- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
إطعام الطعام
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: باب إِطْعَامِ الطَّعَامِ مِنَ الإيمان
عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَجُلا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإسْلامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: "تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ". قال أبو الزناد: في هذا الحديث الحض على المواساة، واستجلاب قلوب الناس بإطعام الطعام وبذل السلام، لأنه ليس شيءٌ أجلبَ للمحبة وأثبتَ للمودة منهما، وقد مدح الله المُطعِم للطعام، فقال: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ) [الإنسان: 8]، ثم ذكر الله جزيل ما أثابهم عليه، فقال: (فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم * بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا) [الإنسان: 11، 12] وفى قوله صلى الله عليه وسلم: "وتقرأ السلام على من عرفت، ومن لم تعرف" - ندب إلى التواضع وترك الكبر، قال المهلب: ومعنى قوله: "تقرأ السلام" - أي تسلم عليه... انتهى.
أيها الأحبة الكرام:
تضمّنَ الحديثُ الشريفُ اثنين من الأوامر، إطعامُ الطعامِ، وقراءةُ السلامِ على من عرفتَ ومن لم تعرفْ، ويقعُ هذان الأمران من المبدأ الإسلاميّ العظيم في جهة النظام، فقد قلنا إن المبدأ عقيدةٌ عقليةٌ ينبثقُ عنها نظام، وهذا النظام المنبثق عن العقيدة العقلية هو جملة من الأوامرِ والنواهي التي تنظم حياة الإنسان فرداً وجماعةً، وترتبط بما قبل الحياة الدنيا، وهو الله تعالى، فهي أوامرُ ونواهٍ من اللهِ تعالى، تتحقق بالتزامها الصلةُ بالله عزّ وجلّ، وبها يتحققُ مزجُ المادةِ بالروحِ، ذلك أن الإنسان، والعملَ الإنساني مادةٌ، فإذا سَيّرَ الإنسانُ عملَه الماديّ بحسبِ أوامر الله ونواهيه امتزجت المادةُ بالروح. وكذلك ترتبط الأوامر والنواهي بما بعد الحياةِ الدنيا، وهو اليوم الآخر، وما فيه من بعث ونشور، وثواب وعقاب، فيراعي المسلم في حياتِه التزامَ أوامرَ اللهِ طلباً للثواب والفوز بالجنة، ويراعي اجتناب نواهيه خوفاً من العقابِ وهرباً من النار، فيجعلُ المسلمُ رضوانَ الله سبحانه وتعالى غايتَه من كل أعماله في الحياة الدنيا.
والأمرُ الأول الواردُ في الحديث الشريف، إطعامُ الطعام، به يتقرّبُ المسلمُ إلى اللهِ تعالى، فينالُ رضوانَه، وبه تُسَدُ حاجةُ محتاجٍ أو فقيرٍ، فقد جعلَ الإسلامُ واجباً على الأغنياء سدَّ حاجاتِ الفقراءِ، وتقومُ الدولةُ بتنفيذِ ذلك بسلطانها، فتأخذ من الأغنياء زكاةَ أموالهم، وصدقاتهم، وتوزعها على الفقراء، وهذا لا يعني ألا يقومَ الأغنياء بإطعامِ الفقراء وسدّ حاجاتهم، وخاصةً في هذا الزمان الذي افتقدَ فيه المسلمونَ دولتَهم وراعيَهم، فلا دولةَ تأخذ الزكاةَ والصدقاتِ من الأغنياء لتوزعها على الفقراء، ولا تقومُ الدولُ القائمةُ في بلادِ المسلمين بسدّ حاجاتِ الفقراء، فعلى الأغنياء أن يقوموا بواجبهم تجاه الفقراء، وعلى المسلمين أن يعملوا لإيجاد دولةِ الإسلام التي فرَض الله سبحانه إقامتَها.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: خليفة محمد