السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الاعتداء الجنسي هو نتاج طبيعي لمجتمع ذي طابع جنسي مدفوع بالقيم الليبرالية

 

الإسلام ينظم الرغبات الجنسية لضمان مجتمع آمن للأطفال والنساء

 

(مترجَم) 

 

 

أُدين ستيوارت هَزِلْ هذا الأسبوع بجريمة اعتداء جنسي مروّعة ثم قتل حفيدة شريكه المثليّ تيا شارب ذات الـ 12 عاماً. على مدى الأسابيع القليلة الماضية، طغت أيضاً على وسائل الإعلام قصص أخرى حول الاعتداء الجنسي على أطفال، وفتيات صغيرات ونساء. تاريخ الاعتداء الجماعي في دور الأطفال في شمال ويلز، ودعاوى السلوك الجنسي غير اللائق من قبل معلمين في مدارس موسيقى الإنجليزية الأخصائية، والاعتراف بجرم الاعتداء على الفتيات من قبل مقدم البرامج الرياضية ستيوارت هزل جاءت بعد الفضيحة الضخمة المستمرة المتعلقة بالشخصية التلفزيونية الشهيرة جيمي سافيل الذي تم اتهامه الآن بالاعتداء على المئات من الفتيات والنساء خلال الفترة التي قضاها في هيئة الإذاعة البريطانية. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، تسربت أيضاً أخبار القضية المروعة في كليفلاند - أمريكا حيث أبقى آرئيل كاسترو ثلاث نساء في الأسر لمدة عشر سنوات وهو يغتصبهنّ، بل أنجب طفلاً من إحداهنّ.


إلى جانب ذلك حظيت هذا الأسبوع بتغطية إعلامية مكثفة قضية قيل إن وراءها رجال بريطانيون من أصل باكستاني أدينوا بإساءة سادية لأطفال وفتيات في سن 11 و 12 في عصابة للإغراء والاستغلال الجنسي للأطفال في أكسفورد، وإجبارهم على ممارسة البغاء. يأتي هذا في أعقاب غيرها من القصص المشهورة على مدى العامين الماضيين لعصابات الإغراء الجنسي المماثلة لفتيات قاصرات في سن المراهقة في شروبشاير، وديربي وروتشديل التي كان يديرها باكستانيون... وردا على هذه الجرائم البشعة، أوحت بعض قطاعات وسائل الإعلام البريطانية وسياسيون معيّنون مثل وزير الداخلية السابق جاك سترو، بأن هناك سبباً عرقياً أو حتى دينياً للاعتداء على الفتيات البيض القاصرات... ولكن حوادث هزل، وسافيل، وهِيل وغيرها من القضايا المذكورة سابقاً، فضلا عن حقيقة أن ربع الشباب البالغين في المملكة المتحدة قد تعرضوا للاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة (NSPCC 2013)، كل ذلك يبين أن الاعتداء الجنسي على الأطفال، والفتيات في سن المراهقة، والشابات هي مشكلة واسعة ومتفشية في المجتمعات الليبرالية العلمانية التي تؤثر على جميع الجاليات - السوداء والبيضاء. والسؤال الذي يلزم طرحه هو ما هو السبب؟

لماذا ينتشر الاعتداء الجنسي كثيراً في المجتمعات الغربية؟


(1) إن طريقة العيش العلمانية الليبرالية تحدد الغاية من الحياة بأنها السعي لتحقيق أكبر قدر من المتع في الحياة الدنيا والاستمتاع بالحياة إلى أقصى الحدود. ولذلك ينظر إلى السعادة بأنها تحقيق المتع الجسدية، وتتقرر الأعمال بحسب رغبات الأفراد. ونتيجة لذلك تصبح الأهواء الشخصية هي الأساس في تقرير ما هو الحق وما هو الباطل. وهذا يعني في الأساس أن كل فرد في المجتمع حر في اختيار لباسه وإقامة العلاقة التي يرغب فيها وتقرير الطريقة التي يشبع بها غريزته الجنسية والكيفية التي يستمتع بها. لذلك كان لضمان الحريات الليبرالية مثل الحرية الشخصية والجنسية الأولوية في المجتمعات الليبرالية على الصالح العام للأسرة والمجتمع. فيغذي كل هذا بيئة خطرة في المجتمع.


(2) هذه النظرة الضارة لإشباع الرغبات الجنسية لها تداعيات على المجتمع. حيث إن العلاقات السائبة، والمجون، والنظرة الجنسية للرجال والنساء في الإعلانات، والأفلام، والتلفزيون، والموسيقى، والمجلات، والكتب، والمواد الإباحية، وصناعة التجميل أصبحت هي العرف في المملكة المتحدة والدول العلمانية الليبرالية الأخرى. حتى إن الأطفال صاروا يعطون طابعاً جنسياً - فملابسهم، والموسيقى التي يستمعون إليها، والبرامج التلفزيونية التي يشاهدونها، وحتى ألعاب الكمبيوتر والألعاب التي يلعبون بها أصبحت على نحو متزايد مثيرة جنسيا.


