من فعاليات اعتصام حزب التحرير في الجامعات السودانية 2.
- نشر في أخرى
- قيم الموضوع
- قراءة: 1580 مرات
الحمد لله على كل نازلة نزلت بأمتنا..
والشكر لله على كل نعمةٍ أنعمها الله علينا..
ونصلي ونسلم على إمام المجاهدين..
إمام المتقين..
الذي جاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين..
أيها الإخوة المؤمنون:
ها هي تعيش أمتنا اليوم في أشدِّ وأصعب حقبةً من حقب تاريخها, حقبةً حالكة في الظلام، تداس كرامتها، يقتل أطفالها، تنتهك أعراضها، نسمع عويل وبكاء الأرامل والثكالى، فلا يتحرك أحدٌ من حكامكم المضبوعين المغتصبين، المفروضين عليكم من قبل أسيادهم من الكفار.
فكيف الخلاص من هذا الواقع الفاسد؟ وما السبيل لخلاص أمتنا؟
إخوة الإسلام:
أُحَيِّيكـُمْ بتـَحيَّةِ الإسلام ِ, فـَسَلامُ اللهِ عَـليكـُمْ وَرَحْمَة ُ اللهِ وَبَرَكـَاتـُهُ, وَبَعدُ :
فيقول الرَسُولُ اللهِ r: » لا تـَضَعُوا الحِكمَة َ عِندَ غـَير ِ أهـْـلِهَا فـَتـَظـْـلِمُوهَا، وَلا تـَمْـنـَعُوهَا أهْـلـَهَا فـَتـَظـلـِمُوهُمْ «!
وَنـَحْنُ صِدقا ً وَاللهِ لا نـَظـُنُّ بـِكـُمْ إلا خـَيرا ً، وَنـَرَاكـُمْ مِمَّنْ يُحـِبُّونَ الحِكـْمَة َ, وَيَسعَونَ لالتـِقـَاطِهَا, فالحِكمَة ُ ضَالـَّة ُ المُؤمِن ِ, أنـَّى وَجَدَهَا التـَقـَطـَهَا وَهُوَ أحَقُّ النـَّاس ِ بـِهَا, فأنتـُمْ أحَقُّ بـِهَا وَأهْـلـَهَا!
وَأيُّ حِكمَةٍ أعـْظـَمُ مِنَ الحِكمَةِ التي وَرَدَتْ فِي كِتـَابِ اللهِ وَسُنـَّةِ رَسُولِهِ؟ قالَ تعَالى:{ يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }. ( البقـرة 269 )
هَذا وَقـَدْ أطـَلـَقَ القـُرآنُ الكريمُ لفظ َ{الحكمة} وَأرَادَ بهِ السُنـَّة َ النـَّبويَّة فقالَ جَـلَّ مِنْ قائل ٍ مُخـََاطِبا ً رَسُولـَهُ صلى الله عليه و سلم: { وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً }.( النساء113)
إخــــوة لا إله إلا الله:
سُؤالان ِ كبيرَان ِ ومُهـِمَّان ِ، بـَـلْ هُمَا عَلى جَانِبٍ كـَبير ٍ مِنَ الأهَميَّةِ؛ لِتـَعَلـُّـقـِِهمَا بمَصير ِ أمَّـتِنـَا الإسلامية.
هَـذان ِالسُّؤالان ِ يَتـَرَدَّدَان ِعَلى كـُـلَّ لِسَان ٍ، يَسألـُهُمَا كـُـلَّ مُسلِم ٍ غـَيُور ٍعَلى دِينِهِ، حَريص ٍعَلى أمَّـتِهِ، يَسعَى لِنـَوَال رضْوَان ِ رَبـِّهِ!
هَذان ِالسُّؤالان ِ فِيهمَا إجمَالٌ وَتفصِيلٌ, فإنْ أرَدتـُمْ الإجمَالَ قـُـلـنـَا:
مَا سَبَبُ مَا نـَحنُ فـِيهِ مِنَ الشـَّـقـَاء وَالتـَّعَاسَةِ؟ وَمَا سَبيلُ الخـَلاصُ...؟؟ وَإنْ شِئتـُمُ التـَّـفصيلَ نـَقـُولُ:
وَيَعيشُ فـَلا يُعتـَنـَى بـِهِ؟!
وَيَمُوتُ فـَلا يُحْزَنُ عَليهِ؟!
وَيُـقـتـَلُ فـَلا يُـثأرُ لـَهُ؟!
•· مَتى سَيُشرقُ فـَجْرُ الإسلام ِ مِنْ جَديد؟!
•· مَتى سَتعلـُو رَاية ُ الإسلام ِ؟!
إخوة الإيمان والإسلام :
لِلإجَابَةِ عَنْ هَذِهِ التـَّساؤلاتِ تعَالـَوا بـِنـَا إلى مَائِدَةِ القـُرآن ِ الكريم ِ، وَالسُنـَّةِ النـَّبَويَّةِ المُطهَّرَةِ، فإنَّ فيهمَا الإجَابَة الشافية َ... الإجَابَة َ التي تـُـقنِعُ العَقـلَ, وَتمْلأ القـَلبَ طـُمَأنِينة ً, وَتـُوَافِـقُ فِطرَة َ الإنسَان ِ!
إنَّ المُتـَدَبِّرَ لِكتابِ اللهِ وَسُنـَّةِ رَسُولِهِ يَجـِدُ الإجَابَة َ لِكـُـلِّ سُؤال ٍ, فـَرسَالـَة ُ الإسلام ِ رسَالـَة ٌ عَامَّة ٌ عالميةٌ شـَامِلـَة ٌ لِلبـَشَريَّةِ جَمْعَاءَ، تـُنـَظـِّمُ شـُؤونَ الحَيَاةِ كـُـلـِّهَا، تـُنـَظـِّمُ عَلاقـَة َ الحَيَاةِ بـِمَا قـَبلـَهَا أي بالخـَالـِق ِ الذي خـَلـَقـَهَا وَهُوَ اللهُ تعَالى، وَتـُنـَظـِّمُ عَلاقـَة َ الحَيَاةِ بمَا بَعدَهَا أي بيَوم ِالقِيَامَةِ، يَوم ِالحِسَابِ، اليَوم ِ الذِي يُحَاسِبُ اللهُ بهِ البَشَرَ عَلى مَا قـَدَّمُوا مِن أعمَال ٍ، وَأيضا ً فـَإنَّ رِسَالـَة َ الإسلام ِ تـُعَالِجُ جَميعَ مَشَاكِل ِالإنسَان ِ، وَتـُنـَظـِّمُ عَلاقـَاتِهِ مَعَ خـَالِـقِـهِ, مَعَ نـَفسِهِ، مَعَ غـَيرهِ مِنَ البَشَر ِ فِي كـُـلِّ زَمَان ٍ, وَفِي كـُـلِّ مَكـَان ٍ!
إخــــوة لا إله إلا الله:
تـَدَبَّرُوا مَعَنـَا هَذِهِ الآيَاتِ الكريمَة َ مِنْ كِتـَابِ اللهِ: يَقـُولُ اللهُ تعَالى فِي مُحكـَم ِ التـَّـنزيل ِ وَهُوَ أصْدَقُ القـَائِـلـينَ : { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. ( البقـرة 109 )
وَقالَ جَـلَّ شَأنـُهُ: { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً }.( النساء 89 )
وَقالَ عَـزَّ مِنْ قـَائِل ٍ: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِندَ اللّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }. ( البقرة 217 )
أيها المستمعون الكرام:
في الآيَةِ الكريمَةِ السَّابعة َ عَشْرَة َ بَعدَ المِائتين ِ مِنْ سُورَةِ البقرَةِ, إخبَارٌ مِنَ الحَقِّ سُبحَانهُ وَتعَالى عَنْ دَوَام ِ عَدَاوَةِ الكفار ِلِلمُسلمينَ، وَأنَّ هؤلاء الكفارَ لا يَنفكـُونَ عَنْ هَذهِ العَدَاوَةِ حَتى يَرُدُّوا المُسلمينَ عَنْ دِينهم، إن استطاعوا.
