- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
إني أُرسل الكلابَ الْمُعَلَّمَة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
روى أبو داوود في سننه قال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ:
"سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ: إِنِّي أُرْسِلُ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ فَتُمْسِكُ عَلَيَّ أَفَآكُلُ؟ قَالَ: إِذَا أَرْسَلْتَ الْكِلَابَ الْمُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلْنَ؟ قَالَ: وَإِنْ قَتَلْنَ، مَا لَمْ يَشْرَكْهَا كَلْبٌ لَيْسَ مِنْهَا، قُلْتُ: أَرْمِي بِالْمِعْرَاضِ فَأُصِيبُ، أَفَآكُلُ؟ قَالَ: إِذَا رَمَيْتَ بِالْمِعْرَاضِ وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ فَأَصَابَ فَخَرَقَ فَكُلْ وَإِنْ أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَلَا تَأْكُلْ"
قَالَ صَاحِبُ عَوْنِ الْمَعْبُودِ:
(إِنِّي أُرْسِل الْكِلَاب الْمُعَلَّمَة): بِفَتْحِ اللَّام الْمُشَدَّدَة، وَالْمُرَاد مِنْ الْكَلْب الْمُعَلَّم أَنْ يُوجَد فِيهِ ثَلَاث شَرَائِط إِذَا أُشْلِيَ اِسْتَشْلَى، وَإِذَا زُجِرَ اِنْزَجَرَ، وَإِذَا أَخَذَ الصَّيْد أَمْسَكَ وَلَمْ يَأْكُل، فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ مِرَاراً وَأَقَلّه ثَلَاث كَانَ مُعَلَّمًا يَحِلّ بَعْد ذَلِكَ قَتِيله
(فَتُمْسِك عَلَيَّ): أَيْ تَحْبِس الْكِلَاب الصَّيْد لِي. (أَفَآكُل): أَيْ الصَّيْد
(قَالَ إِذَا أَرْسَلْت الْكِلَاب الْمُعَلَّمَة وَذَكَرْت اِسْم اللَّه فَكُلْ): فِيهِ دَلِيل عَلَى أَنَّ الْإِرْسَال مِنْ جِهَة الصَّائِد شَرْط حَتَّى لَوْ خَرَجَ الْكَلْب بِنَفْسِهِ فَأَخَذَ صَيْداً وَقَتَلَهُ لَا يَكُون حَلَالاً. وَفِيهِ بَيَان أَنَّ ذِكْر اِسْم اللَّه شَرْط فِي الذَّبِيحَة حَالَة مَا تُذْبَح وَفِي الصَّيْد حَالَة مَا يُرْسِل الْجَارِحَة أَوْ السَّهْم
(مَا لَمْ يَشْرَكهَا كَلْب لَيْسَ مِنْهَا): فِيهِ تَصْرِيح بِأَنَّهُ لَا يَحِلّ إِذَا شَارَكَهُ كَلْب آخَر، وَالْمُرَاد كَلْب آخَر اِسْتَرْسَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَرْسَلَهُ مَنْ لَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْل الذَّكَاة أَوْ شَكَكْنَا فِي ذَلِكَ فَلَا يَحِلّ أَكْله فِي هَذِهِ الصُّوَر فَإِنْ تَحَقَّقْنَا أَنَّهُ إِنَّمَا شَارَكَهُ كَلْب أَرْسَلَهُ مَنْ هُوَ مِنْ أَهْل الذَّكَاة عَلَى ذَلِكَ الصَّيْد حَلَّ. قَالَهُ النَّوَوِيّ
(بِالْمِعْرَاضِ): بِكَسْرِ الْمِيم وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَهِيَ خَشَبَة ثَقِيلَة أَوْ عَصاً فِي طَرَفهَا حَدِيدَة وَقَدْ تَكُون بِغَيْرِ حَدِيدَة وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِيره وَقَالَ الْهَرَوِيُّ: هُوَ سَهْم لَا رِيش فِيهِ وَلَا نَصْل. ذَكَرَهُ النَّوَوِيّ
(فَخَزَقَ): بِالْخَاءِ وَالزَّاي الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ نَفَذَ
(بِعَرْضِهِ): أَيْ بِغَيْرِ طَرَفه الْمُحَدَّد. وَفِيهِ أَنَّهُ إِذَا اِصْطَادَ بِالْمِعْرَاضِ فَقَتَلَ الصَّيْد بِحَدِّهِ حَلَّ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ لَمْ يَحِلّ، وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور وَقَالَ مَكْحُول وَالْأَوْزَاعِيُّ وَغَيْرهمَا مِنْ فُقَهَاء الشَّام: يَحِلّ مُطْلَقًا.
قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْن مَاجَهْ.
أحبتنا الكرام:
يبين الحديث الشريف أن الصيد من أسباب التملك التي أباحها الشرع. فقوله عليه الصلاة والسلام: "كل". يفيد إباحة أكل الصيد ويفيد تملكه فإباحة الأكل تدل على تملكه لما اصطاده.
وقد بين الحديث متى يحق لك أن تملك ما تصطاد:
أولها: أن تسمي الله على الصيد حال إطلاقك السهم أو حال إطلاقك كلبَكَ الْمُعَلَّمَ (أي المدرب), إذ حينها فإن الصيد يكون مملوكاً لك ملكا شرعيا سواء أدركته حياً أم مفارقاً للحياة.
وثانيها: أن تُذَكِّيَ الصيدَ الذي أمسكه الكلب غير المعلم ووصلت إليه وهو على قيد الحياة, فإن لم تدركه حياً فهو ميتةٌ ولا يحل لك التصرف فيه.
وإباحة العمل بالصيد تشمل صيد البحر كما يشمل صيد البر، يقول تعالى في كتابه العزيز: "أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ".
وصيد البحر لا يقتصر على الأسماك والحيتان فهناك اللؤلؤ والمرجان والإسفنج وغيرها مما يحويه البحر.
فالعمل بالصيد فيه من المنافع ما لا يخفى على الناس فهو يزودهم بالغذاء والمواد الخام, ويوفر مجالا واسعا للعمل فيسهم في محاربة البطالة, وإغناء الدولة خاصة مع تطور أساليب الصيد ووسائله.
فإلى من يَدَّعون أَن إقفال أبواب البلاد أمام السياح الأجانب أو التضييق عليهم بمنع المنكرات التي يطلبونها أو يمارسونها ...فيه إضرار باقتصاد البلد ... أقول: أما ترون ما وهبنا الله إياه من بحار كثيرة وشواطئ واسعة, يمكن أن تكون مصدرا كريما حلالا للدخل للفرد والدولة ..... لكنكم رضيتم بمتابعة الغرب واستمرأتم التبعية, فبئس ما تدعون.
اللهم عجل لنا بدولة الخلافة التي ستفتح مجالات الأعمال المباحة وتغلق مجالات العمل المحرمة ......فتنقذ الأمة من الذل والهوان في الدنيا والآخرة.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.