- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
"بَاب حُكْمِ مَنْ فَرَّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُجْتَمِعٌ"
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في صحيح الإمام مسلم في شرح النووي "بتصرف" في "بَاب حُكْمِ مَنْ فَرَّقَ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مُجْتَمِعٌ"
حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ وَقَالَ ابْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ قَالَ: سَمِعْتُ عَرْفَجَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّهُ سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ، فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ، فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ".
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (سَتَكُونُ هَنَاتٌ وَهَنَاتٌ) الْهَنَات: جَمْعُ هَنَةٍ، وَتُطْلَقُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْفِتَنُ وَالْأُمُورُ الْحَادِثَة. قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهِيَ جَمِيعٌ فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ) فِيهِ الْأَمْرُ بِقِتَالِ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ، أَوْ أَرَادَ تَفْرِيقَ كَلِمَةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ قُوتِلَ، وَإِنْ لَمْ يَنْدَفِعْ شَرُّهُ إِلَّا بِقَتْلِهِ فَقُتِلَ كَانَ هَدَرًا، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَاضْرِبُوهُ بِالسَّيْفِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى: (فَاقْتُلُوهُ) مَعْنَاهُ: إِذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إِلَّا بِذَلِكَ.
إن الرسول – صلى الله عليه وسلم- يخبر ويبين ما سيكون عليه واقع الأمة، حيث ستحل بها الفتن، ولعل هذا من دلائل النبوة. ومن هذه الفتن، الخروج على جماعة المسلمين، وهذا الخروج أمر عظيم وكبير يستأهل القتل، فلا تحل معصية الحاكم مهما فعل- ما لم يأمر بمعصية-، فقد روى البخاري عن ابن عمر، أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-قال: "من حمل علينا السلاح فليس منا"، فلا يحل أن ينازع في الولاية مهما كان، إلا ما جاء نص به وهو الكفر البواح.
أيها المسلمون: على الرغم من شدة العقوبة للخارج على الحاكم المسلم، إلا أن هناك عقوبة شديدة أيضا على من يقبل بالحاكم المظهر للكفر البواح، كحال حكامنا في هذا الزمان، حيث إن هذه العصابة المجرمة، والتي استولت على الحكم في غفلة من المسلمين عن دينهم، قد طبقت عليهم الكفر البواح، فكانت الَهَنَات والفتن، وتفرقت الأمة إلى ما يقارب الخمسين دولة؛ بل قل مسخا، كل منها عدو للآخر، وافتتن الناس "كل حزب بما لديهم فرحون" فتنادى أهل مصر: "مصر أم الدنيا" وتنادى أهل الأردن "الأردن أولا"، وأصبحت بلاد الحجاز والكعبة للسعوديين، وفلسطين والأقصى للفلسطينيين، وصدق في هذه الأمة قول الشاعر:
أمشي على ورق الخريطة خائفا فكلنا على الخريطة أغراب
فخريطة الوطن الكبير فضيحة فمخافر وحواجز وكلاب
نعم أيها المسلمون: هذا حال الأمة بعد أن شقت عصا الطاعة، وتفرق أمرها. فمن لي بهذه الأمة يأخذ على يد من فرّقها ويقتله؟ من لي أيها المسلمون، يعمل لعودة جماعة المسلمين لتعود هذه الأمة إلى مكانتها التي ارتضاها الله لها؛ خير أمة أخرجت للناس؟
اللهم يا الله، عجل لنا بإمام يلم شعث المسلمين، ويقضي على حكامهم، ويعيد خلافتهم من جديد. اللهم آمين.
احبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.