- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
معنى محبّة الرسول صلى الله عليه وسلم
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يَكُونُونَ بَعْدِي يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ». رواه مسلم برقم 2832.
احتفل المسلمون قبل أيام بذكرى مولد الحبيب محمّد صلى الله عليه وسلم، احتفلوا حبا به، فكانت احتفالاتهم غريبة عجيبة، خرجت من خلال فضائيات دول طالما حاربت الله ورسوله، وبارزتهما العداء، فاستغل علماء المناسبات وأبواق النظام في تلكم الدول هذه الذكرى ليدعوا للحاكم ولولي الأمر بالتأييد والثبات. استغلوا هذه المناسبة لترسيخ وطنيتهم العفنة، وحدود دولهم النتنة؛ فمن مدافع عن مصريته، ومن مدافع عن أردنيته، ومن مدافع عن سعوديته، ... فأية محبة هذه التي تمتزج بالمعصية؟!
أيها المسلمون:
إن المحبة تعني فيما تعنيه طاعة المحبِّ لمحبوبه:
تَعْصِي الإِله وَأنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ هذا محالٌ في القياس بديعُ
لَوْ كانَ حُبُّكَ صَادِقاً لأَطَعْتَهُ إنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
فهل كان رسولنا الأغرّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو يوما لوطنية أو قوميّة؟! أم هل قَبِلَ يوما بحكم دساتير الكفر القرشيّة؟! أم أنه خرج عليه الصلاة والسلام من مكة ليعود إليها فاتحا، بعد أن ضرب العلاقات الداخلية؛ الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية. نعم؛ لقد حاربتَ صلوات ربّي وسلامه عليكَ أهلكَ وعشيرتك، وخرجت من وطنك. فرغم حبّك لمسقط رأسك إلا أنك لم ترفع رايةً مكيّة؛ بل كانت رايتك وكلمتك ودعوتك "لا إله إلا الله، محمد رسول الله"، فلم تؤثّر فيك الإغراءات ولا العروضات: إن كنت بحاجة إلى مال جعلناك أغنانا، أو كنت بحاجة إلى نساء زوجناك أجمل النساء، أو كنت تريد حكما جعلناك حاكما وسيّدا علينا. نعم؛ لقد رفض صلوات ربي وسلامه عليه هذا كلّه وبقي على "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، عاش عليها ومات عليها.
سلامي عليك يا حبيبي يا رسول الله، سلامي عليك وقد صارت ذكرى ميلادك فرصة للنعيق وللدعوة إلى الحرام، سلامي عليك وقد صارت محبتك صورة لكل جاهل بالدين، فأين المضحّون بالمال والأهل كما ضحيّت؟! وكأني بك تقول لمن يحتفل بالذكرى: تبّا لكم، لا أريد احتفالاتكم الوطنيّة القزمة، لا أريد احتفالاتكم وابتهالاتكم المزيّفة، أريد منكم حبّا صادقا منتجا، حبا وفق أحكام الله وسنته، حبّا يرقى للتضحية بالأهل والمال والولد، حبا يسير وفق قوله سبحانه: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَالله غَفُورٌ رَّحِيمٌ). اللهم اجعلنا ممّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
اللهمَّ عاجلنا بخلافةٍ راشدةٍ على منهاجِ النبوةِ تلمُّ فيها شعثَ المسلمين، ترفعُ عنهم ما هم فيهِ من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرضَ بنورِ وجهِكَ الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتَنا الكرام، وإلى حينِ أنْ نلقاكم مع حديثٍ نبويٍّ آخرَ، نتركُكم في رعايةِ اللهِ، والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ.
كتبه للإذاعة: أبو مريم
وسائط
1 تعليق
-
اللهم اجعلنا ممّن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.