الخميس، 26 محرّم 1446هـ| 2024/08/01م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 130) منع التصرف بالمال في مرض الموت, ومنع الإسراف في الإنفاق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 130)

 

منع التصرف بالمال في مرض الموت, ومنع الإسراف في الإنفاق

 

 

 

الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد, وحذرهم سبل الفساد, والصلاة والسلام على خير هاد, المبعوث رحمة للعباد, الذي جاهد في الله حق الجهاد, وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد, الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد, فاجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد, يوم يقوم الناس لرب العباد.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي, ومع الحلقة الثلاثين بعد المائة, وعنوانها: "منع التصرف بالمال في مرض الموت, ومنع الإسراف في الإنفاق". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الرابعة بعد المائتين من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.


يقول رحمه الله: "وكذلك منع الإسلام الفرد من أن يهب، أو يهدي، أو يوصي، وهو في مرض الموت، وإذا وهب، أو أهدى، أو أوصى، وهو في مرض الموت، لا تنفذ إلا في ثلث ماله. روى الدارقطني عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم، زيادة في حسناتكم، ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم". وروى عمران بن حصين: "أن رجلا من الأنصار أعتق ستة أعبد له في مرضه، لا مال له غيرهم، فاستدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجزأهم ثلاثة أجزاء، وأقرع بينهم، فأعتق اثنين وأرق أربعة". وإذا لم ينفذ تصرف الإنسان بالعتق، مع حث الشارع عليه، فغيره من التصرفات لا ينفذ، من باب أولى. هذا كله في تصرف الفرد بإعطائه للناس.


أما تصرفه بإنفاقه على نفسه، وعلى من تجب عليه نفقته فقد تدخل الإسلام في هذه النفقة، ورسم لها سبيلا سويا، فمنع الفرد من أمور منها:


أولا: منع الفرد من الإسراف في الإنفاق، واعتبره سفها يوجب منع السفيه والمبذر من التصرف بأمواله بالحجر عليه، وإقامة غيره وصيا عليه، ليتولى عنه التصرف بأمواله لمصلحته. قال تعالى: (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم). فنهى عز وجل عن إيتاء السفهاء المال، ولم يجعل لهم إلا أن يرزقوهم فيها من الأكل والكسوة. وقال تعالى: (فإن كان الذي عليه الحق سفيها أو ضعيفا أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه بالعدل) فأوجب الولاية على السفيه. وعن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن إضاعة المال". من حديث رواه الدارمي والشيخان.


والإسراف والتبذير كلمتان لهما معنى لغوي، ومعنى شرعي، وقد غلب على الناس المعنى اللغوي، وبعدوا عن المعنى الشرعي، فصاروا يفسرونهما بغير ما أراد الشرع منهما. أما معناهما اللغوي، فإن السرف والإسراف معناه تجاوز الحد والاعتدال، ضد القصد. والتبذير يقال بذر المال تبذيرا فرقه إسرافا وبدده. هذا هو معناهما اللغوي.


أما معناهما الشرعي، فإن الإسراف والتبذير هو إنفاق المال فيما نهى الله عنه. فكل نفقة أباحها الله تعالى، أو أمر بها، كثرت أو قلت، فليست إسرافا، ولا تبذيرا. وكل نفقة نهى الله عنها، قلت أو كثرت، فهي الإسراف والتبذير.


وقد روي عن الزهري أنه كان يقول في قوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط). قال لا تمنعه من حق، ولا تنفقه في باطل.


وقد وردت كلمة الإسراف في القرآن الكريم في عدة آيات (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما. (الفرقان 67) الإسراف هنا إنما هو الإنفاق في المعاصي، أما القرب فلا إسراف فيها. ومعنى الآية لا تنفقوا أموالكم في المعاصي، ولا تبخلوا بها حتى عن المباحات، بل أنفقوها فيما هو أكثر من المباحات، أي في الطاعات". فالإنفاق في غير المباحات مذموم، والبخل عن المباحات مذموم، والممدوح هو الإنفاق في المباحات والطاعات".


وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:


1. تصرف الفرد بإعطاء ماله للناس:


1) منع الإسلام الفرد من أن يهب، أو يهدي، أو يوصي، وهو في مرض الموت.
2) إذا وهب الفرد، أو أهدى، أو أوصى، وهو في مرض الموت، لا تنفذ إلا في ثلث ماله.


2. تصرف الفرد بإنفاقه على نفسه وعلى من تجب عليه نفقته:


1) تدخل الإسلام في نفقة الفرد، ورسم لها سبيلا سويا، فمنعه من الإسراف في الإنفاق.
2) اعتبر الإسلام الإسراف سفها يوجب منع السفيه والمبذر من التصرف بأمواله بالحجر عليه.
3) أمر الإسلام بإقامة غير السفيه وصيا عليه، ليتولى عنه التصرف بأمواله لمصلحته.


3. الإسراف والتبذير:


1) الإسراف والتبذير كلمتان لهما معنى لغوي، ومعنى شرعي.
2) غلب على الناس المعنى اللغوي، وبعدوا عن المعنى الشرعي، فصاروا يفسرونهما بغير ما أراد الشرع منهما.
4. المعنى اللغوي والشرعي للإسراف والتبذير:


1) معناهما اللغوي:


السرف والإسراف معناه: تجاوز الحد والاعتدال، وهو ضد القصد.
التبذير: يقال بذر المال تبذيرا فرقه إسرافا وبدده.


2) معناهما الشرعي:


الإسراف والتبذير هو إنفاق المال فيما نهى الله عنه.


5. الخلاصة:


1) كل نفقة أباحها الله تعالى، أو أمر بها، كثرت أو قلت، فليست إسرافا، ولا تبذيرا.
2) كل نفقة نهى الله عنها، قلت أو كثرت، فهي الإسراف والتبذير.
3) الإسراف هو الإنفاق في المعاصي، أما القرب والطاعات فلا إسراف فيها.
4) الإنفاق في غير المباحات, والبخل عن المباحات أمران مذمومان.
5) الممدوح هو الإنفاق في المباحات والطاعات.


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة على منهاج النبوة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

آخر تعديل علىالجمعة, 04 كانون الأول/ديسمبر 2015

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع