- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جـواب سـؤال حول النتائج الانتخابية
س1: ما كادت النتائج الانتخابية تظهر فوز حزب المؤتمر حتى أثيرت الجنسية الإيطالية لرئيسة الحزب سونيا غاندي علماً بأنها تنازلت عن تلك الجنسية وأصبحت جنسيتها هنديةً قانوناً بشكل سليم. وقد كانت إثارة جنسيتها الإيطالية السابقة بشكل صارخ حتى إن نواب حزب جاناتا هددوا بالانسحاب من المجلس النيابي المنتخب احتجاجاً على ذلك. ثم تبع ذلك تجاذبات أدت إلى انسحاب سونيا من ترشيح نفسها لرئاسة الوزراء. فهل يعني ذلك أن أمريكا بدأت مبكرةً في إيجاد المتاعب لحزب المؤتمر منذ بداية عهده؟
ج1: نعم، هذا صحيح. فليس من السهل على أمريكا أن تترك الهند لتعود (مطبخاً) سياسياً للنفوذ البريطاني في شبه القارة الهندية من جديد. ولذلك فإن الراجح أن أصابع أمريكيةً وراء تحريك جنسية سونيا السابقة بعد نجاحها في قيادة حزب المؤتمر للفوز في الانتخابات.
ولإدراك ذلك بشكل واضح نعود قليلاً إلى الوراء. إن حزب المؤتمر معروف بولائه للإنجليز فقد صُنع على عينها، وكان من أنشط رؤسائه في تثبيت السياسية البريطانية والوقوف في وجه السياسة الأمريكية فيها هو نهرو وتبعه في ذلك آل غاندي (أنديرا غاندي. وولداها سنجاي وراجيف). وكانت أمريكا في صراع معهم. ويرجح أن أمريكا كان لها دور في اغتيال راجيف غاندي، ويؤكد ذلك أنَّ الذي حلّ محله في رئاسة الوزراء هو (ناراسيناراو) وهو من الصف المعتدل في حزب المؤتمر المعروف بمهادنة أمريكا، وبخاصة وأنه عيَّن (مانموهان سينغ) وزير المالية وهو رجل معروف بتشجيعه الاستثمار الأمريكي في الهند وقد أوجد وزير المالية هذا علاقات اقتصادية مع رؤوس الأموال الأمريكية وبخاصة في مجال الإلكترونيات. فكون وزير المالية هذا هو الذي يرشح لرئاسة مجلس الوزراء بدل سونيا ويصبح رئيساً فعلاً يدل على أن ضغوطاً أمريكيةً كانت وراء ذلك.
وعلى كلٍّ فليس من السهل على أمريكا أن تستحوذ على حزب المؤتمر، فهو ركيزة من ركائز الإنجليز، لكن أمريكا لن تترك الهند بسهولة بعد أن نفذت إليها مدة ثماني سنوات. وستستعمل ما أمكنها من وسائل بالترغيب والترهيب لمحاولة اختراق حزب المؤتمر، أو إيجاد المتاعب له، أو محاولة اختراق الائتلاف الحكومي عن طريق الأحزاب الصغيرة المؤتلفة مع المؤتمر، ونحو ذلك لأن حزب المؤتمر لا يملك الأغلبية وحده. ولكننا لا نظنها تنجح وذلك للدهاء السياسي البريطاني المقابل وعراقة حزب المؤتمر، وإنما قد تعمد بريطانيا وحزب المؤتمر إلى الليونة السياسية تجاه أمريكا على عادة عملاء بريطانيا في منطقة الشرق الأوسط بل على عادة بريطانيا نفسها في سياستها تجاه أمريكا فهي تلاينها ظاهراً وتضايقها باطناً. ومع ذلك فإن بريطانيا عن طريق حزب المؤتمر لن تترك فرصةً سانحةً لخلخلة نفوذ أمريكا في شبه القارة، وبخاصة باكستان إلا وتنتهزها، لمحاولة إشراك بريطانيا مع أمريكا في النفوذ في شبه القارة الهندية إن لَم تستطع أن تعيد نفوذ بريطانيا كما كان سابقاً.
9 ربيع الآخر 1425هـ
28/05/2004م