- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
شروط الانعقاد
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"يا رسول الله بايعه"
روى البخاري في صحيحه قال:حَدَّثَنَا أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَعِيدٌ عَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَبُ بِنْتُ حُمَيْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ بَايِعْهُ فَقَالَ: هُوَ صَغِيرٌ فَمَسَحَ رَأْسَهُ وَدَعَا لَهُ
وَعَنْ زُهْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ أَنَّهُ كَانَ يَخْرُجُ بِهِ جَدُّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ إِلَى السُّوقِ فَيَشْتَرِي الطَّعَامَ فَيَلْقَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَيَقُولَانِ لَهُ أَشْرِكْنَا فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَا لَكَ بِالْبَرَكَةِ فَيَشْرَكُهُمْ فَرُبَّمَا أَصَابَ الرَّاحِلَةَ كَمَا هِيَ فَيَبْعَثُ بِهَا إِلَى الْمَنْزِلِ
جاء في كتاب فتح الباري لابن حجر:
قَوْلُهُ: (عَنْ جَدِّهِ عَبْد اللَّه بْن هِشَام)
أَيْ اِبْنِ زُهْرَة التَّيْمِيّ مِنْ بَنِي عَمْرو بْن كَعْب بْن سَعْد بْن تَيْم بْن مُرَّة رَهْط أَبِي بَكْر الصِّدِّيق، وَهُوَ جَدُّ زُهْرَةَ لِأَبِيهِ.
قَوْلُهُ: (وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)
ذَكَرَ اِبْن مَنْدَهْ أَنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتّ سِنِينَ، وَرَوَى أَحْمَد فِي مُسْنَدِهِ أَنَّهُ اِحْتَلَمَ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّ فِي إِسْنَادِهِ اِبْنَ لَهِيعَة، وَحَدِيث الْبَابِ يَدُلُّ عَلَى خَطَأِ رِوَايَتِهِ هَذِهِ فَإِنَّ ذَهَاب أُمِّهِ بِهِ كَانَ فِي الْفَتْحِ وَوُصِفَ بِالصِّغَرِ إِذْ ذَاكَ فَإِنْ كَانَ اِبْن لَهِيعَة ضَبَطَهُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ بَلَغَ فِي أَوَائِل سِنِّ الِاحْتِلَامِ.
قَوْلُهُ: (وَذَهَبَتْ بِهِ أُمُّهُ زَيْنَب بِنْت حُمَيْد)
أَيْ اِبْن زُهَيْر بْن الْحَارِث بْن أَسَد بْن عَبْد الْعُزَّى وَهِيَ مَعْدُودَةٌ فِي الصَّحَابَةِ، وَأَبُوهُ هِشَام مَاتَ قَبْلَ الْفَتْحِ كَافِرًا، وَقَدْ شَهِدَ عَبْد اللَّه بْن هِشَام فَتْح مِصْر وَاخْتَطَّ بِهَا فِيمَا ذَكَرَهُ اِبْن يُونُس وَغَيْره، وَعَاشَ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَة.
قَوْلُهُ: (وَعَنْ زُهْرَة بْن مَعْبَد)
هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ.
وَفِي الْحَدِيث مَسْح رَأْس الصَّغِيرِ، وَتَرْك مُبَايَعَة مَنْ لَمْ يَبْلُغْ وَالدُّخُول فِي السُّوقِ لِطَلَبِ الْمَعَاشِ، وَطَلَبِ الْبَرَكَةِ حَيْثُ كَانَتْ، وَالرَّدّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ السَّعَةَ مِنْ الْحَلَالِ مَذْمُومَة، وَتَوَفُّر دَوَاعِي الصَّحَابَةِ عَلَى إِحْضَارِ أَوْلَادِهِمْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِالْتِمَاس بَرَكَته، وَعَلَم مِنْ أَعْلَام نُبُوَّته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِإِجَابَةِ دُعَائِهِ فِي عَبْد اللَّه بْن هِشَام.
أحبّتنا الكرام:
يستفاد من الحديث أن الصغير غير مكلف بإعطاء البيعة للخليفة لأن الرسول لم يقبلها منه.... فمن باب أولى أن لا يكلف بأخذ البيعة له على الحكم أي على الخلافة....
فالخلافة هي رئاسة عامة للمسلمين جميعاً في الدنيا لتطبيق شرع الله على المسلمين وحمل الدعوة الإسلامية إلى العالم.... فالخليفة هو أعلى وأهم منصب في دولة الخلافة, ولقد أولاه الإسلام عناية فائقة إذ اشترط له شروطاً أوجب أن تتوفر جميعها في من يتقدم لهذا المنصب وجعلها شروط انعقاد, فإن نقص ولو شرط واحد لم تنعقد له الخلافة... وهذه الشروط سبعة وهي:
1- أن يكون مسلماً: فلا تصح الخلافة لكافر ولا تجب طاعته... لقوله تعالى: {وَلَن يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} (141).... النساء
فيحرم على المسلمين أن يجعلوا كافراً حاكما عليهم... لأن الحكم أكبر سبيل للحاكم على المحكومين وقد حرمه الله تعالى في هذه الآية
ولقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ....} (59)... النساء
فالله تعالى في هذه الآية يأمر بطاعة ولي الأمر ويأمر بأن يكون ولي الأمر مسلماً... وولي الأمر هو الخليفة... فوجب أن يكون مسلماً
2- أن يكون ذكراً: فلا يجوز أن يكون الخليفة أنثى, أي لا بد أن يكون رجلاً فلا يصح أن يكون امرأة لما روى البخاري في صحيحه عن أبي بَكْرَة قال: لَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ أَهْلَ فَارِسَ قَدْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ بِنْتَ كِسْرَى قَالَ لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً. فإخبار الرسول بنفي الفلاح عنهم قرينة على الجزم أي تحريم أن تتولى المرأة الحكم
3- أن يكون بالغا: فلا يجوز أن يكون الخليفة صبياً ودليله حديثنا لهذا اليوم الذي يفهم منه أن بيعة الصبي غير معتبرة وأنه غير مكلف بمبايعة خليفة فمن باب أولى أنه لا يجوز أن يكون خليفة
4- أن يكون عاقلا: فلا يصح أن يكون مجنوناً لما روى أبو داوود في سننه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ عَنْ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنْ الْمُبْتَلَى حَتَّى يَبْرَأَ وَعَنْ الصَّبِيِّ حَتَّى يَكْبُرَ ومن رفع القلم عنه لم يكن مكلفاً لأن العقل مناط التكليف وشرط لصحة التصرفات...
5- أن يكون حرا: لأن العبد مملوك لسيده فلا يملك التصرف بنفسه... ومن باب أولى أن لا يملك التصرف بغيره ... فلا يملك الولاية على الناس
6- أن يكون عدلا: فلا يصح أن يكون فاسقاً.. والعدالة شرط لازم لانعقاد الخلافة ولاستمرارها لأن الله اشترط في الشاهد أن يكون عدلاً في قوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ}, فالذي هو أعظم من الشاهد وهو الخليفة من باب أولى أن يلزم أن يكون عدلاً... فإذا اشترطت العدالة في الشاهد فشرطها للخليفة من باب أولى.
7- أن يكون قادراً من أهل الكفاية على القيام بأعباء الخلافة: لأن ذلك من مقتضى البيعة, فالعاجز لا يقدر على القيام بشؤون الرعية بالكتاب والسنة اللذين بويع عليهما.... ومحكمة المظالم هي صاحبة الصلاحية في تقرير صنوف العجز التي يجب أن لا تكون في الخليفة لكي يكون قادراً من أهل الكفاية.
أحبّتنا الكرام: هذه سبعة شروط يجب أن تتوفر للخليفة حتى تنعقد له البيعة على الخلافة.... وهذه أدلتها الشرعية, فما هي أدلة من يبيح تنصيب رئيس جمهورية لحكم المسلمين وما هي أدلة من يبايع ملكاً... بل ما هي أدلة من يقول بجواز تولي الكافر والمرأة للحكم.... أليس هو الطاغوت الذي ران على قلوبهم فأنساهم ذكر الله وشرع الله والخشية من لقاء الله..... فحسبنا الله ونعم الوكيل
أحبّتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.