ما يلتقون ويجلسون ويتفقون مرة أخرى"، ويضيف: "إن الشريكين يمثلان مدرسة في العمل المشترك تقوم على (شد الحبل)، كل يشد من الطرف الذي يليه للوصول للأجندة الخاصة به"، ويؤكد: "هذه طريقة غير صحيحة لإدارة الأمور، لأنها تؤثر في نفسية المواطن السوداني وتجعله مشفقاً على مستقبله"، ويعرب صالح عن أمله في "أن يقلل الشريكان من إدارة خلافاتهم في العلن ما دام يمكنهما الوصول إلى الحلول عبر الآليات المتفق عليها بينهما"(إذاعة هولندا العالمية).
من الواضح أن كلام هذا القيادي الذي يوالي حزبه الأمريكان يبين أن الخلافات بين شريكي الحكم هي مسألة تعوَّد عليها المواطن السوداني والمشكلة عنده فقط أنه يرى أنه يتوجب إخفاءها وعدم إظهارها إلى العلن ويرجح أن الشريكين سوف يتفقان ثانية.
وهذه التوترات هي نتيجة مطلوبة، وتكرار الخلافات بين شريكي الحكم تساعد في ترجيح خيار الانفصال في الاستفتاء حول تقرير مصير الجنوب، ولو كان الطرفان في حالة انسجام تام وعدم توتر لخُشي أن يختار أهل الجنوب الوحدة. لذلك كان لابد من خلق التوتر بينهما من أجل الوصول إلى هدف الانفصال.
أما تزعم الحركة الشعبية للمعارضة وقيادتها لها في المسيرات والندوات وغيرها، ثم الاعتراض تارة على قرار مجلس النواب، والمقاطعة تارة أخرى... فهو من أجل عدم اتهامها بالتواطؤ مع الحكومة، ومن أجل عدم رفض المعارضة لخيار الانفصال. فالحركة الشعبية بقيادة سلفاكير ومن قبله جون قرنق تخضع تماماً لأمريكا ولا يوجد فيها لغير أمريكا تأثير فاعل، كما لا يوجد ما يدل على أن الحركة الشعبية قد أصبحت تميل إلى أوروبا وتاركة لأمريكا.
وأما المبعوث الأمريكي فلم يفشل، وإنما هو لا يريد نزع فتيل التوتر باعتبار ذلك ضرورة من ضرورات التمهيد للانفصال.
وأما أوروبا والإنجليز فإن فاعلية عملهم ضد أمريكا مركَّزة في دار فور، وليس في الجنوب.
وأما جولة سلفا كير في الدول الأوروبية والأفريقية فهدفها التمهيد دولياً لولادة الدولة الجديدة. وكان سلفا كير قبل ذلك قد زار مصر واستُقبل فيها استقبال رؤساء الدول، ووقعت مصر اتفاقيات كثيرة باعتبار أن الجنوب قد أصبح دولة من الآن!