السبت، 21 محرّم 1446هـ| 2024/07/27م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
الدنمارك

التاريخ الهجري    12 من ربيع الثاني 1432هـ رقم الإصدار: 11 - 11
التاريخ الميلادي     الخميس, 17 آذار/مارس 2011 م

 

بيان صحفي

 

شروط الهيمنة الثقافية لوزير الدمج الجديد تعري مبدأ الغرب

 

 

إثر فضيحة وزارة الدمج المتمثلة بالرفض غير القانوني والمتغطرس لمنح الجنسية الدنمركية للاجئين فلسطينيين، وبعد تعيين وزير الاندماج الجديد، ركزت وسائل الإعلام على المطالب المعلنة للوزير والتي تقضي بقبول المهاجرين التخلي عن قيمهم وثقافتهم والذوبان في المجتمع الدنمركي، وتبني القيم التي يعتبرها السياسيون قيما دنمركية. إزاء حملة القيم الصليبية هذه نود بيان ما يلي:

1-   جاء تعيين وزير الدمج الجديد، في وقت تتراجع فيه شعبية الأحزاب الحاكمة وفقا لاستطلاعات الرأي. لذلك فان دور الوزير الجديد في هذه الوزارة الغارقة في الفضائح، هو تحويل أنظار المواطنين عن الخروقات القانونية التي ما فتئت وزارة الدمج ترتكبها منذ سنين، وتحويل الأنظار كذلك عن سياسات التقشف، والقرارات التي لا تحظى بسند شعبي. ومن أجل تحقيق ذلك يستخدم الوزير ورقة الأجانب من جديد، وهي وصفة مضمونة النجاح، حيث يتم التركيز على المسلمين وقيمهم الإسلامية، وجعلها هدفا وقنبلة دخانية ووقودا في المعركة الانتخابية  للأحزاب الحاكمة. ولذا فإن الذي سيسيطر على الأجواء، وحتى موعد الانتخابات القادمة، هو إستراتيجية انتخابية عديمة الرحمة، تتمثل في بعث الحياة في لعبة قديمة معروفة، هي هجمة مضلله وغير أخلاقية تجاه المسلمين وثقافتهم، يكون الإعلام فيها اليد الطولى للحكومة. هذه الإستراتيجية تكشف وجه الديمقراطية الغربية البشع، وتفضح في نفس الوقت سياسة الحكومة المبنية على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة، خصوصا إذا كان الأمر متعلقا بالوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها.

2-   إن الهيمنة الثقافية المتمثلة بقبول شروط التذويب التي أطلقها الوزير الجديد ليست بالأمر المثير، فهي تتوافق تماما مع الممارسات السياسة القديمة والمستمرة منذ عقود. لقد سبق أن بيّنا سياسة الدمج المعتمدة  تهدف إلى التذويب، الأمر الذي أصبح واضحا للجميع، لا سيما بعد أن أصبح (صراع الثقافات والقيم) محورا لتلك السياسة. وما اختيار الحكومة للإعلان بأن التذويب هو الغاية إلا للمزايدة على المعارضة التي دأبت منذ زمن طويل تستنسخ سياسة الحكومة المتعلقة بالدمج والأجانب وذلك لكسب الأصوات. وما ردة فعل المعارضة الضبابية فيما يتعلق بمطالب وزير الدمج بالتذويب إلا دليل على أن المعارضة تتوخى نفس الأهداف.

