مع الحديث الشريف - التأمين
- نشر في من السّنة الشريفة
- قيم الموضوع
- قراءة: 724 مرات
العناوين:
التفاصيل:
تتسابق وسائل الإعلام العراقية والعربية المأجورة في الحديث عن مواعيد انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من العراق والادعاء بأن الدولة العراقية بعد الانسحاب ستكون دولة مستقلة كسائر الدول الأخرى وأن قرارها السيادي سيكون بيد حكومتها وأن النفوذ الأمريكي سيرتفع نهائياً مع انسحاب الجيش الأمريكي من العراق.
إلا أن ما يُفنِّد هذا الزعم حقيقة أن الوجود العسكري الأمريكي يُخطط له بأن يكون دائمياً بغض النظر عن قرار الانسحاب، وقد شرحت مجلة تايم الأمريكية وجهة النظر الأمريكية بهذا الخصوص فقالت: "يبدو أن رغبة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش في تواجد عسكري أمريكي طويل المدى في العراق قد تحقق أسوة بالتواجد العسكري الأمريكي في كوريا الجنوبية حيث يتمركز قرابة ثلاثين ألفاً من القوات الأمريكية".
وأوضحت المجلة أن عدد القواعد الأمريكية العسكرية المنتشرة في العراق هي أربع وتسعون قاعدة عسكرية.
هذا هو التصور الأمريكي للوجود العسكري في العراق بعد الانسحاب فهل مع هذا التصور يبقى للعراق أي معنى من معاني السيادة؟!.
------
بعد أن تم ترسيم معظم الحدود الفاصلة بين جنوب وشمال السودان، وبعد أن أُقيمت حكومة مستقلة وبرلمان مستقل للجنوب، وبعد أن تحولت الميليشيات الجنوبية المتمردة إلى جيش رسمي مستقل عن الجيش السوداني ومدعوم بأحدث الأسلحة بعد أن تم تحقيق ذلك كله جاء دور النشيد الوطني الموسيقي لدولة الجنوب التي ستخرج إلى النور كما هو مقرر بعد إجراء الاستفتاء المشؤوم في شهر كانون ثاني (يناير) المقبل من العام 2011م وهو الاستفتاء المدعوم من أمريكا وبريطانيا وما يُسمى بالمجتمع الدولي.
وقال عضو لجنة ((من أجل نشيد وطني لجنوب السودان)) ملك ايفن أجك: "طلبنا إلى الموسيقيين في جنوب السودان والكتاب والفنانين مساعدتنا على نظم كلمات وألحان نشيد وطني لجنوب السودان".
فالانفصال إذاً جاهز ولم يبق إلا الإعلان عنه بعد إجراء الاستفتاء المعروفة نتيجته سلفاً، ولكي يكون الإعلان (قانونياً ودستورياً) يلزمه نشيد وطني وذلك جرياً على عادة الدول المستولدة من رحم دول أخرى فهي لا تستكمل إجراءات الاستقلال إلا بالنشيد الوطني!!.
-------
لم يجد جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو ما يطلقون عليها بالشرطة الدينية غير الشركات البريطانية للاستفادة من خبراتها.
فقد تحدث مدير مشروع الخطة الإستراتيجية المكلفة بتطوير الهيئة الدكتور عمر السويلم للجزيرة نت بأنه: "تم الاستعانة بالشركة البريطانية لإبداء خبراتها عبر إعطاء نماذج من الشُرط في العالم، القريبة في عملها ولو بشكل تقريبي من جهاز هيئة الأمر للاستفادة من تلك التجارب"، وبرَّر الاستعانة بالشركة بقوله: "بأن الشركة البريطانية هي جهة استشارية تُعنى بالتخطيط الإستراتيجي وتعمل في أكثر من 150 دولة".
وكأن أعمال الحسبة في الإسلام تحتاج إلى الكفار لشرحها للمسلمين القائمين على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن هذا التوجه السياسي الجديد في السعودية نحو الغرب الكافر حتى في الشؤون الشرعية المعروفة هو سياسة مكشوفة ومنهجية من قبل الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أخذ على عاتقه مسؤوليات التسريع في تدمير آخر الملامح الشرعية في الدولة السعودية.
-------
مصر بلد النيل والأراضي الخصبة تتحول إلى أكبر بلد مستورد للقمح في العالم، وبدلاً من أن تركز الدولة المصرية في السياسة الزراعية على إنتاج القمح الذي يُعتبر أهم سلعة غذائية بالنسبة للمصريين نجدها تزرع محاصيل أخرى أقل أهمية.
وقد كشف نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للسلع التموينية نعماني نعماني عن تعاقد مصر مع فرنسا على شراء 240 ألف طن من القمح للشحن في أيلول (سبتمبر) المقبل على أربع شحنات كل واحدة منها بحجم 60 ألف طن بأسعار تراوحت ما بين 279.69 دولار وَ 283.69 دولار للطن الواحد.
إن مصر الآن تستورد ما يقارب الستة ملايين طن سنوياً من القمح الأمريكي والفرنسي والروسي والألماني والكندي والكازاخستاني وهي بذلك تعتبر أكبر دولة في العالم في استيراد القمح، وقد كانت مصر قبل انفصالها عن الدولة العثمانية المصدر الأول للقمح في المنطقة، وكانت لا تكتفي ذاتياً في إنتاج القمح وحسب بل كانت تُصدر القمح الذي يفيض عن حاجتها إلى العالم.
وهذا وحده دليل كاف على قدرة مصر على إنتاج القمح والاستغناء عن الاستيراد من الدول الأجنبية المستعمرة التي تستخدم القمح كوسيلة ضغط سياسية ضد مصر لحمل النظام المصري على الخنوع والاستسلام لها.
فالمشكلة في مصر إذاً ليست زراعية ولا تتعلق بالمياه والأراضي الصالحة للزراعة بل المشكلة سياسية تتعلق بالنظام المصري الحاكم الذي يسترشد بتعاليم أمريكا وبوصفات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.
إن مصر بحاجة إلى ثورة زراعية شاملة تُحررها من قيود المستعمرين فتُغير أساليب العمل الزراعي فيها بصورة جذرية بحيث يتم التركيز فيها أولاً على زراعة السلع الإستراتيجية التي تفي بضرورات الأمن الغذائي المصري والإسلامي.
ولكن هذه الثورة الزراعية يجب أن يسبقها ثورة سياسية تطيح بالنظام المصري الحالي المتعفن وتأتي بنظام سياسي جديد يرتضيه الله ورسوله والمؤمنون فيعيد لمصر هيبتها وكرامتها وثرواتها وقمحها ويضع الأمور في نصابها الصحيح لتفيض مصر مجدداً بالخير العميم الذي لا يقتصر على أهلها وإنما يصيب سائر الشعوب المفتقرة إليه.
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنْ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}(البقرة).وقال صلى الله عليه وآله وسلم: « رمضانُ شهرُ الهُدى والتوبة والمغفرة» (رواه ابن ماجه).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتْ الشَّيَاطِينُ» (رواه البخاري).
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ووقفتُنا لهذا اليوم مع آيةٍ كريمةٍ من كتابِ الله تعالى تقشعّرُ من هولِها الأبدان ويشيبُ منها الولدان وتدفعُنا لتعظيم الزاد ليومِ الميعاد ،، ﴿ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ(36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ(37)﴾ صدق الله العظيم .
ففي هذهِ الآيةِ الكريمة يصفُ لنا اللهُ تعالى ذلك المشهدَ المهَيب مشهدُ الفرارِ وأيُّ فرار ؟؟ فرارٌ من حبات القلوب وفلذاتِ الأكباد ،، يفرُّ المرءُ أولاً من الأبعدِ إلى الأقربِ إلى قلبه يفرّ أولاً من أخيهِ ثم من أمهِ وأبيه ثم من صاحبتهِ وبنيه الذين هم أقربُ الناسِ إلى قلبه ، ولكن الموقفَ أعظمَ من هذه المشاعرِ السامية ،، وكلٌ مشغولٌ بحسناتهِ وسيئاتهِ وإلى أين سيؤولُ بحالِه ، أتراهُ إلى جنةٍ عرضُها السماواتِ والأرض ؟؟ أم إلى جهنم وبئسَ المصير !!
وإذا نظرنا في سياقِ الآياتِ الأولى نجدُ أن الحديثَ عن موقفٍ مُرعبٍ مُخيف، هو لحظةُ سماع الصّاخّة ، "والصّاخّة: صيحة شديدة من صيحات الإنسان تصخّ الأسماع، أي تصمُها.. فالصّاخّة صارت في القرآن علما بالغلبة على حادثة يوم القيامة وانتهاء هذا العالم، وتحصل صيحات منها أصوات تزلزل الأرض ، واصطدامُ بعض الكواكب بالأرضِ مثلا، ونفخة الصور التي يُبعثُ عندها النّاس".
وعندما يسمعُ الإنسان الصّاخّة تأخذهُ حالةٌ طبيعيةٌ من الفزعِ والهلع، وكلّما ازداد إدراكه لعظم الموقف وعظم الخطب ازداد هلعه، ومال إلى الحفاظ على نفسه قبل غيره. ومن هنا، نرى هذه الحالة من التدرج في الفرارِ من الأقرباء بعد سماع الصيحة المرعبة، إذ إنّ الإنسان عند سماعها تنتابه حالة فزعٍ ورعبٍ فيتصرفُ بسلوكٍ فطري، فيفرّ من أبعد الأقرباء إليه وهو الأخ، إلا أنّه يزداد وعيه على خطورة الموقف والمشهد فيفرّ من أمّه وأبيه، ثمّ يبلغ به الإدراك أعلى الدرجات، ويعي على أنّ هذا الموقف يقتضي منه النظر في حاله ونفسه أي يقتضي منه الأنانية، فيفرّ بعدها من أقرب الأقرباء إليه أي من زوجته وبنيه ، ففي حالة الرعب والفزع، يسهل على الإنسان الفرار من أخيه، ويصعب عليه الفرار من أمه وأبيه، ويصعبُ عليه أكثر الفرار من صاحبته وبنيه؛ لأنّه هو القوّام عليهم والراعي لهم ،، فسبحان الله ما أروع هذا التصوير الذي يسبر غور النفس البشرية وما أبهاه !!
قِيلَ: إِنَّمَا يَفِرّ حَذَرًا مِنْ مُطَالَبَتِهِمْ إِيَّاهُ, لِمَا بَيْنهمْ مِنْ التَّبِعَات. وَقِيلَ: لِئَلَّا يَرَوْا مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الشِّدَّة. وَقِيلَ: لِعِلْمِهِ أَنَّهُمْ لَا يَنْفَعُونَهُ وَلَا يُغْنُونَ عَنْهُ شَيْئًا ; كَمَا قَالَ: " يَوْم لَا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئًا " [ الدُّخَان : 41 ] وَقَالَ عَبْد اللَّه بْن طَاهِر الْأَبْهَرِيّ : يَفِرّ مِنْهُمْ لِمَا تَبَيَّنَ لَهُ مِنْ عَجْزِهِمْ وَقِلَّة حِيلَتِهِمْ , إِلَى مَنْ يَمْلِك كَشْف تِلْكَ الْكُرُوب وَالْهُمُوم عَنْهُ , وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا لَمَا اِعْتَمَدَ شَيْئًا سِوَى رَبّه تَعَالَى . وَذَكَرَ الضَّحَّاك عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : يَفِرّ قَابِيل مِنْ أَخِيهِ هَابِيل , وَيَفِرّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أُمّه , وَإِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ أَبِيهِ , وَنُوح عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ اِبْنه , وَلُوط مِنْ اِمْرَأَته , وَآدَم مِنْ سَوْأَة بَنِيهِ . وَقَالَ الْحَسَن : أَوَّل مَنْ يَفِرّ يَوْم الْقِيَامَة مِنْ أَبِيهِ : إِبْرَاهِيم , وَأَوَّل مَنْ يَفِرّ مِنْ اِبْنه نُوح ; وَأَوَّل مَنْ يَفِرّ مِنْ اِمْرَأَته لُوط . قَالَ : فَيَرَوْنَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِيهِمْ وَهَذَا فِرَار التَّبَرُّؤ .
فيا ويح نفسي على من لسانُ حالهِ يومئذٍ يقولُ بحسرةٍ وخوفٍ وألمٍ وحيرةٍ ورجاءٍ وأمل:-
وفي موقف الحشر يوم المآب
وقفت هناك لفصل الحساب
وأقبلت أبحث علي أرى
حبيباً يمد يداً بالثواب
على البعد أبصرتُ أمي الوفاء
هرعتُ إليها وكلي رجاء
فردت الأم ...
وددتُ لو أني أجيب النداء
ولكن وزري وبري سواء
ولا أملك اليوم إلا الدعاء
فـَـسـِـرْ لأبيك تجد ما تشاء
فقلت : أيا أم أين العطاء
وأين الحنان وأين السخاء
أما كان صدرك لي كالسقاء
وحضنك كان لجسمي غطاء
وأبصرتُ وجه أبي من بعيد
وقلت له وبكائي يزيد :
أبي، هل تجود بما قد يفيد ؟
فرد الأب ...
أفي مثل هذا البلاء الشديد
تـُـرَجـِّـي من الحسنات المزيد
وحملي ثقيل وأجري زهيد
فهيهات تلقى معي ما تريد
فقلتُ :
أما كنت لي موئلا ! وقلبك كان لي منزلا !
ألم تكُ تدفع عني البلاء .. أما قد شقيت لأرفلا !
ولما عثرتُ على زوجتي
هتفتُ : لقد فُرّجَت كربتي
فهيا امنحيني دواعي المزيد
فكان رد الزوجة ...
أيا خل ما باليد حيلةِ
ألا تنظرن مدى حاجتي
موازين كسبي قد خفـّـتِ
فدعني فقد عظمت حيرتي ..
فقلت: أيا زوجتي هل تـُـرى
نسيتِ من الود ما قد جرى !
وما قد حبوتك من مهجتي
فقد كنتُ أنسك دون الورى !
هناك علمتُ بأن ليس لي
سوى خالقي فهو نعم الولي
إليه ضرعت ليغفر لي
إليه ضرعت ليغفر لي !!!!!!!!!!!!
ومن يُعمل عقله ويتقِّ الله ربه يأخذ العبرة والعظة من هذه الآيات التي تجعلنا نبادر لفعل الخيرات واجتناب المنكرات والشبهات ،، والتزام أوامر الله واجتناب نواهيه والعمل العمل لكي لا نبحث عن حسنات هنا وهناك فلا شيء ينجي المرء يومئذٍ إلا عمله ،، وإن كان الإنسان في فسحة اليوم من أمره فهو غداً في ضيق يوم لا ينفعُ مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلبٍ سليم ،،
اللهم استرنا تحت الأرض وفوق الأرض ويوم العرض عليك يالله
اللهم اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه الله آمين
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وأزواجه وأتباعه إلى يوم الدين.
نُطِلُّ عَلَيْكُم مُجَدَّداً مُسْتمِعِينا مُستمِعِي إِذاعةِ المَكْتَبِ الإعلامِيِّ لحِزْبِ التَّحْريرِ، وَمَعَ سِلْسِلَةِ حَلَقاتِ قَانِتاتٍ حافِظاتٍ، وَسَيَكونُ مَوضُوعُنا لِهذا اليَوْمِ مَوْضوعاً يُهِمُّ كُلَّ رَجُلٍّ وامرأةٍ، كَيفَ لا وَسَنَتَناوَلُ الْيَومَ مَوضوعَ حُقوقِ الزَّوْجَةِ، وَلِذِكْرِ حُقُوقِهَا كَانَ لا بُدَّ مِنَ التَّعْريجِ على وَاجِباتِها مِنْ بَابِ الذَّكرِّ لا التَّفصيلِ، وَأيضاً كانَ مِنَ الضَرُورِيِّ بَيانُ مَعْنى الزَّواجِ وَالزَّوجِيَّةِ، فَحَتى نَعْرِفَ حُقُوقَ الزَّوجَةِ، لا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَةِ مَعْنى الزَّوْجِيَّةِ وَمَشْرُوعِيَّتِها وَأُسُسِها التِّي تَقومُ عَليها.
لَقدْ رَغَّبَ الإسلامُ في الزَّواجِ بِأساليبَ مُتَعَدِّدَةٍ فَتارَةً نَجِدُهُ يَذْكُرُهُ على أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الأنْبياءِ وَهَدْيِ الْمُرْسَلينَ عَنْ أبي أيوبَ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ: "أرْبعٌ مِنْ سُنَنِ الْمُرْسَلينَ الْحِنَّاءُ وَالتَّعَطُّرُ وَالسِّواكُ والنِّكاحُ" رواهُ التِّرمِذِيُّ
وَتارَةً يَذْكُرُهُ في مَعْرِضِ الامْتِنانِ، وَأحياناً يَتَحَدَّثُ عَنِ الزَّواجِ كَوْنَهُ آيةً مِنْ آياتِ اللهِ، وَتارَةً يَلْفِتُ أنْظارَنا إلى أنَّ اللهَ سَيَجْعَلُهُ سَبيلاً إلى الغِنى وأنَّهُ تعالى جَعَل إعانةَ النَّاكِحِ حَقّاً عَلَيْهِ عَنْ أبي هُريرَةَ رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: "ثَلاثَةٌ حَقٌّ عَلى اللهِ عَوْنُهُمُ الْمُجاهِدُ في سبيلِ اللهِ وَالْمُكاتِبُ يُريدُ الأداءَ وَالنَّاكِحُ الذي يُريدُ العَفَافَ" رواهُ التِّرمِذِيُّ
فَنَجِدُ أنَّ الإسلامَ رَغَّبَ في الزَّواجِ وَحَبَّبَه إليْنا لِما يَتَرَتَّبُ عَليهِ مِنْ آثارٍ تَعودُ على الْفَردِ نَفْسِهِ وَعَلى الأُمَّةِ جميعاً. (جَمْعاء)
كَيفَ لا وَاللهُ هُوَ الذِّي خَلَقَ ويَعْلَمُ ما خَلَقَ وَيَعْلَمُ مَا يُناسِبُ هذا الخَلْقَ، حَيْثُ خَلَقَ الإنسانَ وَجَعلَ فيهِ طاقاتٍ حَيَوِيَةً لا بُدَّ مِنْ إشْباعِها، وَمِنْ هذهِ الطّاقاتِ غَريزةُ النَّوعِ وَما يَصْدُرُ عَنها مِنْ مَظاهِرَ، كَالْمَيْلِ الطَّبيعِيِّ مِنَ الرّجُلِ إلى المَرْأةِ، وبالعَكْسِ، وَبَقَاءِ النَّوعِ البَشَرِيِّ وَرَغْبةِ الرَّجُلِ أنْ يَكونَ أباً وَالمرأَةِ أنْ تَكُونَ أمّاً، بَلْ وَأَنْ يُوجَدَ العَمُّ وَالعَمَّةُ والجَدُّ والجَدَّةُ، كُلُّ هذا لِبَقاءِ النَّوعِ البَشَرِيِّ وَاسْتِمرارِيَتِهِ، فَكانَ الزَّواجُ أحسَنَ إطارٍ طبيعِيٍّ وأنسَبَ عِلاجٍ لإرواءِ هذا الميلِ وإشباعِ هذهِ الطّاقاتِ.
فَيَهْدَأُ البَدَنُ مِنَ الاضطرابِ وَتَسْكُنُ النَّفْسُ مِنَ الصِّراعِ وَتَطْمَئِنُ العاطِفَةُ إلى مَا أحلَّ اللهُ وَتَبْقَى صِلاتُ التَّعَاوُنِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالمَرْأَةِ لأنَّهُ لا يَصْلُحُ الكَوْنُ إلا بِتَعاوُنِهِما تَعَاوُناً يَتَضَمَنُ المَوَدَةَ والرَّحْمَةَ.
كَمَا أنَّ الزَّواجَ يُعَزِّزُ الشُّعورَ بالمَسْؤولِيَةِ فَتَبِعاتُ الزَّواجِ مِنْ نَفَقَةٍ وَرِعايَةِ الأولادِ تَبْعَثُ عَلى النَّشاطِ وَبَذْلِ الوُسْعِ في تَحْديدِ المَسؤولِياتِ وَالقِيامِ بِالواجِباتِ. وَنَرى الشَّرْعَ قد وَزَّعَ الأعمالَ تَوزيعاً يُنَظِّمُ به شَأْنَ البيتِ مِنْ جِهَةٍ والعَمَلَ خَارِجَهُ مِنْ جِهَةٍ أخْرى مَع تَحديدِ مَسؤولِيَةِ كُلٍّ مِنَ الرَّجُلِ وَالمرأةِ فيما يُناطُ بِهِما مِنْ أعْمال.
فَالمَرأةُ تَقومُ على رِعايَةِ البَيْتِ وَتَدْبيرِ المَنْزِلِ وَترْبِيةِ الأولادِ وَتَهْيِئَةِ الجَوِ الصَّالح الذي يَستريحُ فيهِ الرَّجُلُ وَيَجِدُ فيهِ مَا يُذْهِبُ عَناءَهُ وَيُجَدِّدُ نَشَاطَهُ.
بَيْنَما يَسْعى الرَّجُلُ وَيَنْهَضُ بالكَسْبِ وَيُوَفِّرُ مَا تَحْتاجُ إلَيهِ الزَّوجَةُ وَالأولادُ مِنْ مَالٍ وَنَفَقاتٍ. وَبِهذا التَّوزيعِ العَادِلِ يُؤَدي كُلُّ مِنهُما وَظائِفَهُ الطَّبيعِيَّةَ على الوَجْهِ الذي يَرضاهُ اللهُ.
وَاسْمَحوا لي إِخْواني الكِرام أخَواتِي الكَريمات نَقْلَ فَوائِدِ النِّكاحِ كَما أَوْرَدَها الغَزالِيُّ في كِتابِهِ "إِحْياءُ عُلومِ الدينِ" في بِابِ آدابِ النِّكاح حَيثُ يَقُولُ: لِلنِّكاحِ خَمْسُ فَوائِدَ:
الفائِدَةُ الأولى: الوَلَدُ؛ وَهُوَ الأَصلُ وَلَهُ وُضِعَ النِّكاحُ. وَالْمَقْصودُ إبْقاءُ النَّسْلِ. وَأَنْ لا يَخْلُوَ العالَمُ مِنْ جِنْسِ الإنْسِ.الفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: التَّحَصُّنُ مِنَ الشَّيْطانِ وَكَسْرُ التُّوقانِ، وَدَفْعُ غَوائِلِ الشَّهْوَةِ، وَغَضُّ البَصَرِ، وَحِفْظُ الفَرْجِ.
الفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَرْويحُ النَّفْسِ وَإينَاسُها بِالْمُجَالَسَةِ وَالنَّظَرِ والْمُلاعَبَةِ إراحَةً لِلْقَلْبِ وَتَقْوِيَةً لَهُ عَلى العِبَادَةِ.
الفَائِدَةُ الرَّابِعةُ: تَفْريغُ القَلْبِ عَنْ تَدْبيرِ الْمَنْزِلِ وَالتَّكَفُّلِ بِشُغْلِ الطَّبْخِ وَالكَنْسِ وَالفَرْشِ وَتَنْظيفِ الأواني وَتَهْيِئَةِ أسْبابِ المَعيشَةِ قالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " لِيَتَخِذْ أحَدُكُمْ قَلْباً شَاكِراً، وَلِساناً ذاكِراً ، وَزَوْجَةً مُؤْمِنَةً صَالِحَةً تُعِينُهُ عَلى آخِرَتِهِ" فَانْظُرْ كَيْفَ جَمَعَ بَيْنَها وَبَيْنَ الذِّكْرِ وَالشُّكْرِ ..
الفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: مُجاهَدَةُ النَّفْسِ وَرِياضَتِها بِالرِّعَايَةِ وَالولايَةِ، وَالقِيامُ بِحُقُوقِ الأَهْلِ؛ وَالصَّبْرُ على أخْلاقِهِنَّ، وَاحْتِمالُ الأذى مِنْهُنَّ، والسَّعْيُ في إصلاحِهِنَّ وإرشادِهِنَّ إلى طَريقِ الدِّينِ. والاجْتِهادُ في كَسْبِ الحَلالِ لأجْلِهِنَّ. والقِيامُ بِتَرْبِيَتِهِ لأولادِهِ فَكُلُّ هذهِ أعمالٌ عَظيمَةُ الفَضْلِ قالَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: " ما أَنْفَقَهُ الرَّجُلُ عَلى أَهْلِهِ فَهُوَ صَدَقَةٌ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْجَرُ فِي اللُّقْمَةِ يَرْفَعُهَا إلى فِي امْرَأَتِهِ - أيْ فَمِها - " رَواهُ البُخَارِيُّ .
هذا بِالنِّسْبَةِ للزَّواجِ وَمَشْرُوعِيَتِهِ وَبَعْضِ فَوائِدِهِ التِّي لا تُعَدُّ وَلا تُحْصى، وَلِكَيْ يَبْقَى هذا الزَّواجُ كَالحِصْنِ كَانَ لا بُدَّ مِنْ تَأْدِيَةِ كُلّ مِنَ الطَّرَفَيْنِ واجِباتِهِما تِجَاهَ الطَّرَفِ الآخَرِ، حَتى تَسْتَقِرَّ الأُمُورُ وَيَسْتَقيمَ العَيْشُ، وَيَكُونَ هذا البَيْتُ هُوَ النَّواةُ الطَّيِبَةُ الأولى لِلْمُجْتَمَعِ، وَلِيَتَحَقَّقَ من هذا الزَّواجِ السَّكَنُ والمَوَدَّةُ والرَّحْمَةُ، وأَشارَ اللهُ سُبحانَهُ وَتعالى لِهذا في قَولِهِ: " وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون " (الروم 21)
جَاءَ في تَفْسيرِ القُرْطُبِيِّ لِقَوْلِهِ تَعالى : " وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ "
قِيلَ: الْمَوَدَّةُ وَالرَّحْمَةُ عَطْفُ قُلُوبِهِمْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْض. وَقَالَ السُّدِّيّ : الْمَوَدَّةُ : الْمَحَبَّةُ, وَالرَّحْمَةُ: الشَّفَقَةُ; وَرُوِيَ مَعْنَاهُ عَنْ اِبْنِ عَبَّاس قَالَ : الْمَوَدَّةُ حُبُّ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ, وَالرَّحْمَةُ رَحْمَتُهُ إِيَّاهَا أَنْ يُصِيبَهَا بِسُوءٍ. وَيُقَالُ: إِنَّ الرَّجُلَ أَصْلُهُ مِنَ الأَرْضِ, وَفِيهِ قُوَّةُ الأَرْضِ, وَفِيهِ الْفَرْجُ الَّذِي مِنْهُ بُدِئَ خَلْقُهُ فَيَحْتَاجُ إِلَى سَكَنٍ, وَخُلِقَتِ الْمَرْأَةُ سَكَنًا لِلرَّجُلِ فَما حُقُوقُ هذهِ الزَّوجَةِ وَما هِيَ واجِباتُها، هذا ما سَنَتنَاوَلُهُ بِإذْنِ اللهِ تَعالى في الحَلَقَةِ القَادِمَةِ الأُسْبُوعَ القَادِمَ بِإِذْنِ اللهِ، فإلى ذلكَ الوَقْتِ، أَسْتَوْدِعُكُمُ اللهَ الذِّي لا تَضِيعُ وَدائِعُهُ، وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ تَعالى وَبَرَكَاتُهُ
أم سدين