- الموافق
- 1 تعليق
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
أهل الإيمان وأهل الماديات
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني - بتصرف - في باب التحريض على الصدقة والشفاعة فيها:
حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا عبدة عن هشام عن فاطمة عن أسماء رضي الله عنها قالت: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "لا توكي فيوكى عليك".
"لا توكي": بمعنى لا تحسبي، فالإنسان يوكي الإناء أي أنه يحكم إغلاقه، أي لا تمنعي ما بيدك.
"فيوكى عليك": أي فيكون ذلك متسببا بمنع الرب تبارك وتعالى رزقه عنك.
أيها الأحبة الكرام:
وإن كان الكلام موجها لأسماء إلا أن أنه خطاب للأمة، وهو رسالة واضحة بيّنة يطلب فيها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم أن لا نبخل وأن لا نحصي، وأن نترك الأمر لله فتتنزل البركة، وقد مرّ رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بهذه الحال حيث كانت البركة في طعامه وشرابه، فلم يكن يحصي ويحسب، بل كان يبدأ باسم الله وينتهي بحمده، فكانت البركات. وهذا إيمان بالغيب وبتقدير الله وبرزق الله، بخلاف من يكتفي بالمحسوسات والماديات فقط؛ حيث لا يعرف البركة ولا يؤمن بالرزق ولا يعرف معنى للغيب.
أيها المسلمون:
هكذا نفرق بين أهل الإيمان وأهل الماديات، فأهل الإيمان يؤمنون بالسبب الظاهر والخفي، وبالسبب المادي والمعنوي، وبالسبب المشاهد والغائب، فيأخذوا بالأسباب ويتوكلوا على الله. فإلى أصحاب النظرة المادية نقول: إن هذا الإيمان ليس في موضوع الرزق وحسب، بل هو في كل أمر من أمور الدنيا والآخرة. وعليه، فإذا كان أصحاب النظرة المادية يرون أن طعام الاثنين لا يكفي ثلاثة وطعام الثلاثة لا يكفي أربعة أو خمسة، فمن باب أولى أنهم لا يرون أن الفئة القليلة ستنتصر على الفئة الكثيرة. وإذا كانوا يرون أن حساباتهم وتجارتهم أرقاما، فكيف يدركون معنى نزول الملائكة لتقاتل مع أهل الإيمان؟ وكيف يدركون "نصرتُ بالرعب مسيرة شهر"؟ وكيف يدركون الدعاء وأثره؟ وكيف يدركون البركة؟ وكيف يدركون "لا توكي فيوكى عليك"؟ لا شك أنهم سيدركون ذلك عندما يرون نصر الله وقد تنزّل على المؤمنين رغم قلة عدتهم وعتادهم قريبا بإذن الله.
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم
وسائط
1 تعليق
-
جزاكم الله عنا خير الجزاء