بسم الله الرحمن الرحيم
خطاب مفتوح من حزب التحرير/ أفغانستان
إلى حكومة جمهورية أفغانستان
إن تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية لا يمكن أن يكون عبر الديمقراطية بل يلزم أن تطبق الشريعة الإسلامية علی طريقة رسول الله وحده، والديمقراطية نظام يتعارض تماماً مع نظام الحكم الإسلامي فالتشريع فی الإسلام هو لله الخالق وحده وأما المشرع فی الديمقراطية فهو الأغلبية البرلمانية. وتنفيذ أنظمة الكفر بمساندة الكفار قد عرقل تطبيق الشريعة الإسلامية، واليوم في أفغانستان كذلك قد وضعت آراء الناس موضع القرآن والسنة وطبقت الديمقراطية بدلاً من الأدلة الشرعية الأربعة. لذا ننصحکم أن تکفوا عن تطبيق نظام الكفر وأن تسعوا لإعادة الخلافة الإسلامية فهي نظام الحكم الإسلامي الحقيقي وکذلك أن تسعوا إلى تحكيم ما أنزل الله سبحانه وتعالی.
إنكم حين تعتبرون النظام الجمهوری الحالی نظاما إسلاميا فإنکم فی الحقيقة تنكرون جزءً كبيراً من الإسلام وقد حذر الله کل من يحمل هذه النظرة الخطيرة حيث يقول: (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (البقرة: 85).
وأنتم حين تتجاهلون جزءً كبيراً من الإسلام حفاظا علی مصالح شخصية ومقاصد الرأسماليين الكفار، تتبعون نظام الکفر وتنفذونه بدلا من تحكيم شرع الله، وعملکم هذا يتناقض مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد قالت قريش لرسول الله صلى الله عليه وسلم «نعبد إلهك عاماً وتعبد إلهنا عاماً» ولکن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخضع لما قاله الكفار ولم يتعامل معهم کما أراد الكفار بل أعلن جوابه القاطع لعمه قائلا «يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته».
ومصطلح الإسلام الديمقراطی مصطلح أتی به أعداء الإسلام، والإسلام بريء منه أصلاً، وهو نظام الغرب وأمريکا، وهذا النظام يفصل بين الدين والدولة ولا علاقة بين الدين والحياة فيه ويقول بإعطاء ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وعلی هذا فإن الإنسان له أن يسن لنفسه دستوراً حسب ما يقتضيه هواه. والإسلام بريء عن مثل هذه الأنظمة التی ليس لها سوی إشباع نزوات الإنسان. ففی الإسلام التشريع لله رب العالمين وحده والدولة جزء من النظام الإسلامی ويجب عليها أن ترعی شؤون الأمة وفقاً للشريعة الإسلامية. فلذا يحرم علی المسلمين أن يأخذوا بأنظمة الكفر وأن يخضعوا لها" وأضاف الخطاب مبيناً المشكلة الاقتصادية فقال:"المشكلة الاقتصادية من وجهة نظر الإسلام:
إن الإسلام لا يحل المشكلة الاقتصادية للمجتمع عن طريق نظام الطبقات، بل يحاول أن يحل مشاكل كل فرد في المجتمع ويرى حل المشاكل الاقتصادية للمجتمع أمراً شرعياً، وينظم جمع الأموال والثروات وتوزيعها على أساس الشريعة. فالمشكلة في نظره تكمن في سوء توزيع الثروة. الأصل فی ملكية المال:المال فی الأصل ملك لله وقد استخلف الله الإنسان فيه. وبهذا الاستخلاف حصلت الملكية للإنسان، والله سبحانه وتعالی هو الذی أجاز للإنسان أن يحوز المال، قال عز وجل (وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ) ففی هذه الآية نسب المال لنفسه ويقول: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) ففي هذه الآية جعل الإنسان مستخلفاً في المال. واليوم استأثر الرأسماليون بثروات عامة الناس من قبيل الطاقة والطعام وجعلوا الربا وسيلة جمع الأموال وقد تسبب هذا فی مأساة کل الأمم والشعوب. بينما الإسلام يقر بأن الماء والنار والكلأ ملك لجميع الناس، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلأ والنار». ولکن الآن استولى الرأسماليون علی الثلاثة کلها فی حين أنه حرام وليس لأحد أن يخصه لنفسه دون غيره.
فعلى سبيل المثال فإن ذخائر النفط والغاز الموجودة في العالم الإسلامي تستخرج وتوزع علي يد الرأسماليين، في حين أنها ملكية لكل الأمة الإسلامية ويجب أن يستفاد منها مثلاً في إعمار أفغانستان والعالم الإسلامي".
ثم أضاف الخطاب كيف يعمل الحزب لإقامة الخلافة وأنها فرض فقال:
"إن حزب التحرير يعمل علی أساس العقيدة الإسلامية والقرآن والسنة على طريقة رسول الله بکل إخلاص وتفان في أكثر من 50 دولة حتى يخرج الأمة الإسلامية من الانحطاط الذی وقعت فيه ويواصل بذل أقصی الجهود حتى تقام الخلافة الإسلامية في ربوع العالم الإسلامی.
حزب التحرير يواصل جهوده سلمياً بعيداً عن العنف، ليوقظ المسلمين ويوجههم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً إلی واجبهم، وهو حزب مستقل وليس له أي ارتباط بأي حكومة أو أي حزب آخر.
إن إحياء الخلافة الإسلامية هو الحل الوحيد لمحو الفساد، والظلم، والعدوان والتشتت والفوضى والقتال وکل المصائب الراهنة فی العالم الإسلامی.
وحزب التحرير يقوم بأنواع شتى من النشاطات السياسية علی المستوی العالمی ويساهم فيها آلاف من المسلمين من مختلف البلدان، يحثون المسلمين علی إحياء الخلافة الإسلامية. وطريقتنا فی إحياء الخلافة الإسلامية واضحة وهی علی النحو التالی:
تتبع طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فی الدعوة إلی الأحكام الشرعية لأن الله عز وجل يقول (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)، ويقول: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)، ويقول: (مَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا). وهناك آيات قرآنية وأحاديث نبوية کثيرة توجب اتباع الرسول فی کل صغيرة وکبيرة وتجعله فرضاً علی المسلمين.
والمسلمون الآن يعيشون فی دار كفر، لأن الحکم أو القرار يتخذ وفق أحکام غير إسلامية وهذا يشبه تماماً الحالة التی کانت قبل تأسيس الدولة الإسلامية فی زمن رسول الله صلی الله عليه وسلم حيث کان مبعوثاً ولکن الحکم كان بأحكام الکفر وفق أصول غير إسلامية.
لو نراجع سنة النبي صلى الله عليه وسلم، سندرك کيف استمر فی دعوته وکيف استطاع أن يقيم دولة إسلامية فی المدينة المنورة، حقاً إنه قد مر في مراحل عديدة، وقام بأعمال شتی حتی وصل إلی إقامة الدولة الإسلامية. والحزب اختار طريقة رسول صلى الله عليه وسلم ويتبعه خطوة خطوة حتی يصل إلی إقامة الخلافة الإسلامية ولهذا فإن حزب التحرير قد قسم دعوته إلى ثلاث مراحل وهی التالية:
۱. التثقيف، فی هذه المرحلة يتعلم الأفراد أفکار حزب التحرير والثقافة الإسلامية، وفيها تشکل کتلة حزبية.
۲. التفاعل، فی هذه المرحلة تتفاعل الکتلة الحزبية سلمياً مع الأمة لتوجيه الأمة الإسلامية نحو الإسلام، وأن يجعلوا الإسلام أساس حياتهم وأن يطبقوه فی شؤون دنياهم، وتشرح لهم کل الأفکار والعقائد والأعمال التی تتعارض مع الإسلام وتحذرهم منها وکذلك تکشف عن نوايا الاستعمار الخبيثة فی الأمة وتنبه الأمة لها.
۳. أخذ الحكم وإقامة الخلافة الإسلامية عن طريق بيعة خليفة، ليقوم بتطبيق الإسلام بصورة انقلابية وأن يوصله لکافة العالم عن طريق الدعوة والجهاد".
وختم حزب التحرير الخطاب بقوله:
" أيها المسلمون!
إن انشاء الخلافة الإسلامية ليس فرضية خيالية بل هو أمر ضروری لأنه يجب علی المسلمين أن يطبقوا شرع الله فی الأرض، والخلافة هی السبيل الوحيد لتنفيذ شريعة الله وإخراج الأمة الإسلامية من الذل والخذلان اللذين وقعت فيهما. وقد انعقدت تلك المؤتمرات المذکورة لتذکر المسلمين بواجبهم ولتوجههم إلی إصلاح مصيرهم، والخلافة فريضة قد اعتبرها بعض الأعلام المسلمين أمثال الإمام أبي حنيفه، والشافعي وابن حنبل وابن تيميه أم الفرائض. وهذا النظام سيقوم يوماً ما وقد بشر به رسول الله فی حديث رواه حذيفة رضی الله عنه حيث يقول: «تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت» رواه أحمد.
واليوم فإن الإسلام والشريعة والخلافة کلها تواجه هجمات قاسية من قبل إعلام الکفرة ولکننا غير منتبهين. وحتی لا يفکر المسلمون في إخراج أراضيهم من تسلط وهيمنة الکفرة فقد سلط الغرب الدکتاتوريين الطواغيت على المسلمين ليحافظوا علی مصالح الغرب والکفار وليضرب بهم الأمة الإسلامية، فهؤلاء الحكام مکبون علی الحفاظ على قدرة الغرب ومصالحه ولا يهمهم مصالح الشعب ولا أمنهم ولا استقرارهم.
وإننا نواصل جهودنا لننشر مفهوما صحيحا عن الإسلام ونسعی لإقامة الخلافة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية. ونحن کذلك نواصل بذل مساعينا حتی فی الدول الغربية مثل بريطانيا وأمريکا _وتعتبر کلاهما مهد الديمقراطية - لنوجه المسلمين إلی واجبهم ونذکي الروح الإسلامية فيهم. ولا نبالي بأي خطر ولا تهديد فی مسيرنا. ففی أزبکستان مثلاً اعتقل الدکتاتور العميل کريموف آلافا من إخواننا کما قتل آلافا بطرق متنوعة من التعذيب واستشهد آخرون بسبب إلقائهم فی الماء المغلي، وفی العراق أذيب بعض إخواننا فی الحوامض وکذلك يوجد الآلاف من شبابنا فی غياهب الزنازين والسجون ويتعرضون لأصناف من العذاب. وأما الدول التی تعتبر حضن الديقراطية فإن جهدنا وعملنا مستمر فيها كذلك ولن يستطيع أحد أن يوقف عملنا.
إن المسلمين الذين يستعينون بالکفار، ويتخذونهم أحبابا وأولياء، ويستغيثون بهم يرتکبون جريمة كبيرة، يقول جل وعلا (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138) الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ) ويقول سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144) إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا).
فالاستعانة بالدول الکافرة عمل محرم مطلقاً لأن النبی صلی الله عليه وسلم نهی عن هذا وقال «لا تستضيئوا بنار المشرکين» وقال «إنا لانستعين بمشرك»، والآن حکام کل العالم الإسلامي وعلی الأخص حکام أفغانستان قاموا بهذا العمل المحرم وما زالوا مستمرين فی فعلهم المحرم.
إن الکفار الذين استعان بهم الرسول، کلهم کانوا أفرادا وحاربوا وتعاونوا مع المسلمين تحت راية الإسلام ولکنه لم يستعن بأنظمة الکفر أبدا، وأما الآن فالموضوع يختلف تماما فإن المسلمين يستعينون بأنظمة الکفر ويتركون دينهم الحنيف.
إنکم إذا سمعتم الحق وفهمتم غايته فإننا ندعوكم أن تساندونا وتلحقوا بنا وتسعوا لإعادة الخلافة الإسلامية لأن نافعاً روی عن ابن عمر رضی الله عنه عن رسول الله صلی الله عليه وسلم أنه قال «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية».
أيها المسلمون!(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ) (الصف- 14).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ *) (۸-۶البينة)(وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ) (يس: 17)
التاريخ الهجري :17 من جمادى الأولى 1429هـ
التاريخ الميلادي : الخميس, 22 أيار/مايو 2008م
حزب التحرير
أفغانستان