وَأتـبَعَ الحَـقُّ جَلَّ وَعَلا هَذا الإخبَارَ بجُملةٍ شَرْطـيَّةٍ فقال:{إن استطاعوا} وَهُوَ تحَدّ ٍ للكفار وَاستبعَادٌ لاستطاعتهم, وَإيذانٌ مِنَ اللهِ تبَارَكَ وَتعَالى بأنـَّهُمْ لا يَرُدُّونَ المُسلِمينَ عَنْ دِينهمْ، وَفي هَذا بشارَة ٌ لكـُمْ أيُّها المُؤمنـُونَ. وَإنْ شِئتـُمُ البشَارَة صَريحَةً فاقرَؤوا قولَ اللهِ تعَالى:{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }( الأنفال 36 )
وَإنْ شِئتـُمُ البشَارَة َ مِنْ سُنـَّةِ رَسُول ِ اللهِ فاقرَؤوا قولـَهُ صلى الله عليه و سلم :( أمَّـتي لا تـَجْـتمِعُ عَلى الضََّّلالـَةِ ).
وََمَعنى هَذا الحَديثِ أنَّ الأمَّة َ الإسلاميَّة َ لا تجْـتمِعُ عَلى تركِ الإسلام ِ بالكـُـليَّةِ,أي أنـَّها لا تجتمِعُ عَلى الارتدَادِ عَن ِ الإسلام ِ؛ لأنَّ الضَّلالـَة َ وَالضََّلالَ هُوَ تركُ الدِّين ِ، أيْ أنَّ اللهَ حَفِظ َ هَذِهِ الأمَّة َ مِنْ أنْ تجتمِعَ عَلى تركِ دِين ِ الإسلام ِ.
إخــــوة لا إله إلا الله:
أمَّا الآيتان ِالسَّابقتان ِ اللتان ِ قالَ اللهُ فيهمَا: { وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }. ( البقرة 109 )
وَقالَ في الثانيةِ: { وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } ( النساء 89 )
فإنـَّهُمَا تحمِلان ِ لكـُمُ البشَارَة َ ذاتـَهَا، وَهِيَ عَدَمُ تمكين ِالكـُـفار ِ مِنْ جَعْـل ِالمُسلمينَ يَرتـَدُّونَ عَنْ دِينـِهمْ.
وَلرُبَّ سَائل ٍ يَسْألُ: وَلكِنْ مِنْ أينَ أتـَى هَذا الفهمُ؟
وَلِكي تستـَوعِبُوا ذلكَ أريدُكـُمْ أنْ تفتـَحُوا قـُـلوبـَكـُمْ وَأسمَاعَكـُمْ, وَأدعُوكـُمْ أنْ تـَلحَظـُوا مَعِي سِـرَّ استِخدَام ِ الفعل ( وَدَّ ) في كـُـلٍّ مِنَ الآيتين ِالكريمتين ِالسَّابقتين ِ حَيثُ قالَ اللهُ تعَالى:{وَدَّ} وَلمْ يَقـُـلْ:{أرَادَ} وَذلكَ للفرق ِ الكبير ِ بينَ {الوِدَادَةِ} وَ{الإرَادَةِ} في المَعنى اللغويِّ.
فأمَّا ( الوِدَادَة ُ) فهيَ مُجَرَّدُ الرَّغبَةِ في حُصُول ِ الفعل ِ مَعَ العَجز ِعَنْ تحقيقِ هَذِهِ الرَّغبَةِ.
وَأمَّا ( الإرَادَة ُ) فِهيَ الإصرَارُ وَالتـَّصميمُ وَالعَزمُ عَلى تنفيذِ الفعل ِ مَعَ القـُدرَةِ عَلى تحقيق ِهَذِهِ الإرَادَةِ.
يَقولُ الإمَامُ الزمَخشَريُّ في الكشَافِ: ( الوِدَادَة ُ مِنْ سَفاسِفِ الأمُور ِ، وَالإرَادَةُ مِنْ عَظائِمِهَا ).
إخوتي المستمعون:
عَلى ضَوء ِ مَا تقدَّمَ, تـَدَبَّرُوا مَعِيَ قـَولَ اللهِ جَلَّ في عُلاهُ { وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ } ( الأنفال 7 )
لقدْ كانَ المُسلمُونَ في بَدر ٍ يَرْغـَبُونَ في الحُصُول عَلى القافِلـَةِ المُحَمَّـلـَةِ بأموَال ِ قـُرَيش ٍ، وَالتي يَقـُودُهَا أبُو سُفيانَ لكنَّهُمْ عَجزُوا عَنْ تحقيق هَذِهِ الرَّغبَةِ لأنفُسِهـِمْ.
لِذا قالَ اللهُ مُخاطِبا ً إيَّاهُمْ:{وَتوَدُّونَ}, وَأرَادَ اللهُ جَلـَّتْ قـُدْرَتـُهُ أنْ يُحِقَّ الحَقَّ بأنْ يَنصُرَ دِينـَهُ وَيُعزَّ جُندَهُ وَيقطعَ دَابرَ الكافِرينَ. فكانَ مَا أرَادَ اللهُ تبارَكَ وَتعَالى, لِذا قالَ اللهُ تعَالى مُتحدثا ً عَنْ نـَفسِهِ:{وَيُريدُ اللهُ}لأنـَّهُ سُبحَانـَهُ القـَادِرُ عَلى كـلِّ شَيءٍ وَهُوَ سُبحَانهُ { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } (يس 82)
يا معاشر المسلمين:
رَوَى الإمَامُ أحمَدُ في مُسندِهِ عَنْ ثوبَانَ مَولى رَسُول ِ اللهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم : ( يُوشِكُ أنْ تدَاعَى عَليكـُمُ الأمَمُ مِنْ كلِّ أفـُق ٍ كمَا تدَاعَى الأكـَلـَة ُ عَلى قصْعَـتهَا. قالَ: قـُـلنا يَا رَسُولَ اللهِ: أمِنْ قِلـَّةٍ بـِنـَا يََومَئذٍ؟ قالَ: أنتـُمْ يَومَئذٍ كثيرٌ، وَلكِنْ تكـُونُونَ كغـُثاء ِ السَّيل ِ، يَنزِعُ اللهُ المَهَابَة َ مِنْ قلوبِ عَدُوِّكـُمْ، وَيَجْعَـلُ في قـُلـُوبـِكـُمُ الوَهَنَ. قالَ: قـُـلنـَا: وَمَا الوَهَنُ ؟ قالَ: حُبُّ الحَياةِ, وَكرَاهِيَة ُ المَوتِ ).
أيها المسلمون في كل أمصاركم:
مَا مِنْ شَـكٍ في أنـَّـكـُمْ أنتـُمُ المُستهدَفـُونَ! لا لشيءٍ إلا َّ لأنـَّكـُمْ مُسلِمُونَ! إنَّ عَقيدَتـَكمْ هِيَ المُستهدَفة ُ! أنَّ إسْلامَكـُمْ هُوَ المُستهدَفُ!
هَذا مَا دَلـَّتْ عَلـَيهِ النـُّصُوصُ الشَّرعِيَة ُ التي استخلصْـناهَا وَعَرَضناهَا لـَكـُمْ مِنْ كِتـَابِ اللهِ وَمنْ سُنـَّةِ رَسُولِهِ r .
