لا إله إلا الله
- نشر في أخرى
- قيم الموضوع
- قراءة: 282 مرات
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
أيها المؤمنون:
لفت الله تعالى نظر الإنسان إلى السماوات والأرض، وإلى نفسه الإنسانية، ليتفكر فيها ويصل للإيمان بالله تعالى. قال تعالى:[وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون]. (الجاثية 13) وقال تعالى: [وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون]. (الذاريات20-21)
وما قول الأعرابي في جزيرة العرب عن الاستدلال بوجود الخالق سبحانه إلا بعد نظر وتفكير في ملكوت الله. سئل أعرابي عن وجود الله، وكيف نستدل عليه؟ فقال بتفكيره المستنير: البعرة تدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج, ألا تدل على الحكيم الخبير؟! فما أحسنه من استدلال! وما أعجبه من منطق وبيان!
ويكفي العقول أن تستدل على وجود الله بآثاره من نظام وإتقان وإحكام في هذا العالم. وتستدل على أنه واحد أحد لا شريك له. ولا يطلب من العقل أن يدرك ذات الله؛ لأن ذلك مما لا يقع تحت حس الإنسان. ومن مأثور كلام أهل العلم في ذلك قولهم: " كل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، وعجزك عن إدراك الإدراك إدراك، والبحث في كنه ذات الله إشراك ". ويقول الله تعالى: [ليس كمثله شيء وهو السميع البصير]. (الشورى 11)
ومن البدهيات عند الإنسان أن لكل موجود موجد، ولكل مصنوع صانع. فمثلا الكرسي الذي نجلس عليه مصنوع. من الذي صنعه؟ لا شك في أن النجار هو الذي صنعه. والكون وما فيه مصنوع، أي مخلوق. فمن الذي صنعه أو خلقه؟ لا شك في أن الله تعالى هو الذي خلقه. إذن لكل مخلوق خالق خلقه وهو الله تعالى. هذا برهان عقلي على وجود الله الخالق سبحانه وتعالى.
وإدراك العقل لوجود الله جاء نتيجة إدراكه للآثار المحسوسة الدالة على وجوده، وهذه الآثار هي الكون والإنسان والحياة، وهذه أشياء تقع تحت الحس، فيستطيع العقل البشري أن يدركها، لهذا كان إدراك وجود الله في حدود العقل. كمن يسمع صوت طائرة وهو جالس في البيت فيدرك من سماعه لصوتها أنها موجودة في السماء، ولكنه لا يدرك ذاتها؛ لأن جسم الطائرة لم يقع تحت لمسه وبصره. إذن لا يقال هنا: كيف آمن الإنسان بالله عقلا مع أن عقله عاجز عن إدراك ذات الله؟ والجواب: لأن الإيمان إنما هو إيمان بوجود الله، ووجوده مدرك من وجود مخلوقاته، وهي الكون والإنسان والحياة. وهذه المخلوقات داخلة في حدود ما يدركه العقل، فأدركها وأدرك من إدراكه إياها وجود خالق لها، وهو الله تعالى. ولذلك كان الإيمان بوجود الله عقليا وفي حدود العقل، بخلاف إدراك ذات الله فإنه مستحيل؛ لأن ذاته وراء الكون والإنسان والحياة أي وراء العقل. والعقل لا يمكن أن يدرك حقيقة ما وراءه لقصوره عن هذا الإدراك.
وكل ذي عقل سليم يستطيع أن يستدل على وجود الله بعقله إذا تفكر في الكون والإنسان والحياة. فهذا مثلا "قس بن ساعدة الإيادي" في الجزيرة العربية من كبار خطباء الجاهلية قبل الإسلام ومن قبيلة إياد. كان يركب ناقته، ويسير إلى سوق عكاظ فيخاطب الناس بكلمات يدعوهم فيها للتفكر والتأمل: "أيها الناس اسمعوا وعوا، وإذا وعيتم فانتفعوا, إنه من عاش مات، ومن مات فات، وكل ما هو آت آت. ليل داج، ونهار ساج، وسماء ذات أبراج، ونجوم تزهر، وبحار تزخر، وجبال مرساة، وأرض مدحاة، وأنهار مجراة، أفلا يدل ذلك على الله الواحد القدير؟!". ومعنى نجوم تزهر: أي تتلألأ. وبحار تزخر: أي ملآنة. وليل داج: أي مظلم. ونهار ساج: أي ذاهب وآت رويدا. ويقول: إن في السماء لخبرا، وإن في الأرض لعبرا. ما بال الناس يذهبون ولا يرجعون؟ أرضوا فأقاموا أم تركوا فناموا. يا معشر إياد، أين الآباء والأجداد؟ وأين الفراعنة الشداد؟ ألم يكونوا أكثر منكم مالا؟ وأطول آجالا؟ طحنهم الدهر بكلكله، ومزقهم بتطاوله, ومعنى بكلكله: أي بصدره. فتلك عظامهم بالية, وبيوتهم خاوية, عمرتها الذئاب العاوية, كلا بل هو الله الواحد المعبود, ليس له والد ولا مولود .ثم أنشأ يقول:
في الذاهبين الأولين مـــــــــن القــــــرون لنــــا بصائـــــر ورأيت قومي نحوها تمضي الأصاغر والأكابر
لا يرجـــــــــع الماضي إلي ولا مـــــن البــــــــاقين غابــــــر أيقنـــــــت أني لا محالــــــة حيث صـــــار القوم صائر
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تقي الدين النبهاني... الشيخ المؤسس
الشيخ عبد القديم زلوم: خير خلف لسلفه في قيادة الحزب
لفضيلة الشيخ يوسف مخارزة (أبو الهمام)
الثلاثاء، 20 ربيع الأول 1435هـ الموافق 21 كانون الثاني/يناير 2014م
أبى المجلس التأسيسي التونسي والذي غالبية أعضائه من "حزب النهضة" إلا أن يسن ويقر دستورا علمانيا، بل حرص على أن لا يحتوي على أية كلمة لها صلة بالإسلام. وقد جرى كل ذلك تحت المراقبة الأجنبية باعتراف بعض أعضاء هذا المجلس وتصريح الغنوشي نفسه إثر المصادقة على هذا الدستور حيث قال: "لمسنا إرادة بريطانية ـ أوروبية في تحقيق الوفاق والاستقرار".
مع العلم أن المجلس لم يكتب الدستور ابتداء وإنما نقح دستور سنة 1959 الذي وضعه الاستعمار الفرنسي.
لقد استعلى هذا المجلس على الله وعلى المسلمين في تونس وأجرم في حق نفسه وحق الله وحق الناس لأن من يخالف القانون الوضعي يتعرض للعقوبة، وهذا فيه إجبار للناس على ارتكاب الحرام، والأصل في الدولة معاقبة من يجهر بالحرام.
إنه لمن المنكر أن يحتفل العلمانيون بالدستور العلماني لأن أصل العلماني مسلم، ولكن ماذا عسانا أن نقول إذا احتفل به "حزب النهضة" الذي كان يسمى "الاتجاه الإسلامي" وكان يرفع شعار الإسلام؟! وماذا عسانا أن نقول حين يسجد الغنوشي في المجلس شكرا لله على المصادقة على هذا الدستور؟!
نقول هدانا الله وإياهم إلى الصراط المستقيم.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي
بدأت الأمة في عمومها بالرجوع إلى الإسلام بعد عقود من التيه والدوران في حلقة مفرغة وراء شعارات تظن أنها من الإسلام، وبدأت تتحسّس طريق النهضة.
وحتى تنهض بعد هذه الكبوة لا بد لها أن ترجع إلى وضعها الطبيعي يوم أن كانت متميزة عن باقي الأمم بنظام الحكم في الإسلام الذي بينه الرسول صلى الله عليه وسلم حين أقام الدولة في المدينة، دولةٌ أفرزت طرازا متميزا من العيش تجلّت فيه الإنسانية والرفعة والعفة وعلاقات متميزة مع الدول المجاورة لها. ولا يمكن لها ذلك إلاّ بعد خلع ثوب العلمانية وكل ما هو مأخوذ من غير الإسلام. فالوضع الذي تعيشه الأمة مليء بالمآسي والفقر والحروب وتسلُّط الغرب وهي تملك كلّ مقومات الدولة العظمى والأمة الراقية مِن مبدأ مصدره الوحي وعدد سكان جلّهم شباب وكفاءات علمية وثروات لا حصر لها.
والسؤال الذي يطرح نفسه، مَن مِن الأطراف المكوِّنة للمجتمع يستطيع تحرير الأمة وإحداث نهضة فيها؟ أهُم الأفراد أم الدولة أم الأمة ككلّ أم الأحزاب؟
وهنا التفصيل ليس مقامه ولكن بعجالة:
ـ الفرد لا يستطيع لأن تأثيره محدود وبذهابه يذهب كل شيء.
ـ الأمة كيان مجتمعي ينفعل بالأفكار وتقع عليه الأحداث.
ـ الدولة جهاز تنفيذي لقناعات الناس وقد تُنفذ ما لا يرغب فيه الناس إن كانت دولة متسلطة كما هو حال دولنا الآن.
فلم تبق إلا الأحزاب والتي هي فعلا تستطيع إحداث نهضة في الأمة. فالنهضة التي قام عليها الاتحاد السوفياتي أحدثها الحزب الشيوعي لمّا قامت الثورة على القياصرة. والنهضة التي قامت في أوروبا أحدثتها الأحزاب الليبرالية العلمانية لمّا قامت الثورة على النظام الملكي الفيودالي. والنهضة في جزيرة العرب أحدثتها كتلة الرسول صلى الله عليه وسلم وحزبُه لمّا قامت ثورة فكرية في المدينة وأصبح الرأي العام لصالح الإسلام واستمرّ الحكم على هذا الأساس في أمة الإسلام إلى سقوط الخلافة. وبالتالي فإن الأمة الآن حتى تنهض لا بد لها من قيادة حزبية وعلى أساس الإسلام. وإذا تعينت الأحزاب، فما هو الحزب الجدير بهذه المهمّة؟
الأحزاب العلمانية الموجودة الآن في بلاد المسلمين ما كان لها أن تُوجَد لأنها مناقضة لعقيدة الأمة وتحارب الإسلام. وهي ليست أحزاباً حقيقية لأنها قائمة على شعارات وأفكار فرعية غربية لا على فكر أساسي أو مبدأ، وهي بتكوين وتمويل السفارات الغربية. فلا يمكن أن تُحدث نهضة في الأمة. أما الحركات الإسلامية وإن رفعت شعارات إسلامية، فهي حركات دَعَويّة خيرية لا ترتقي إلى أحزاب ولم تتبنّ ثقافة إسلامية تجمع أفرادَها، ولم تفصّل هذا الشعار الإسلامي الذي رفعته ولم تطرح مشروع دولة، بل لم تكن تسعى إلى الحكم وإنما إلى التعايش مع الأنظمة ومحاولة إصلاحها. وخلطت أفكارا إسلامية بأخرى غربية. ولمّا قامت الثورات سمّت نفسها أحزابا، ومنها مَن لم يشارك في الثورة أصلا مثل الإخوان المسلمين في مصر. وعندما وقعت انتخابات، كان من الطبيعي أن ينتخبها الناس على أساس خلفيتها الإسلامية، وحين وصلت إلى الحكم رأينا في تونس ومصر كيف تنصّلت هذه "الأحزاب" من كل ما له علاقة بالإسلام ووضعت دساتير علمانية فيها تعدٍّ على حقوق الله وحقوق الناس وخزي في الدنيا وعذاب في الآخرة. وقد كانت الطريقة في أخذ الحكم خاطئة وكانت الحجج في عدم سنّ دستور مأخوذ من الإسلام أقبح من الذنب المرتكَب حيث كانت حجة "حزب النهضة" لمَّ الشمل والتوافق والابتعاد عما هو مختلَف فيه؛ مع أن كتابة الدستور العلماني أخذ ثلاث سنوات لكثرة الاختلافات ولم تكن كتابته من الأوّل بل هو تنقيح للدستور الذي وضعته فرنسا سنة 1959. وهذه "الأحزاب" لا تُسعِف أيضا الأمة في إحداث نهضة.
وبما أن النهضة هي إقامة الحكم على فكر أساسي أو مبدأ يحوي نظاما متكاملا، ومبدأ الأمة هو الإسلام، أصبحت المهمة ملقاة على الحزب السياسي القائم على الإسلام والإسلام فقط بكل التفاصيل وبكل الأدلة لإحداث هذه النهضة. وأصبحت الأمة مطالبة بالالتفاف حول هذا الحزب والاستجابة له. وقد وُجد هذا الحزب بفضل الله وحمده منذ منتصف القرن الماضي، حزب مبدئي لم يغيّر رغم الصعوبات والعراقيل، يقتدي بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم في التغيير، يكافح الأنظمة ويكشف مخططات الاستعمار ويتبنى مصالح الأمة. سيرة أفراده معروفة لدى الأمة، مطارَد من الأنظمة في العالم الإسلامي ومن الغرب إلا أنه ثابت لأن الغاية هي القيام بالفرض وغاية الغايات هي مرضاة الله، ولأن الرابط بين أفراده هي العقيدة الإسلامية وما تبنّى منها الحزب من ثقافة وليست مصالح أو أغراضاً دنيوية.
هذا الحزب هو حزب التحرير، وإلى حد الآن لم تستطع أية جهة ردّ طرحه الفكري لأنه الإسلام الصافي لا "المعتدل" ولا "الوسطي" ولا ما يشبه ذلك. وأقصى ما قامت به أبواق الأنظمة هو محاولة التشويه والافتراء، وما نالت هذه الأبواق إلا من نفسها وارتدّت عليها افتراءاتها.
والحمد لله أصبحت الأمة تعرف سياسة هذا الحزب وبرنامجه وشكل الدولة التي يعمل لها مع الأمة والتي هي فرض من الله، وتعرف كيفية إدارة المصالح فيها وكيفية التصرف في الثروات بعد استرجاع السيادة عليها. إلا أن هناك قسماً من الأمة لا يزال صامتا أو مترددا في وقوفه مع هذا الحزب خشية غضب الأنظمة وبطشها والتضييق عليه في الأرزاق.
لقد حان الوقت للشعوب الإسلامية التي أيقظتْها هذه الثورات أن تتبرّأ من "الأحزاب" العلمانية والإسلامية "المعتدلة" أو "الوسطية" والعلمانية بمرجعية إسلامية وتعطي قيادتها للحزب المبدئي القائم على الإسلام. والغرب يعرف جيدا أن نهضة المسلمين تكون على أساس الإسلام وبواسطة حزب سياسي، ولذلك حارب هو وأعوانه في بلاد المسلمين الإسلام السياسي وفكرة الدولة الإسلامية أو الخلافة والعاملين لها؛ وحارب فكرة الحزبية واعتبر مَن يسعى لإيصال الإسلام إلى الحكم متطرفاً يجب محاربته كما هو حاصل في سوريا الآن.
ووُجود هذا الحزب لم تكن رغبة جامحة، بل كان استجابة لأمر الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، ولم تكن طريقته ارتجالية تتبدل مع الأحوال والظروف، وإنما شرعية ثابتة اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم. نسأل الله الثبات على الحق ونسأله تبصرة الأمة وأن يفتح بينها وبين الحزب، وخاصة أهل النصرة منها، فتحا يفضي إلى نهضة تُرفَعُ فيها راية لا إله إلا الله محمد رسول الله، ليس فوق ربوع البلاد الإسلامية فحسب، وإنما على العالم كله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد بوعزيزي