الميدل إيست: حزب التحرير ولاية مصر يهاجم نقص إسلامية الدستور!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
2013-01-06
ميدل إيست أونلاين
الجموع التي خرجت متظاهرة ضد إسلامية الدستور المصري رأت فيه خنقا للحريات، وحزب التحرير السلفي يراه مؤامرة غربية.
رفض الديمقراطية والحلم بالخلافة
القاهرة - في زمن أوصلت فيه الديمقراطية الإسلاميين إلى السلطة، وقاعات البرلمانات في أكثر من بلد مِن بلدان المسلمين، يصدر تصريح من حزب التحرير الإسلامي الفرع المصري، أو ما يطلق عليه الحزب اسم "ولاية مصر" يعلن فيه خطأ الديمقراطية وتعارضها مع الإسلام، وأن الغرب عمد إلى فرض نظامه الفكري والحضاري لملء الفراغ السياسي والاجتماعي والاقتصادي في العالم الإسلامي، الذي نتج عن انهيار الخلافة الإسلامية سنة 1924.
هنا ليس في كلام حزب التحرير خطأً، ونراه منسجماً مع توجهاته، فهو يمثل السلفية النقية إن صحت العبارة، ومن رؤيتنا أن الإسلام كدين يختلف عن السياسة، لكن من رؤيته هو أن الإسلام هو منهاج الله، ويجب أن يُطبق، ولا يتحقق ذلك إلا في دولة الخلافة. هنا اختلفت الرؤى الإسلامية السياسية بين سلفية مطلقة مثلها حزب التحرير، وسلفية برغماتية تعاطت مع الديمقراطية كوسيلة للوصول إلى غاية السلطة، وخلالها تحاول فرض شروطها الدينية من حجاب المرأة إلى أخذ الجزية على غير المسلمين، وكلام حزب التحرير في تصريحه أو ندائه هذا، الذي وزع موقعاً باسم شريف زايد رئيس المركز الإعلامي لولاية مصر، يقول ولاية مصر لأن الحزب مازال يعيش حلم الخلافة الإسلامية وما الدولة التي كانت ضمن دولة الخلافة إلا ولايات، مع أن مصر قد صارت دولة مستقلة في أوج قوة الدولة العثمانية عندما استقل بها الضابط الألباني الأصل محمد علي باشا.
جاء في التصريح أن الغرب أحدث خللاً فكرياً في المجتمع الإسلامي ليُمكن للأنظمة والتشريعات الغربية أن تسود في العالم الإسلامي؛ مع حكم الإسلاميين أنفسهم. على أساس أن التشريعات والقوانين غير الإسلامية لم يكن لها أي أثر أو وجود في واقع الأمة السياسي والتشريعي لأكثر من ثلاثة عشر قرناً، ولكنها بدأت تتسرب لكيان الدولة العثمانية في أواخر أيامها، بعد أن صدرت الفتاوى من شيخ الإسلام آنذاك أنها لا تخالف الإسلام، ولكننا نلاحظ اليوم وجود حالة من الإرتكاس في المفاهيم أصابت قطاعا عريضا في الأمة الإسلامية، نجم عنها التبني التام لأحكام التشريعات الغربية دونما اعتبار لمناقضتها لأحكام الشريعة الإسلامية، وفي هذا السياق هالني ما رأيته من تجييش للناس في مصر من قِبل بعض رموز التيار الإسلامي لقول نعم للدستور الجديد، على اعتبار أن هذا هو أفضل المتاح، بل هو الذي سُيمكن من تطبيق الشريعة بشكل كامل.
إذا انشقت السلفية على نفسها وتعددت فإن توجهات الإخوان المسلمين نفسها تعرضت لانشقاقات، وخرج نشطاء من الإخوان مؤمنين بالدولة المدنية مثل أبو الفتوح وغيره، بمعنى أن الإسلام كدين عندما يدخل السياسة لا بد أن ينساق لها، فتتعدد الرؤى، التي تهدد الآن بانشطارات خطيرة، مثلما يحدث بين السلفيين والإخوان بمصر، أو داخل الأحزاب الشيعية في العراق، وكذلك الحال في تونس وغيرها من المناطق التي تخضع لأكثرية إسلامية في البرلمانات، والتي ظهرت بفضل الديمقراطية وتوظيف الدين.
فحزب التحرير على الرغم من إسلامية مسودة الدستور المصري، التي اعترضت عليها الجموع الغفيرة، إلا أنه لم يكتف بذلك، بل يريد تطبيق الشريعة بما لم تألفه حتى أنظمة الخلافة من قبل، فيقدم نقداً للدستور بأن به عوار ومخالفة للنصوص القطعية في الإسلام، ولهذا فلا بد من إبراز أهم الأسس التي تقوم عليها فلسفة التشريع في الفكر الغربي، وبالتالي بيان مدى مناقضتها للإسلام. وهو يعدد مواضع اختلافه مع الديمقراطية من منطق أن تعدد الحرية في الفكر الغربي، أصل قيام المجتمعات، وقاعدة لبناء الوجود السياسي الذي ينحصر هدفه في الحفاظ عليها. ولكن لما كان الإنسان مضطرا إلى العيش في جماعة، وهذه تحتاج إلى دولة تمتلك سلطة لتنظيم شؤونها، كان لا بد من ربط التشريع بفكرة التوفيق بين السلطة والحرية، فأصبحت التشريعات تهدف إلى "تنظيم التعايش بين السلطة والحرية في إطار الدولة - الأمة". وينتقد الحزب المذكور باب الحريات في الدستور قائلاً: كما ظهر في التأكيد على مسألة الفصل بين السلطات في هذا الدستور، بينما خطاب الشارع (الشرع الإسلامي) المعالج لمشاكل الإنسان لم ينطلق من واقع إعطاء الفرد حريته أو تقييد حريته، بل انطلق من أساس أن كل مشكلة هي مشكلة إنسانية ابتداءً، فيعالجها لهذا الإنسان بصفته إنساناً له غرائز وحاجات مختلفة، وخالق الإنسان هو الأدرى. فإذا كانت حرية المرء تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين كما يقولون، فهذا يعني أنه لا توجد حرية للمرء في أن يفعل ما يشاء.
هنا ينقسم الإسلاميون بقوة بين مفهوم الحرية في الأنظمة الديمقراطية، ومفهومها في الدين، وأن المشرع هو الله، وبالتالي يكون القرآن والسنة هما الدستور، ومَن له مناقشة القرآن، أو إنزاله للاستفتاء لكي يحظى بموافقة الشعب.
هذا، وإذا اتفق الإسلاميون على أن يكون القرآن هو الدستور، فسيختلفون في تفسيره، وإذا اتفقوا في تفسيره سيختلفون على تأويله، لذا يحسمها حزب التحرير بخليفة تجمع بيده سلطة الدين وسلطة الدنيا، ولا من داع لديمقراطية تعطي الحرية للبشر إنما الحرية بحدود الشريعة.
أبعد من هذا يعترض حزب التحرير على انضمام الدول الإسلامية أو المسلمين إلى المنظمات الدولية لأنها "كافرة"، وهذا تصريح رئيس الحزب بمصر: "في البداية يجب أن نعلم بأن إقامة الخلافة فرض على كل الملسمين ونحن نعتبر أن انضمام الدول الإسلامية إلى المنظمات الدولية - الكافره - يتعارض مع تعاليم الشريعة الإسلامية ويجب على الحاكم المسلم عدم الاعتراف بها، وإن اعترف بها لا يجوز أن يكون حاكم للمسلمين فالأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية يتحكم بها روؤس الكفر الخمسة أو ما يطلق عليه الخمسة الكبار، وهم من لهم حق الاعتراض "الفيتو" والذى استخدم دائما وأبدا فى هدم الإسلام وقتل وتشريد المسلمين، فكيف نعترف بمنظمة هدفها الأول والأخير محاربة الإسلام والمسلمين" (عن جريدة كل المصريين).
المصدر: صحيفة الميدل إيست أونلاين