الإثنين، 25 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/10/28م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

المكتب الإعــلامي
ولاية السودان

التاريخ الهجري    23 من ربيع الثاني 1446هـ رقم الإصدار: ح/ت/س/ 1446 / 17
التاريخ الميلادي     السبت, 26 تشرين الأول/أكتوبر 2024 م

 

 

 

كلمة الناطق الرسمي لحزب التحرير في ولاية السودان في المؤتمر الصحفي بعنوان:

اتفاقية عنتبي وسد النهضة وتضييع الحكام مصالحَ الأمة الحيوية

 

 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وإمام المتقين، سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعد،

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،

 

إن الحديث عن اتفاقيات المياه والسدود هو أمر مهم وخطير، باعتبار أن الماء أمر حيوي، وبه حياة الناس، بل الحياة كلها، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾.

 

لقد كانت هنالك مجموعة من الاتفاقيات تحكم تدفق مياه النيل بروافده الكثيرة بين دول حوض النيل، ما جعل الوضع مستقرا بين هذه الدول لسنوات طويلة، ولكن في الآونة الأخيرة نقضت تلك الاتفاقيات باتفاقيات جديدة، مثل اتفاقية عنتبي التي عقدت بمدينة عنتبي الأوغندية في أيار/مايو 2010م، حيث وقعت كل من إثيوبيا، وأوغندا، ورواندا، وتنزانيا، وبوروندي، على ما سمي باتفاقية حوض النيل، بينما لاقت رفضا من مصر والسودان دون حراك جدي منهما لإبطال هذا الاتفاق.

 

وأخطر ما جاء في اتفاقية عنتبي ما يلي:

 

١- الاستخدام المنصف لمياه حوض النيل، والغرض من هذه المادة هو إنهاء الحصص التاريخية لمصر والسودان، أي 55.5 مليار متر مكعب لمصر، و18.5 مليار متر مكعب للسودان، لأن عبارة الاستخدام المنصف، هي عبارة فضفاضة، فمن الذي يحدد حجم هذا الإنصاف في ظل مادة تقول إن القرارات تجاز بالأغلبية وليس بالإجماع كما كان سابقا؟!

 

2- كما نص الاتفاق على تأسيس مفوضية، بعد تصديق 6 دول على الأقل على الاتفاقية عبر برلماناتها، وسيكون المقر الدائم للمفوضية دولة أوغندا، وفعلا صادقت برلمانات كل من: إثيوبيا، ورواندا في العام 2013م، وتنزانيا في العام 2015م، وأوغندا في العام 2019م، وبوروندي في العام 2023م، بينما لم تصادق كينيا حتى الآن.

 

وفي 15/7/2024 صادق جنوب السودان على الاتفاقية، وبتصديقه اكتمل النصاب القانوني لتأسيس مفوضية حوض النيل، وذلك بعد 60 يوما من إيداع جنوب السودان مصادقته على الاتفاقية.

 

ولأن مصر، والسودان، لا تتعاملان بجدية كما ذكرنا، أصدرا بيانا مشتركا قبل يوم واحد فقط من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، وجاء في بيانهما الصادر يوم السبت 12/10/2024 أن اتفاق إطاري حوض النيل غير ملزم لأي منهما، ليس فقط لعدم انضمامهما إليه، وإنما أيضا لمخالفته مبادئ القانون الدولي؛ العرفي والتعاقدي. وفي اليوم التالي لهذا البيان المصري السوداني، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، غرد آبي أحمد، رئيس وزراء إثيوبيا على منصة إكس، يوم الأحد 13/10/2024 واصفا بدء تنفيذ الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل بأنها لحظة تاريخية.

 

هذا فيما يتعلق باتفاقية عنتبي، وواضح فيها التآمر على الحقوق المائية لمصر والسودان، ومدى تفريط حكام مصر والسودان، وموقفهم الضعيف إزاء ما يجري من مؤامرات.

