الخميس، 19 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/21م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جواب سؤال

 

ما وراء زيارة نتنياهو الغريبة والطارئة للندن

 

 

السؤال: زار نتنياهو موسكو في 2019/9/12 في فترة انتخابية حرجة تسبق انتخابات كيان يهود بأقل من أسبوعين، وكان قبل ذلك في 2019/9/5 قد قام بزيارة خاطفة لبريطانيا واجتمع خلالها مع رئيس الوزراء البريطاني المثقل بهموم "بريكست" وكان هذا في فترة مُني فيها جونسون بهزائم متتالية في البرلمان البريطاني بخصوص خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق... وواضح من هذه الزيارات كأن نتنياهو في عجلة من أمره! فماذا وراء هذه الزيارات التي تبدو وكأنها غريبة وطارئة؟ وهل هي لدواع انتخابية أو لأغراض أخرى مختلفة؟

 

الجواب: إن الظروف التي حدثت فيها الزيارات تدل على أن الغرض ليس انتخابياً وإن كانت الجولات الدولية تفيد نتنياهو انتخابياً لكن ليست هي الغرض المقصود وفق الظروف الدولية والإقليمية للزيارة، وحتى تكون الصورة واضحة فإننا نستعرض ما يلي بإجمال:

 

أولاً: إن وصف هذه الزيارات بأنها غريبة وطارئة وخاصة زيارته إلى لندن هو وصف دقيق، فرئيس وزراء كيان يهود يلتقي برئيس وزراء بريطانيا جونسون الذي تحيط به دوائر من النكسات البرلمانية بخصوص تنفيذ وعوده بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 2019/10/31 باتفاق أو بدونه، وهو غير قادر على التركيز في قضايا دولية خارج "بريكست"، فبعض البرلمانيين من أعضاء حزبه يتمردون عليه، والبرلمان يصوت على وجوب الاتفاق مع بروكسل، ويطالبه بتأجيل الموعد ثلاثة شهور أخرى، ومجلس اللوردات البريطاني يصادق على قرارات البرلمان السريعة، وهناك دعوات له للاستقالة... فزيارته في ظل هذه الظروف العصيبة التي تمر بها بريطانيا فعلاً غريبة وطارئة ولولا أن هناك أمراً مهماً وملحّاً لما كانت... والذي زاد من غموض هذه الزيارة الطارئة أمر آخر، هو لقاؤه بالمسؤولين الأمريكان في لندن، فقد كانت زيارة نائب الرئيس الأمريكي بنس مقررة لبريطانيا منذ إعلان البيت الأبيض عنها في 2019/8/14 من أجل بحث المسائل المتعلقة بمستقبل العلاقات الأمريكية البريطانية بعد "بريكست" ومناقشة "تهديد النفوذ الصيني" عبر شبكات اتصالات 5G التي تعتزم شركة "هواوي" الصينية بناءها في بريطانيا، ولم يكن مقرراً وقتها أن يرافق وزير الدفاع الأمريكي نائب الرئيس في زيارته، ولم يكن مقرراً أيضاً لقاء مسؤولين من كيان يهود في بريطانيا، كل هذا بحسب ما أوردته صحيفة الوطن في 2019/8/14 في البيان الصادر عن البيت الأبيض... وقد التقى نتنياهو بوزيري الدفاع الأمريكي والبريطاني كما نقلت ذلك بي بي سي في 2019/9/6... وعلى الرغم من نشر أخبار اجتماع نتنياهو مع وزير الدفاع الأمريكي إلا أن اجتماعه مع نائب الرئيس لم يذكره أي مصدر مع أنهما موجودان معاً في لندن ما يدل على عقدها سراً! ويبدو أن اجتماعات نائب الرئيس كانت سرية لتحذير الطرفين من أي تخطيط خارج السياسة الأمريكية!

 

ثانياً: ثم إن هذه الزيارات المفاجئة جاءت في ظل أحداث متشابكة ذات علاقة:

 

1- تخلت أمريكا عن أي حماية لسفن الدول الأخرى، فقد أعرب الرئيس الأمريكي ترامب (عن استيائه مما سماه "حماية الولايات المتحدة للمسارات البحرية دون مقابل لسنوات" في مضيق هرمز، مطالباً دول العالم وعلى رأسها الصين واليابان بـ"حماية سفنها بنفسها". TRT عربي 2019/7/29) وكذلك قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو إنه يتعين على بريطانيا ("تحمل مسؤولية حماية سفنها بنفسها"... وكالة الأناضول 2019/7/22)، وهذا يعني تخفيف الضغط الأمريكي على إيران في احتجاز السفن الأخرى.

 

2- على الرغم من الضبابية التي تلف السياسة البريطانية منذ تصويت شعبها على "بريكست" سنة 2016 والشكوك العريضة حول تنفيذه، إلا أن الساسة في بريطانيا يجربون بين الفينة والأخرى سياسات يظهر عليها الانعتاق من قيود الاتحاد الأوروبي، وتظهر فيها الإرادة الإنجليزية المنفردة، ومن ذلك أن الإنجليز قد استغلوا توتير أمريكا لعلاقاتها مع إيران وانسحابها من الاتفاق النووي وموجة تفجيرات السفن في الخليج، فقامت بريطانيا وبشكل مخالف لتوجهات الاتحاد الأوروبي باحتجاز ناقلة نفط إيرانية في جبل طارق في 2019/7/4، أي أن بريطانيا وفي الوقت الذي تحاول فيه الدول الأوروبية تلطيف الأجواء مع إيران وإظهار عدم انجرارها خلف السياسة الأمريكية المتنصلة من الاتفاق النووي ومحاولاتها إيجاد آلية أوروبية للتبادل التجاري والمالي مع إيران، في هذه الظروف خالفت بريطانيا هذا التوجه وقامت بتوتير الأجواء مع إيران. والراجح أن بريطانيا كانت تدفع بأمريكا إلى هاوية الحرب مع إيران، وخاصة بعد أن ازدادت الأزمة البريطانية عمقاً مع إيران بعد أن أفرجت بريطانيا في 2019/8/15 عن ناقلة النفط الإيرانية "غريس 1" المحتجزة بعد ضمانات إيرانية بأن السفينة لن تتجه إلى سوريا الخاضعة لعقوبات من الاتحاد الأوروبي. وبعد موجة طويلة من التمويه إلى اليونان، ثم إلى تركيا، وصلت الناقلة الإيرانية التي صار اسمها "أدريان داريا-1" إلى سوريا بحسب ما نقلته آر تي 2019/9/6 عن موقع "ميدل إيست إي" في لندن. وبتوجه الناقلة الإيرانية إلى سوريا مخالفةً ضمانات إيران لبريطانيا فإن بريطانيا تكون قد تلقت صفعة على وجهها. وحتى اللحظة لا تزال إيران تحتجز ناقلة النفط البريطانية "ستيلو أمبيرو" ولا تفرج عنها! وهذه صفعة ثانية تتلقاها بريطانيا. وكذلك تعرضت سفينة "إتش إم إس مونتروز" التابعة للبحرية البريطانية لكثير من المناوشات من جانب الحرس الثوري الإيراني فبحسب ويل كينج، قائد السفينة الحربية، ("فإن السفينة تعرضت بشكل شبه يومي لمضايقات من الحرس الإيراني في مياه الخليج"... إندبندنت عربي 2019/9/3).

 

3- قصف كيان يهود لأهداف إيرانية وبخاصة في سوريا والعراق:

 

أ- اعتاد كيان يهود خلال سنوات الثورة السورية قصف أهداف إيرانية داخل سوريا، دون أن يلقى رداً من محور المقاومة، وقد زاد كيان يهود من هجماته تلك واستهدف قيادات لحزب إيران اللبناني في سوريا، وكانت إيران تنفي أن تلك الهجمات داخل سوريا قد استهدفتها، وكأن قتل كيان يهود لسوريين أو من أفراد حزبها في لبنان لا يهمها، فالمهم أنها تنكر سقوط ضحايا إيرانيين بشكل مباشر، وأخيراً أعلن كيان يهود عن استهداف كبير لإيران داخل سوريا (قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن طائرات إسرائيلية قصفت اليوم السبت "24 آب/أغسطس 2019" قوات إيرانية قرب دمشق كانت تخطط لإطلاق طائرات مسيرة نحو أهداف في إسرائيل. وتابع الجيش في بيان "الضربة استهدفت قوة فيلق القدس وميليشيات شيعية تخطط لتعزيز خطط لشن هجمات تستهدف مواقع في إسرائيل انطلاقا من داخل سوريا خلال الأيام الأخيرة". وقال متحدث عسكري للصحفيين إن القوات كانت تعد لإطلاق "طائرات مسيرة قاتلة" على إسرائيل. موقع دويتشه فيليه الألماني 2019/8/24). وقد مثل هذا تحرشاً عسكرياً مباشراً وعلنياً لكيان يهود بإيران وتحدياً لها ما فتح الباب على مصراعيه لاحتمال نشوب حرب بينهما إن ردت إيران، وعلى الرغم من سقوط قتلى إيرانيين خلال هجمات كيان يهود (أكد المرصد السوري، الأحد، سقوط قتيلين من حزب الله وثالث إيراني في الغارة الإسرائيلية قرب دمشق. العربية نت 2019/8/25)، ولكن لأن أمريكا لا تريد لإيران أن تنخرط في حرب مع كيان يهود يمكن أن تجر أمريكا إلى أتونها فقد نفت إيران سقوط قتلى إيرانيين في الغارة...

 

ب- أما في العراق فمنذ بداية آب 2019 أخذ كيان يهود يستهدف مخازن سلاح للإيرانيين وخبراء إيرانيين داخل معسكرات الحشد الشعبي، وهذا تصعيد كبير يقوم به كيان يهود ضد إيران، مثل الهجوم على قاعدة "صقر" التابعة للحشد الشعبي العراقي جنوبي بغداد في 2019/8/12 وهو الهجوم الثالث خلال أسابيع، وقصف معسكر "الشهداء" في صلاح الدين، وهو الآخر تابع للحشد الشعبي، وكان كيان يهود يستهدف بشكل مباشر مخازن أسلحة إيرانية وخبراء إيرانيين (ونقلت "فرانس برس" عن ضابط في شرطة صلاح الدين قوله، بعد تفقد موقع القصف، إن القتيل من الحشد العشائري، أما الجريحان فهما "مهندسان عسكريان إيرانيان" كانا في المعسكر. عرب 48، 2019/8/12)، ثم الهجوم في 2019/8/25 بالقرب من مدينة القائم العراقية على معسكر آخر وعربات متنقلة، ولتلطيف الأجواء كان العراق يعلن عن أعداد قليلة من الضحايا، ولا تعلن إيران عن ضحاياها، ولكن بات واضحاً وبشكلٍ علني بأن كيان يهود قد أخذ يتحدى إيران ووجودها المباشر في العراق إضافة الى سوريا.

 

ثالثاً: وبتدبر الأمور السابقة نخلص إلى ما يلي:

 

1- إن بريطانيا وقد أهينت من إيران بالتحرشات بسفنها في الخليج واستمرار احتجاز سفينتها، كل ذلك يدفعها لإشعال حرب ضد ايران تُورِّط أمريكا فيها وبطبيعة الحال تشترك بريطانيا فيها لتنتقم لنفسها من إيران ولهذا فهي حريصة على عدم تخفيف اللهجة العنيفة ضد إيران ولذلك رفضت اللهجة الأمريكية المتفائلة في تصريح وزير الدفاع الأمريكي (وقال إسبر - وزير الدفاع الأمريكي - في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "يبدو على نحو ما أن إيران تقترب ببطء من وضع يمكننا خلاله إجراء محادثات ونأمل أن يمضي الأمر على هذا المنوال". ولدى سؤاله في مؤتمر صحفي في وقت لاحق عما تستند إليه تلك التصريحات، قال إسبر إنها "في ضوء بعض التعليقات التي أدلى بها الإيرانيون بعد قمة مجموعة الدول السبع" الصناعية الكبرى. رويترز 2019/9/6)، فرفضت بريطانيا هذه اللهجة حتى وإن كان رفضاً مبطناً، (قال وزير الدفاع البريطاني يوم الجمعة، خلال مؤتمر صحفي مع إسبر، إن بريطانيا ستقدم العون للولايات المتحدة دائما على مسار المحادثات مع إيران إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق، لكنه شدد على ضرورة الحكم على إيران من خلال الأفعال لا الأقوال. رويترز 2019/9/6). وهكذا فإن بريطانيا قد أصبحت في قلب الأزمة الساخنة ذات العلاقة بإيران وبناء عليه فإن بريطانيا لديها عوامل تدفعها لإشعال حرب ضد إيران وهي تتلاقى مع دولة يهود في هذا الهدف... حتى إن هجمات كيان يهود قد اشتدت في سوريا 8/24، والعراق ولبنان 8/25، بعد استيلاء إيران على ناقلة النفط البريطانية في الخليج في 2019/7/22، وبما يشبه التناغم مع بريطانيا، فلذلك من غير العسير القول بأن بريطانيا باتت تدفع كيان يهود للحرب مع إيران وأذرعها في المنطقة وأنها تجند له من الطاقات ما يغريه بخوض هذه الحرب.

