- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الحديث الشريف
أجرة العامل
نحييكم جميعا أيها الأحبة في كل مكان في حلقة جديدة من برنامجكم "مع الحديث الشريف" ونبدأ بخير تحية فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استأجر أحدكم أجيراً فليُعلِمه أجره"
وفي الحديث القدسي فيما رواه البخاري عن أبي هريرة قوله عليه الصلاة والسلام عن ربه عز وجل: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره".
جاء في كتاب الشيخ تقي الدين النبهاني رحمه الله النظام الاقتصادي في الإسلام قوله في باب الإجارة [يُشترط أن يكون مال الإجارة معلوماً بالمشاهدة والوصف الرافع للجهالة، وعِوَض الإجارة جائز أن يكون نقداً وجائز أن يكون غير نقد، وجائز أن يكون مالاً وجائز أن يكون منفعة، وكل ما جاز أن يكون ثمناً جاز أن يكون عِوَضاً، سواء أكان عيناً أو منفعة، على شرط أن يكون معلوماً، أمّا لو كان مجهولاً فلا يصح، فلو استأجر الحاصد بجزء غير معلوم من الزرع لم يصح للجهالة، بخلاف ما لو استأجره بصاع واحد أو مُدّ صحّ، ويجوز أن يستأجر الأجير بطعامه وكسوته أو يجعل له أجراً مع طعامه وكسوته، لأن ذلك جائز في المرضعة، قال تعالى:﴿وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف﴾، فجعل لهن النفقة والكسوة على الرضاع، وإذا جاز في المرضعة جاز في غيرها، لأنه كله إجارة، فهي مسألة من مسائل الإجارة.
والحاصل أنه يجب أن تكون الأجرة معلومة علماً ينفي الجهالة حتى يتمكن من استيفائها من غير منازعة، لأن الأصل في العقود كلها أن تنفي المنازعات بين الناس، ولا بد من الاتفاق على الأجرة قبل البدء في العمل، ويُكره استعمال الأجير قبل أن يتفق معه على الأجرة، وإن وقعت الإجارة على عمل استحق العامل الأجرة بالعقد، لكن لا يجب تسليمها إلاّ بعد العمل، فيجب حينئذ تسليمها فوراً، لقوله عليه الصلاة والسلام كما ورد في الحديث القدسي أعلاه.
أمّا إذا اشترط تأجيل الأجر فهو إلى أجله، وإن شرطه منجَّماً يوماً يوماً أو شهراً شهراً أو أقل من ذلك أو أكثر فهو على ما اتفقا عليه، ولا ضرورة لأن يستوفي المستأجر المنفعة بالفعل، بل يكفي تمكينه من الانتفاع لأن يجعل الأجرة مستحقة عليه، فلو استأجر أجيراً خاصاً ليخدمه في بيته وجاء إلى البيت ووضع نفسه تحت تصرفه استحق الأجر بمضي المدة التي يمكن الانتفاع فيها من الأجير، لأنه وإن كان العقد على المنفعة ولم يستوفها بالفعل، ولكن تمكينه من استيفائها وعدم مباشرته لاستيفاء المنفعة كافٍ لاستحقاق الأجرة، لأن التقصير جاء من جهة المستأجِر لا من جهة الأجير، أمّا الأجير المشترك أو الأجير العام فإنه إذا استؤجر على عمل معين في عين فلا يخلو إما أن يوقعه وهو في يد الأجير كالصباغ يصبغ في حانوته والخياط في دكانه، فلا يُبرأ من العمل حتى يسلمها للمستأجر، ولا يستحق الأجر حتى يسلمه مفروغاً منه، لأن المعقود عليه في يده فلا يُبرأ منه ما لم يسلمه إلى العاقد، وأمّا إن كان يوقع العمل في ملك المستأجر –مثل أن يحضره المستأجر إلى داره ليخيط فيها أو يصبغ فيها- فإنه يُبرأ من العمل ويستحق أجره بمجرد عمله، لأنه في يد المستأجر فيصير مسلّماً للعمل حالاً فحالاً.] انتهى
ما أحوج العالم اليوم إلى تطبيق هذه الأحكام الشرعية التي تعطي كل ذي حق حقه، وتمكن من إعمار الأرض وإسعاد البشرية، فلا يظلم صاحب عمل أجيره ولا يسحته كما هو حاصل في الرأسمالية الظالمة، فالله سبحانه وتعالى يقول: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾
إن عدل الإسلام وشريعة الله الذي لا يظلم أحدا لا يتحقق إلا بوجود خليفة راع للمسلمين على منهاج النبوة.
أحبتنا الكرام وإلى حين أن نلقاكم مع حديث نبوي آخر نترككم في رعاية الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .