المكتب الإعــلامي
ولاية مصر
التاريخ الهجري | 16 من شوال 1446هـ | رقم الإصدار: 1446 / 30 |
التاريخ الميلادي | الإثنين, 14 نيسان/ابريل 2025 م |
بيان صحفي
مأساة مطروح: عندما تتحول الدولة إلى خصم وتدوس على الشرع والقيم!
في محافظة مطروح، وقعت جريمة مزدوجة تُجسد حال الدولة القُطرية الجبرية التي تحكم المسلمين اليوم، وتُظهر بوضوح مدى التناقض بين أنظمة الحكم القائمة وأحكام الإسلام ومقاييسه. ففي حادثة أليمة، قُتل شابان من أبناء مطروح بعد أن سلّما نفسيهما بضمانة قبلية، وذلك في أعقاب توتر شديد شهدته المنطقة بعد مقتل ثلاثة من أمناء الشرطة، وما تبع ذلك من اقتحامات واعتقالات طالت حتى النساء، في سابقة خطيرة تُظهر أن أجهزة الدولة لا ترى في الناس إلا أعداء ينبغي إخضاعهم بالقهر والإذلال.
احتجاز النساء... جريمة لا تُغتفر، حتى أبو جهل لم يكن ليفعلها
من أعظم ما صدم المجتمع في هذه الأزمة، هو إقدام قوات الأمن على اعتقال نحو 23 امرأة من أقارب المطلوبين للضغط عليهم لتسليم أنفسهم. وهذه جريمة تُناقض الفطرة، وتدوس على أعراف القبائل، وتتحدى صراحة أحكام الإسلام، الذي حرم المساس بالنساء، وجعل حمايتهن من أهم فروض الدولة، فهذا رسول الله ﷺ يحاصر يهود بني قينقاع ويجليهم عن المدينة من أجل امرأة مسلمة كُشف سترها. وهذا الخليفة المعتصم يخرج على رأس جيش عرمرم نصرة لامرأة أسيرة في بلاد الروم صاحت "وا معتصماه!".
فأيّ دولة هذه التي تستخدم النساء رهائن؟! وهل هذا إلا دلالة على الإفلاس الأخلاقي والقانوني والسياسي في أجهزة أمنية لا تعرف للحرمة معنى ولا للأحكام الشرعية وزنا؟!
إن الحكم الشرعي في هذا واضح، فلا يجوز احتجاز أي شخص بغير جريمة بيّنة، فضلاً عن اعتقاله لمجرد القرابة، فذلك من الظلم البواح، والرسول ﷺ يقول: «اتَّقُوا الظُّلْمَ فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
إن الشابين اللذين قُتلا - يوسف السرحاني وفرج الفزاري - كانا قد سلّما نفسيهما عبر وسطاء قبليين، في مشهد يعكس ثقة الناس في الحلول السلمية وضبط النفس. غير أن الدولة لم تلتزم بما اقتضته الأمانة والعهد، بل أعلنت لاحقاً أن الشابين "قُتلا في تبادل إطلاق نار"، وهي رواية لم تقنع أحداً، وأثارت غضب الأهالي، الذين اعتبروا ما حصل خيانة صريحة للاتفاق.
أما من ناحية الشرع، فإن قتل من سلّم نفسه يُعد من الكبائر والجرائم العظمى، فقد قال رسول الله ﷺ: «الْمُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ إِلَّا شَرْطاً أَحَلَّ حَرَاماً أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً». وإذا أُعطي الشخص أماناً - ولو ضمنياً - فلا يجوز الاعتداء عليه، بل يجب التحقيق معه وفق أحكام الشرع، لا اغتياله غدراً.
وإذا كانت الدولة لا تحترم وعودها، ولا تلتزم بعهودها مع أبناء شعبها، فما الذي تبقّى من معنى للثقة؟!
إن الدولة في الإسلام ليست جبرية ولا بوليسية، وإن هذه الأحداث المأساوية تكشف عن عمق الهوة بين الدولة القطرية في مصر - والتي تحكم بقبضة أمنية قهرية - وبين الدولة التي يُقيمها الإسلام. فالدولة في الإسلام، ليست جهاز قمع، بل هي راعية شؤون، تحفظ أمن الناس ولا تُهدده، تحترم أعراضهم ولا تهتكها، تحقن دماءهم ولا تسفكها. قال ﷺ: «الْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْؤُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، ما يُبيّن أن وظيفة الدولة هي رعاية الناس وفق الشرع، لا إخضاعهم باسم الأمن أو سيادة القانون الوضعي.
أما الأنظمة القائمة اليوم، فإنها قد تخلّت عن الإسلام حكماً ونظاماً، واستبدلت به دساتير وضعية، ما جعل الظلم ممنهجاً، والقتل مشروعاً، والحرمة منتهكة، والنساء رهائن، والعهود تُنقض في وضح النهار.
إن موقف قبائل مطروح - خصوصاً بعد عقد المجالس القبلية ورفض التعاون مع الدولة - يُعبر عن وعي فطري بأن الكرامة فوق كل شيء، وأن النكوص عن الحق لا يجوز؛ إلا أن هذا الوعي، وإن كان نابعاً من الغيرة والأنفة، فلا بد وأن يُربط بالرؤية الشرعية حتى لا يتحول إلى مجرد انفعال موسمي. فمن أراد الدفاع عن العرض، ومنع الظلم، وحماية النساء، وردع الجريمة، فليعلم أن لا سبيل لذلك إلا في دولة تطبق الإسلام بحق، وتخضع كل جهاز من أجهزتها لأحكامه، ولا تترك السلاح في يد من لا يتقي الله في رعيته، ألا وهي دولة الخلافة، التي تُنهي الدولة البوليسية، وتُخضع جهاز الشرطة للمحاسبة، وتُقيم العدل في الأرض.
المطالبة بالتحقيق ليست كافية... لا عدل تحت أنظمة الجور
يُطالب بعض الناس بفتح تحقيق في مقتل الشابين، لكن أي عدل يُرجى من سلطة هي ذاتها التي ارتكبت الجريمة؟ وأي إنصاف يُنتظر من دولة لا تحترم حتى وسطاءها القبليين؟ إن من كان جزءاً من المشكلة لا يُنتظر منه أن يكون جزءاً من الحل. والشرع يُوجب التغيير الجذري لا الإصلاح الترقيعي، لأن هذا النظام الفاسد لا يُصلح شيئاً، بل يُكرّس الظلم تحت مسميات القانون.
لقد آن لأهل مطروح، ولأهل مصر، وللأمة كلها، أن تُدرك أن السبب الحقيقي لهذا الظلم المتكرر، وللقتل بغير حق، ولانتهاك الأعراض، هو غياب الحكم بما أنزل الله، والاحتكام لأنظمة علمانية وضعية لا تراعي إلا مصالح الحكام وأجهزتهم.
ولا سبيل إلى الكرامة، ولا إلى حماية الأعراض، ولا إلى القصاص العادل، إلا بإقامة دولة الخلافة على منهاج النبوة، التي تحفظ للناس دينهم وأنفسهم وأعراضهم وأموالهم، وتجعل السلطان للأمة، لا لجهاز أمني يُدير البلاد بعقلية الاحتلال لا الرعاية.
فليكن موقف مطروح، وهذه الفاجعة، دافعاً لتحرّك الأمة نحو التغيير الحقيقي، والعمل الجاد لإقامة الخلافة التي تعيد للإسلام مكانته، وللمسلمين كرامتهم، وللنساء حرمتهن، وللعهد قدسيته.
وإننا إذ نُحمّل هذا النظام الجبري تبعات هذه الجريمة البشعة، نُذكّر الأمة أن لا عدل يُرتجى، ولا حرمة تُصان، ولا دماء تُحقن، إلا في ظل دولة الإسلام، الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، التي تحكم بما أنزل الله، وتحفظ أعراض المسلمين ودماءهم، وتُرهب أعداءهم.
﴿وَمَن يَقْتُلُ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾
المكتب الإعلامي لحزب التحرير
في ولاية مصر
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: www.hizb.net |
E-Mail: info@hizb.net |