بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

 

مع الحديث الشريف

اتسع الخرق على الراتق

 

 

 

نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

    عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعَت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيه وَسَلَّم يَقُول: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ فَيَنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا» رواه البخاري برقم 2546.

  

   إن الكذب قبيح ومنقصة في جميع الشرائع ولا نقاش في ذلك، ولكن النقاش في الظروف التي تحيط به أحيانا، لقد حرم الإسلام الكذب وجعله من صفات المنافق، إلا في ثلاث حالات هي: الكذب بين الزوجين، والكذب في الحرب، والكذب عند الإصلاح بين الناس. وهذا الحديث لفت نظرنا إلى الحالة الثالثة، الإصلاح بين الناس، فإصلاح ذات البين من الأمور العظيمة في الحياة؛ بل هو عبادة يحبها الله سبحانه وتعالى، ونتقرب إلى الله بها، لما فيها من منع للقطيعة ورأب للبيوت المتصدعة، وعصمة للدماء والأموال، ومحاربة للشيطان الذي يشعل نار الفتنة.

 

أيّها المسلمون:

 

   إن القلب ليعتصر ألما هذه الأيام مّما يجده المرء ويلاقيه من انتشار واسع للخصومة بين المسلمين، فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع فيه عن مشاجرة هنا أو هناك، تصل في بعض الأحيان إلى القتل، حتى اتسع الخرق على الراتق، ولم يعد لأهل الإصلاح قدرة على لئْمِهِ، نعم لقد أصبحت ظاهرة منتشرة في مجتمعات الأمة الإسلامية شرقا وغربا بعد أن ذاقت الأمة ضنك العيش بسبب حكامها الذين باعوها لأعدائها، فتناوب الكفر عليها، بدساتيره الكفرية، وبمناهجه التعليمية الفاسدة، وبأفكاره عن الحرية، وبسياساته الاقتصادية، فسقطت قصعة سائغة بين يديه، فكان من الطبيعي في مثل هذه الأجواء القاهرة أن تزداد الشحناء بين أبنائها. هنا يأتي رسولكم الكريم صلى الله عليه وسلم يقول لكم: إنّ من يكذب ليصلح بين الناس ليس بكذاب، بل أجره عظيم عند الله، ولكن إلى متى سيبقى أهل الخير والإصلاح يركضون وراء هذا ووراء ذاك؟ إلى متى سيبقى أهل الخير يركضون في أتون هذه الظاهرة؟ لا شك أن غياب دولة الإسلام الراعي الأول للأمة هو سبب استفحال هذه الظاهرة وانتشارها، فبغيابها حلَّ الجهل واستعمرت الشعوب، وبغيابها ازداد القتل وساد الظلم، وسيبقى أهل الإصلاح يسعون بالخير بين الناس إلى أن تعود.

 

   اللهمَّ عاجلنا بخلافةٍ راشدةٍ على منهاجِ النبوةِ تلمُّ فيها شعثَ المسلمين، ترفعُ عنهم ما هم فيهِ من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرضَ بنورِ وجهِكَ الكريم. اللهمَّ آمين آمين.

 

   أحبتَنا الكرام، وإلى حينِ أنْ نلقاكم مع حديثٍ نبويٍّ آخرَ، نتركُكم في رعايةِ اللهِ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ. 

 

 

 

كتبه للإذاعة: أبو مريم