 

أيضا من الاتفاقيات الجديدة التي نقضت الاتفاقيات السابقة التي تحفظ حقوق مصر والسودان من مياه النيل، اتفاق إعلان المبادئ الذي وقعه رؤساء مصر والسودان، مع رئيس وزراء إثيوبيا في الخرطوم في 23/10/2015، وهو اتفاق أسوأ بكثير من اتفاقية عنتبي الموقعة في 2010م، لأن فيه الاعتراف الكامل لإثيوبيا بإنشائها السد الكارثة، وبأحقيتها في حجز المياه، باعتبار أن السد أقيم فيها؛ أي في إثيوبيا، والسيادة يجب أن تكون متساوية، فللسودان سيادته كما لمصر وإثيوبيا.

 

وبهذا التوقيع الخياني، تم إلغاء كل الاتفاقيات السابقة، وأعطوا لإثيوبيا الحق بإنشاء ما تريد من سدود على النيل الأزرق، وهذا يعتبر تفريطا من حكام مصر والسودان في حقوق الأمة في أمنها المائي.

 

والسؤال الذي يرد الآن هو، هل هذه الدول الموقعة على اتفاق عنتبي تتصرف وفق إرادتها، وحاجتها من المياه، أم أن هناك تدخلا خارجيا يريد أن يعبث في الموضوع؟!

 

لقد تدخلت أمريكا مبكرا في مسألة مياه حوض النيل، فقد قام خبراء من مكتب استصلاح الأراضي الأمريكية، بالتنسيق مع إثيوبيا، بدراسات ضخمة في منطقة بني شنقول، ومشاريع مياه في عموم إثيوبيا، وأعدت الدراسات لمشاريع وصلت 33 مشروعا، بما في ذلك أربعة سدود، وتزامنت هذه الدراسات مع فكرة إنشاء السد العالي في مصر عدة سنوات، واكتملت في العام 1964م، ولكن إثيوبيا لم تستطع تنفيذ تلك المشاريع في ذلك الوقت.

 

وكما خططت إثيوبيا للسيطرة على النيل، برزت مشاريع كيان يهود للحصول على حصة من مياه النيل، تنقل بواسطة أنابيب، إلا أن الرأي العام في مصر يرفض ذلك رفضا قاطعا، وقد حاول الرئيس المصري الأسبق السادات أخذ ضوء أخضر من الرأي العام، فقد أوردت صحيفة الشرق الأوسط في عددها ١١٢١١ الصادر في 8/8/2009م، بقلم أنيس منصور، حيث كتب يقول: "لقد طلب مني الرئيس السادات أن أنشر خبرا يكون بالون اختبار، فحواه: الرئيس السادات يحلم باليوم الذي تصل فيه مياه النيل إلى القدس ليتوضأ المسلمون منه ويصلوا في المسجد الأقصى".

 

وفي مقال في صحيفة المستقبل اللبنانية في عددها بتاريخ 20/10/2010 جاء ما يلي: إن (إسرائيل) تقوم بتمويل إنشاء خمسة سدود لتخزين مياه النيل في تنزانيا، ورواندا، وذلك في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية (الإسرائيلي) أفيغدور ليبرمان إلى دول الحوض، كما كشف المحلل السياسي الأمريكي مايكل كلير في كتابه "الحرب على الموارد: الجغرافيا الجديد للنزاعات العالمية"، كشف مخطط يهود للسيطرة على مياه حوض النيل قائلا: إن (إسرائيل) لعبت دورا كبيرا مع دول حوض النيل لنقض المعاهدات الدولية التي تنظم توزيع مياه النيل، وما خفي أعظم.

 

وهذا يؤكد أن ما يسمى بدول الحوض هي مجرد أدوات تستخدم للضغط على مصر والسودان في موضوع حوض النيل.

 

وهناك معلومة مهمة، وهي أن هذه الدول التي تتآمر ضد مصر والسودان، ليست بها حاجة إلى المياه، فهي تقع في منطقة استوائية غزيرة الأمطار، ويقدر خبراء المياه كمية المياه السنوية لدول الحوض بأكثر من 1000 مليار متر مكعب، وكل ما يأخذه السودان ومصر لا يتعدى 75 مليار متر مكعب سنويا.

 

إن الماء أيها الإخوة الكرام هو أمر حيوي، ولا يمكن أن يعيش الناس إلا به فهو من الحاجات الحيوية التي لا بديل عنها. وهذا الموقف المخزي الذي يمثله نظاما مصر والسودان، هو الذي جرأ هذه الدول وبخاصة إثيوبيا. ففي آخر تصريح لوزير الخارجية المصري، نشر في العربية نت يوم 20/10/2024 أكد أن مسارات التفاوض التي جرت مع الجانب الإثيوبي على مدار 13 عاما انتهت دون جدوى! فهذا التصريح يبين مدى ضعف هذه الأنظمة العميلة وهوانها، فإن المفاوضات العبثية التي ذكرها الوزير لم تنته دون جدوى، وإنما انتهت ببناء سد النهضة الكارثي الذي وصل إلى مراحل متقدمة، ويقال إنه الآن يخزن 60 مليار متر مكعب من المياه، وأصبح بذلك قنبلة موقوتة ومعضلة لن يستطيع النظامان المصري والسوداني فعل شيء حياله غير التصريحات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

 

إن تواطؤ حكام مصر والسودان على السماح ببناء سد النهضة هو تفريط في مصالح الأمة، وهو يخالف الحكم الشرعي للأسباب الآتية:

 

١- فيه منع للماء عن الناس، وهذا حرام، قال ﷺ: «ثَلَاثٌ لَا يُمْنَعْنَ: الْمَاءُ، وَالْكَلَأُ، وَالنَّارُ»، سنن ابن ماجه، وقال عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم: «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ». فمياه النيل ليست ملكا للإدارة الأمريكية، ولا لدويلة يهود أو إثيوبيا ليحجزوه عن الناس، كما أنها ليست ملكا لحكومتي مصر، والسودان، لتفرطا فيها، بل هي ملك عام لا يجوز منعه.

 

٢- فيه تمكين لأهل الكفر من رقابنا، فيتسلطون علينا أكثر من تسلطهم الحالي، وهذا حرام يجب منعه، قال تعالى: ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾. فما لا يدع مجالا للشك هو أن هذا السد قد أنشئ لمزيد من تركيع شعوب المنطقة، وإدخالها في صراع وقتال، وقيادة الكافر المستعمر لهذه المعركة، ومن الجانب الآخر، يمكن دويلة يهود من تأمين المياه لها من النيل! وفي هذا المزيد من السبيل على الأمة، وهذا حرام شرعاً.

 

٣- فيه أضرار قد يصعب عدّها من كثرتها، وقد ذكر منها الكثير، وهذا الإضرار حرام يجب أن يزال، قال رسول الله ﷺ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ».

 

لو كانت السودان ومصر جزءاً من دولة الخلافة الراشدة لما تجرأت بغاث الدول، ربائب الاستعمار وأدواته على تهديد المصالح الحيوية للخلافة، كيدا للإسلام والمسلمين، فدولة الخلافة هي دولة مبدئية، تسعى لاقتعاد مركز الصدارة في الموقف الدولي، لذلك فإن قائمة المصالح الحيوية للخلافة الراشدة تطول ولا تقصر، ولا تتجرأ دولة على تهديد هذه المصالح ابتداء.

 

إن تاريخ الخلافة يحمل العظات والعبر على عزتها ومحافظتها على مصالح المسلمين، وذلك بقوة أعمالها السياسية، وشموخ مفاوضيها ودبلوماسييها، وكبريائهم، وأنفتهم، وتلويحها باستخدام القوة العسكرية، ثم استخدامها فعلا، ويرفدها الملايين من الرجال الرجال المتطلعين للموت في سبيل الله، إنها دولة العزة والكرامة، التي يجب على كل مسلم أن يعمل مع العاملين لإقامتها لأجل حياة طيبة في طاعة الله سبحانه، يرضى عنها ساكنو السماء والأرض.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

إبراهيم عثمان (أبو خليل)

الناطق الرسمي لحزب التحرير

في ولاية السودان

 

 

المكتب الإعلامي لحزب التحرير
ولاية السودان
عنوان المراسلة و عنوان الزيارة
الخرطوم شرق- عمارة الوقف الطابق الأرضي -شارع 21 اكتوبر- غرب شارع المك نمر
تلفون: 0912240143- 0912377707
www.hizb-ut-tahrir.info
E-Mail: spokman_sd@dbzmail.com

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع