(ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، اللهم صلِّ وسلم عليه وآله وصحبه ومن والاه وبعد:
يقول المولى سبحانه وتعالى: { قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} {التوبة 24}، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به)، وقال صلى الله عليه وسلم: (من أصبح وهمه غير الله فليس من الله، ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين فليس منهم).
أيها المسلمون: في هذه الآية الكريمة من سورة التوبة، وفي هذين الحديثين الكريمين دعوة لنا أن نوجه حياتنا وجهة معينة، فلا نحب الدنيا حباً فوق حب الله ورسوله والجهاد في سبيل الله، وأن يكون همنا ارضاء الله سبحانه وتعالى، وأن نهتم بأمر المسلمين، فلا يكون هوانا إلا تبعاً لما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
وذلك يكون بأن نتقيد بأحكام الإسلام جميعها دون تمييز بين فرض وفرض، إلا ما قدمه الشرع من الفرائض، وهذا كله حتى نسعد بالحياة الإسلامية التي عاشها رسولنا صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنة نبيه". وقد حرص الشرع الحنيف على لفت الأنظار إلى الصراع بين الحق والباطل، وأن أهل الباطل لن يتركونا، قال تعالى: { وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {217البقرة}، لذلك أمرنا الشرع الحنيف أن نقود الدنيا ولا نسمح لأهل الكفر والباطل أن يسودوا الدنيا، بل أمرنا أن نسودها نحن، قال تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}. نعم إن ديننا أمرنا بأن نكون ايجابيين لا أن نكون سلبيين؛ نقف عند حدّ تطبيق الشرع علينا وعلى أنفسنا، بل لا بد أن نحمل هذا الإسلام إلى العالم؛ لإخراج أهله من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام، ومن ظلم أديانهم الباطلة إلى عدل الإسلام. ولكننا ان نحن تركنا ذلك فإن الكافرين لن يتركونا، لأن همهم أن يردونا عن الإسلام، وليس ذلك فحسب وكفى بها مصيبة، بل يطمعون في ثرواتنا فيغتنوا من ورائنا ويسعدون بافقارنا وتشريدنا وتقتيلنا!!!
أيها المسلمون: إن أكبر ما جرَّ علينا الويلات، هو تركنا لمقعد المجد الذي نسجه لنا الإسلام بأحكامه العظيمة، فأصبح الكفار هم سادة الدنيا يفعلون بنا ما يشاءون، فيتدخلون في شؤوننا ويربطوننا بهم بالانخراط في منظومتهم الدولية، وهي الأمم المتحدة وما تمخض عنها من منظمات كمجلس الأمن وصندوق النقد الدولي، وكذلك ما يسمى بمنظمات العون الإنساني التي تدّعي كذباً أنها من أجل الإنسانية، فكانت ناشرة للكفر كما ثبت للعيان كيف أنهم نصّروا من نصّروا من أبناء المسلمين وكيف نشروا الايدز والرذيلة، وكيف أنهم باعوا أطفال الجنوب ودارفور كعبيد وكقطع غيار بشرية وغير ذلك كثير، وكيف أن هذه المنظمات قد أذلت المسلمين عبر التاريخ من معاونتها لرؤوس الكفر أمريكا وبريطانيا وفرنسا في استعمار بلدان المسلمين وإثارة القلاقل فيها.
أيها المسلمون: أن يعمل الكفار ذلك فينا قد قاله سبحانه فيهم: {ودُّواْ مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}، فهم ينادون بالحرية ويعتبرون من يُلزم النساء بالزي الشرعي ارهابياً، وكذا كل الشريعة الإسلامية، وفي بريطانيا هم بصدد إصدار قانون يجعل كل من يدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وتوحيد المسلمين في دولة الخلافة التي شرعها الإسلام كنظام أوحد لنظام الحكم في الإسلام؛ اعتبروا من يدعو إلى ذلك إرهابياً، نعم فقد أصبحت الحرب بيننا وبينهم واضحة بلا خفاء.
الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على الحبيب المصطفى وآله وصحبه الكرام النجباء وبعد،،،
إن النتيجة الطبيعية للانصياع للكافرين هو الإذلال، فلا يكفيهم أن نحتكم إلى منظماتهم بل يعملون لممارسة كل الضغوط للخنوع التام لهم، ففي السودان لم يكفهم فصل الجنوب بل الآن تريد أوروبا أن تأخذ دارفور كما أخذت أمريكا الجنوب، فكان هذا الصراع عن طريق المحكمة الجنائية الدولية التي تقول أن هنالك جرائم حرب في السودان فلا بد من تقديم رئيس جمهورية السودان لمحكمتهم وذلك للمزيد من التركيع، هذه نتيجة حتمية لمن رضي لنفسه وامته ان تتحاكم إلى منظمة الكفر العالمية، نرضى بأن تكون حكماً في نزاعاتنا، نخضع لأحكامها، ونرضى بها إن كانت في صالحنا، ونقيم الدنيا ولا نقعدها إن كان ضدنا، فالأصل أن تكون نظرتنا لكل الأمور من منظور الإسلام وعقيدته، فالإسلام الذي يرفض أن يُحاكم مسلم في محاكم الكفر العالمية هو نفسه الذي يرفض التحاكم لمنظمات الكفر العالمية والرضى بقراراتها والخضوع لها.
فالأصل أن يرد التنازع إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن لا نتحاكم إلا إليهما، يقول الله عز وجل: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}. فإن الذي يوقف الكفار عند حدهم ليس الصراخ والعويل والاستجداء، إنما الذي يوقفهم عند حدهم هو الرجوع إلى الحق بإرضاء رب العالمين والخروج من كل منظمات الكفر الاقليمية والعالمية، وإقامة نظام الإسلام بإعلانها خلافة على منهاج النبوة.