- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
الإجراءات العملية لتنصيب الخليفة
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بيعة أبي بكر في السقيفة: روى البخاري في صحيحه قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاتَ وَأَبُو بَكْرٍ بِالسُّنْحِ، قَالَ إِسْمَاعِيلُ: يَعْنِي بِالْعَالِيَةِ، فَقَامَ عُمَرُ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ وَقَالَ عُمَرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ يَقَعُ فِي نَفْسِي إِلَّا ذَاكَ وَلَيَبْعَثَنَّهُ اللَّهُ فَلَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَبَّلَهُ قَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُذِيقُكَ اللَّهُ الْمَوْتَتَيْنِ أَبَدًا، ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الْحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ فَحَمِدَ اللَّهَ أَبُو بَكْرٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَالَ: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}، وَقَالَ: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} قَالَ: فَنَشَجَ النَّاسُ يَبْكُونَ قَالَ: وَاجْتَمَعَتْ الْأَنْصَارُ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ فَقَالُوا مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ فَذَهَبَ إِلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسْكَتَهُ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ وَاللَّهِ مَا أَرَدْتُ بِذَلِكَ إِلَّا أَنِّي قَدْ هَيَّأْتُ كَلَامًا قَدْ أَعْجَبَنِي خَشِيتُ أَنْ لَا يَبْلُغَهُ أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَتَكَلَّمَ أَبْلَغَ النَّاسِ فَقَالَ فِي كَلَامِهِ: نَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ، فَقَالَ حُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ: لَا وَاللَّهِ لَا نَفْعَلُ مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا وَلَكِنَّا الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمْ الْوُزَرَاءُ هُمْ أَوْسَطُ الْعَرَبِ دَارًا وَأَعْرَبُهُمْ أَحْسَابًا فَبَايِعُوا عُمَرَ أَوْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ، فَقَالَ عُمَرُ: بَلْ نُبَايِعُكَ أَنْتَ فَأَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبَايَعَهُ وَبَايَعَهُ النَّاسُ، فَقَالَ قَائِلٌ: قَتَلْتُمْ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: قَتَلَهُ اللَّهُ
جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر: حَدِيث عَائِشَة فِي الْوَفَاة وَقِصَّة السَّقِيفَة، وَسَيَأْتِي مَا يَتَعَلَّق بِالْوَفَاةِ فِي مَكَانهَا فِي أَوَاخِر الْمَغَازِي، وَأَمَّا السَّقِيفَة فَتَتَضَمَّن بَيْعَة أَبِي بَكْر بِالْخِلَافَةِ، وَقَدْ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّف أَيْضًا مِنْ طَرِيق اِبْن عَبَّاس عَنْ عُمَر فِي الْحُدُود، وَذَكَرَ شَيْئًا مِنْهَا فِي الْأَحْكَام مِنْ طَرِيق أَنَس عَنْ عُمَر أَيْضًا، وَأَتَمّهَا رِوَايَة اِبْن عَبَّاس.
أحبتنا الكرام:
في سقيفة بني ساعدة تمت البيعة لأبي بكر رضي الله عنه على الخلافة، ومن أحداث ذلك الاجتماع في السقيفة والتي أسفرت عن بيعة أبي بكر رضي الله عنه، وثم سكوت باقي الصحابة على تلك الأحداث وإقرارهم لها، ليدل على أن اقتراح مرشحين من قبل أهل الحل والعقد تجتمع فيهم شروط الانعقاد، ثم النقاش في من هو الأصلح فيهم، ومن ثم بيعته على ولاية أمر المسلمين، هي إجراءات شرعية لنصب خليفة المسلمين، والمتتبع لكيفية نصب باقي الخلفاء الراشدين، يجدها نفس الكيفية لنصب أبي بكر لكن باختلاف في الأساليب، فبينما تمت بيعة عمر رضي الله عنه، بعد أن كان أبو بكر رضي الله عنه قد رشحه للمسلمين قبل وفاته بناءً على طلب الصحابة وإصرارهم على ذلك، ثم اجتمع عليه المسلمون بعد وفاة أبي بكر فبايعوه، فقد رشح عمر قبل وفاته ستة من الصحابة لهذا المنصب وليس شخصاً واحداً، على أن يختار المسلمون واحداً من هؤلاء الستة المرشحين بعد وفاة عمر يبايعونه على الخلافة، فتشاور الستة في الأمر وأوكلوا أمر اختيار مرشح من بينهم يقدم للناس ليبايعوه على الخلافة إلى عبد الرحمن بن عوف بعد أن أخرج نفسه من المنافسة، فقام بالمهمة خير قيام وبذل في ذلك كل الوسع إذ وصل ليله بنهاره ساعياً بين الخمسة المرشحين أولاً لمعرفة من يرشح كل منهم لو صرف النظر عنه، وترجح لديه أن المنافسة محصورة بين عثمان وعلي، خرج بعدها للناس يستشيرهم أي هذين يختارون، فسأل المهاجرين وسأل الأنصار رجالاً ونساءً، ثم جمع الناس في المسجد وعرض البيعة على علي فلم يجبه إلى بغيته، فعرضها على عثمان فبايعه، ثم بايعه بقية المسلمين في المسجد فانعقدت له الخلافة، أما بيعة علي فقد جاءت من جمهرة المسلمين في المدينة والكوفة بعد وفاة عثمان رضي الله عنهما.
وقد كانت هذه الإجراءات على تنوع أساليبها بإقرار من الصحابة رضي الله عنهم، فكانت إجماعاً، ومنها تؤخذ كيفية اختيار الخليفة في دولة الإسلام، دولة الخلافة القادمة قريباً بإذن الله، فإنه بالتدقيق في تلك الإجراءات نجد أنه في كل حالة:
1- كان المرشحون يعلنون للناس
2- كانت تتوفر في كل منهم شروط الانعقاد.
3- ثم يؤخذ رأي أهل الحل والعقد من المسلمين الممثلين للأمة، وقد كانوا في ذلك الوقت هم الصحابة
4- من يختاره ممثلو الأمة (أهل الحل والعقد) أو أكثريتهم، بويع بيعة الانعقاد، فأصبح الخليفة، ووجبت له الطاعة.
5- ثم يبايعه الناس بيعة الطاعة.
وبالرجوع إلى قصة بيعة عثمان وترشيح عمر لستة من الصحابة نتبين:
1- وجود الأمير المؤقت الذي يتولى فترة تنصيب الخليفة الجديد.
2- أن أقصى حد لعدد المرشحين يجب أن يكون ستة مرشحين.
هذه هي إجراءات نصب الخليفة للمسلمين، مأخوذة من أعمال الصحابة في نصب الخلفاء الراشدين .... وبإذن الله تعالى سيقوم المسلمون قريباً بإعادة هذه السيرة العطرة للصحابة الكرام والخلفاء الراشدين، ونعيش تلك الأجواء الإيمانية التي عاشوها، فنعيد دولة الخلافة وننصب خليفة يحمي بيضة الإسلام ويرعى مصالحهم، في الداخل والخارج .... اللهم آمين.
أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.