 

2- إن دولة يهود تخشى قوة إيران فعلاً وهي تريد إشعال حرب ضدها تورط أمريكا فيها ولكنها لاحظت لين أمريكا تجاه إيران وأنها لا تريد حربها، بل هي أشبه بأعمال سياسية مغلفة بتهديدات عسكرية وتوتير للأجواء في الخليج لغرضين: لإزعاج أوروبا بإخافتها على سفنها ثم إهانتها عن طريق إيران، وبخاصة بريطانيا لتسير مع أمريكا في سياستها... ثم لابتزاز دول الخليج مالياً بحجة حمايتها من خطر إيران! وليس توتير الأجواء في الخليج مقصوداً منه حرب أمريكا لإيران، بل إن تصرفات أمريكا تجاه إيران تؤكد ذلك فقد أسقطت إيران في 2019/6/20 الطائرة المسيرة الأمريكية وعالجت أمريكا الموضوع بهدوء، ثم تصريحاتها المتكررة حول عدم الحرب مع إيران وعدم إسقاط النظام... وفوق ذلك فعندما تشتد الأزمة تصرح بالتفاوض مع إيران! كما جاء في تصريح وزير الدفاع الأمريكي المذكور آنفاً (وقال إسبر - وزير الدفاع الأمريكي - في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن "يبدو على نحو ما أن إيران تقترب ببطء من وضع يمكننا خلاله إجراء محادثات ونأمل أن يمضي الأمر على هذا المنوال"... رويترز 2019/9/6)، بل اتضح هذا أكثر بعد أن تناقلت وسائل الإعلام توقع اجتماع بين ترامب وروحاني على هامش اجتماع الجمعية العمومية في نيويورك حول العقوبات والعلاقات حتى إن بعض الصحف سمتها صفقة! (احتمال صفقة أمريكية-إيرانية يفرض على نتانياهو زيارة موسكو... وأشارت المصادر إلى أن نتنياهو قلق من وقوع صفقة إيرانية – أمريكية تؤمّن لـ "الجمهورية الإسلامية" متابعة برنامجها النووي، وترفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليها. وقالت إن أكثر ما يُقلق رئيس الوزراء الإسرائيلي مستقبل الوجود الإيراني في سوريا على ضوء هذه الصفقة... العرب: 2019/09/09م). وهذا ما جعل نتنياهو يزور أيضاً سوتشي لمعرفة الموقف الروسي إذا نشبت مواجهة وخاصة أن لروسيا اتفاقات مع إيران: (قال نتنياهو قبيل مغادرته الى منتجع سوتشي للقاء بوتين قال: هذه رحلة مهمة جداً وفي هذا الوقت، نعمل في عدد من الساحات، على نطاق 360 درجة، لضمان أمن إسرائيل، وضد محاولات إيران لمهاجمتنا، ونحن نعمل ضدهم... الشرق الأوسط 2019/9/12).

 

3- أدركت أمريكا خطورة السياسة البريطانية بدفع كيان يهود للحرب ضد إيران وأذرعها في المنطقة، فهذه الحرب لا يقتصر ضررها على إيران وأذرعها بل سيصيب كيان يهود ولا يمكن لأمريكا أن تبقى فيها متفرجة وكيان يهود يخوض حرباً... ومن ثم أخذت أمريكا ذلك مأخذ الجد فور أحداث 8/25 في لبنان والعراق وقبلها بيوم في سوريا، والظاهر أن أمريكا صارت تعمل لإفشال تلك المحاولات، فلما علمت أمريكا بزيارة رئيس وزراء الكيان لبريطانيا التي غلب عليها طابع التخطيط العسكري فقد (صاحب نتنياهو كل من رئيس مجلس الأمن القومي مئير بن شابات وقائد سلاح البحرية عميكام نوركين ورئيس قسم العمليات في جيش الدفاع الميجر جنرال اهرون حليوا). والتخطيط العسكري مع بريطانيا يعني استخدام كيان يهود لمرافق القواعد العسكرية الإنجليزية "أكروتيري" و"ديكليا" في قبرص أو مشاركة الطائرات والبحرية البريطانية في القاعدتين في الحرب بشكلٍ خفي، وهذا غير مستبعد على الإطلاق في ظل الصفعات التي توجهها إيران لبريطانيا كما ذكرناها آنفاً... لما علمت أمريكا ذلك قامت بإفشال هذه الزيارة، وذلك عن طريق إرسال وزير دفاعها إلى لندن للاجتماع مع نتنياهو ودراسة الحاجات الأمنية لكيان يهود، والموافقة على الاستماع لهواجسه الأمنية بخصوص إيران، وذلك لتطمين كيان يهود بحفظ أمن الكيان والدفاع عنه أمام أي تهديدات، ولكن في المحصلة ثنيه عن شن الحرب، وعن التنسيق مع بريطانيا.

 

رابعاً: وعليه فإن الأرجح أن الغرض الأساس من زيارة نتنياهو إلى بريطانيا كان لتدارس خطوات تصعيد المجابهة العسكرية ضد إيران بشكل لا يترك مجالاً لأمريكا إلا أن تشترك فيها... والمتوقع أن تستمر بريطانيا على نهجها في إغراء كيان يهود

 

بالحرب وإسناده عسكرياً باستعمال القواعد البريطانية في قبرص أو نحو ذلك، وتقديم ما يلزم من تسهيلات في البلدان التي تسيطر عليها كالأردن والإمارات خاصة... وفي المقابل تستمر أمريكا في دفع إيران وأذرعها إلى الردّ الخفيف دون الوصول إلى رد قوي وهذا ديدن محور الممانعة منذ عقود "الرد في المكان والزمان المناسبين" أو بردّ لحفظ ماء الوجه دون أثر فاعل... هذا بالإضافة إلى قيام أمريكا بالعمل داخل كيان يهود لمنع الحرب عبر النفوذ الأمريكي داخل جيش الكيان، والحال كما كانت سنة 2012 وفق مصادر يهودية بأن كيان يهود يتجسس على إيران لضربها، وأمريكا تتجسس على كيان يهود لمعرفة خططه ضد إيران ومنعها، وهي المعادلة نفسها اليوم. وإذا كان يمكن ترجيح كفة أمريكا بمنع الحرب ضد كفة بريطانيا بإشعالها، إلا أن الوضع يبقى على شفا التفجير بين كيان يهود بإغراء من بريطانيا وأدواتها ودعمها من جهة وبين إيران وأذرعها من جهة أخرى، وبإيقاع أمريكي نحو الجهتين إلى أن يستقر الأمر في كفة واحدة من تلك الجهات!

 

أما الغرض من زيارة روسيا فهو مختلف عن الغرض من زيارة بريطانيا، فالزيارة الأولى كانت لتنسيق الجهود بين نتنياهو وبريطانيا حول التحريك الساخن للأحداث لمواجهة إيران وإحراج أمريكا للاشتراك فيها... وأما زيارة روسيا فهي لمعرفة موقف روسيا من وجود إيران وصواريخها في سوريا، وفيما إذا كان لروسيا استعمال ضغوط "ناعمة" لانسحاب إيران من سوريا أو على الأقل لتبتعد عن فلسطين المحتلة مسافة كافية لإبعاد تأثير الصواريخ الباليستية عن إلحاق الضرر بكيان يهود... وليس لتنسيق المواجهة مع إيران فروسيا تربطها اتفاقات معها، فلا يُتوقع تنسيق مواجهة ضدّ إيران بين روسيا ودولة يهود.

 

خامساً: وأخيراً فإن الحكام الرويبضات في بلاد المسلمين يسمحون للكفار المستعمرين بل دون سماح ولا إذن! فيتدخلون في قضايا المسلمين ويضعون الحلول ويرسمون الخطط لتحقيق مصالحهم وقتل مصالح المسلمين... وأما المسلمون أصحاب البلاد فإذا قامت جماعة أو حزب من بينهم يدعو إلى الحق ويبين الحل الشرعي الصحيح لقضايانا باستئناف الحياة الاسلامية وإقامة الخلافة عُدَّ مخالفاً للقانون وحوكم وعُذِّب وسُجِن...إلخ. أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس؟!

 

ولكن سيجيء الحق بإذن الله ويزهق الباطل، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾.

 

﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ

 

 

الرابع عشر من محرم 1441هـ

2019/9/13م

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع