- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مصطلح أهل السنة والجماعة
الحلقة العاشرة
وصف أهل الحديث بأنهم أهل السنة والجماعة "منهجا" لا "فرقة"
ولعل المصطلح قد بدأ بالتبلور في بداية القرن الثالث الهجري، نلاحظ قول المأمون (توفي 218ه) في رسالته لإسحاق بن إبراهيم واليه على بغداد: "ثُمَّ هم الذين جادلوا بالباطل ليدحضوا به الحقَّ، فدعوا إلى قولهم، ونسبوا أنفسهم إلى السُّنَّة في كل فصل من كتاب الله قَصَصٌ من تلاوته، ومُبْطِلٌ قولَهم، ومكذِّب دعواهم، ثم أظهروا مع ذلك أنهم أهل الحقِّ والدين والجماعة، وأنَّ مَن سواهم أهلُ الباطل والكُفْرِ والفُرْقَةِ، فاستطالوا بذلك وغَرُّوا الجُهَّال" وكان المأمون يعني بذلك من وصفهم بقوله: "السواد الأعظم من حشو الرعيَّة وسَفلة العامَّة ممن لا نظر له ولا رويَّة" و"رؤوسهم من القضاة".
وقد قرأت أن الدكتور رضوان السيد وقع على مخطوطة معتزلية تعود لأواخر القرن الثاني الهجري فيها إشارة إلى أهل السنة والجماعة، ولعلنا نقول بأن تلك الفترة هي فترة بداية تبلور مصطلح أهل السنة منسوبا لجماعة أهل الحديث مثل الإمام أحمد، وابن راهويه، وابن معين، وابن المديني، وتلاميذهم، خصوصا وأن ذلك العصر شهد اتخاذ المعتزلة بطانة للمأمون، وسعيهم لامتحان الناس بخلق القرآن، فكأن أهل الحديث اتخذوا لأنفسهم هذا الخط ليكونوا حماة للعقيدة، وهم أهل لذلك! وكانت تسميتهم من باب نهجهم نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، لا من باب اتخاذ نفسهم فرقة دون الفقهاء وغيرهم من عامة المسلمين! فتنبه لهذا فهو غاية في الأهمية.
ثم إن السادة الأشاعرة تسموا باسم أهل السنة، ومعلوم أن الإمام أبا الحسن الأشعري رحمه الله تعالى توفي في سنة 324 للهجرة.
ولعل الفرق بين تسمية أهل الحديث أنفسهم أو تسميتهم من قبل غيرهم بأهل السنة، هو من باب المنهج والاشتغال، فهم اشتغلوا بجمع الحديث وتدوينه والاقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، واشتغلوا بالرد إلى السنة في كل شأن، لذلك كانوا أهل السنة "منهجا" و"مدرسة"، لا "طائفة" أو "فرقة"، بينما كان السادة الأشاعرة يتسمون باسم أهل السنة والجماعة فرقة لتمييز أنفسهم عن فرق المتكلمين الأخرى.
قال إبراهيم بن يحيى: (سمعتُ الزعفراني يقول: ما على وجه الأرض قومٌ أفضلُ من أصحاب هذه المحابر، يتبعون آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكتبونها كي لا تندرس))،
وقال إبراهيم الحربي: (لا أعلم عصابةً خيراً من أصحاب الحديث، إنما يغدو أحدُهم ومعه محبرة فيقول: كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم وكيف صلى، إيَّاكم أن تجلسوا إلى أهل البدع؛ فإن الرجل إذا أقبل ببدعته ليس يُفلح)،
وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيهم: (إذا رأيتُ رجلاً من أصحاب الحديث فكأني رأيتُ رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جزاهم الله خيراً، هم حفظوا لنا الأصل؛ فلهم علينا الفضل).
وكما ترى غلب عليهم اسم أصحاب الحديث.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الفقير إلى رحمة الله تعالى: ثائر سلامة – أبو مالك
لمتابعة باقي حلقات السلسلة