السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الطريق لاستئناف الحياة الإسلامية

بسم الله الرحمن الرحيم

 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ عليه وآله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم لا ريب فيه، وسلم تسليماً كثيراً. وبعد

قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: « إِنّ الدّينَ بَدَأَ غَرِيباً وَيَرْجِعُ غَرِيباً فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النّاسُ مِنْ بَعْدِي مِنْ سُنَتِي» رواه الترمذي، عن أبي أمامة الباهلي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لتنتقضن عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها وأولهن نقضاً الحكم وآخرهن الصلاة» رواه أحمد والطبراني.

أيها المسلمون: يبين الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث أن الإسلام سيعود، وهذا يعني أنه ستزول كثير من أحكامه عن التطبيق، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنَعَتِ الْعِرَاقُ دِرْهَمَهَا وَقَفِيزَهَا، وَمَنَعَتِ الشَّأْمُ مُدْيَهَا وَدِينَارَهَا، وَمَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّهَا وَدِينَارَهَا، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ، وَعُدْتُمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأْتُمْ»، فهذا الحديث يبين زوال حكم الإسلام من هذه البلاد كنموذج، وقد كان، وهو من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم. ولكن كل هذه الأحاديث فيها تحذير للأمة وفي نفس الوقت حثٌّ لها أن تقوم بواجب إقامة الإسلام في حياتها، لأن زوال حكم الإسلام حرام، واستمرار تطبيقه واجب  (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ ) (20الأنفال).

أيها المسلمون: إن نظام الإسلام أسسه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد جهد استمر لمدة ثلاثة عشر عاماً، سار فيه عليه السلام بكيفية معينة حتى أقام الدولة الأولى في المدينة المنورة. ثم من بعده استمر نظام الإسلام ببيعة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم استمر الامر حيث لم يخلو عصر من العصور من خليفة إلى أن هُدِمت هذه الدولة في عام 1342هـ. ومن هذا نأخذ أن نظام الإسلام لا بد أن يكون كاملاً، قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (208-209 البقرة). وتنفيذ الإسلام يقوم على أربعة ركائز: أولاً ينفذه الفرد المؤمن بدافع تقوى الله، وثانياً تنفذه الدولة بشعور الجماعة بعدالة الإسلام، وثالثاً بتعاون الأمة مع الحاكم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورابعاً بسلطان الدولة وقوتها، هكذا ينفّذُ الإسلام كاملاً ولن ينفذ بغير المسلمين ولا بغير دولة إسلامية تطبق دين الله.

أيها المسلمون: إن الواقع الماثل أمامنا ليدل دلالة قاطعة رغم كثرتنا معشر المسلمين، أن الكثير من الأحكام غائبة عن حياتنا، فما زالت بلاد المسلمين محتلة، وكثير من الشرائع غائبة عن التطبيق، فلا جهاد قمنا به ولا طبقنا شريعة الإسلام، فكان لا بد أن نمتثل لأمر الله وأعلموا (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

أما طريق التغيير لاستئناف الحياة الاسلامية لا يكون إلا بترسّم خطى الرسول صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (21الأحزاب)، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد سار في مراحل معينة حتى أقام الدولة، أولها أنه كان يثقف من معه من جماعة الصحابة وهو أميرهم وقائدهم يأمر بالدعوة وبالثبات وحيناً أخرى بالهجرة فراراً بدينهم من تعذيب أهل مكة لصحبه الكرام، فقد كان الصدام واضحاً مع نظام مكة القائم، والرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام لا تلين لهم قناة بل كانوا ثابتين على الحق. وأن الذين تثقفوا على يد الرسول صلى الله عليه وسلم حملوا دعوة الإسلام إلى أهل مكة وغيرهم، والفارق بيننا وبينهم أن الذين توجه لهم الدعوة آنذاك كانوا مشركين كفار، أما اليوم فإن الدعوة تكون باستئناف الحياة الإسلامية، والذين يدعون لذلك هم مسلمون. وقد كانت مرحلة تفاعل الدعوة الإسلامية من أجل مراحل حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، لأنها كانت صراعاً فكرياً ثبت فيه أهل الحق حتى أتاهم النصر.

أما المرحلة الأخيرة التي تلاها إقامة نظام الإسلام كاملاً هو طلب ارسول صلى الله عليه وسلم النصرة من القبائل، حيث أضاف رسولنا صلى الله عليه وسلم هذا العمل في دعوته، فاتصل بما يفوق الستة وعشرين قبيلة لكي تنصره بجيوشها، ويكون هو أميراً عليها أي حاكماً، فالنبوة من الإيمان، أي أنه طلب أن يكون للإسلام سلطاناً، أي دولة بجيوشٍ تنصرها، ومنها قوله تعالى: ( وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا ) (80 الإسراء)، فهذا السلطان طلبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلبه تشريعاً للأمة، وكان ممن طلب منهم النصرة قبيلة عامر بني صعصعة فطمعوا في أن يكون الحكم فيهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقوا بشرط أن يحكموا هم بعده، فأجابهم الرسول بقوله «إنّ الأمر لله يضعه حيث يشاء» وتركهم. واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم في طلب النصرة ولم ييأس رغم عظم ما قابله من صد من مشركي القبائل إلى أن أتاه النصر من الأنصار في المدينة فبايعوه بيعة الطاعة والحرب وهاجر إيذاناً بترسيخ نظام الإسلام وإقامة الدولة الإسلامية.

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء.

أيها المسلمون: لقد تبين لنا الطريق إلى استئناف الحياة الإسلامية، قال تعالى: ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (104آل عمران) فلا بد من أن يتجمع المسلمون في كتلة تقوم بعمل منظم كما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، وشرط هذه الجماعة أن تكون قائمة على أساس الإسلام، فلا يجوز أن تكون جماعة علمانية رأسمالية، ولا جماعة شيوعية، ولا قومية ولا وطنية عصبية تعمل من أجل بلد معين، ولا قبلية تنصر أفراد قبيلتها فقط، ولا جهوية تنادي بشمال أو جنوب أو غرب أو شرق، بل لا بد أن يكون الحزب أو الطائفة قائمة فقط على أساس العقيدة الإسلامية. أما ما نراه اليوم من كثرة الأحزاب التي تدعو إلى غير الإسلام، كالدعوة إلى العلمانية أو الشيوعية بل إلى النصرانية ومساواتها بدين الله الإسلام فهو نتيجة لغياب الإسلام في حياتنا لوجود أنظمة حكم قائمة في بلادنا على غير الإسلام، فنجد أن وسائل الإعلام تركز على الشيوعية الملحدة والعلمانية الكافرة، أما الإسلام فلا ذكر له بين أحزاب السلاطين، إلا من باب الدعاية الانتخابية لكسب الأصوات.

أيها المسلمون: إن وجود جماعة أو حزب على أساس الإسلام في الأمة هو فرض كفاية، كما أن الجهاد في سبيل الله فرض كفاية،  ومعلوم أن فرض الكفاية إذا قام به البعض ولم تتم الكفاية بعملهم يتحول إلى فرض عين، فيجب الآن أن ينتظم المسلمون في تجمعات يكون شغلهم الشاغل هو عودة الإسلام في حياتنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم«، ويقول تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (33 التوبة)، وظهور الدين لا يكون إلا بالعمل كما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في جماعة الصحابة.

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع