عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَطَبَ خُطْبَةً خَفِيفَةً، فَلَمَّا فَرِغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: "يَا أَبَا بَكْرٍ، قُمْ، فَاخْطُبْ"، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا فَرِغَ أَبُو بَكْرٍ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: "يَا عُمَرُ، قُمْ فَاخْطُبْ"، فَقَامَ عُمَرُ، فَخَطَبَ، فَقَصَّرَ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدُونَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا فَرِغَ مِنْ خُطْبَتِهِ، قَالَ: "يَا فُلانُ، قُمْ فَاخْطُبْ"، قَالَ: قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ مَنْ ذَاكَ؟ قَالَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ ذُكِرَ لِي فَنَسِيتُهُ، وَإِمَّا لَمْ يُذْكَرْ.

عَنْ‏ ‏خَالِدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْعَدَوِيِّ‏ ‏قَالَ‏ ‏خَطَبَنَا ‏عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ‏ ‏فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ‏ ‏آذَنَتْ ‏بِصَرْمٍ ‏وَوَلَّتْ‏ ‏حَذَّاءَ ‏وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا ‏صُبَابَةٌ‏ ‏كَصُبَابَةِ‏ ‏الْإِنَاءِ ‏يَتَصَابُّهَا‏ ‏صَاحِبُهَا وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارٍ لَا زَوَالَ لَهَا فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ‏ ‏مَا بِحَضْرَتِكُمْ ‏فَإِنَّهُ قَدْ ذُكِرَ لَنَا ‏‏أَنَّ الْحَجَرَ ‏يُلْقَى مِنْ‏ ‏شَفَةِ ‏جَهَنَّمَ ‏فَيَهْوِي فِيهَا سَبْعِينَ عَامًا لَا يُدْرِكُ لَهَا‏ ‏قَعْرًا‏ ‏وَوَاللَّهِ لَتُمْلَأَنَّ أَفَعَجِبْتُمْ وَلَقَدْ ذُكِرَ لَنَا أَنَّ مَا بَيْنَ ‏مِصْرَاعَيْنِ‏ ‏مِنْ ‏مَصَارِيعِ ‏الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهَا يَوْمٌ وَهُوَ‏ ‏كَظِيظٌ ‏مِنْ الزِّحَامِ.

إن أراد الله بعبدٍ خيرا جعله معترفا بذنبه، ممسكا عن ذنب غيره، محتملا لأذى غيره.

الطُّرُقُ شَتَّى وَطُرُقُ الحَقِّ مُفْرَدَةٌ ... وَالسَّالِكُونَ طَرِيقَ الحَقِّ أَفرَادُ

قال ابن القيم رحمه الله: "جمع النبي صلى الله عليه وسلم بَين تقوى الله وَحسن الْخلق؛ لِأَن تقوى الله تصلح مَا بَين العَبْد وَبَين ربه، وَحسن الْخلق يصلح مَا بَينه وَبَين خلقه، فتقوى الله توجب لَهُ محبَّة الله وَحسن الْخلق يَدْعُو إِلَى محبته".