إخوة الإيمـان والإسلام:
بَعدَ أنْ عَرَفـْـنـَا مَا عَرَفـْـنـَا, يَحـِقُّ لـَنـَا أنْ نتسَاءَلَ: أيُّ إسلام ٍ ذلكَ هُوَ المُستهدَفُ؟
أهُوَ الإسلامُ الذي يَفهَمُهُ بَعضُ الجَهَـلـََةِ عَلى أنـَّهُ دِينٌ كهنـُوتـِيٌ، لا يُعنى إلا َّ بالعبادَةِ الفرْديـَّةِ، وَلا دَخـْـلَ لـَهُ بالحَيَاةِ مُطلـَقا ً ؟
أمْ هُوَ الإسلامُ الشمُوليُّ السِّياسِيُّ الذي يَدعُو إلى إقامَةِ الخِلافـَةِ الإسلاميَّةِ الراشدة الثانية التي تـُطبـِّقُ نِظامَ الإسلام ِ في كـُـلِّ شَأن ٍ مِنْ شُؤون ِالحَيَاةِ.
ذلكَ النظامُ المَبدئيُّ المُتميِّزُ الذي لا يُشبهُهُ أيُّّ نظام ٍ مِنْ أنظمَةِ الحُـكم ِ في العَالـَم ِ؛ لأنـَّهُ مِنْ عِندِ اللهِ خـَالق ِ الكون ِ وَالإنسان ِ وَالحَيَاةِ!
ذلكَ النظامُ الذي سَينازعُُ أنظمَة َ الغـَرْبِ عَلى المَكانـَةِ الدَّوليَّةِ الأولى، أيْ أنـَّهُ سَيُنازعُ أمريكا عَلى هَذِهِ المَكانـَةِ، وينتزع سلطانها، وَهُوَ بمَشيئةِ اللهِ تعَالى، وَكمَا وَعَدَ اللهُ، وَبَشـَّرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم حَتـْما ً سَيُزيلـُهَا عَنْ مَكانـَتـِهَا بمَا يَحمِلـُهُ مِنْ قيَم ٍ بَاتـَتِ البَشريَّة ُ في أمَسِّ الحَاجَةِ إليهَا!
أيها المستمعون الكرام:
إنـَّها إذا ً الحَملـَة ُ الشـَّرسَة ُ عَلى الإسلام ِ وَالمُسلمينَ تـَقـُودُهَا أمريكا، ليسَ في قطر محدد من أقطار المسلمين فقـَط بل في معظم أقطار المسلمين، بل في كلها، فها نحن نراها في فلسطين وفي العِـرَاق ِ وفي أفغانسْـتانَ وَفي بَاكستانَ وَفي كشميرَ وَفي السُّودَان ِ وَفي الصومال والشيشان، وَهَا هِيَ أمريكا تـُـلوِّحُ بالعَصَا ضِدَّّ إيران، فمَاذا أنتـُمْ فـَاعِلـُونَ...؟
أمْ أنـَّـكـُمْ سَـتظلـُونَ صَامتينَ, مَكتـُوفي الأيدِي, لا تـُحَرِّكـُونَ سَاكنا ً كأنَّ الأمرَ لا يَعنيكـُمْ، وَكأنَّ شَيئا ً لـَمْ يَكـُنْ؟
لـَقـَدْ أدرَكـَتْ أمريكا بَعدَ زَوَال ِالشيُوعِيَّةِ أنَّ الخـَطـَرَ الدَّاهمَ المُتمَثــِّـلَ في الإسلام ِ السِّياسِيِّ قادِمٌ لا مَحَالـَة َ، وَأنَّ أيَّامَهُ أصبَحَتْ وَشِيكة ً، وَأنَّ بذرَة َ الإسلام ِ السِّياسِيِّ قـَدْ تـَجَذرَتْ، وَصَارَ نـَزعُهَا مُستحِيلا ً، إذا ً فهيَ ــ أي أمريكا ــ تعمَلُ عَلى مَنع ِ ظـُهُور ِ فـَسيلتِهَا وَالحَيلـُولـَةِ دُونَ خـُرُوجهَا إلى السَّطح ِ!
لِمِثلِ هذا أَشَارَ بُوش الأبُ بقوله:
(لـَنْ نسمَحَ لِشعُوبِ الشَّرق ِالأوسَطِ بالعَودَةِ إلى جُذورهِمْ! وَليسَ لهُمْ إلا َّخِيَارَان: الدَّيمُقراطِيَّة َ وَالاقتصَادَ الحُرَّ)!
وها نحن في نهاية ولاية بوش الإبن ونرى ما آلت إليه حال العالم مع الإقتصاد الحر، الإقتصاد الربوي الذي جعل من استرقاق الشعوب أهم غاياته وأهدافه.
وَقالَ بُوش الابنُ:
(إنَّ العَدُوَّ خـَفِيٌ، غـَيرُ مُحَدَّدِ المَلامِح، وَغـَيرُ وَاضِح ِ السِّمَاتِ، وَهوَ مَوجُـودٌ فِي سِتـِّـينَ دَولـَةٍ )! أي في أمصارٍ إسلامية.
وَقالَ مُديرُ المُخابَرَاتِ المَركزيَّةِ نيلسُون:
(لا بُدَّ مِنْ تـَفتيتِ دُوَل ِ العَالـَم ِ الإسلامِيِّ حَتـَّى يَسهُـلَ السَّيطرَة ُ علـَيهَـا )!
ويقول رَئيسُ التخطيطِ بوَزارَةِ الخَارجيَّةِ الأمريكية:
(لا تـَستطيعُ أمريكا إلا َّ أنْ تـَقِفَ فِي الصَّفِ المُعَادِي للإسلام ِ, وَإلى جَانِبِ العَالـَم ِ الغربيِّ، وَالدَّولـَةِ اليَهُودِيَّةِ، لا لأنـَّهَا إنْ فعَـلـَتْ عَكسَ ذلكَ تـَنكـَّرَتْ لِلـُغـَتِهَا وَثـَقـَافـَتِهَا وَمُؤسَّسَاتِهَا، وَإنَّ الهَدَفَ الغربيَّ فِي الشَّرق ِ الأوسَطِ هُوَ تـَدمِيرُ الحَضَارَةِ الإسلامِيَّة، وَإنَّ قـِيَامَ دَولةِ إسرَائيلَ هُوَ جُزءٌ مِنْ هَذا المُخطـَّطِ، وَإنَّ ذلكَ ليسَ إلا َّ استمرَارا ً لِلحُرُوبِ الصَّـليبيَّةِ )!
وَيعَزَّزَ بُوش الابنُ هَذا المَعنى حِينَ قالَ:
( تلكَ الحَملة ُ الصَّـليبيَّة ُ، وَتلكَ الحُرُوبُ عَلى الإرْهَابِ سَوفَ تكونُ طويلـَة َ الأمَدِ )!
ويقدم في تقريرهٍ قدَّمَهُ إلى الكـُونغرس:
(وَلنْ ننـْسَى فِي حَرْبـِنـَا ضِدَّ الإرْهَابِ أنـَّـنـَا نـُقـَاتـِلُ في النـِّهَايَةِ مِنْ أجْـل ِ قـِيَمِنـَا الدِّيمُـقرَاطِيَّةِ وَطريقـَةِ حَيَاتِنـَا )!
ويقول نائبُ وَزير ِالدَّفـَاع ِ الأمريكي:
(صَحيحٌ أنَّ حَرْبـَنا هَذِهِ ضِدَّ الإرْهَابِ هِيَ حَرْبٌ ضِدَّ أنـَاس ٍ أشْرَار ٍ، وَلكنـَّها أيضا ً وَفي نِهَايَةِ المَطافِ حَربٌ مِنْ أجل ِالقـِيَم ِ كمَا هِيَ حَرْبُ عُقـُول ٍ)!
ثـُمَّ يُتبعُ ذلكَ فـَيقـُولُ: (أنَّ هُناكَ فجوَة ً خطِيرَة ً بَينَ الغرْبِ وَالعَالـَم ِالإسلامِيِّ، يَجِبُ جَسْرُهَا، وَعَلينـَا البَدْءُ بذلكَ، وَلا مَجَالَ لِلتـَّأخِير ِ فـَالفـَجْوَة ُ وَاسِعَة ٌ )!
