بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مفتوحة إلى المسلمين في الدنمارك بخصوص الانتخابات للمجالس البلدية:
أيها المسلمون: لن يكون لكم أي وزن أو تأثير في الحياة السياسية إلا على أساس الإسلام
تجري الانتخابات للمجالس البلدية في هذا الشهر، والحملات الانتخابية على أشدها. والنقاش حول الانتخابات دائر بين المسلمين أيضا، وقد قامت بعض البلديات بإطلاق بعض المبادرات لحث المسلمين على المشاركة في الانتخابات. فعلى سبيل المثال قامت بلدية أورهوس بحملة موجهة حول التربية الديمقراطية، على هيئة دورة تدريبية، وذلك بهدف رفع نسبة المشاركة في الانتخابات بين الأجانب ذوي الأصول غير الأوروبية.
أيها المسلمون الأعزاء: كما هو الحال في جميع أمورنا في الحياة، فإنه من المهم جدا أن نلتزم، بخصوص هذه المسألة أيضا، بما تقوله أحكام الإسلام ليس غير، ولا يصح أن نناقش مسألة المشاركة في الانتخابات من منطلق أننا أقلية تسعى لاعتراف المجتمع بها، بل على العكس من ذلك، يجب علينا أن نتعامل مع الأمر كجماعة مسلمة، مسؤوليتها الحفاظ على هويتها الإسلامية، وحماية نفسها من الأفكار الغربية الزائفة.
أيها المسلمون الأعزاء: إن شرط المشاركة في الانتخابات في الإسلام، هو شرط بسيط وواضح: وهو جائز فقط في التصويت لشخص كي يقوم بعمل ليس حراما في الإسلام. قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبَرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾. وحقيقة الأمر بالنسبة للانتخابات في الأنظمة العلمانية، أنها إعطاء السياسيين سلطة تنفيذ أحكام تتعارض مع الإسلام.
على الرغم من أن المجالس البلدية ليست سلطات تشريعية، فإن هناك مشكلة أساسية بالمشاركة في العمل السياسي في البلديات في هذه الأنظمة بالنسبة لنا نحن المسلمين، الذين نعتبر أن شرع الله فوق أي تشريع أو قانون في الأنظمة الوضعية.
فالمجالس البلدية في المدن الدنماركية هي في الحقيقة سلطات إدارية تتمتع بشيء من الاستقلالية، ولا يحصر عملها في الأمور الإدارية. فهي جزء من نظام علماني كافر، وهذا أمر حرام على المسلم المشاركة فيه بنفسه أو بانتخاب من ينوب عنه بالعمل به. فأعضاء المجالس البلدية هم من يرشحون رؤساء البلديات، وهم شركاء معهم في المسؤولية بالنسبة لسياساتهم وأعمالهم.
من ناحية أخرى فإن هذه المجالس هي التي تقوم بتنفيذ القوانين والخطط السياسية الموجهة ضد المسلمين في البلاد والتي يتم اتخاذها في البرلمان، على سبيل المثال، الحرب على القيم الإسلامية تحت غطاء ما يسمى "بالرقابة الاجتماعية".
وكذلك فإن المجالس البلدية لها الكثير من المهمات التي تتعارض مع أحكام الشرع، منها على سبيل المثال لا الحصر، إقرار الميزانيات، حيث يكون الربا أساساً في تلك الميزانيات، وكذلك العقود الربوية، وهذا أمر يُعدّ من الكبائر في الإسلام، وكذلك الأمر بالنسبة لعقود زواج المثليين، وإصدار تراخيص بيع الخمور، ومراقبة الكازينوهات وغير ذلك من الأعمال التي تتعارض مع أحكام الإسلام. ولا شك أن التصويت لشخص يقوم بأعمال محرمة هو أمر محرم، فإعطاء الصوت لشخص أو حزب هو بمثابة تفويض لذلك الشخص أو الحزب للقيام بالعمل، وحيث إنه لا يمكن ضمان أن يكون العمل غير متعارض مع الإسلام، فلا يجوز إعطاء تفويض لأي أحد للقيام به.
أيها المسلمون: يجب أن ننوه هنا إلى أن القيام بدعم أي حزب علماني هو حرام شرعا، فالعلمانية تتعارض قطعا مع الإسلام في الأصول وفي الفروع، ودعم هذه الأحزاب يعتبر مساعدة لها في نشر وتطبيق أفكار الكفر. فجميع الأحزاب التي تترشح في الانتخابات في الدنمارك، هي أحزاب علمانية. وعندما ينتخب المرء عضوا في أحد هذه الأحزاب يكون قد أعطى صوتا لذلك الحزب، حيث إن العضو في أي حزب ملزم بالقرارات التي تتخذها قيادة ذلك الحزب، وهو موافق على برنامج ذلك الحزب.
فالخيارات المطروحة أمام المسلمين في هذه البلاد، محصورة في مرشحين وأحزاب علمانية، وهذه الأحزاب هي نفسها التي لا تنفك عن مهاجمة الإسلام ومبادئه. فهي التي تهاجم الخمار وتعتبره دليلا على اضطهاد المرأة، وهي التي تجعل من نظرة الإسلام في تربية الأبناء مشكلة، وغير ذلك من الأمور.
أما بالنسبة للقول بأن إحجام المسلمين عن المشاركة في الانتخابات يؤدي إلى عزل المسلمين ويجعل عيشهم في مجتمع موازٍ، فهذا القول لا يعدو كونه دعاية مضللة. فمشاركة المسلمين في المجتمع لا يمكن اختزالها في مسألة المشاركة في الانتخابات، فنحن بوصفنا مسلمين مكلفون بالمشاركة في المجتمع بشكل إيجابي، ولكن وفق الشروط التي وضعها الإسلام لذلك، شئنا أم أبينا، فإن المشاركة في الانتخابات تعتبر إعلانا عن الثقة في نظام علماني. وهو تعبير عن القبول بفكرة الكفر ألا وهي فصل الدين عن السياسة، وهذا ما لا يجوز للمسلم القبول به أو دعمه، وهذا هو السبب الحقيقي الذي يتم من أجله الضغط على المسلمين لزيادة مشاركتهم في الانتخابات، كجزء من خطة الدمج السياسي.
أيها المسلمون الأعزاء: أنتم مؤمنون بشرع الله، بينما الشعوب الغربية، ومنها الشعب الدنماركي يفقدون وبشكل متزايد ثقتهم بالنظام الديمقراطي، وهذا ما بينته مراكز الأبحاث المختلفة التي أظهرت فقدان الدنماركيين ثقتهم بسياسييهم وبالديمقراطية بشكل عام، فلا تركبوا مركبا غارقا، وإنما اسألوا أنفسكم: ما هي المسؤولية الملقاة على عاتقنا والتي يجب إيصالها للمجتمع المحيط بنا؟ هل هي إعلان الثقة بالعلمانية أم حجبها عنها؟
فلا تكونوا طوق نجاة لنظام يترنح للسقوط، إضافة إلى أنه نظام يتعارض بشكل جذري مع ما تؤمنون به، بل ويحارب معتقداتكم ليلا ونهارا. فأنتم من تحملون الإسلام ووجهة نظره الصحيحة في الحياة وأحكامه التي شرعها ربكم، مكلفون بالدعوة إلى الإسلام ونظامه، وليس الدعوة إلى الانخراط في الأنظمة والأفكار الأخرى الزائفة!
أيها المسلمون الأعزاء: بدلا من الجري خلف المرشحين والأحزاب العلمانية، يجب علينا أن نكون جسدا واحدا بعيدا عنها لكي نحمي هوية المسلمين، وذلك بالتمسك بالمبادئ الإسلامية فهي وحدها التي تخدم مصالح المسلمين الحقيقية، بدلا من أن نضع ثقتنا في الأنظمة السياسية العلمانية، يفترض بنا العمل على كسب الثقة بأن النظام الإسلامي هو البديل، وأن نعرض رسالة الإسلام أمام المجتمعات الغربية، التي تعاني بشدة بسبب هذه الأنظمة العلمانية، والتي هي السبب في الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
إخوتنا وأخواتنا المسلمين الأعزاء: إن أعظم فائدة في هذه الحياة الدنيا وفي الآخرة تتمثل في تمام العبودية لخالقنا عز وجل، الله سبحانه وتعالى. لذلك فإننا في حزب التحرير ندعوكم بكل صدق وإخلاص إلى الابتعاد عن الديمقراطية العلمانية، التي تتعارض مع إسلامكم، وأن تعملوا معنا سياسيا وفكريا للدعوة إلى الإسلام كاملا، وأن نحمي معا هويتنا الإسلامية وذلك بالمشاركة في العمل معنا عالميا لإعادة نظام الإسلام واستئناف الحياة الإسلامية في البلاد الإسلامية ومن ثم نشر الخير في ربوع العالم.
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ﴾
التاريخ الهجري :29 من ربيع الاول 1443هـ
التاريخ الميلادي : الجمعة, 05 تشرين الثاني/نوفمبر 2021م
حزب التحرير
الدنمارك