الخميس، 23 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/19م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

خبر وتعليق التمسك بالسلطة بأي ثمن هو عنوان السياسة في الديمقراطية

  • نشر في التعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 931 مرات


الخبر:


في 25 من تشرين الثاني/نوفمبر 2013م، أعلن رئيس لجنة الانتخابات في بنغلادش عن الجدول الزمني للانتخابات البرلمانية العاشرة، وقال بأنّ يوم الاقتراع سيكون في 5 من كانون الثاني/يناير 2014م. وأعلنت المعارضة التي يقودها حزب الشعب البنغالي - مباشرة بعد هذا الإعلان - عن موجة من المظاهرات والعصيان المدني تستمر 47 ساعة، تم تمديدها إلى 71 ساعة في وقت لاحق.


حزب الشعب يريد أن تُعقد الانتخابات العامة المقبلة في ظل حكومة غير حزبية، ورئيسة الوزراء (الشيخة حسينة) شكّلت مجلسَ وزراء للانتخابات، يتضمن شركاء الائتلاف الحاكم، وحزب رابطة عوامي الحاكم يقول بأن ليس هناك ما يمنع عقد الانتخابات المقررة، بينما المعارضة تقول بأنها ستقاوم الانتخابات من جانب واحد، وبأي ثمن.

 

التعليق:


يقتل المسلمون المسلمين أو يحرقونهم بالنار هذه الأيام في بنغلادش في وضح النهار، حتى أضحى الأمر ظاهرة عادية، علاوة على قيام غير المسلمين بذلك للحصول على مكتسبات سياسية. لقد تحولت السياسة في بنغلادش إلى "قتل الناس، ثم إلقاء اللوم على الغير"، فأحزاب المعارضة تحاول الحصول على تعاطف الناس بالادّعاء بأنّ أنصار الحزب الحاكم والشرطة بملابس مدنية هم من ألقوا قنابل بدائية على المارة الأبرياء، بينما تُلقي الحكومة اللومَ على أنصار المعارضة في حرق الناس أحياء بالقنابل الحارقة.


لقد قاد حزب الشعب تحالفاً من 18 حزباً في سلسلة من الإضرابات العامة استمرت من 60 إلى 84 ساعة، في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والأسبوع الأول والثاني من شهر تشرين الثاني/نوفمبر. وبعد "نجاح" أول جولة تدمير للبلاد، أعلن تحالف الـ18 حزباً عن جولة تدمير ثانية تستمر 72 ساعة، وتبدأ في 30 من تشرين الثاني/نوفمبر، متجاهلين مقتل ما يقرب المائة شخص في الشهر الماضي وحده، نتيجة العنف الذي تخلل هذه البرامج السياسية.

 

وفي الوقت الذي يُقتل فيه الناس، وتخرب الممتلكات، يجري تسوية مستقبل بنغلادش في واشنطن. فقبل بضعة أسابيع زار ستيف شابوت (رئيس اللجنة الفرعية) بنغلادش، وفي 20 من تشرين الثاني/نوفمبر، عُقدت جلسة استماع بشأن المأزق السياسي في بنغلادش، جمعت اللجنة الفرعية لآسيا والمحيط الهادئ في الكونغرس الأمريكي. وقد قال شهود في جلسة الاستماع أن الائتلاف الحاكم هو المسؤول عن الأزمة السياسية بإلغائه حكومة تصريف أعمال الانتخابات من خلال تعديل الدستور. وبالنسبة لمناقشة مستقبل البلاد، فقد اتُفق على أن يتجه الحزب الحاكم للانتخابات دون مشاركة أحزاب المعارضة، وكان الحل المقترح من قبل اللجنة هو تأجيل الانتخابات لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، مع اختلاف على طريقة التأجيل. وفي اليوم نفسه، قالت نيويورك تايمز في افتتاحيتها: "... قد تواجه بنغلادش الضغوط، بما في ذلك فرض عقوبات عليها من المجتمع الدولي". ومن المثير للاهتمام، أنّ خالدة ضياء (رئيسة حزب الشعب) كتبت مقالاً في صحيفة واشنطن تايمز، في 30 من كانون الثاني/يناير 2013م، حثّت فيه الولايات المتحدة على المساعدة، حيث قالت: "لقد حان الوقت لأن يعمل العالم، بقيادة أمريكا، لضمان حفظ الديمقراطية في بنغلادش... وأقترح أن تُفرض عقوبات على سفر حسينة، والوفد المرافق لها".


إنّ كلاً من حزب الشعب البنغالي وحزب رابطة عوامي يصرّ على إثبات وقوف القوى الأجنبية في صفه. وقد حظيت جلسة الكونغرس الأمريكي، ومباحثات أوباما ومانموهان بشأن قرارات البرلمان الأوروبي فيما يتعلق بقضية الانتخابات البنغالية، بتغطية إعلامية مكثّفة، وأشغلت العديدَ من وسائل الإعلام الدولية. وعندما طفت مؤخراً خلافاتُ الولايات المتحدة والهند بشأن الانتخابات في بنغلادش على السطح، لم يتردد العديد ممن يسمون "ساسة" في الادّعاء بأنّ الولايات المتحدة ستحمي بنغلادش من أي عدوان هندي محتمل، وكأنهم يخيّرون الناس في السكين التي سيذبحون بها!


إنّ السياسة في بنغلادش الآن تدور حول زيارات "كبار الشخصيات الأجنبية"، فوزير الخارجية الهندي (سوجاتا سينغ)، والأمين المساعد للأمم المتحدة لشئون وسط آسيا (أوسكار فرنانديز تارانكو)، ووزير الخارجية البريطانية والكومنولث (سعيدة وارسي)، سيزورون بنغلادش بين 4 و12 من كانون الأول/ديسمبر، وتعتبر هذه الزيارات الجولة الأخيرة من "الوساطة" أو "التسوية التفاوضية" للنقل السلمي للسلطة. أما الرأي العام في بنغلادش فيتم توجيهه نحو الأمل في أن تَحُلَّ القوى الأجنبية الأزمةَ السياسية، فالناس يتوقعون أنّ مشكلة الانتخابات في بنغلادش ستُحل تلقائياً بمجرد أن تُحل الخلافات بين الولايات المتحدة والهند.


إنّ الديمقراطية الآن تحتضر على سرير الموت، ولكن سكرات موتها تجلب الهلاك والدمار للناس. ففي هذا النظام الديمقراطي، تُبرر عمليات القتل وتدمير الممتلكات بضرورتها للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها، وفي هذا النظام تحاول الأحزاب السياسية إقناعَ القوى الأجنبية بالتدخل في شئون البلاد باسم إنقاذ الديمقراطية.


إنّ الانتخابات التي تجري كل خمس سنوات تتيح للقوى الأجنبية التحكمَ بأداء الأحزاب السياسية وولائها لها، في الوقت الذي تسعى فيه الأمة للتحرر من براثن القوى الأجنبية وعملائها، ولدفن الديمقراطية من أجل إعادة الحكم بالإسلام، ونشر الخير. فالحكم بالإسلام هو وحده ما سيحل النزاعات بين المسلمين ويوحد صفوفهم، ويزيل هيمنة الأجنبي في جميع مجالات الحياة، ويضمن رعاية شئون الأمة.


﴿... فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [سورة الأنفال:1]

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمد حسن الريان
عضو في حزب التحرير / بنغلاديش

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق الإبراهيمي يتوعد أهل الشام إما الأسد وإما الصومال

  • نشر في التعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 882 مرات


الخبر:


"جنيف - فرانس برس: دعا موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، الأخضر الإبراهيمي، السوريين إلى "تسوية سريعة" للنزاع، "وإلا فإنه سيكون لدينا صومال كبير مع زعماء حرب وأمراء من كل الأنواع سيتقاسمون البلد".


وأعرب الإبراهيمي، في مقابلة مع شبكة التلفزيون السويسرية العامة، أمس الاثنين، عن تأييده لقيام جمهورية جديدة في سوريا، سيحدد السوريون "طبيعتها".


وقال الإبراهيمي: "برأيي المتواضع، هذا يجب أن يفضي إلى نظام جمهوري ديمقراطي جديد غير طائفي في سوريا، مما يفتح الباب أمام ما أسميه الجمهورية السورية الجديدة".


وتابع قائلاً: "سيعود لكل السوريين أن يقرروا ما هو هذا النظام الجديد الذي سيسود في بلادهم، وما هي طبيعة الجمهورية الجديدة التي ستبصر النور". " موقع قناة العربية على الإنترنت

 

التعليق:


الإبراهيمي البالغ من العمر ثمانين عاما قضاها أداة من أدوات الغرب الكافر يدافع عن نفوذه، ويؤدي له خدمات كبيرة، ومساهماته في لبنان 89 واليمن 94 وبعدها في أفغانستان ثم العراق، ثم ها هو في سوريا يدق نواقيس الخطر مرة بعد مرة، ويدفع بكل ما أوتي من قوة باتجاه الحل الأميركي للأزمة الذي لا يضمن بقاء نظام الأسد فقط بل ويحرص على منع قيام مشروع دولة الخلافة في سوريا.


فالإبراهيمي عندما يحذر من صومال كبير في سوريا لا يطلق هذا الكلام على سبيل التحليل واستشراف ما يمكن أن تؤول إليه الثورة في سوريا، وإنما يضع الغرب أمام حلين للثورة السورية فإما أن يحافظ الغرب على نظام الأسد العميل عبر جنيف2 أو غيرها، وإما أن يسعى لتحويل سوريا إلى دولة فاشلة يعجز فيها الثوار المخلصون عن إقامة دولة الخلافة الإسلامية.


ولهذا نقول للإبراهيمي ومن وراءه من قوى الغرب والشرق الكافر بأن الأمة الإسلامية قد دبت فيها روح النهضة وهبت عليها نسائم التغيير، فكيف لها بعد أن بدأت تستنشق هواء العزة وتبصره مقبلا من بعيد أن تتنكب الطريق وتعود أدراجها لتجرع الذل والجوع والخوف؟! ألا يبصر الإبراهيمي - أعماه الله - إقبال الثوار المخلصين على الموت في سبيل الله وحناجرهم تصدح هي لله هي لله، لا للمنصب ولا للجاه، أم أن الإبراهيمي لم يسمع دعوة الخلافة خرجت من كونها دعوة حزب لتصبح مطلب الأمة ومرتجاها؟!


فليصرح الإبراهيمي بما شاء وليمكر وأسياده من الكفار ما شاءوا ولينفقوا أموالهم ليصدوا عن قيام دولة الخلافة الإسلامية، فإن الله بالغ أمره.


﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ * لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾ الأنفال

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد الله المحمود

 

إقرأ المزيد...

خبر وتعليق أمريكا تقوم بالاستغلال أولا ثم التصفية

  • نشر في التعليق
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 969 مرات


الخبر:


هل تم اتخاذ قرار القضاء على غولان (جماعته) في مجلس الأمن القومي في عام 2004؟


في الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن القومي، في شهر آب/أغسطس 2004، تم إعلام الحكومة بقرار "إعداد خطة عمل ضد الجماعة" يوصى به، بعنوان" التدابير التي يتعين اتخاذها ضد أنشطة جماعة فتح الله غولان".


يقال في قرار مجلس الأمن القومي، أنه لمنع" نشاطات النوريين والنشاطات التابعة لمؤسسات جماعة فتح الله غولان"، "فإنه ينبغي القيام بتنظيمات قانونية تنزل عقوبات صارمة، كما ينبغي إعداد خطة عمل". يوجد تحت قرار مجلس الأمن القومي بتاريخ 25 أغسطس 2004 توقيع الرئيس التركي في الفترة تلك أحمد نجدت سيزر، ورئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، ورئيس الهيئة العامة لأركان حلمي أوزكوك، ووزير الخارجية عبد الله جول، بالإضافة إلى وجود تواقيع خمسة وزراء مختلفين. كما قام كل من إيتاش يالمان عضو مجلس الأمن القومي، وأوزدان أورنيك، وإبراهيم فيرتينا، وم. شانار أرويجور بالتوقيع على نفس الوثيقة.


http://www.taraf.com.tr/haber/gulen-i-bitirme-karari-2004-te-mgk-da-alindi.htm

 

التعليق:


في إرساء الديمقراطية في تركيا وفي الطريق إلى الانتقال إلى النفوذ الأمريكي قامت أمريكا باستغلال كلٍّ من جماعة غولان وحزب العدالة والتنمية وقامت بتصفية الموالين للإنجليز. والآن تقوم بالتصفية العميقة للجماعة بيد حزب العدالة والتنمية.


ومن المعروف أن هناك صراعًا قد اشتعل فتيله في الأسابيع الأخيرة في تركيا بين حزب العدالة والتنمية وبين جماعة غولان. وتم تصوير اشتعال الصراع للجمهور بأنه يعود لقرار رئيس الوزراء أردوغان بإغلاق مراكز التدريس التابعة للجماعة. في حين أفاد بعض المعلقين أن ذلك لم يكن السبب الرئيسي وراء هذا الصراع، بل السبب الحقيقي هو رفضها لمشاركتها في السلطة. فما هو السبب الرئيسي وراء الصراع الذي لا زال مستمرا بشكل واضح اليوم بينما لم يعش حزب العدالة والتنمية والجماعة أي صراع حتى الآن ولا بأي شأن، خلاف ذلك فهما تساندان بعضهما البعض؟ وما القصد من توقيع حزب العدالة والتنمية على القرار الذي تم اتخاذه في مجلس الأمن القومي حول القضاء على جماعة غولان ومنع نشاطاتها، ولكن مع عدم السعي لتنفيذه؟ بالإضافة إلى ذلك، فإن الأمر الأكثر أهمية هو: ما قصد حزب العدالة والتنمية من السعي اليوم لتنفيذ خطة القضاء على الجماعة؟


قبل القيام بجميع هذه الاستعراضات فإنه من الجيد أولا العودة إلى تاريخ تركيا السياسي بإيجاز: إن جمهورية تركيا هي دولة تم تأسيسها بدعم الإنجليز بعد هدم دولة الخلافة. وكان النفوذ السياسي الإنجليزي على مدى سنوات عديدة هو القوة المهيمنة في تركيا. ومع تمكن أمريكا من إحضار رجالها إلى الحكم في بعض الفترات أمثال (عدنان مندري، وتورغوت أوزال) إلا أن النظام حافظ على وجوده كنظام تهيمن عليه الذهنية الإنجليزية. إلى أن تمكن رجب طيب أردوغان من إظهار نفسه في السياسة كعمدة بلدية ثم خلال تلك الفترة تأسس حزب العدالة والتنمية وحتى ذلك الوقت لم تكن أمريكا قد بسطت نفوذها على السياسة في تركيا بشكل كامل. ولكن عقب تأسيس حزب العدالة والتنمية واستيلائه على السلطة وحده، بدأت أمريكا بترسيخ نفوذها السياسي في تركيا بطريقة مخططة.


ولما رأت أمريكا إمكانية التخلص سواء بانقلاب عسكري أو بخطط سياسية أخرى من الرجال الذين حملتهم إلى السلطة، فقد سعت هذه المرة ليس إلى الحصول على النفوذ من خلال رجل واحد بل ترسيخ نفوذها عبر تغيير وتحويل النظام وقد حققت مساعيها في ذلك حتى الآن. وبدأت بزيادة رجالها في السلطة بذريعة التحول إلى الديمقراطية والعمل لدخول تركيا الاتحاد الأوروبي، وقد أظهرت بكل وضوح عدم سماحها للتكتلات العميقة.


ففي البداية قام حزب العدالة والتنمية بتدمير بنية العصابات التي تستخدمها القوى العميقة ثم الزج بهم في السجون. لذلك فقد قام بالتخلص من تأثير هذه العصابات وزعمائها حتى لا يتعثر في طريقه بالحصى. ثم قام باتخاذ خطوات جديدة في إطار التكيف مع قوانين الاتحاد الأوروبي، مما ساعد على بدء المحادثات لأول مرة حول إدخال تركيا في الاتحاد الأوروبي. في جميع هذه العمليات كان حزب العدالة والتنمية وأردوغان بحاجة إلى دعم الموظفين المدربين والجمهور العام، فضلا عن الدعم الكبير من وسائل الإعلام. وقد قامت أمريكا بتوفير هذا الدعم كله بجماعة غولان، وضمنت بقاء حزب العدالة والتنمية في السلطة لسنوات عديدة.


خلال هذه العملية قامت بالكشف عن البنى العميقة الإنجليزية القومية في تركيا واحدة تلو الأخرى. وبينما كانت تقوم بذلك فقد تركت كلا من الشرطة والقضاء خلف دعم الجماعة. وكانت وسائل الإعلام وراء حزب العدالة والتنمية بطريقة لا تقبل الجدل بدعاية أمريكية مكثفة. ولكن بالطبع فإن الجماعة خلال هذه الفترة بدأت تصبح فعالة في كل من الحكم والأمن والقضاء. فلم تكن تركيا التي تعد نموذجا للشرق الأوسط تحرم من أي شيء، فبينما تعيش أمريكا وأوروبا في أزمة اقتصادية مرت تركيا من التأثر بتلك الأزمة. وبطبيعة الحال فقد استفادت الجماعة وبالحد الزائد من هذه الرفاهية الاقتصادية التي تم توفيرها لتركيا. مثل سائر القابضات والشركات المصلحية. مما أدى إلى نمو هذه الجماعة وتقدمها اقتصاديا وإنشائها بنيات داخل مؤسسات الدولة.


إن نمو الجماعة بهذا الشكل وإنشاءها الكثيف للبنيات الخاصة داخل مؤسسات الدولة يتعارض مع السياسة الأمريكية لتركيا. فأمريكا كانت تسعى إلى تأسيس نظام للتحكم بتركيا كيفما تشاء ولتحصل على نفوذ في تركيا لسنوات عديدة مهما حصل. فقامت بإعداد هذا النظام بالنموذج التركي وهي الآن تنضجه. ولكن الجماعة تتوجه إلى هيكلة تتعارض مع هذا النظام. فكيفما أن التحزبات العميقة من الموالين للإنجليز القوميين مثل الآرجنيكون كانوا يزعجون أمريكا ولا يقبلون وجود النفوذ الأمريكي، كذلك فإن أمريكا الآن لا تثق بالبنيات العميقة المعقدة للجماعة بالشكل نفسه.


ولهذا السبب، فإن الصراع المتواصل بين أردوغان وجماعة غولان ليس صراعًا على مراكز التدريس. وفي الوقت نفسه، فهو ليس صراعًا على تقاسم السلطة أيضا. لأن الجماعة ليس بإمكانها القيام بأي شيء بشأن الحكم دون حزب العدالة والتنمية وأردوغان. فهذا هو السبب الرئيسي للصراع ولتصفية الجماعة التي قد تحول دون ترسيخ أمريكا لنفوذها السياسي في تركيا بشكل كامل.


فإذا سُئِل عن أي هو الأهم بالنسبة لأمريكا، هل هو الجماعة، أم حزب العدالة والتنمية وأردوغان؟ فإن حزب العدالة والتنمية هو الأكثر أهمية بالنسبة لأمريكا في الوقت الحالي. حتى إنها لا يمكنها التخلي الآن عن حزب العدالة والتنمية. ولكن هذا لا يعني أنها لن تقوم بالتخلي عنهم غدا. فكيفما تتخلى الآن عن الجماعة فقد تتخلى غدا عن حزب العدالة والتنمية.


مع الأسف فإن هذا هو حال جماعات وزعماء المسلمين. فإن أمريكا تستغلهم أولا كيفما تشاء، ثم تقوم بتصفيتهم عندما تنفد صلاحيتهم.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
محمود كار

إقرأ المزيد...

نفائس الثمرات الأدب هو الدين كله

  • نشر في أخرى
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 454 مرات


قال ابن تيمية رحمه الله: والأدب هو الدين كله، فإن ستر العورة من الأدب، وغسل الجنابة من الأدب، والتطهر من الخبث من الأدب، حتى الوقوف بين يدي الله طاهراً، ولهذا كانوا يستحبون أن يتجمل الرجل في صلاته للوقوف بين يدي الله.




وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إقرأ المزيد...

مع الحديث الشريف من بدل دينه

  • نشر في من السّنة الشريفة
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 349 مرات


نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


روى أبو داوود في سننه قال:


حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ


أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام أَحْرَقَ نَاسًا ارْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَامِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: لَمْ أَكُنْ لِأُحْرِقَهُمْ بِالنَّارِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا تُعَذِّبُوا بِعَذَابِ اللَّهِ" وَكُنْتُ قَاتِلَهُمْ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ" فَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ وَيْحَ ابْنِ عَبَّاسٍ


قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:


(أَنَّ عَلِيًّا): هُوَ اِبْن أَبِي طَالِب


(أَحْرَقَ نَاسًا اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام): وَعِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ مِنْ حَدِيث عِكْرِمَة أَنَّ عَلِيًّا أَتَى بِقَوْمٍ قَدْ اِرْتَدُّوا عَنْ الْإِسْلَام أَوْ قَالَ بِزَنَادِقَةٍ وَمَعَهُمْ كُتُب لَهُمْ فَأَمَرَ بِنَارٍ فَأُنْضِجَتْ وَرَمَاهُمْ فِيهَا


(فَبَلَغَ ذَلِكَ): أَيْ الْإِحْرَاق اِبْن عَبَّاس وَكَانَ حِينَئِذٍ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَة مِنْ قِبَل عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ. قَالَهُ الْحَافِظ


(قَاتِلهمْ): أَيْ الْمُرْتَدِّينَ عَنْ الْإِسْلَام. (فَبَلَغَ ذَلِكَ): أَيْ قَوْل اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ


(فَقَالَ): أَيْ عَلِيٌّ. (وَيْح اِبْن عَبَّاسي): وَهُوَ مُحْتَمِل أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِمَا اِعْتَرَضَ بِهِ وَرَأَى أَنَّ النَّهْي لِلتَّنْزِيهِ، وَهَذَا بِنَاء عَلَى تَفْسِير وَيْح بِأَنَّهَا كَلِمَة رَحْمَة فَتَوَجَّعَ لَهُ لِكَوْنِهِ حَمَلَ النَّهْي عَلَى ظَاهِره فَاعْتَقَدَ التَّحْرِيم مُطْلَقًا فَأَنْكَرَ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون قَالَهَا رِضًا بِمَا قَالَ، وَأَنَّهُ حَفِظَ مَا نَسِيَهُ بِنَاء عَلَى أَحَد مَا قِيلَ فِي تَفْسِير وَيْح إِنَّهَا تُقَال بِمَعْنَى الْمَدْح وَالتَّعَجُّب كَمَا حَكَاهُ فِي النِّهَايَة، وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْل الْخَلِيل هِيَ فِي مَوْضِع رَأْفَة وَاسْتِمْلَاح كَقَوْلِك لِلصَّبِيِّ وَيْحه مَا أَحْسَنَهُ اِنْتَهَى..


وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَفْظه لَفْظ الدُّعَاء عَلَيْهِ، وَمَعْنَاهُ الْمَدْح لَهُ وَالْإِعْجَاب بِقَوْلِهِ، وَهَذَا كَقَوْلِ رَسُول اللَّه فِي أَبِي بَصِير: "وَيْل أُمّه مِسْعَر حَرْب" اِنْتَهَى.


وَالْحَدِيث اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى قَتْل الْمُرْتَدَّة كَالْمُرْتَدِّ، وَخَصَّهُ الْحَنَفِيَّة بِالذَّكَرِ وَتَمَسَّكُوا بِحَدِيثِ النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء، وَحَمَلَ الْجُمْهُور النَّهْي عَلَى الْكَافِرَة الْأَصْلِيَّة إِذَا لَمْ تُبَاشِر الْقِتَال وَلَا الْقَتْل لِقَوْلِهِ فِي بَعْض طُرُق حَدِيث النَّهْي عَنْ قَتْل النِّسَاء لَمَّا رَأَى الْمَرْأَة مَقْتُولَة مَا كَانَتْ هَذِهِ لِتُقَاتِلَ ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْل النِّسَاء وَقَدْ وَقَعَ فِي حَدِيث مُعَاذ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرْسَلَهُ إِلَى الْيَمَن قَالَ لَهُ " أَيّمَا رَجُل اِرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَام فَادْعُهُ فَإِنْ عَادَ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقه، وَأَيّمَا اِمْرَأَة اِرْتَدَّتْ عَنْ الْإِسْلَام فَادْعُهَا فَإِنْ عَادَتْ وَإِلَّا فَاضْرِبْ عُنُقهَا" وَسَنَده حَسَن، وَهُوَ نَصّ فِي مَوْضِع النِّزَاع فَيَجِب الْمَصِير إِلَيْهِ كَذَا فِي فَتْح الْبَارِي.

 

حرص الإسلام أن يكون الدافع لاعتناق عقيدته هو صحتها وليس أي مصلحة دنيوية أخرى .... فلا الخوف من سطوة الدولة، ولا الطمع في ما عندها من حسن الرعاية، ولا المكر وسوء النية المبيتة اتجاه الإسلام ودولته وأهله.... بل التصديق الجازم المطابق للواقع بأن وراء هذا الكون والإنسان والحياة خالق خلقها من العدم، وأنه أرسل الرسل لهداية الإنسان للطريقة الصحيحة في إعمار الكون والسير في هذه الحياة، وأن محمداً هو خاتم الأنبياء والمرسلين أرسل بدين الإسلام إلى الناس كافة، ليخرجهم من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، فلا يقبل الله بعد إرسال محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الإسلام من أحد ديناً إلا الإسلام، فالإسلام جاء ناسخا لكل دين، وهو يريد ممن يدخل فيه أن يؤمن بعقيدته إيمانا عقلياً تطمئن به نفسه .... يقول تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}، وليضمن الإسلام أن لا يدخله إلا من يؤمن به حقاً، وليحذر من تسول له نفسه التسلل إلى الإسلام بِنِيَّة سوء مُبَيَّتَةٍ، فقد رتب عقوبة رادعة لمن يدخل في الإسلام ثم يرتد عنه مهما كان سبب ارتداده .... تلك العقوبة كما جاء في حديثنا لهذا اليوم: هي القتل


والإرتداد عن الإسلام يكون على حالتين:


أن يكون المرتد فرداً ... وهذا يستتاب فإن تاب ورجع إلى الإسلام سُكِتَ عنه أما إن لم يرجع بعد الإستتابة فَيُحكمُ عليه بالقتل، ويُنَفِّذُ فيه حكم القتل دائرة الأمن الداخلي بواسطة الشرطة


أن يكون المرتدون جماعة، وهؤلاء يجب مكاتبتهم والطلب منهم أن يرجعوا إلى الإسلام، فإن تابوا ورجعوا والتزموا بأحكام الشرع سُكِتَ عنهم، أما إن أصرُّوا على الردة فإن على دائرة الأمن الداخلي أن تتولى أمرهم ...


فإن كانوا جماعة قليلة يمكن للشرطة أن تتولى مقاتلتهم .


أما إن كانوا جماعة كبيرة ولا تقدر عليهم الشرطة فعليها أن تطلب من الخليفة أن يزودها بقوات عسكرية، فإن لم تكف القوات العسكرية، طلبت من الخليفة أن يأمر الجيش بمساعدتها حتى يتم القضاء عليهم .


هذا هو حكم الشرع في حق من يرتد عن الإسلام ... سواء أكان ارتداده إلى دين سماوي غير الإسلام كالنصرانية واليهودية أم كان ارتداد إلى دين غير سماوي كالعلمانية والاشتراكية والليبرالية وغيرها من المعتقدات الضالة المضلة ... فإنه لا يجوز أن يترك هؤلاء يعيثون فساداً في البلاد وبين العباد .... بل يناقشوا وتقام عليهم الحجة ثم يستتابوا وإلا فالقتل هو حكم الشرع في حقهم .... وليس كما يدعي المهزومون من أبناء الأمة ... الذين يقولون بأن الإسلام قد ضمن للفرد حرية العقيدة وحرية الرأي فله أن يتنقل بين الأديان كما يشاء وأن ينشر آراءه بين المسلمين مهما كانت حتى لو كانت أراء معادية للإسلام قادحة بأحكامه ومقدساته ...

 

فإن هذه المصطلحات ما وصلت إلينا إلا من الدول الاستعمارية الكافرة بعد أن هدمت دولة الإسلام وأزاحت أحكامه عن حياة الناس ... وراحت تهاجم الإسلام وتنتقد أحكامه .... ثم طالبت المسلمين أن يتقبلوا هذه الانتقادات، ويتسامحوا مع أصحابها، بحجة حرية الرأي وحرية العقيدة، والحرية الشخصية، والأدهى أنه قام بعض أبناء الأمة ممن تغذت عقولهم على ثقافة الغرب، فقالوا بحرية العقيدة مستشهدين بآية: {لا إكراه في الدين ...} مع أن الآية لا تتحدث عمن دخل في الإسلام ثم أراد المروق منه .... بل موضوعها الكفار ممن تفتح بلادهم ويدعون إلى الإسلام ... فلا يجوز أن نكرههم على دخول الإسلام بل يدعون بالحكمة والموعظة الحسنة ... ويجادلون بالتي هي أحسن ... ثم يتركون ليختاروا الدخول في الإسلام أو البقاء على دينهم ... فدخول الإسلام لا يكون إلا بإرادة حرة لأن عقيدة الإسلام هي عقيدة عقلية مبنية على العقل ... وهي موافقة للفطرة ومقنعة للعقل ولا يتوه عنها لبيب أو حكيم ... ثم إنه يترتب عليها مسؤوليات عظام، من طاعة لله ورسوله وأولي الأمر من المسلمين، وانضباط بأحكام الشرع الحنيف. وإخلاص في خدمة الأمة وحماية الدين، وهذه لا يطيقها إلا المؤمن، الذي يرى الحياة الدنيا داراً للكدح ، وأما الآخرة ففيها النعيم المقيم في جنات النعيم .


أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إقرأ المزيد...

نداءات القرآن الكريم ح38 النهي عن وراثة المرأة وأخذ مالها ج1

  • نشر في من القرآن الكريم
  • قيم الموضوع
    (0 أصوات)
  • قراءة: 1162 مرات


(يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن تر‌ثوا النساء كر‌ها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشر‌وهن بالمعر‌وف فإن كر‌هتموهن فعسى أن تكر‌هوا شيئا ويجعل الله فيه خير‌ا كثير‌ا). (النساء 19)


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء التاسع عشر نتناول فيه الآية الكريمة التاسعة عشرة من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن تر‌ثوا النساء كر‌ها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشر‌وهن بالمعر‌وف فإن كر‌هتموهن فعسى أن تكر‌هوا شيئا ويجعل الله فيه خير‌ا كثير‌ا). نقول وبالله التوفيق:


يقول صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: "كان بعضهم في الجاهلية العربية - قبل أن ينتشل الإسلام العرب من هذه الوهدة, ويرفعهم إلى مستواه الكريم -إذا مات الرجل منهم فأولياؤه أحق بامرأته، يرثونها كما يرثون البهائم والمتروكات! إن شاء بعضهم تزوجها، وإن شاءوا زوجوها وأخذوا مهرها - كما يبيعون البهائم والمتروكات! - وإن شاءوا عضلوها أي منعوها من الزواج وأمسكوها في البيت دون تزويج، حتى تفتدي نفسها بشيء .. وكان بعضهم إذا توفي عن المرأة زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبه، فمنعها من الناس، وحازها كما يحوز السلب والغنيمة! فإن كانت جميلة تزوجها, وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها، أو تفتدي نفسها منه بمال! فأما إذا فاتته فانطلقت إلى بيت أهلها قبل أن يدركها فيلقي عليها ثوبه، فقد نجت وتحررت وحمت نفسها منه!


أيها المؤمنون:


وكان بعضهم يطلق المرأة، ويشترط عليها ألا تنكح إلا من أراد حتى تفتدي نفسها منه، بما كان أعطاها، كله أو بعضه! وكان بعضهم إذا مات الرجل حبسوا امرأته على الصبي فيهم حتى يكبر فيأخذها! وكان الرجل تكون اليتيمة في حجره يلي أمرها، فيحبسها عن الزواج، حتى يكبر ابنه الصغير ليتزوجها، ويأخذ مالها! وهكذا مما لا يتفق مع النظرة الكريمة التي ينظر بها الإسلام لشقي النفس الواحدة ومما يهبط بإنسانية المرأة وإنسانية الرجل على السواء، ويحيل العلاقة بين الجنسين علاقة تجار، أو علاقة بهائم!.. ومن هذا الدرك الهابط رفع الإسلام تلك العلاقة إلى ذلك المستوى العالي الكريم، اللائق بكرامة بني آدم، الذين كرمهم الله وفضلهم على كثير من العالمين، فمن فكرة الإسلام عن الإنسان، ومن نظرة الإسلام إلى الحياة الإنسانية، كان ذلك الارتفاع، الذي لم تعرفه البشرية إلا من هذا المصدر الكريم.


أيها المؤمنون:


حرم الإسلام وراثة المرأة كما تورث السلعة والبهيمة، كما حرم العضل الذي تسامه المرأة، ويتخذ أداة للإضرار بها - إلا في حالة الإتيان بالفاحشة، وذلك قبل أن يتقرر حد الزنا المعروف- وجعل للمرأة حريتها في اختيار من تعاشره ابتداء أو استئنافا. بكرا أم ثيبا مطلقة أو متوفى عنها زوجها، وجعل العشرة بالمعروف فريضة على الرجال- حتى في حالة كراهية الزوج لزوجته ما لم تصبح العشرة متعذرة - ونسم في هذه الحالة نسمة الرجاء في غيب الله وفي علم الله، كي لا يطاوع المرء انفعاله الأول، فيبت - أي يقطع- وشيجة الزوجية العزيزة, فما يدريه أن هنالك خيرا فيما يكره هو لا يدريه. خيرا مخبوءا كامنا، لعله إن كظم انفعاله واستبقى زوجه سيلاقيه: (يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف. فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) وهذه اللمسة الأخيرة في الآية، تعلق النفس بالله، وتهدئ من فورة الغضب، وتفثأ - أي تكسر- من حدة الكره، حتى يعاود الإنسان نفسه في هدوء, وحتى لا تكون العلاقة الزوجية ريشة في مهب الرياح, فهي مربوطة العرى بالعروة الوثقى, العروة الدائمة، العروة التي تربط بين قلب المؤمن وربه، وهي أوثق العرى وأبقاها.

 

والإسلام الذي ينظر إلى البيت بوصفه سكنا وأمنا وسلاما، وينظر إلى العلاقة بين الزوجين بوصفها مودة ورحمة وأنسا، ويقيم هذه الآصرة على الاختيار المطلق، كي تقوم على التجاوب والتعاطف والتحاب، هو الإسلام ذاته الذي يقول للأزواج: (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) كي يستأني بعقدة الزوجية فلا تفصم لأول خاطر؛ وكي يستمسك بعقدة الزوجية فلا تنفك لأول نزوة؛ وكي يحفظ لهذه المؤسسة الإنسانية الكبرى جديتها فلا يجعلها عرضة لنزوة العاطفة المتقلبة، وحماقة الميل الطائر هنا وهناك .. وما أعظم قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجه "لأنه لا يحبها" .. "ويحك! ألم تبن البيوت إلا على الحب؟ فأين الرعاية وأين التذمم؟" (لم ينته الاقتباس).


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يجعل القرآن ‏العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء أحزاننا همومنا وغمومنا، اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا ‏وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا واجعله حجة لنا لا علينا اللهم آمين آمين يا رب العالمين.

 

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي

إقرأ المزيد...
الاشتراك في هذه خدمة RSS

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع