- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
لا تكن أمام الناس قديسا وفي الخفاء إبليسَ
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان، في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «لأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا»، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لاَ نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ، قَالَ: «أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنَ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ؛ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا». رواه ابن ماجه.
أيها الأحبّة الكرام:
يبين لنا هذا الحديث صنفا من الناس يعبدون الله وينالون الحسنات الكثيرة، فترونهم يلبسون ثوبا أبيضا ناصعا من الإسلام، ولكنهم إذا ابتعدوا عن أعين الناس يتغيّر سلوكهم، فيرتكبون المعاصي والمحرمات، قال ابن كثير رحمه الله: هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس؛ لئلا ينكروا عليهم، ويجاهرون الله بها، لذلك أحبط الله أعمالهم وجعل جبال حسناتهم يوم القيامة هباء منثورا.
أيها المسلمون:
ليس الكلام هنا عن أناس بعيدين عن الدين؛ بل عن أناس ملتزمين بالعبادة، يصلون ويصومون؛ بل ويقومون بعضا من الليل، ولكنهم لا يكترثون لمراقبة الله لهم، قال أحد العلماء المعاصرين: الذي يبدو أن خلوهم بمحارم الله ليس معناها سرّاً، وإنما إذا سنحت لهم الفرصة انتهكوا المحارم، من باب، "خلا لكِ الجوُّ فبيضي واصفُري"، لذلك انظروا إلى الواقع هذه الأيام، وسترون بأم أعينكم كيف تمثل هذا الكلام في علماءَ ومفكرين ودعاة؟ كيف تمثل هذا الكلام بجماعات وأحزاب قامت على أساس العمل للإسلام؟ أمام الشاشات كلام طيب وخلفية إسلامية جميلة، أعلام ورايات وتكبيرات وهتافات ووعد بالنصر قريب، ولكن الفرصة السياسيّة السانحة لا تبقي للكلام مكانا، وإلّا ما معنى أن يقيم أمثال هؤلاء علاقات واتصالات وزيارات ودّيّة مع حكام إيران مثلا؟ ما معنى أن يبقى هؤلاء على علاقة طيبة مخفية مع الحكام؟ بل وما معنى العلاقة مع من سلمّ وفرّط وباع وخان؟ ألم يأتهم نبأ قتل المسلمين وتشريدهم واغتصاب حرائرهم وهدم بيوتهم فوق رؤوسهم في الشام؟ أم لم يعرفوا عدوهم بعد؟
اللهمَّ عاجلنا بخلافة راشدة على منهاج النبوة تلم فيها شعث المسلمين، ترفع عنهم ما هم فيه من البلاء، اللهمَّ أنرِ الأرض بنور وجهك الكريم. اللهمَّ آمين آمين.
أحبتنا الكرام، وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر، نترككم في رعاية الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه للإذاعة: أبو مريم