بسم الله الرحمن الرحيم
وقف إطلاق النار في لبنان يرسخ فكرة فصل الساحات بدل وحدتها
ودخولٌ في مسار مفاوضات الحل النهائي!
ليلة الأربعاء 27/11/2024م، أعلن نتنياهو موافقة حكومته الأمنية على مسار وقف إطلاق النار في لبنان، فيما رحَّب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي بالأمر، مثنياً على الدور الأمريكي ومبعوثها الخاص آموس هوكستين! علماً أنّ تطبيق وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ الساعة الرابعة فجر اليوم 27/11/2024م بتوقيت بيروت، بعد ليلة مارس فيها يهود همجيتهم بغارات على مجمل لبنان! وفي المقابل قام الحزب بتكثيف رشقاته الصاروخية تجاه الداخل الفلسطيني المحتل، رداً على هذه الاعتداءات وتأكيداً على أنه ما زال يمتلك هذه الإمكانية حتى اللحظات الأخيرة قبل وقف إطلاق النار! فما كانت عاقبة الأمور؟!
كانت أن تُركت غزة وحيدةً لمصيرها، حتى افتخر المجرم نتنياهو هذه الليلة بأنه استطاع فصل المسارات! تلك المسارات التي تغنَّى أصحابها بوحدتها منذ 2021م؛ حتى إن السامع ليتوهَّم أنه متى جدَّ الجدُّ فإنها كانت ستنطلق حرباً واحدةً من كل من ادَّعى أنه من دول محور المقاومة، وعلى رأسهم إيران! فإذا بغزة تُترك وحيدةً تواجه المجازر والدمار! ويشارك فيها حزب إيران وغيره مشاركات عُرِّفت بأنها مساندةٌ وإشغالٌ ليهود، وضمن قواعد اشتباك بقي متوافقاً عليها حتى اللحظات الأخيرة! وكما تُركت غزة وحيدةً في حرب يهود عليها، كذلك جاء الدور الآن على حزب إيران ليواجه أكبر الخسائر في تاريخه، وليس أقلها القضاء على معظم قياداته، فيما ظهر أنه أمرٌ دُبِّر بليل! فلقد تركت إيران حزبها الذي هو صنيعتها وأحد أهم أذرعها في المنطقة وليس في لبنان فقط، وحيداً؛ ليسير مع السلطة اللبنانية فيما تريده أمريكا من الوصول بلبنان إلى مفاوضات الحل النهائي مع كيان يهود، مفاوضات الاستسلام والتطبيع! وها هو هوكستين عرَّاب الترسيم البحري في تشرين الأول/أكتوبر 2022م، وعرَّاب وقف إطلاق النار الآن، يصرح للجزيرة في 27/11/2024م قائلاً: "... آمل أننا سنُنهي عبر الاتفاق كل العنف الذي عرفته المنطقة منذ عقود"! فهل هذا مجرد اتفاق على وقف لإطلاق النار في هذه الحرب تحديداً، أم هو ما تدفع إليه أمريكا المنطقة عموماً ولبنان خصوصاً، من السير باتجاه فرض سلام مع هذا الكيان الغاصب على المنطقة والأمة تحت ضغط الدمار والمجازر والأشلاء؟!
لو كانت السلطة اللبنانية وأحزابها يملكون أمرهم، لخاطبناهم بنبذ الاتفاق، ولكنهم دون ذلك، فمنهم من يكيل بصاع أمريكا، ومنهم من يكيل بصاع أوروبا، ومنهم من يكيل بصاع إيران الدائرة في فلك أمريكا! وما منهم من يكيل بصاع الأمة ودينها! لقد فوتت السلطة في لبنان الفرصة التاريخية في 7/10/2023م، مع سائر دول المسلمين، وخاصة ما يسمى دول الطوق، أو دول محور المقاومة؛ للالتحام مع يهود في طوفان يعيد الأراضي المحتلة، وقصُرت عن تسخير هذه الإمكانيات لصناعة ما تذكرهم به الأجيال؛ لكنه العز الذي لا يرضاه الله عز وجل إلا لجنده الذين نسبهم سبحانه لنفسه تكريماً وتعظيماً ﴿وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾.
وإننا في حزب التحرير/ ولاية لبنان نوجه خطابنا اليوم إلى أهل لبنان عموماً، وإلى المسلمين فيه خصوصاً، لنقول لهم ما رددناه مراراً وتكراراً: إنّ هؤلاء الحكام العملاء وأنظمتهم هم أُس الداء والبلاء، ما تردَّدوا يوماً في تسليم البلاد والعباد للكافر المستعمر والغاصب المحتل، فها أنتم ترون أنكم تذوقون الويلات من تهجير ونزوح، بينما هم يفترشون القصور وقاعات المؤتمرات الفخمة تلوك ألسنتهم فيها الكذب ويدبِّرون المؤامرات! ويكبلون الجيوش - أبناءكم - في الثكنات لحماية أنظمتهم، وكأن الناس ترسل أبناءها للجيوش لحماية كراسي هؤلاء الحكام المعوجَّة قوائمها! إنّه يتأكد لكم يوماً بعد يوم أنّ هدم هذه العروش بمساعدة المخلصين من هذه الجيوش وإقامة نظام واحد، خلافة راشدة على منهاج النبوة، يمثلكم حقاً، لهو من أوجب الواجبات، وإنّ التأخر عن ذلك لن يحمل لكم إلا المزيد من ضياع البلاد والعباد، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾.
إننا نسأل الله سبحانه أن يرفع الظلم والبغي والعدوان عن أهلنا في لبنان وغزة، وعن سائر المسلمين، بفرحة هذه الأمة بنصر عزيز مؤزَّر من الله، وسَيَصْدُق قول رسول الله ﷺ: «وَاللهِ لَيَتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرُ»، ومن أصدق من الله عزَّ وجلَّ ورسوله ﷺ قِيلاً؟!
التاريخ الهجري :25 من جمادى الأولى 1446هـ
التاريخ الميلادي : الأربعاء, 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024م
حزب التحرير
ولاية لبنان