- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي (ح 119)
الحكم الشرعي في الجمعيات التعاونية
الحمد لله الذي شرع للناس أحكام الرشاد، وحذرهم سبل الفساد، والصلاة والسلام على خير هاد، المبعوث رحمة للعباد، الذي جاهد في الله حق الجهاد، وعلى آله وأصحابه الأطهار الأمجاد، الذين طبقوا نظام الإسلام في الحكم والاجتماع والسياسة والاقتصاد، فاجعلنا اللهم معهم، واحشرنا في زمرتهم يوم يقوم الأشهاد يوم التناد، يوم يقوم الناس لرب العباد.
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: نتابع معكم سلسلة حلقات كتابنا إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي، ومع الحلقة التاسعة عشرة بعد المائة، وعنوانها: " الحكم الشرعي في الجمعيات التعاونية". نتأمل فيها ما جاء في الصفحة الثمانين بعد المائة من كتاب النظام الاقتصادي في الإسلام للعالم والمفكر السياسي الشيخ تقي الدين النبهاني.
يقول رحمه الله: هذه هي الجمعيات التعاونية، وهي جمعيات باطلة تناقض أحكام الإسلام وذلك لما يلي:
1 - إن الجمعية التعاونية شركة فيجب أن تستكمل شروط الشركة، التي نص عليها الشرع حتى تصح، والشركة في الإسلام هي عقد بين اثنين أو أكثر، يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح، وعلى ذلك فلا بد من أن يكون في الشركة بدن، حتى يتأتى القيام بعمل من قبل الشركاء، أي لا بد من أن يكون في الشركة بدن تكون له حصة، حتى تسمى شركة شرعا، فإن لم يكن في الشركة من يملك ويتصرف، فيقوم بالعمل الذي وجدت الشركة لأجله، لم تحصل شركة. وإذا طبقنا هذا على الجمعية التعاونية وجدنا أنه لم تحصل بها شركة شرعا؛ لأنها شركة قائمة على الأموال وحدها، وليس فيها بدن شريك، بل الأموال وحدها هي التي وقعت الشراكة عليها. فلم يحصل فيها الاتفاق على القيام بعمل، وإنما حصل الاتفاق على وضع أموال معينة من أجل أن يوجدوا إدارة تبحث عمن يقوم بالعمل. فالأشخاص الذين ساهموا في الشركة اشتركت أموالهم فقط، فخلت بذلك الشركة من بدن. وعلى ذلك، فإن الجمعية لم توجد بوجودها شركة شرعية؛ لخلوها من شراكة البدن. فهي لا تعتبر موجودة من الأساس؛ لأن الشركة عقد على التصرف بمال، ولا يتأتى التصرف إلا من بدن، فإذا خلت منه لم تكن شركة شرعا، وكانت شركة باطلة.
2 - إن قسمة الربح بنسبة المشتريات، أو بحسب الإنتاج، لا بنسبة رأس المال، أو العمل، لا تجوز، لأن الشركة إذا وقعت على المال كان الربح تابعا له، وإذا وقعت على العمل كان تابعا له. فالربح إما أن يكون تابعا للمال، أو العمل، أو لهما معا. أما اشتراط قسمة الربح على حسب المبيعات، أو حسب الإنتاج، فلا يجوز لمخالفة العقد شرعا. وكل شرط ينافي مقتضى العقد، أو ليس من مصلحة العقد، ولا مقتضاه، فهو شرط فاسد. وتقسيم الربح حسب المشتريات، وحسب الإنتاج، ينافي مقتضى العقد؛ لأن العقد يقع شرعا على المال، أو العمل، فالربح يكون بنسبة المال، أو العمل، فإذا شرط الربح بنسبة المشتريات والإنتاج، كان الشرط فاسدا.
وقبل أن نودعكم مستمعينا الكرام نذكركم بأبرز الأفكار التي تناولها موضوعنا لهذا اليوم:
1. الجمعيات التعاونية هي جمعيات باطلة تناقض أحكام الإسلام؛ وذلك لأنها لم تستكمل شروط الشركة التي نص عليها الشرع.
2. شروط الشركة التي نص عليها الشرع حتى تصح هي:
1) الشركة في الإسلام هي عقد بين اثنين أو أكثر، يتفقان فيه على القيام بعمل مالي بقصد الربح.
2) لا بد من أن يكون في الشركة بدن، حتى يتأتى القيام بعمل من قبل الشركاء، أي لا بد من أن يكون في الشركة بدن تكون له حصة، حتى تسمى شركة شرعا.
3) لا بد أن يكون في الشركة من يملك ويتصرف، فيقوم بالعمل الذي وجدت الشركة لأجله.
3. إذا طبقنا هذا على الجمعية التعاونية وجدنا ما يأتي:
1) لم تحصل شركة شرعا؛ لأنها شركة قائمة على الأموال وحدها.
2) ليس فيها بدن شريك، بل الأموال وحدها هي التي وقعت الشراكة عليها.
3) لم يحصل فيها الاتفاق على القيام بعمل، وإنما حصل الاتفاق على وضع أموال معينة من أجل أن يوجدوا إدارة تبحث عمن يقوم بالعمل.
4) الشركة عقد على التصرف بمال، ولا يتأتى التصرف إلا من بدن، وبما أنها خلت منه لم تكن شركة شرعا، وكانت شركة باطلة.
4. لا تجوز قسمة الربح بنسبة المشتريات، أو بحسب الإنتاج لسببين لأن الشركة:
1) إذا وقعت على المال كان الربح تابعا له.
2) إذا وقعت على العمل كان تابعا له.
5. الربح إما أن يكون تابعا للمال، أو العمل، أو لهما معا.
6. لا يجوز اشتراط قسمة الربح على حسب المبيعات، أو حسب الإنتاج لمخالفة العقد شرعا.
7. كل شرط ينافي مقتضى العقد، أو ليس من مصلحة العقد، ولا مقتضاه، فهو شرط فاسد.
8. تقسيم الربح حسب المشتريات، وحسب الإنتاج، ينافي مقتضى العقد؛ لأن العقد يقع شرعا على المال، أو العمل.
9. الربح يكون شرعا بنسبة المال، أو بنسبة العمل.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام، وأن يعز الإسلام بنا، وأن يكرمنا بنصره، وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة في القريب العاجل، وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها، إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.