المكتب الإعــلامي
ولاية لبنان
التاريخ الهجري | 25 من ربيع الاول 1432هـ | رقم الإصدار: u062d.u062a.u0644 32/04 |
التاريخ الميلادي | الإثنين, 28 شباط/فبراير 2011 م |
يا حكام لبنان، أيها الغافلون أتحسبون أنكم محصَّنون من غضبة الناس؟!
مع استمرار التجاذب الكريه بين الفريقين المتنازعين في لبنان، تستمر الأوضاع المعاشية بالتأزم، غلاءً في الأسعار، وتراجعاً في القدرة الشرائية لدى عامة الناس، وتفاقماً في الكهرباء، وإصراراً من أجهزة القمع على ظلم الموقوفين دون محاكمات أو بمحاكمات جائرة بغطاء سياسي وصمت مقيت من السياسيين المتحاصصين للسلطة... وكان آخر فصول العبث بمصالح الناس التجاذب الذي حصل في تحديد أسعار البنزين، والذي أدى إلى انقطاع هذا الوقود الحيوي على الرغم من السعر الفاحش الذي يدفعه الناس بسبب الضرائب المجرمة التي يفرضها الحكام الظالمون في هذا البلد. وبعد ذلك يطلع علينا من يتباهى بأنه خفّض السعر خمسة آلاف ليرة بعد ارتفاعها أضعاف هذا التخفيض!
لو كان الشرع الإسلامي مطبقاً في هذا البلد وسائر بلاد المسلمين لما وجدنا هذا الظلم الذي تشرّعه قوانين اللصوص ومافيات النفط وتجار السياسة والطائفية. وأقرب مثال على ذلك أن الشرع الإسلامي الذي تضمّن نظاماً اقتصادياً متكاملاً جعل كل أصناف الوقود ملكية عامة يحرُم على أحد من الأفراد أو الشركات الخاصة تملّكها أو احتكار استثمارها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "الناس شركاء في ثلاث: الماء والكلأ والنار". والنار المشمولة في هذا الحديث يُقصد بها المواد التي يوقِد بها الناس وتشكّل وقوداً لقضاء حاجياتهم، كالنفط والغاز والفحم الحجري... وبالتالي فإنه لا يجوز تمليك استثمار هذا القطاع لأحد من الأفراد، لا استخراجاً ولا تجارة ولا تصنيعاً. ويجب على الدولة أن تكتفي باستيفاء كلفة استخراج النفط وتصفيته دون أن تفرض عليه أي ضريبة. وعليه فإنه يجب على حكومة لبنان التي لا تملك مواد نفطية -حتى الآن- أن تؤمّن هذه المادة للناس بسعر الكلفة فقط لا غير، لا أن تمارس هذه السرقة المقنَّنة لأموال الناس بفرض ضريبة فاحشة على صفيحة البنزين، إلى حدّ أن ينفق محدودو الدخل حوالي نصف دخلهم الشهري على الوقود، هذا فضلاً عن أن السلطة في لبنان تمعن في خنق الناس بقوانين أخرى تتعلق بالوقود، فتحرّم على الناس استيراد السيارات التي تسير بالغاز أو المازوت النظيف والتي تخفف عن المستهلك قدراً كبيراً من تكلفة الوقود.
يا حكام لبنان جميعاً:
إن فريقاً منكم تاجر بالناس ومصالحهم ومصائرهم وعاث فساداً في الحكم والاقتصاد مختبئاً وراء شعار الحقيقة والعدالة، والفريق الثاني مارس الجرائم نفسها تحت شعار حماية المقاومة وسلاحها وخلف ستار التحالف مع دول الممانعة ضد إسرائيل والغرب، والتي لا تختلف عن أنظمة تونس ومصر وليبيا التي ذهبت إلى مزبلة التاريخ، من حيث استعبادها للناس وسرقتها لثرواتهم وتدميرها لهويتهم، بل من حيث عمالتها للغرب أو تواطؤها معه، ومن حيث اعترافها الضمني والعملي بدولة (إسرائيل)، واستعدادها لتوقيع السلام معه. ثم بعد ذلك تحسبون أنفسكم يا حكام لبنان بمنأى عن غضبة الناس التي تبدّت بوادرها يوم الأحد 27 شباط؟!
يا أهل لبنان جميعاً، مسلمين وغير مسلمين:
إن هذا المشهد السياسي المستجد في بلدكم، حيث مصالح الناس رهينة انتظار تشكيلة الحكومة الجديدة، يؤكد من جديد أن الكيان اللبناني الذي أنشأته فرنسا وتنازعت عليه مع بريطانيا وأمريكا، والذي عبثت فيه الأطراف الإقليمية والمحلية هو كيان فاشل. وإن الذي فاقم فشله هو النظام الطائفي الذي تأسس عليه والذي جعل الدولة مزرعة يتصارع على مناصبها وأموالها زعماء الطوائف، بدل أن تكون الدولة طريقة لرعاية شؤون الناس. وقد أوغل زعماء لبنان في هذا النظام الطائفي، فكان الدم الذي يسفك في الفتن الطائفية بين المسلمين والنصارى وبين السنة والشيعة هو أرخص أداة يستخدمونها لتحقيق أهدافهم الشخصية والفئوية ولخدمة الأسياد وراء البحار. وإن انجرافكم وراء هؤلاء الزعماء لم يجلب لكم يوماً -ولن يجلب لكم- سوى الذل والهوان والمصائب والنكبات. وإن الخلاص منهم ومن نظامهم الفاسد لا يكمن في العلمانية، ولا في تطبيق دستور علماني غربي رأسمالي مستورد، ولا في تعديله. وإنما يكمن في تبني أهل لبنان وسائر أهل المنطقة المحيطة بهم المشروع الحضاري السياسي الوحيد الصالح للإنسان والذي يقف وحيداً في مواجهة الحضارة الغربية المتعفنة وقوانينها الفاسدة المطبقة في بلادنا، إنه المشروع الحضاري والسياسي الإسلامي، نظام الإسلام الذي أَحسنَ رعاية شؤون الناس جميعاً حين أُحسن تطبيقه، فكونوا جزءاً من حركة هذا العالم الإسلامي لتحقيق هذا المشروع العظيم.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)
المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية لبنان |
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة تلفون: +961 3 968 140 |
فاكس: +961 70 155148 E-Mail: tahrir.lebanon.2017@gmail.com |