(3) في مثل هذا المجتمع الذي تثار فيه الرغبات الجنسية وتؤجج باستمرار، وتسيطر فيه عقلية الشهوة على عقلية القيام بما هو صحيح، فإنه لا مفر من أن يسعى الكثيرون من الرجال والنساء لتحقيق رغباتهم الجنسية بالطريقة التي يرونها مناسبة ومن خلال كل الوسائل المتاحة لهم إذا كانوا يشعرون بأنهم يمكن أن يفلتوا من العقاب، حتى لو كان ذلك يعني الاعتداء على الأطفال واستغلال الفتيات الصغيرات القاصرات والنساء.


(4) بالإضافة إلى ذلك، فإن السعي وراء تحقيق الربح المادي هو السائد في ظل النظام الرأسمالي كما يجري تطبيقه في المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، ومعظم الدول الليبرالية العلمانية. وبالتالي يسمح للشركات أن تشجع على إشاعة الجنس في المجتمع من أجل زيادة المبيعات، بغض النظر عن الأثر الضار على الأفراد والمجتمع. فعلى سبيل المثال، على الرغم من أن ديفيد كاميرون قد تحدث كثيرا عن الآثار الضارة لإضفاء الطابع الجنسي على الأطفال، فإن حكومة المملكة المتحدة لم تحظر ذلك في ملابس الأطفال ووسائل الترفيه، بل اختارت ضمان الربح على مصلحة الأطفال. وعلى الرغم من أنّ واحدة من كل خمس نساء في المملكة المتحدة كانت ضحية اعتداء جنسيّ، فإنه لم يتم أي حظر لاستغلال المرأة، وعرضها كسلعة، ومادة للجنس في الإعلان ووسائل الإعلام، مما يحط من قدرها، وبالتالي يؤدي إلى تفاقم الجرائم الجنسية ضدها؛ ذلك لأنّ الرأسمالية تضع المكاسب المالية فوق حماية كرامة المرأة. حقّاً إن الحطّ من قدر النساء والفتيات من أجل الربح هو الذي يوجد بيئة مهيأة لاستغلال الأطفال والفتيات والنساء في عصابات الاتجار والبغاء والإغراء.


كل ذلك هو ما يغذي الاعتداء الجنسي.

الإسلام لديه الحل لمشاكل الاعتداء الجنسي


(1) يحدد الإسلام - في تناقض صارخ مع طريقة العيش العلمانية الليبرالية - الغاية من الحياة بأنها عبادة الله (سبحانه وتعالى). وبالتالي فإن وجهة نظره في السعادة هي نوال رضوان الله (سبحانه وتعالى) لا تحقيق المتع الجسدية. ولا تستند الأعمال التي يقوم بها الإنسان في الحياة على السعي وراء الرغبات الفردية بل على الالتزام بأوامر الله الخالق ونواهيه. بالتالي لا يوجد في الإسلام حرية جنسية تسمح للناس بتحقيق رغباتهم كيفما يشاؤون، بل الإسلام يرسي مبادئ إرشاد ثابتة حول كيفية النظر إلى الجنس الآخر ونوع العلاقات المسموح بها. حتى فيما يتعلق بالنظر إلى المرأة، فإن الإسلام لا يسمح للرجال بالنظر إليهن كما يحلو لهم، بل يلزم أن ينظر إليهنّ ويعاملن دائماً بكرامة. قال النبي عليه الصلاة والسلام: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي...» أخرجه الترمذي.


بالإضافة إلى ذلك، فإن التقوى (مخافة الله تعالى) تنمّي عقلية المساءلة أمام الله سبحانه وتعالى التي تدرك أن كل عمل خاضع للثواب أو العقاب في الآخرة، مما يضمن التزام المسلم بحدود الله وأحكامه، والاستقامة والخلق الكريم بغض النظر عمن يراقبه. وهذا يساعد على إيجاد مجتمع آمن.


(2) تنظم القوانين الإسلامية المجتمع لضمان أمن ورفاهية الأطفال، والحياة الأسرية، والمجتمع عموما، بدلا من ضمان الحريات الفردية والرغبات. وبذلك يسعى الإسلام إلى ضمان الحقوق الأساسية لكل طفل وامرأة ورجل في هذا المجتمع في أن يعيش ضمن بيئة آمنة، حيث يتم التقليل من الجريمة، وحماية كرامة الناس دائما، متحررين بذلك من الخوف من التحرش أو الاعتداء. لذلك لا يسمح للرغبات الجنسية أن تبث الخراب، بل توجه بطريقة تضمن عدم تحولها إلى القضية الأولى في أذهان الناس في جميع أنحاء المجتمع. لذلك ترفض العلاقات الجنسية الحرة، كما يحظر الزنا، والطابع الجنسي للنساء والأطفال. كما لا يسمح لأي مظهر من مظاهر المجتمع بإثارة الرغبات الجنسية في الحياة العامة، مما يحمي مرة أخرى الأطفال والنساء والضعفاء من سوء المعاملة.


(3) لدى الإسلام نظام اجتماعي وقوانين تفصيلية وشاملة تنظم العلاقة بين الرجال والنساء، وتوجه إثارة الرغبات الجنسية وإشباعها إلى الزواج وحده. وتشمل هذه القوانين طراز اللباس الإسلامي الذي يحدّ من جاذبية الرجال والنساء، وغضّ البصر عندما يكون هناك جاذبية، وحظر الزينة الظاهرة للمرأة في الحياة العامة أو الاختلاط الاجتماعي بين النساء والرجال غير المحارم مما يقلل إثارة الرغبات الجنسية. وبالتالي لا يتم كبت الرغبات الجنسية ولا إطلاقها من عقالها داخل المجتمع مما يؤدي إلى تفاقم الاعتداء الجنسي، والاتجار بالجنس، وعصابات الاستغلال الجنسي للأطفال. بل بدلاً من ذلك توجه وتشبع بطريقة تعود بالنفع على الأفراد والمجتمع من خلال ضمان الحفاظ على سلامة الأسرة، وحقوق المرأة والرجل في إطار علاقة مشروعة، وحماية الأطفال الذين ينشأون بينهم. بالإضافة إلى ذلك، شرّع الإسلام قوانين قضائية صارمة للحفاظ على هذه القيم والقوانين، وبالتالي لحماية الأفراد والمجتمع من خلال منع الإشباع السائب للرغبة الجنسية خارج إطار الزواج.


(4) وأخيرا، بما أن الإسلام ليس مدفوعا بتحقيق المكاسب المالية ولا تسيطر عليه، بل بما هو أفضل للبشرية والمجتمع، فإنه لا يسمح للربح المادي بإملاء الطابع الجنسي على النساء والأطفال، أو المجتمع، بل يضمن حماية الأخلاق، وحقوق الأطفال، ووحدة الحياة الأسرية، وأمن المرأة وغيرها من القيم الهامة للمجتمع. وبالتالي فإنه يحظر بشكل قاطع استخدام المرأة كسلعة واستغلالها والحطّ من قدرها في أي مجال من مجالات الحياة، بما يضمن الحفاظ على منزلتها العالية وكرامتها على الدوام.


كل هذا يردع أولئك المجرمين ويزجرهم عن الاعتداء الجنسي على الأطفال، والفتيات في سن المراهقة، والنساء، واستغلالهنّ، ويوجد مجتمعاً لا يعيش فيه الأطفال والنساء في خوف بل في أمان. ولكنّ هذا لا يمكن رؤيته على نحو شامل إلاّ في إطار نظام الحكم في الخلافة التي تطبق جميع قوانين الإسلام في الدولة.


وكنساء مسلمات في الغرب، يجب علينا أن نفهم أنه من خلال رفض القيم الليبرالية العلمانية الغربية، ونمطها في الحياة والثقافة، ومن خلال تنمية القيم والفروض والأحكام الإسلامية بين شبابنا المسلمين وجاليتنا يمكن بهذا وحده معالجة مشكلة الاختلاط، والاعتداء الجنسي، واستغلال الفتيات والنساء وغيرها من الجرائم البشعة. ومع ذلك، لدينا أيضا مسؤولية كبيرة في أن نبين لمعارفنا وزملائنا وجيراننا غير المسلمين العواقب الضارة لطريقة العيش الليبرالية العلمانية على النساء، والأطفال، والمجتمع. وإلى جانب هذا يلزم إطلاعهم على نور الإسلام وقيمه وقوانينه كحل للمشاكل الاجتماعية الكثيرة التي تواجههم، بما في ذلك جريمة الاعتداء الجنسي البشعة. يقول الله سبحانه وتعالى:

((ولو اتبع الحقُّ أهواءَهم لفسدتِ السماواتُ والأرضُ ومن فيهِنَّ، بلْ أتيناهم بذكرِهِم فهم عن ذكرِهِم معرضون)) [المؤمنون: 71]

نساء حزب التحرير / بريطانيا

 

 

 

التاريخ الهجري :4 من رجب 1434هـ
التاريخ الميلادي : الثلاثاء, 14 أيار/مايو 2013م

حزب التحرير

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع