- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
حبُّ الأنصار من الإيمان
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: باب عَلامَةِ الإيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ
عن أنس، قَالَ صلى الله عليه وسلم: "آيَةُ الإيمَانِ حُبُّ الأنْصَارِ، وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأنْصَار"عن عُبَادَةَ - وَكَانَ قَدَ شَهِدَ بَدْرًا، وَهُوَ أَحَدُ النُّقَبَاءِ لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ وَحَوْلَهُ عِصَابَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ: "بَايِعُونِي عَلَى ألا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلا تَسْرِقُوا، وَلا تَزْنُوا، وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ وَلا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلا تَعْصُوا الله فِي مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَعُوقِبَ فِي الدُّنْيَا، فَهُوَ كَفَّارَةٌ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ثُمَّ سَتَرَهُ اللَّهُ فَهُوَ إِلَى اللَّهِ، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَاقَبَهُ". فَبَايَعْنَاهُ عَلَى ذَلِك.
قال المهلب: أما قوله: علامة الإيمان حب الأنصار- فهو بَيِّن في حديث أنس. وأما حديث عبادة فإنما ذكره في الباب؛ لأن الأنصار لهم من السبق إلى الإسلام بمبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم ما استحقوا به هذه الفضيلة، وهذه أول بيعة عقدت على الإسلام، وهي بيعة العقبة الأولى بمكة، ولم يشهدها غير اثنَيْ عشر رجلا من الأنصار، ذكر ذلك ابن إسحاق. وكذلك قال عبادة: وحوله عصابة من أصحابه، مع أن المهاجرين بمكة قد كانوا أسلموا ولم يبايعوا مثل هذه البيعة، فصح أن الأنصار هم المبتدئون بالبيعة على إعلان توحيد الله وشريعته حتى يموتوا على ذلك؛ فحبهم علامة الإيمان... انتهى.
أيها الأحبة الكرام:
الأنصارُ جمعُ أنصاريّ، والأنصاريُّ هو من نصرَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وبايعه على نصرة الإسلام، ونصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والنصرة تعني التحامَ القوة والمنعة مع الفكرة التي آمن بها الذين أعطَوا النصرة، فالنصرة حكم شرعيٌّ من أحكام الطريقة، لأنّ المبدأ فكرةٌ وطريقة، الفكرةُ عقيدةٌ ومعالجاتٌ لمشاكل الإنسان، والطريقة بيان لكيفية حفظِ العقيدةِ وكيفية حملِها، وكيفية تطبيق المعالجات، فالمبدأ أيُّ مبدأٍ حتى يكونَ له واقعٌ في الحياة لا بد له من آلياتٍ تنظّمُ وجودَه في الواقع، والمحافظةَ عليه، وحملَه، وتطبيقَ معالجاته، فجاءت فكرة النصرة من أحكام الطريقة لبيان كيفية إيجاد المبدأً مطبقاً في الحياة، بإقامة دولةٍ تقومُ على العقيدة وتحفظها وتحملها وتطبق معالجاتها.
ولقد كان هذا الشرفُ الأول لأولئك النفر من الأنصار، الذين آوَوْا ونصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة المنورة، واحتضنوا العقيدة التي أنزلت إليه بكلّ ما أوتوا من قوة، وبذلوا في سبيل ذلك كل ما يملكون، حتى استقرت دولة الإسلام وكبرت واتسعت.
وبهذه المناسبة يحق لنا أن نتساءل؛ أين أنصارُ اليوم؟ أين أهل القوة والمنعة من عبادِ الله المُخلَصين، الذين يبذلون الغاليَ والنفيسَ لنصرةِ الإسلام، وإعادةِ إقامةِ دولةِ الإسلام، دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة؟ فيستحقونَ ذلك الشرفَ العظيمَ كما استحقه أولئك الأوائل -رضي الله عنهم-؟
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: خليفة محمد