- الموافق
- 1 تعليق
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
عينان لا تمسهما النار
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله» رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني. وفي رواية أنس بن مالك رضي الله عنه عند أبي يعلى: «عَيْنَانِ لا تَمَسُّهُمَا النَّارُ أَبَدًا: عَيْنٌ بَاتَتْ تَكْلأُ الْمُسْلِمِينَ فِي سَبِيلِ الله، وَعَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله».
لا شك أن النجاة من النار مطلبٌ لكل مؤمن بالله واليوم الآخر، وهمٌّ يؤرِّق مضجع عباد الله الصالحين، وفوق ذلك: هو الفوز يوم القيامة (فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران: 185]، ونرى في هذا الحديث سببين للنجاة من النار، هما: البكاء من خشية الله، والحراسة في سبيل الله.
1- عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله.
البكاء من خشية الله تعالى أصدق بكاء يتردد في النفوس، وأقوى مترجم عن القلوب الوجلة الخائفة، والعين التي تذرف الدمع من خشية الله لن تمسها النار؛ لأن العين تتبع القلب، فإذا رقّ القلب دمعت العين، وإذا قسى القلب قحطت العين، قال الإمام ابن القيّم في "بدائع الفوائد": "ومتى أقحطت العين من البكاء من خشية الله تعالى، فاعلم أن قحطها من قسوة القلب، وأبعد القلوب من الله: القلب القاسي".
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ من القلب الذي لا يخشع، فيقول: «اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها» رواه مسلم.
وقد مدح الله تعالى البكائين من خشيته تعالى، فقال في محكم التنزيل: (أُولَٰئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَٰنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا] (مريم: 58)، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية، فسجد، وقال: "هذا السجود، فأين البكي؟" يريد البكاء.
2- عَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله.
الحراسة في سبيل الله من أعظم مراتب الجهاد؛ لأن الحرّاس إما أن يكونوا في مقدمة الصفوف لقتال الأعداء، أو يسهرون بالليل لحماية الجيش من الأعداء، يقول الإمام ابن النحاس: "اعلم أن الحراسة في سبيل الله من أعظم القربات، وأعلى الطاعات، وهي أفضل أنواع الرباط، وكل من حرس المسلمين في موضع يخشى عليهم فيه من العدو فهو مرابط". ويقول الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "لأن أبيت حارساً خائفاً في سبيل الله أحب إلي من أن أتصدق بمائة راحلة".
فها نحن هذه الأيام نفتقد للكثير من أبواب الخير والنجاة من نار جهنم, فمنذ أكثر من مائة عام لم نرَ الجيوش تجاهد في سبيل الله لرفع كلمته سبحانه وتعالى، ونفتقد الرباط على الثغور والعيون التي تبيت حارسة حدود دولة الإسلام. إن الله قادر أن يبدل الحال، فاللهم أبدل حالنا، وأعد لنا العيون التي تحرس في سبيلك، وتقودنا العيون التي تبكي من خشيتك، فبهم ننتصر وتعزّ أمتنا.
وسائط
1 تعليق
-
اللهم نسألك الجنة وما يقرب لها من قول أو فعل واجرنا من النار وما يقرب لها من قول أو فعل