- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
نحييكم جميعا أيها الأحبة المستمعون في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بَعْثًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ النَّاسُ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعَنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ".
مستمعينا الكرام:
هذا رسول الله أول رئيس لدولة الإسلام يعين أمير الجيش بنفسه ... ما يدل على أن رئيس الدولة في الإسلام (الخليفة) هو قائد الجيش الفعلي وليس قائداً أعلى للجيش فحسب. فليست قيادته للجيش رمزية
وقيادة الجيش هي إحدى صلاحيات الخليفة وإلا فصلاحيات الخليفة كثيرة وتتخلص فيما يلي
1- هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية اللازمة لرعاية شؤون الأمة المستنبطة باجتهاد صحيح من كتاب الله وسنة رسوله، فتصبح هذه الأحكام بتبنيه لها قوانين تجب طاعتها ولا تجوز مخالفتها ...ودليلها إجماع الصحابة ... فقد رأى أبو بكر حين ولي الخلافة أن يوزع المال بين المسلمين بالتساوي لأنه حقهم جميعاً بالتساوي، ورأى عمر أنه لا يصح أن يعطى من قاتل رسول الله كمن قاتل معه، وأن يعطى الفقير كالغني .... لكن أبا بكر كان هو الخليفة فأمر بالعمل برأيه أي تبنى توزيع المال بالتساوي فاتَّبعه المسلمون في ذلك، وسار عليه القضاة والولاة وخضع له عمر وعمل برأي أبي بكر ونفذه. ولما تولى عمر الخلافة تبنى رأياً يخالف رأي أبي بكر أي أمر بتوزيع المال بالتفاضل لا بالتساوي فيعطى حسب القِدم والحاجة, فاتَّبعه المسلمون، وعمل به الولاة والقضاة، فكان إجماعاً من الصحابة على أن للإمام أي الخليفة، أن يتبنى أحكاماً معينة مأخوذة من الشرع باجتهاد صحيح ويأمر بالعمل بها وعلى المسلمين طاعتها ولو خالفت اجتهادهم وترك العمل بآرائهم واجتهاداتهم.
2- هو المسؤول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة وسائر المعاهدات :.... ودليلها عمل الرسول صلى الله عليه وسلم ... فهو كان يقوم بكل تلك الأعمال بنفسه أو يعين من يقوم بها نيابة عنه كما كان يوظف من يقوم بالأعمال الإدارية فقد كان يعين المعاونين والولاة والقضاة ويحاسبهم ويراقب البيع والشراء وتوزيع المال ومساعدة العاطلين عن العمل في إيجاد أعمال لهم ... وغيرها من الأمور الداخلية وكذلك كان يخاطب الملوك ويستقبل الوفود وسائر الأمور الخارجية، وقاد الغزوات بنفسه وبعث السرايا وعين قادتها مما يدل على أنه كان القائد الفعلي للجيش وليس القائد الأعلى فحسب ... فأعن الحرب وعقد الهدن والمعاهدات .... مما يدل أن كل هذه الأعمال هي من صلاحيات الخليفة
3- هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم وتعيين السفراء المسلمين وعزلهم: ودليلها عمل الرسول صلى الله عليه وسلم فقد تلقى صلى الله عليه وسلم رسولي مسيلمة، وأبا رافع رسولاً من قريش، وهو الذي أرسل الرسل إلى هرقل وكسرى والمقوقس والحارث الغساني والحارث الحميري ملك اليمن والنجاشي وغيرهم من الملوك ... كما أرسل عثمان بن عفان رسولا إلى قريش مما يدل على أن الخليفة هو الذي يعين السفراء ويستقبلهم أو يرفضهم.
4- هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسؤولون أمامه، كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الأمة .... دليله فعل الرسول فقد عين أبا بكر وعمر معاونين له كما عين الولاة... وحاسبهم وعزل بعضهم فقد عزل العلاء بن الحضرمي عن ولاية البحرين وحاسب ابن اللتبية على قبوله الهدية حين بعثه عاملاً على الصدقة.
5- هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة، والقضاة، باستثناء قاضي المظالم فهو يعينه، ولكن عزله عليه قيود، وهو الذي يعين ويعزل مديري الدوائر، وقواد الجيش، ورؤساء أركانه وأمراء ألويته... وهم جميعاً مسؤولون أمامه، وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأمة. دليله فعل الرسول فقد عين قضاة.. ومنهم علي بن أبي طالب وأبو موسى الأشعري وقادة للجيوش والسرايا منهم أسامة بن زيد وحمزة بن عبد المطلب
6- هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية التي توضع بموجبها ميزانية الدولة، وهو الذي يقرر فصول الميزانية، والمبالغ التي تلزم لكل جهة، سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات... ودليلها إجماع الصحابة... فقد فعل ذلك الخليفة الراشد أبو بكر كما فعله الخليفة عمر بن الخطاب ولم ينكر عليه أحد من الصحابة مع أنه مما ينكر مثله، فكان إجماعاً.
مستمعينا الكرام:
مما تقدم من عمل الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره حاكماً ومن إجماع الصحابة على أعمال الخلفاء الراشدين من بعده يتبين أن الخليفة هو صاحب جميع الصلاحيات في الحكم... فهو ولي أمر المسلمين وراعي مصالحهم.... وله كل الصلاحيات التي تمكنه من القيام بمسؤوليته في الولاية والرعاية ...
وهذا حكم الله وليس لأحد أن يعترض عليه أو ينتقده... فمن أدرى من الله تعالى بما يصلح الأمة ويصلح لها من خالقها وبارئها.... ومع هذا فإن فوائد تلك الصلاحيات الواسعة للخليفة ستظهر للعيان حين تعود الخلافة قريباً بإذن الله.... ويباشر الخليفة رعايته لشؤون الأمة.....
فيكون المسؤول عن كل كبيرة وصغيرة فيها معروف بعينه... فتسائله الأمة وتحاسبه... ولا تضيع حقوق الناس بين مسؤولين كثر يلقي كل منهم اللوم على غيره فتضيع الحقوق ولا يحاسب المقصر فينتشر الظلم والفساد كما هو حاصل اليوم في الأنظمة الديمقراطية المطبقة في العالم ومنه عالمنا الإسلامي....
فعجل اللهم لنا بخليفة يرعى شؤوننا ويصغي لنصائحنا ويتقبل محاسبتنا ومساءلاتنا... فلا يعود هناك مجال للظلم أو الفساد.... ويعم الأمن والطمأنينة والأمان في أمة طال ظلمها وإرهابها وقهرها..... وهي تتطلع إلى يوم خلاصها بعيون ملؤها الرجاء برب رؤوف رحيم..... اللهم آمين
مستمعينا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.