3-   مرة أخرى، ومن جديد، تستخدم مثل الحرية في هذا البلد  لتبرير الازدراء والسخرية بحق الأقليات وحضارتهم، فلم تعد تلك الأقليات تملك حق التفكير المستقل واختيار قيمها ونمط عيشها بنفسها. وسيرا على خطى وزير الدمج، عبر رئيس الوزراء الحالي وبشكل واضح عن الغاية من سياسة الدمج بقوله: "إن العيش في الدنمرك لا يعني أكل لحم الخنزير والرقص حول شجرة الميلاد، ولكن هناك قيم يجب أن نحرسها...". وهكذا فإن السياسيين يمنّون على المسلمين عدم إجبارهم على أكل لحم الخنزير، في الوقت الذي لا يسمحون لهم باختيار قيمهم بأنفسهم!!. لذلك فإن رسالة السياسيين واضحة "كل من يختار قِيَمَهُ ومُثُلَهُ من خلال تفكير مستقل واختيار ذاتي غير مرحب به. أما الأشخاص الذين يقلدون تقليدا أعمى والأشخاص العاجزين عن تكوين قيمهم الخاصة، بسب الاضمحلال الفكري أو الخنوع لأصحاب السلطة، أولئك فقط المرحب بهم". إن فرض شروط الهيمنة الثقافية تُظهر أن قِيَم السياسيين العليا (قيم الحرية) التي تستخدم في تسويق المبدأ الغربي للمسلمين، داخليا وخارجيا، ما هي إلا شعارات فارغة. لذلك فإنه من المثير للاستغراب أن يطلب هؤلاء السياسيون من المسلمين احتضان المبدأ الغربي وحرياته، في الوقت الذي يقوم به هؤلاء بتعطيل القيم نفسها إذا عارضت مصالحهم.

4-   إن فرض شروط الهيمنة الثقافية من قبل وزارة الدمج يثير تساؤلات عدة:

ما هو موقف الحكومة من آلاف الدنمركيين الذين اعتنقوا الإسلام والذين استبدلوا قِيَمَهم الغربية ووضعها مكانها ِقِيماً إسلامية؟

أليس لهؤلاء أيضا الحرية والحق في اختيار القيم الإسلامية بدل الغربية؟

ما هي تَبِعات رفضِ مطالبِ السياسيين لشروط الهيمنة الثقافية تلك؟

هل ستفرض الحكومة إجراءات قانونية  إضافية إلى جانب التشويه والتشهير المعمول بِهِما حالياً؟

ألا يدرك الوزير وزملاؤه في البرلمان أن كل سياسة تتمحور على التحكم في عقول الناس، سياسة محكوم عليها بالفشل؟

ألم يستوعبوا الدروس من آسيا الوسطى، حيث فشل القمع الشيوعي الوحشي، ولعشرات السنين، في انتزاع القيم الإسلامية من المسلمين؟

ألا يتعلمون الدرس من الانتفاضة الحالية في الشرق الأوسط والموجهة ضد الأنظمة العميلة للغرب، والتي فشلت أيضا في كبت كل من يحمل أفكارا وقيما مخالفة لأفكار تلك الأنظمة؟

فإن قَصُرَت أنظارُ السياسيين عن إدراك ذلك، فليعتبروا بفشل سياسة الدمج، مرة تلو الأخرى، في الدنمرك وفي البلدان الأوروبية الأخرى، حيث فشلت هذه السياسة في إغراء أو إجبار المسلمين على التنازل عن قيمهم الإسلامية لصالح قيم الغرب، كما وفشلت في منع آلاف من سكان البلاد الأصليين من اختيار الحضارة الإسلامية بديلا عن الحضارة الغربية بالرغم من الدعاية الواسعة المعادية للإسلام وتعالي الأصوات الغوغائية التي تحرض على الإسلام والتي تملا الساحة الإعلامية؟

وأخيرا هل يجرؤ وزير الدمج على  فرض شروط  مماثلة على اليهود الدنمركيين الذين يظهرون الولاء للقيم اليهودية والاحتلال اليهودي في فلسطين، حيث يؤدون الخدمة العسكرية في "إسرائيل" ويشاركون في اعتداءات هذه الدولة على الأبرياء من أهل فلسطين؟

5-   إن السياسيين الدنمركيين ليسوا وحدهم من يجبر المسلمين على الذوبان. فطغاة العالم الإسلامي وحكامه العملاء، الذين يتصرفون وفق الامتلاءات الغربية، يجبرون المسلمين على الذوبان والخضوع لأنظمة وأنماط عيش علمانية. فها هو القذافي يضطهد المسلمين، ومن قبله بن علي في تونس نكل بالمسلمين ومنع الحجاب، ومبارك (الذي منحته الدنمرك أرقى أوسمة الشرف)، جميع هؤلاء أجبروا المسلمين على العيش في ظل الأنظمة العلمانية، وها هي الحكومات الديمقراطية في الغرب تعمل على إذابة المسلمين في نمط العيش العلماني. ورغم اختلاف الأساليب والوسائل فإنه من الواضح أن هناك قاسما مشتركا بين الأنظمة الاستبدادية في العالم الإسلامي وبين الحكومات الديمقراطية في الغرب، ألا وهو بذل الجهد لإجبار المسلمين على الذوبان في النظام العلماني. من هنا يتضح أن الأنظمة المستبدة في العالم الإسلامي والديمقراطيات الغربية هما وجهان لعملة علمانية واحدة!!!