وَقالَ بُوش: (إنَّ الوَقتَ يُدركـُـنا، وَليسَ أمَامَـنا مِنْ مُتــَّسع ٍ مِنَ الوَقتِ)!
يا أمة الإسلام, يا حراس العقيدة:
قالَ اللهُ تعَالى مُبيـِّنا ً مَوقِفَ الكـُفـَّار ِ فِي إظهَار ِ عَدَاوَتِهمْ وَبُغضِهمْ لِلمُؤمِنينَ : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } ( آل عمران 118 )
وَهُنا إخوة الإيمان والإسلام، لا بُدَّ لـَنا مِنْ أنْ نـَتسَاءَلَ: أليسَ مِنَ العَيبِ أشَدِّ العَيبِ, وَمِنَ العَار ِ أشَدِّ العَار ِ أنْ يُدركَ الكـُفـَّارُ عَظمَة َ الإسلام ِ وَقـُدرَتـَهُ الفائِقـَة َ عَلى قيَادَةِ البَشَريَّةِ، بَينـَمَا يَجْهـَـلُ ذلكَ كثيرٌ مِنَ المُسلمينَ...؟؟
أليسَ مِنَ العَيبِ كـُـلِّ العَيبِ أنْ يَتمَسَّـكَ الكـُفـَّارُ ببَاطِلِهمْ، وتشحذ أسلحتهم، بَينـَمَا يَتخـَلـَّى المُسلمُونَ عَنْ دَعوَةِ الحَقِّ وتبقى سيوفهم في أغمدتها، وقد كلـَّـفـَهُمُ اللهُ سُبحَانهُ وَتعَالى بحَملـِهَا، وقتالها عن الإسلام؟
معاشر المستمعون من أمة الإسلام:
إذا كانَ الكـُفـَّارُ يُصرُّونَ عَلى كـُفرهِمْ، وَيَتمَسَّـكـُونَ ببَاطِلِهمْ، أفـَلا تـُصرُّونَ أنتـُمْ عَلى إيمَانِكـُمْ وَتـَتـَمَسَّـكـُونَ بحَقـِّـكـُمْ كمَا تمَسَّـكَ أسـلافـُكـُم مِنْ قبلُ؟
إنَّ الإسلامَ هُوَ الدِّينُ الذي ارتضَاهُ اللهُ لـَكـُمْ، وَفِيهِ سَعَادَتـُكـُمْ وَخَيرُكـُمْ فِي الدُنيَا وَالآخِرَةِ، وَهُوَ عِصمَة ُ أمركـُمْ، أفلا ترْضَونَ مَا رَضِيَهُ لـَكـُمْ رَبـُّـكـُمْ؟
كأنـِّي بلسَان ِ حَالِكـُمْ يـَقـُولُ: رَضِـينا باللهِ ربا ً، وَبالإسلام ِ دِينا ً، وَبالقــُرآن ِ الكريم, وسنة النبي صلى الله عليه و سلم, دُستـُورا ً، وَبمُحَمَّدٍ نـَبيـَّا ً وَرَسُولا ً وَلكِنَّ الذي يَنقــُصُنـَا هُوَ تـَرْجَمَة ُ هَذِهِ الأقوَال ِ إلى أفعَال ٍ!
أحبتــنا فـي اللـه: أيها المستمعون الكرام:
لمَّا ارتدَّ المُرتدُّونَ عَن ِالإسلام ِبَعدَ وَفاةِ رَسُول ِ اللهِ صلى الله عليه و سلم وَرَفضُوا حُكما ً وَاحِدا ً فقط مِنْ أحكام ِالإسلام ِ، ألا وَهُوَ حُكمُ الزكاةِ، حَيثُ رَفضَ المُرتدُّونَ أنْ يَدفعُوا زكاة َ أموَالِهمْ لأبي بكر ٍ الصِّديق ِ رضي الله عنه، وَكانَ يَومَها خليفة ً للمُسلمينَ، فمَاذا كانَ مَوقفـُهُ يَا تـُرَى؟
مَاذا فعَلَ هَذا الخليفة ُ الرَّاشِدُ الذي ندعُو اللهَ تبَارَكَ وَتعَالى أنْ يَرزُقـَنـَا خليفة ً مِثلـَهُ؟ وَمَا ذلكَ عَلى اللهِ بعَزيز ٍ، إنـَّهُ سُبحَانـَهُ وَتعَالى وَليُّ ذلكَ وَالقادِرُ عَليهِ!
لقدْ غـَضِبَ أبُو بكر ٍالصدِّيقُ غـَضبة ً للهِ عَلى أشدِّ مَا يَكونُ الغـَضَبُ! وَقالَ عِبَارَتـَهُ المَشهُورَة َ التي تدُلُّ عَلى قـُوَّةِ إيمَانِهِ وَشِدَّةِ إصرَارهِ وَتمَسُّـكِهِ بأحكام الإسلام!
فمَاذا قالَ الصِّديقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ وَأرضَاهُ؟ وَمَا مَعنى عَبَارَتِهِ.؟؟ قالَ: (أينقـُصُ الدِّينُ وَأنا حَيٌ )؟
فَمَعنى ذلكَ أنـَّهٌ استعَدَّ أنْ يَدفعَ حَيَاتـَهُ ثمَنا ً لإقامَةِ حَدٍّ وَاحِدٍ مِنْ حُدُودِ اللهِ!
للهِ درُّكَ يَا أبَا بكر ٍ، مَا أقوَى إيمَانـَكَ! وَمَا أشَـدَّ تمَسُّـكـَــكَ وَتشَبـُّـثــَـكَ بالإسلام وَأحكام ِالإسلام ِ!
أيهــا المسلمون:
أخبرُوني باللهِ عَليكـُمْ كيفَ يَكونُ مَوقِفُ أبي بَكر الصِّديق, وَمَاذا عَسَاهُ يَقـُولُ لـَو بُعِثَ فينـَا مِنْ جَدِيدٍ، وَرَأى كـُـلَّ أحكام ِالإسلام ِمُعَطـَّـلـَة ً ودماء المسلمين مستباحة وأعراضهم منتهكة ومقدساتهم مدنسة وأموالهم وخيراتهم مسلوبة؟!
وَمَا مَوقِفـُـكـُمْ أنتـُمْ يَا تـُرَى مِنْ ذلكَ حِينَ تـَقـِفـُونَ بَينَ يَدَي رَبِّ العزَّةِ ليُحَاسِبَكـُمْ...؟ فمَاذا أنتـُمْ قـَائِلـُونَ؟ وَبمَاذا سَتـُجيبُونَ؟ وأنتم تشاهدون أطفال غزة، تشاهدون أطفال المسلمين، وشيوخهم، ونسائهم ثكالى وأرامل وعجزة، ماذا ستجيبون ربكم؟
كأنـِّي بأولِي الألبَابِ وَالنـُّهَى, وَذوي العُـقـُول ِ وَالحِجَى، أصْحَابِ الفِكر المُستنير ِ، المَاثـلينَ أمَامِي، كأنـِِّي بكـُمْ وَاللهِ يَا إخوَة َ الإسلام ِ قدْ أدرَكتـُمْ أنَّ سَبيلَ الخـَلاص ِ، وَطريقَ النـَّجَاةِ، هِيَ في عَودَةِ الخِلافـَةِ الإسلاميَّةِ التي تحمِلُ الإسلامَ إلى العَالـَم ِ كـُـلـِّهِ؛ ليَكـُونَ رَحمَة ً لـَهُمْ كمَا أخبَرَ رَبُّ العـِزَّةِ جـَلَّ في عُلاهُ حَيثُ قالَ:{ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين} ( الأنبياء 107 )
إنَّ سَبيلَ الخلاص ِ، وَطريقَ النـَّجَاةِ هِيَ في عَودَةِ المُسلمينَ إلى جُذورِهِمْ... هِيَ فِي إيصَال ِالإسلام ِ السِّياسِيِّ إلى الحُكم ِ ليَكونَ القــُرآنُ الكريمُ, وسنة النبي صلى الله عليه و سلم, دُستـُورَ الأمَّةِ وَمِنهَاجَ حَيَاتِها، تمَاما ً بعَكس ِ مَا قالَ بُوشُ اللعينُ.
أيها المسلمون:
إسمعوا حديث نبيكم صلوات ربي وسلامه عليه:
رَوَى مُسلِمٌ فِي صَحيحِهِ عَن ِ الأعْرَج ِعَنْ أبي هُريرَة َ عَن ِالنـَّبيِّ صلى الله عليه و سلم قالَ: ( إنـَّمَا الإمِامُ جُنـَّة ٌ، يُقـَاتـَلُ مِنْ وَرَائِهِ, وَيـُتـَّـقـَى بـِهِ ).
وَصْفٌ دقيقٌ لِلخليفـَةِ ومسؤوليته بأنـَّهُ جُنـَّة ٌ، أي وِقـَايَة ٌ وَحِمَايَة ٌ، وَوَصْـفُ الرَّسُول ِ صلى الله عليه و سلم بأنَّ الإمَامَ جُنـَّة ٌ هُوَ إخبَارٌ عَنْ فـَوَائِدِ وُجُودِهِ، فهُوَ فِي عِلـْم ِ أصُول ِالفِقهِ، طـَلـَبُ فِعـْـل ٍ يَترَتـَّبُ عَلى فِعلِهِ إقامَة ُ الحُكم ِالشرعيِّ؛ لذلكَ كانَ هَذا الطلبُ جَازما ً، وَهَذا يَعني أنَّ إقامَة َ خـَليفةٍ لِلمُسلمينَ أمرٌ واجبٌ شَرعا , وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
أيها المسلمون:
أخاطبكم وأنتم تحت نير حُـكـَّامَكـُمُ واستبدادهم وظلمهم وقيودهم وعصيهم فرضوا عليكم فرضا واغتصبوا السلطة اغتصابا، يَحكـُمُونـَكـُمْ بالحَديدِ وَالنـَّار، وَبالحُكم ِالجَبريِّ الذي أخبَرَكـُمْ عَنهُ نـَبيـُّـكـُمْ صلى الله عليه و سلم في الحَدِيثِ الذي رَوَاهُ الإمَامُ أحمَدُ في مُسندِهِ وَالذي جَاء فيهِ: (... ثـُمَّ تكـُونُ مُـلكا ً جَبريا ).
هؤلاء الحُـكامُ لا يُتـَّـقى بهمْ وَلا يُـقاتـَـلُ مِنْ وَرَائهمْ، بلْ هُمُ اليَومَ مخذولون صاغرون مُستسلِمُونَ خائنون! لا نقول: مُستسلِمُونَ لأعدَائِهمْ, بلْ لأعدائِكم, فهَؤلاء الحُـكام ليسُوا مِنكـُمْ، وَلستـُمْ مِنهُم فِي شَيءٍ, وَهُمْ ليسُوا مِن جنس ِ أمَّةِ الإسلام لأنـَّهُمْ لا يتألـَّمُونَ لألمِهَا، وَلا يُحسُّونَ بإحسَاسِهَا، وَليسُوا غـَيُورينَ عَليهَا، وَلا عَلى مَصَالِحِهَا! وأكبر دليل على ذلك ما ترونه بأم أعينكم من خذلانهم للمسلمين في غزة العزة.
هؤلاء الحُـكامُ يَختـلفـُونَ فيمَا بَينهُمْ عَلى كـُلِّ شَيءٍ، وَلا يتـَّـفقـُونَ إلا َّعَلى مُحَارَبَةِ الإسلام ِ وَالصَّـدِّ عَنْ سَبيل ِاللهِ، يَنطبقُ عَليهمْ في ذلكَ قولُ اللهِ تعَالى:
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِباً أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ{18} الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ{19} أُولَـئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ{20} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ{21} لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ{22} (هود 18 ـ22 )
هَؤلاء الحُكامُ كانـُوا وَمَا زَالـُوا وَسَيَظلـُّوا منقادون أدواتٍ لأمريكا، وأذناب أمريكا، يَنـَفـِّذُونَ كـُـلَّ مَا تـُريدُهُ وَزيَادَة ً, مُـقابلَ أنْ يَظلـُّوا مُترَبـِّعينَ عَلى كرَاسِي الحُكم ِ، وَلكِنَّ دَوَامَ الحَال ِ مِنَ المُحَال ِ! قالَ تعَالى { وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ.} ( يوسف 21 )
هؤلاء حكامكم الطوَاغِيتُ نـَصَّـبُوا أنفـُسَهُمْ، بَـل نصبوا، نصَّبـَهُمُ الكافـِرُ المُستعمِرُ حُـكاما ًعَلى رقابِ البَشر ِ، وَكأنـَّهُمْ آلهَة ٌ مِنْ دُون ِاللهِ يُعبَدُونَ، بَـلْ إنـَّهُمْ وَضَعُوا أنفـُسَهُمْ فوقَ مَرتبَةِ الألـُوهِيَّةِ!
فكلامُ اللهِ تبَارَكَ وَتعَالى عِندَهُم وَبالنـِّسبَةِ إليهمْ قابـِلٌ لِلنـِّـقاش ِ، وَفيهِ مَجَالٌ لِلأخذِ وَالرَّدِ! أمَّا كلامُ هَؤلاء الحُكام ِ فهُوَ غَيرُ خـَاضِع ٍ لِلنقاش ِ وَلا يَحتمِلُ الخـَطأ مُطلقا ً، وَيَجبُ أخذهُ كمَا هُوَ بحَرفـِيـَّـتِهِ دُونَ زيَادَةٍ أو نـُـقصَان ٍ! إنـَّهُمْ أصنامُ القرْن ِالحَادي وَالعشرينَ! وَلكنـَّهُمْ يَختـلِفـُونَ عَنْ أصنـَام ِ الجَاهِـليَّـةِ اختلافَ الضـِّدِ مَعَ الضـِّدِ، فأصنامُ الجَاهليـَّـةِ طهارتها مادية، ونجاستها معنوية, وَهي لا تـَنطـِقُ بالكـُفرِ!
أمَّا هؤلاء الحُـكام فـَهُمْ أنجَاسٌ، وَيَنطِقــُونَ بالكـُـفر ِ الصُّرَاح ِ، وَللهِ دَرُّ الشـَّاعِـر ِالذي يَـقــُولُ:
أمَّـتِي هَـلْ لكِ بَيـنَ الأمَـم ِ مِنـــبَرٌ لِلســَّيفِ أو لِلقـلـَـم ِ
أمَّـتِي كـَمْ صَنـَم ٍمَجَّدتـِـهِ لمْ يَكنْ يَحْمِلُ طـُهْرَ الصَّنَم ِ
إنَّ الغـُبـَارَ الذي يَعلـُو حِذاءَ أبي جَهل ٍ، لـَيُشرِّفُ أعظمَ رَأس ٍ مِنْ رُؤوس هَؤلاء الحُكام! فعِندَمَا وَقفَ المُشركـُونَ حَولَ بَيتِ رَسُول ِ اللهِ صلى الله عليه و سلم ليقتـُـلـُوهُ، اقترَحَ أحَدُ المُشركينَ أنْ يَـقتحِمُوا البَيتَ عَلى رَسُول ِ اللهِ، فـَأبَى أبـُو جَهلٍ ذلكَ مُرَاعَاة ً لِحُرمَةِ البيتِ!
أمَّا هؤلاء الحُكامُ وَجَلاوزَتـُهُمْ وَأجهزَة ُ قمْعـِهمْ، فـَلا يُرَاعُونَ لبَيتٍ حُرمة ً! هَؤلاء الحُكامُ حـَفـَرُوا بأيديهمْ، وَبأرجُـلهمْ هـُوَّة ً سَحيقـَة ً، وَفـَجْوَة ً عَميقـَة ً تـَفصِلُ بَينـَهُمْ وَبَينَ شُعوبهمْ أبناءَ الأمـَّةِ الإسلاميَّةِ! فالأمَّة ُ صَارَتْ في وَادٍ وَهمْ في وَادٍ آخـَرَ!
الأمَّـة ُ تـُريدُ أنْ تكونَ مَعَ اللهِ والإسلام وأمة الإسلام!
وَهُمْ يُعلِنـُونَ أنـَّهُمْ مَعَ أمريكا ويهود وأعداء الله والإسلام!
الأمَّـة ُ تـُريدُ الإسلامَ الذي ارتضَاهُ اللهُ لـَهَا!
وَهُمْ يُريدُونَ نظامَ الكفر الدِّيمُقراطِيَّ الذي تريدُهُ أمريكا!
الأمَّـة ُ تـُريدُ الجهَادَ في سَبيل ِاللهِ!
وَهُمْ يُريدُونَ الاستسلامَ لأعدَاء ِاللهِ!
الأمَّـة ُ تـُريدُ العـِزَّة َ!
وَهُمْ يُـريـدُون أنْ يَبـقـَـوا أذلا َّءَ يَتجَـرَّعُــونَ كـأسَ الـذلِّ وَالهَوَان ِ, وَيُجَرِّعُونـَهَا لِلأمَّةِ!
إخوة لا إله إلا الله:
إنَّ هَؤلاء الحُكامَ لا يَستحقـُّونَ البـَقـَاءَ فِي الحُكم ِ لحْظة ً وَاحِدَة ً، لأنـَّهُم شَاقـُّوا اللهَ وَالرَّسُولَ، يَنطبقُ عَليهمْ قولُ اللهِ تعَالى { وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً }
( النساء 115)
إن هؤلاء الحكام أموات وليسوا كالأموَاتِ، بَـل هُمْ أموَاتٌ؛ لأنَّ الحَيَّ هُوَ حَيّ ٌ بإيمَانِهِ، وَالمَيـِّتُ هُوَ مَيـِّتٌ بكـُـفرهِ, مِصْداقا ً لِقولِهِ تعَالى: { أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} ( الأنعام 122 )
إنَّ هَؤلاء الحُكامَ لا إيمَانَ لـَهُمْ، وَلا يُحِسُّونَ بمَا يُحِسُّ بهِ المُؤمِنـُونَ، فـَهُمْ أموَات ٌ، وَيَجـِبُ التـَّعجيلُ وَالإسْرَاع ُ بـِدَفنِهمْ، وَتـَنصِيبِ خليفـَةٍ وَاحِدٍ للمُسلمينَ بَدَلا ً مِنهُمْ...!! خليفـَة ً يُطـَبـِّقُ عَـليهمْ شرْع َ اللهِ، يُجيِّشُ الجُيُوشَ، فيُحَرِّرَ البلادَ وَالعبادَ مِنْ رِبقـَةِ الكـَافـِر ِ المُستعمـِر ِ وينتقم للمسلمين في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان والشيشان، في كشمير وجاموا وموروا، في تايلند في الهند وفي كل مكان, ويحررهم من هيمنة وَسَيطرَةِ الكافر المستعمر الذي سيطر وهيمن عَلى مُقدَّرَاتِ وَخيرَاتِ المُسلمينَ، يَحمِي بَيضَة َ الإسلام ِ، وَيُنسي أعدَاءَ اللهِ وسوسة الشيطان، وَعَلى رَأسِهمْ الأمريكانُ وَالإنجليزُ وَاليَهُودُ وَأعوَانـُهُمْ .
اخوة الإيمان والإسلام :
إنـَّـنـَا لـَنـَعجَب أشـَدَّ العَجَبِ مِنْ أولئكَ الذينَ لا زَالـُوا يُوَالـُونَ الحُـكامَ وَيَمدَحُونـَهُمْ، وَيُمَجِّـدُونـَهُمْ عِلما ً بأنـَّهُمْ أكثـَرُ النـَّاس ِ اطـِّلاعا ًعَلى خيَانـَاتِهمْ، وَأكثرُهُمْ مَعرفـَة ً بفـَسَادِهِمْ وَإفسَادِهِمْ! وَلكنْ ــ كما يقال ــ : { إذا عُرفَ السَّبـَبُ بَطـَـلَ العَجَبُ } فالعَجَبُ يَتـَلاشَى وَيَزُولُ، حِينَ نـَعلـَمُ أنَّ وَلاءَ هَؤلاء ليسَ وَلاءً لِلحُكام، بَـلْ هُوَ وَلاءٌ لِلأموَال ِ والشهوات، وَالمَكاسِبِ التي يَحصُـلُ عَليهَا المُوَالـُونَ مِنَ الحُـكام ِ، عِـلما ً بـأنَّ الــوَلاءَ الحَـقيـــقيَّ الخـَالِصَ يَـنبغـِي أنْ يَكونَ للهِ تعَالى وَلِرَسُولِهِ وللمؤمنين: قالَ جَـلَّ وَعَلا: { وَمَن يَتَوَلَّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } ( المائدة 56 )
إخوتي المستمعون:
كمَا كانَ البـَدءُ، يَكـُونُ الخِتامُ. فقد بـَدَأنـَا بسُؤالين ِ كبيرين ِ مُهمَّين ِ، يَـتعلــَّـقان ِ بمَصير ِأمَّـتِنـَا الإسلاميَّةِ، وَقـد تمَّتِ الإجَابَة ُ عنهُمَا بمُنتهى الصَّرَاحَةِ وَالوُضُوح ِ، وَنختِمُ كذلكَ بسُؤالين ِ كبيرَين ِ هامَّينِ يَـتعلـَّـقان ِ بمَصيركـُمْ أنتـُمُ الذينَ سَمعتـُمْ مُحَاضَرَتـَنـَا هَذِهِ، وَإنـَّـكـُمْ أنتـُمُ الذينَ سَتجيبُونَ بالأفعَال ِلا بالأقوَال ِ، وَإليكـُمْ هَذين ِ السُّؤالين ِ:
يا أمة الإسلام ، يا أمة القرآن ، يا حراس العقيدة:
هَذِهِ هِيَ طريقُ النـَّجَاةِ لِمَنْ أرَادَهَا، وَهِيَ ذاتـُهَا السَّبيلُ التي سَلكهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه و سلم وَصَحَابـَتـَهُ الأبرَارَ الأطهَارَ، فنـَالـُوا رضوَانَ اللهِ تعَالى، وَمَنْ أرَادَ النـَّجَاة َ بغيرهَا، فإنـَّهُ يَنطبقُ عَليهِ قولُ الشـَّاعـِر ِ:
ترجُو النـَّجَاة َ، وَلمْ تـَسلـُـكْ مَسَالِكـَهَا
إنَّ السَّـفينـَة َ لا تجري عَلى اليَبَس ِ!
فمَا عَليكـُمْ إنْ أرَدتـُمُ النـَّجَاة َ إلا َّ أنْ تـَقطـَعُوا حـِبَالـَكـُمْ مَعَ هَؤلاء الحُـكام، وتتمسكوا وَتعتـَصِمُوا بحَبل ِاللهِ تعَالى القويِّ الذي لا تـَنفـَصِمُ عُرَاهُ، وَتعمَـلـُوا مَعَ العَامِلينَ المُخلِصينَ وَعَلى رَأسِهمْ وَفِي مُـقدِّمَتِهمْ شبَابُ حزْبِ التـَّحرير ِ, الذينَ يَعمَـلـُونَ جَادِّينَ لإعَادَةِ الخِلافـَةِ وَالحُـكم ِ بمَا أنزلَ اللهُ.{ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } ( الصافات 60 )
)خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ. ( المطففين 26 )
نسألُ اللهَ المَولى تبَارَكَ وَتعَالى النصر والاستخلاف والتمكين في الأرض، وأن يبدلنا من بعد خوفنا أمنا، وأن يرزقنا بيعة الخليفة المسلم الراشد الذي يحكم بما أنزل الله فيحمي الأمة عقيدةً وقيما، أعراضاً وخيرات، اللهم أنت الحق، ووعدك الحق، ونصرك حق، وإنجاز وعدك حق، من علينا بالنصر، إنتقم للمسلمين في غزة، إنتقم لأطفالنا، لنسائنا، لشيوخنا، إنتقنم لشبابنا، إنتقم للمجاهدين من أمتنا، يا الله أفرغ عليهم صبرا، وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين،اللهم اقذف الرعب في قلوب يهود، واطمس على أضوائهم، قلوبهم، أسماعهم، أبصارهم، حطم اللهم قواتهم جواً وبراً وبحراً، اللهم اجعلهم هم وأموالهم ونسائهم، وأطفالهم غنيمةً للمسلمين، اللهم آمين آمين آمين، والحمد لله رب العالمين.
وَالسَّلامُ عَـليكـُم وَرَحمَة ُاللهِ وَبَركاتـُهُ
خليل حرب (أبي إياس)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ أو فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ).
رواه مسلم
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ومن توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم جُعل في طابع فلم يُكسر إلى يوم القيامة )
رواه الطبراني في الأوسط ورواته رواة الصحيح واللفظ له
ورواه النسائي وقال في آخره: خُتم عليها بخاتم فوضعت تحت العرش فلم تكسر إلى يوم القيامة
عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ أَوْ مَوْضِعُ يَدِهِ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَلَوْ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ اطَّلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا وَلَنَصِيفُهَا عَلَى رَأْسِهَا خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا
جَاءَ فِي تُحْفَةِ الْأَحْوَذِيِّ بِشَرْحِ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ
قَوْلُهُ : ( لَغَدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ )
قَالَ الْحَافِظُ : الْغَدْوَةُ بِالْفَتْحِ : الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْغَدْوِ وَهُوَ الْخُرُوجُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى اِنْتِصَافِهِ , وَالرَّوْحَةُ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الرَّوَاحِ وَهُوَ الْخُرُوجُ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ مِنْ زَوَالِ الشَّمْسِ إِلَى غُرُوبِهَا
( خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )
قَالَ اِبْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ تَنْزِيلِ الْمَغِيبِ مَنْزِلَةَ الْمَحْسُوسِ تَحْقِيقًا لَهُ فِي النَّفْسِ لِكَوْنِ الدُّنْيَا مَحْسُوسَةً فِي النَّفْسِ مُسْتَعْظَمَةً فِي الطِّبَاعِ , فَلِذَلِكَ وَقَعَتْ الْمُفَاضَلَةُ بِهَا , وَإِلَّا فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي الدُّنْيَا لَا يُسَاوِي ذَرَّةً مِمَّا فِي الْجَنَّةِ , وَالثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الثَّوَابِ خَيْرٌ مِنْ الثَّوَابِ الَّذِي يَحْصُلُ لِمَنْ لَوْ حَصَلَتْ لَهُ الدُّنْيَا كُلُّهَا لَأَنْفَقَهَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَ الْحَافِظُ : وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ مَا رَوَاهُ اِبْنُ الْمُبَارَكِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ مِنْ مُرْسَلِ الْحَسَنِ قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشًا فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَتَأَخَّرَ لِيَشْهَدَ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقْت مَا فِي الْأَرْضِ مَا أَدْرَكْت فَضْلَ غَدْوَتِهِمْ " . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ تَسْهِيلُ أَمْرِ الدُّنْيَا وَتَعْظِيمُ أَمْرِ الْجِهَادِ وَأَنَّ مَنْ حَصَلَ لَهُ مِنْ الْجَنَّةِ قَدْرُ سَوْطٍ يَصِيرُ كَأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي الدُّنْيَا , فَكَيْفَ بِمَنْ حَصَّلَ مِنْهَا أَعْلَى الدَّرَجَاتِ , وَالنُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّ سَبَبَ التَّأْخِيرِ عَنْ الْجِهَادِ الْمَيْلُ إِلَى سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الدُّنْيَا . فَنُبِّهَ هَذَا الْمُتَأَخِّرُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ الْيَسِيرَ مِنْ الْجَنَّةِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ مَا فِي الدُّنْيَا
( وَلَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكُمْ )
أَيْ قَدْرُهُ , وَالْقَابُ بِالْقَافِ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ مَعْنَاهُ الْقَدْرُ , وَقِيلَ الْقَابُ مَا بَيْنَ مِقْبَضِ الْقَوْسِ وَسِيَتِهِ , وَقِيلَ مَا بَيْنَ الْوَتَرِ وَالْقَوْسِ , وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَوْسِ هُنَا الذِّرَاعُ الَّذِي يُقَاسُ بِهِ , وَكَأَنَّ الْمَعْنَى بَيَانُ فَضْلِ قَدْرِ الذِّرَاعِ مِنْ الْجَنَّةِ
( أَوْ مَوْضِعُ يَدِهِ )
شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي أَيْ مِقْدَارُ يَدِهِ
( خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )
أَيْ مِنْ إِنْفَاقِهَا فِيهَا لَوْ مَلَكَهَا , أَوْ نَفْسِهَا لَوْ مَلَكَهَا لِأَنَّهُ زَائِلٌ لَا مَحَالَةَ
( أَطَلَعَتْ إِلَى الْأَرْضِ )
أَيْ أَشْرَفَتْ عَلَيْهَا وَنَظَرَتْ إِلَيْهَا
( لَأَضَاءَتْ مَا بَيْنَهُمَا )
أَيْ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ , أَوْ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ , وَمَا بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِتَحَقُّقِ ذِكْرِهِمَا فِي
لْعِبَارَةِ صَرِيحًا قَالَهُ الْقَارِي
( وَلَمَلَأَتْ مَا بَيْنَهُمَا رِيحًا )
أَيْ طَيِّبَةً
( وَلَنَصِيفُهَا )
هُوَ الْخِمَارُ
( عَلَى رَأْسِهَا )
قَيَّدَ بِهِ تَحْقِيرًا لَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خِمَارِ الْبَدَنِ جَمِيعِهِ
(خَيْرٌ مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا )
أَيْ فَكَيْفَ الْجَنَّةُ نَفْسُهَا وَمَا بِهَا مِنْ نَعِيمِهَا .
الْجِهَادُ فَرْضٌ بِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ، قَالَ تَعَالَى { وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ } وَقَالَ تَعَالَى { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ } وَقَالَ تَعَالَى { قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }. وَقَالَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ ( أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتىَّ يَقُولُوا لاَ إِلَهَ إَلاَّ الله ُ) وَقَالَ ( الْجِهَادُ مَاضٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) وَقَالَ ( مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ نَفْسَهُ بِالْغَزْوِ مَاتَ عَلَى بَقِيَّةٍ مِنَ النِّفَاقِ ) ، وَقَالَ ( الْجِهَادُ وَاجِبٌ عَلَيْكُمْ مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ بِرّاً كَانَ أوْ فَاجِرا ً).
وَالْجِهَادُ فَرْضُ كِفَايَةٍ ابْتِدَاءً، وَفَرْضُ عَيْنٍ إِنْ هَجَمَ الْعَدُوُّ عَلَى مَنْ هَاجَمَهُمْ، وَفَرْضُ كِفَايَةٍ عَلَى غَيْرِهِمْ، وَلاَ يَسْقُطُ الْفَرْضُ حَتَّى يُطْرَدَ الْعَدُوُّ وَتُطَهَّرَ أَرْضُ الْإِسْلاَمِ مِنْ رِجْسِهِ. وَمَعْنَى كَوْنِ الْجِهَادِ فَرْضُ كِفَايَةٍ ابْتِدَاءً هُوَ أَنْ نَبْدَأَ بِقِتَالِ الْعَدُوِّ وَإِنْ لَمْ يَبْدَأْنَا، وَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْقِتَالِ ابْتِدَاءً أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي زَمَنٍ مَا أَثِمَ الْكُلُّ بِتَرْكِهِ.
فَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ هُوَ ذُرْوَةُ سَنَامِ الْإِسْلاَمِ. وَالْإِسْلاَمُ بَدَأ َبِالضَّيَاعِ يَوْمَ أَنْ رَكَنَ النَّاسُ إِلَى مَعَاشَاتِهِمْ وَتَرَكُوا الْجِهَادَ بَلْ وَتَخَلَّوْا عَنْهُ.
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، هو الواحد الذي لا ضد له وهو الصمد الذي لا منازع له، وهو الغني الذي لا حاجة له، وهو القوي الذي لا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء، وهو جبار السماوات والأرض، فلا رادّ لحكمه ولا معقِّب لقضائه وأمره، وأشهد أن سيدنا وعظيمنا وقائدنا وقدوتنا وقرة أعيننا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله ، اللهم فصل عليه وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
يقول المولى سبحانه وتعالى: ( بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [138-139] سورة النساء، وقال سبحانه في سورة فاطر:( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ) [الآية 10].
أيها الأحبة الكرام:
إن من الأخطار التي تحيق بنا أن نقع فيما يقع فيه المنافقون، بأن نجهل الأعمال التي توقع أبناء الأمة في زمرة المنافقين، ومنها أيها المسلمون أن يبتغ مبتغ العزة فيبحث عنها عند الكافرين، بإختلاف أنواعهم وألوانهم. والخطأ الكبير في ذلك يتعلق بالعقيدة، وبمطابقة ما يطلبه الناس من العزة للواقع، فنحن نؤمن إيماناً جازماً بأن العزة بيد الله سبحانه، يهبها لمن يشاء من عباده، والواقع يؤكد تأكيداً جازماً أن العزة لا يمتلكها البشر لعجزهم، وهم لا يملكون الموت والحياة، ولا يملكون الصحة والمرض، ولا يملكون الرزق، ولا يملكون السعادة والطمأنينه، بل الذي يملكها هو القوي العزيز سبحانه وتعالى، فهو الذي يعطي القوة ويعطي النصر والغلبة والسعادة.
عندما تم تنصيب باراك أوباما يوم الثلاثاء الماضي رئيساً لأمريكا، ظن بعض المسلمين أن في ذلك خير عندما سمعوا خطابه، فقال البعض: نسأل الله أن يهيئ لأوباما البطانة الصالحة، وقد كان الإستحسان حتى على مستوى حكام المسلمين، عندما أعرب أوباما عن نيته فتح صفحة جديدة مع العالم الإسلامي.
أيها الأحبة الكرام: إن الملاحظ أن أمريكا قد ظلمت المسلمين كثيراً، باحتلال أرضهم وبمعاونة المحتلين، فهم الآن يحتلون العراق وأفغانستان، ويعاونون يهود في احتلال فلسطين، وقد أرسلت لهم عند حربهم وقتلهم لأهل غزة شحنة ضخمة من الأسلحة، فظن البعض أنه ربما يرقُّ قلب أحد أبناء أمريكا للمسلمين فيخفف عنهم الأذى ونهب الثروات والتقتيل، وهذا وهمٌ، لأن الله عز وجل قد كشف لنا نفسيتهم في القرآن فقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ + هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الأنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) [آل عمران،118-119]، وقد تعودوا أن يعيشوا على دماء وأشلاء وثروات الشعوب والساسة الأمريكان عندما نصبوا الرئيس الحالي أوباما لأن صورتهم قد إهتزت في العالم حيث كانوا يخفون جرائمهم، ولكنها فضحت في السنين الأخيرة للعالم وكشفت، فحاولوا بأن ينصبوا أوباما وهم أهل العنصرية والظلم لكي يخفوا وجههم البشع القبيح فيكون لسان حالهم نحن طيبون فهذا رئيسنا أسود ومن أفريقيا أيضاً أيها الناس فهم يريدون أن يرجعوا صورة أمريكا قبل بوش.
وأمريكا قبل بوش كانت أيضاً عدوة للإسلام والمسلمين. ولعل الناس الذين خُدِعوا واحسنوا في الكافرين الرجاء، لم ينتبهوا لكلام أوباما؛ الممثل للمؤسسة السياسية والعسكرية والإقتصادية الأمريكية، فمن أقواله في خطابه عند تنصيبه: (إن أمتنا في حرب ضد شبكة واسعة من العنف والحقد، ... لن نعتذر عن طريقة عيشنا ولن نتوانى في الدفاع عنها للذين يسعون إلى تحقيق أهدافهم من خلال الإرهاب وقتل الأبرياء نقول لهم الآن: لا يمكنكم القضاء علينا وسنلحق بكم الهزيمة).
والمدقق أيها المسلمون في هذه الكلمات يجد أنها نفس الكلمات التي كان بوش يتلوها صباح مساء، فهم بدعوى الإرهاب إحتلوا ما اختاروا من بلاد المسلمين، ونصروا يهود، وهو يزعم أنهم أبرياء فالأمريكان يعتبرون أن ما فعله يهود بأهل غزة ليس إرهاباً بل الإرهاب من يحاول أن يهدد مصالحه في أي مكان، أما الذي حدث في أمريكا من ضرب برجي التجارة وقد إتضح للعالم أنه من تخطيط الأمريكان أنفسهم، وقد إتخذوه ذريعة ليقنعوا شعبهم لإحتلال أفغانستان، عندما أرادوا دخول العراق أيضاً أعدوا كذبةً جديدة بأنه في العراق أسلحة دمارٍ شامل، ففعلوا بالمسلمين ما فعلوا، وتركوا يهود بكل أسلحتهم يفعلوا كل قذر.
أستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجبا وبعد.
أيها المسلمون: هل بلغ بنا الهوان أن ننتظر الرأفة من الكافرين، من أمريكا أو يهود، فنكون في غزةٍ إن هم رأفوا بنا، أليس ذلك موقف الذلة والهوان وطلب العز من الظالم والكافر؟ وهذا قد حرمه علينا الإسلام، فإن العزة لا تكون إلا من عند الله وتكون بإسلامنا الذي نؤمن به، فهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: " إنَّا قوم أعزّنا الله بالإسلام وإن ابتغينا العزّة في غيره أذلّنا الله"، نعم فإن العزة لله جميعاً. والإسلام قد أمرنا أن ننتصر على الظالمين، لا أن نستجديهم ونركن إليهم، ونطلب منهم العون. فالحكم الشرعي المتعلق بمن يعتدي على بلاد المسلمين هو حكم واحد فقط لا غير؛ وهو جهادهم في سبيل الله على سبيل الفرض، والفرض تثاب عليه الأمة إن قامت به، وتؤثم وتحاسب عليه إن هي تركته، فلا يصح أن يترك الواجب وأن ننتظر ما يحكمون به علينا وننتظر أوامرهم وعطاياهم وكأننا متسولون على أبوابهم ونحن في منتهى الذلة، فالله عز وجل لم يخلقنا لنذل ونهان بل لنكون أعزةً بتطبيق أحكام شرعه.
أيها المسلمون: إن الواجب علينا هو طرد أمريكا من العالم الإسلامي، وطرد يهود الجبناء معهم بالجهاد في سبيل الله، فهذا هو العز الذي أمرنا الله به والله وعد من يطيعه بالعزة فقال: ( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [7، محمد].
ولتحقيق هذا النصر لابد أن نزيل كل العوائق التي تقف أمام طرد أمريكا وطرد يهود من العالم الإسلامي، كل العوائق التي تمنعنا من العزة، من طاعة ربنا سبحانه وتعالى، وذلك بإقامة الخلافة على منهاج النبوة وهي طريق العز قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به».
اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً.