- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جـواب سـؤال
الألوية والرايات
السـؤال:
موضوع الألوية والرايات موجود في نظام الحكم (الطبعة المعتمدة) ص158، وموجود في الشخصية جـ2 (الطبعة المعتمدة) ص183، وقد لوحظ فيها شيء من الالتباس، حيث ورد فيها ما يلي:
1 - (اللواء ويقال له العلم، وهو علامة لمحل أمير الجيش ... الراية فهي علم تعطى للجيش ... الجيش فيه رايات كثيرة بينما يكون له لواء واحد) فكيف ذلك؟
2 - (اللواء يعقد لأمير الجيش (أو قائد الجيش كما ورد في مكان آخر)، والراية تستعمل أثناء الحرب مع قائد المعركة)، فما الفرق بين ما يعقد لقائد الجيش وما يعطى لقائد المعركة؟
3 - (يرفع اللواء في دار الخـلافة فوق قصر الخليفة، وترفع الرايات على جميع مصالح الدولة ودوائرها وإداراتها ومؤسساتها) أو ليس دار الخـلافة من مؤسسات الدولة؟
4 - (اللواء ما يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، قيل سمي لواءً لأنه يلوى لكبره فلا ينشر إلا عند الحاجة، والراية ما يعقد في طرف الرمح ويترك حتى تصفقه الريح) فكيف سيرفع اللواء على دار الخـلافة ومقر قائد الجيش إذا كان لا تصفقه الريح، وإنما الراية هي التي تصفقها الريح؟
نرجو توضيح هذه الأمور وبخاصة وأن اللواء والراية علامات مميزة للدولة ومن الأهمية أن تكون واضحةً دون لبس. وبارك الله فيكم.
-----------
الجـواب:
ليس هناك التباس إذا ما أُنْعِمَ النظر فيما ورد في الكتابين، وتم ربط ذلك كله معاً:
1 - اللواء، والراية، من حيث اللغة، فإنه يطلَق على كلٍّ منهما (العلم). جاء في القاموس المحيط في مادة (رَوِيَ): (... والراية العلم ج رايات...). وفي مادة (لَوِيَ): (... واللواء بالمد العلم ج ألوية...).
ثم إن الشرع أعطى كلاًّ منهما، من حيث الاستعمال، معنىً شرعياً على النحو التالي:
- اللواء أبيض، ومكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله بخط أسود، وهو يُعقد لأمير الجيش أو قائد الجيش. ويكون علامةً على محله، ويدور مع هذا المحل حيث دار. ودليل عقد اللواء لأمير الجيش (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح ولواؤه أبيض) رواه ابن ماجة من طريق جابر. وعن أنس عند النسائي (أنه صلى الله عليه وسلم حين أمَّر أسامة بن زيد على الجيش ليغزو الروم عقد لواءه بيده).
- والراية سوداء، ومكتوب عليها لا إله إلا الله محمد رسول الله بخط أبيض، وهي تكون مع قواد فرق الجيش (الكتائب، السرايا، وحدات الجيش الأخرى) والدليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد كان قائد الجيش في خيبر، قال: «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، فأعطاها علياً» متفق عليه. فعلي، كرم الله وجهه، يعتبر حينها قائد فرقة أو كتيبة في الجيش. وكذلك في حديث الحارث بن حسان البكري قال: «قدمنا المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، وبلال قائم بين يديه، متقلد السيف بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، وإذا رايات سود، فسألتُ: ما هذه الرايات؟ فقالوا: عمرو بن العاص قدم من غزاة» فمعنى «فإذا رايات سود» أي أنها كانت راياتٍ كثيرةً مع الجيش، في حين أن أميره كان واحداً وهو عمرو بن العاص، فهذا يعني أنها كانت مع رؤساء الكتائب والوحدات...
ولذلك فاللواء يُعقد لأمير الجيش، والرايات مع باقي الجيش، فرقه وكتائبه ووحداته. وهكذا فإن اللواء واحد في الجيش الواحد، وأما الرايات فكثيرة في كل جيش.
ويكون بذلك، اللواء علماً على أمير الجيش لا غير. وتكون الرايات أعلاماً مع الجند.
2 - اللواء يعقد لأمير الجيش، وهو علم على مقرِّه، أي يلازم مقر أمير الجيش. أما في المعركة، فإن قائد المعركة، سواء أكان أمير الجيش أم قائداً غيره يعينه أمير الجيش، فإنه يُعطى الراية يحملها أثناء القتال في الميدان، ولذلك تسمى (أم الحرب) لأنها تحمل مع قائد المعركة في الميدان.
ولذلك فإنه في حالة الحرب القائمة تكون راية واحدة مع كل قائد معركة، وهذا كان أمراً متعارفاً عليه في ذاك الزمن، وكان بقاء الراية مرفوعةً دليلاً على قوة بأس قائد المعركة. وهو تنظيم إداري يُلتزم حسب أعراف قتال الجيوش.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتي الجند بالخبر: «أخذ الراية زيد فأصيب، ثم أخذ جعفر فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب».
وكذلك فإنه في حالة الحرب القائمة، إذا كان قائد الجيش في الميدان هو الخليفة نفسه، فإن اللواء يجوز أن يكون مرفوعاً في المعركة، وليس الراية فحسب. فقد ورد في سيرة ابن هشام عند الحديث عن غزوة بدر الكبرى أن اللواء والراية كانتا موجودتين في المعركة.
أما في السِّلم، أو بعد انتهاء المعركة، فإن الرايات تكون منتشرةً في الجيش ترفعها فرق الجيش وكتائبه وسراياه ووحداته... كما جاء في حديث الحارث بن حسان البكري عن جيش عمرو بن العاص.
3 - الخليفة هو قائد الجيش في الإسلام؛ ولذلك يرفع اللواء على مقره، دار الخلافة، شرعاً لأن اللواء يعقد لأمير الجيش، ويجوز رفع الراية كذلك على دار الخـلافة (إدارةً) على اعتبار أن الخليفة رأس مؤسسات الدولة.
أما باقي أجهزة الدولة ومؤسساتها وإداراتها فترفع عليها الراية فقط دون اللواء؛ لأن اللواء خاص بقائد الجيش علامةً على محله.
4 - اللواء يعقد في طرف الرمح ويلوى عليه، ويعطى لقائد الجيش حسب عدد الجيوش، فيعقد لقائد الجيش الأول والثاني والثالث... أو لقائد جيش الشام والعراق وفلسطين... أو لقائد جيش حلب وحمص وبيروت... وهكذا حسب تسمية الجيوش.
والأصل أن يلوى على طرف الرمح ولا ينشر إلا لحاجة، فمثلاً فوق دار الخـلافة ينشر لأهمية الدار، وكذلك فوق مقرات قادة الجيوش في حالة السلم لترى الأمة عظمة ألوية جيوشها. لكن هذه الحاجة إذا تعارضت مع الناحية الأمنية كأن يُخشى أن يتعرف العدو على مقرات قادة الجند، فإن اللواء يرجع إلى الأصل وهو أن لا ينشر ويبقى ملوياً.
وأما الراية فهي تترك لتصفقها الريح كالأعلام في الوقت الحالي؛ ولذلك توضع على دوائر الدولة.
والخلاصة:
أولاً: بالنسبة للجيش
1 - في حالة الحرب القائمة، فإن اللواء يلازم مقر أمير الجيش، والأصل أن لا ينشر بل يبقى ملوياً على الرمح، ويمكن نشره بعد دراسة الناحية الأمنية.
وتكون هناك راية يحملها قائد المعركة في الميدان، وإذا كان الخليفة في الميدان فيجوز حمل اللواء كذلك.
2 - في حالة السلم، فإن اللواء، يعقد لقادة الجيوش، ويلوى على الرمح، ويمكن نشره على مقرات قادة الجيوش.
وتكون الرايات منتشرةً في الجيش مع الفرق والكتائب والسرايا والوحدات والتشكيلات الأخرى، ويمكن أن تكون لكل فرقة أو كتيبة ... راية خاصة تميزها (إدارةً) وترفع مع الراية.
ثانياً: بالنسبة لدوائر الدولة ومؤسساتها ودوائرها الأمنية، فإنه ترفع عليها كلها الراية فقط، باستثناء دار الخـلافة فيرفع عليها اللواء على اعتبار الخليفة قائد الجيش، ويجوز أن ترفع مع اللواء الراية (إدارةً) لأن دار الخـلافة هي رأس مؤسسات الدولة. والمؤسسات الخاصة والناس العاديون كذلك يمكن أن يحملوا الراية ويرفعوها على مؤسساتهم وبيوتهم، وبخاصة في مناسبات الأعياد والنصر ونحوها.
آمل أن يكون هذا التوضيح كافياً لإزالة أي التباس حول الموضوع.
14 جمادى الأولى 1425هـ
03/07/2004م