6-   لقد بات واضحا حاجة المسلمين لنظام يحكم بالإسلام، يذود عن هويتهم وحضارتهم. وأصبح واضحا أيضا أن المسلمين يعملون لإيجاد هذا النظام في الحياة. وإلى أن يأذن الله تعالى للمسلمين بإقامة هذا النظام، عن طريق إقامة الخلافة الإسلامية في العالم الإسلامي، يتوجب على المسلمين التمسك بهويتهم وقيمهم الإسلامية في مواجهة الأنظمة الطاغوتية ومبادرات الإذابة التي يطلقها السياسيون الغربيون. وهذا يتطلب من المسلمين في الغرب ما يلي:

(أ) رفض مقولة أن القيم الغربية لا تقبل النقاش، ورفض المعادلة التي تقضي بتبني هذه القيم مقابل حق الإقامة في الدنمرك أو في أي بلد آخر. فصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين طلبوا اللجوء السياسي، في بلاد الحبشة، ذات الديانة النصرانية، هرباً من وحشية المجتمع المكي الذي كان يحاول إخضاعهم للنظم الجاهلية السائدة، هؤلاء الصحابة لم يغيروا ولم يبدلوا قيمهم ومواقفهم وحضارتهم بل تمسكوا بالحق مع إدراكهم أن حياتهم قد تكون ثمنا لذلك. وغني عن التوضيح أن المطالبة بتغيير القيم بسبب تغيير مكان الإقامة هو أمر مناقض للعقل. ويجب أن يكون واضحا للمسلمين أن تبني القيم لا بد وأن يأتي عن قناعات صادقة وتفكير مستنير، وليس عن طريق مطالب إجبارية من طرف ساسة الغرب.

(ب) بيان أن مطالب التذويب المطروحة ما هي إلا تحكم  في العقول، فرغم أن ساسة الغرب (ولحد الآن) لا يُملون على المسلمين ما يسمح لهم بأكله وشربه، إلا إنهم يريدون أن يملوا عليهم ما يُسمَحُ لهم بالتفكير فيه، والتفكير لا شك أهم بكثير من الأكل والشرب وواقعه أشد خطورة. إن حملة القيم الصليبية هذه، تذكرنا بالملاحقات التي وقعت في العصور الوسطى للمفكرين الذين رغبوا في اتخاذ آراء مستقلة، ورفضوا الذوبان في قيم المجتمع السائدة آنذاك.

(ج) الإصرار على حقنا في النقاش الحر، دون أن نجبر على تبني قيم معينة تبعا لسياسة العصا والجزرة. يجب أن نصر على الحق في تبني قيم مختلفة ومناقشتها بعيدا عن التشويه، ودون فرض أي مطالب علينا من قبل الدولة.

(د) اتخاذ دور فعال في المجتمع من خلال وعينا على ثقافتنا الإسلامية وقيمها، وحمل تلك الثقافة للجيران وزملاء العمل والجمهور بوجه عام.

وأخيرا، فإننا في حزب التحرير اسكندينافيا نوجه نداء إلى العقلاء من الساسة بالتخلي عن عقلية الاستعلاء الثقافي، وعن سياسة الدمج التذويبية الفاشلة، والتي تهدف إلى إذابة المسلمين بشكل قسري باستخدام سياسة العصا والجزرة. إننا ندعو هؤلاء الساسة للدخول في حوار جاد ونقاش موضوعي حول القيم، بدل لعبة الانتخابات التكتيكية والشعبوية، ندعوهم لنقاش قائم على دفع الحجة بالحجة بدل التشويه والإهانة، تاركين للناس الحق في التفكير واستخدام العقول. والعاقبة دوما للآراء القائمة على الحجج والبراهين وهذا ما نملكه نحن المسلمين.

شادي فريجة

الممثل الإعلامي لحزب التحرير- إسكندينافيا

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
الدنمارك
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
تلفون: 
http://www.hizb-ut-tahrir.dk/
E-Mail: [email protected]

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع