الإثنين، 10 رمضان 1446هـ| 2025/03/10م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
غطرسة ترامب

بسم الله الرحمن الرحيم

 

غطرسة ترامب

 

 

 

الخبر:

 

تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب...

 

التعليق:

 

إن تصريحات ترامب تكشف عن عقلية لا ترى في الشعوب سوى أرقام عليها أن تضعها على جدول أعماله. لذلك، فهو يتعامل مع معاناة الشعوب المنكوبة كقضية تجارية. وحين يتحدث عن قضية تهجير أهل غزة وشرائها ومنحها وتوزيع أرضها وسكانها، كأنها ملك أجداده، فإن هذا لعمري ينم عن سطحيته في فهم القضية الفلسطينية، وتجاهله لقيمتها الدينية والتاريخية لدى المسلمين.

 

لقد اعتاد هذا المصارع، منذ ولايته الأولى، أن يخاطب حكام العرب باستخفاف بلغ حد إذلالهم والحط من مكانتهم.

 

ومع هذه الولاية الجديدة له، بات أقل قدرة على التحكم في اختيار كلماته وحديثه عن فلسطين، حتى رأينا كيف أطلق العنان لأحلامه الهوجاء في سياسته الاستعمارية، التي لم يسلم منها الصديق ولا العدو، حتى وصل به التطاول إلى الإعلان عن الاستيلاء على غزة، أرض المسلمين الخراجية، التي فتحها وحررها أجدادنا العظام.

 

وإنه لمن المخزي والعار على حكام المسلمين، الذين يهرولون إلى البيت الأبيض للانصياع لمقررات هذا الأهوج، ومع الأسف، كان من أول المنبطحين ملك الأردن، سليل الخيانة والخزي والعار.

 

إنه لمن المخزي والعار أن ننظر في صفحات التاريخ المجيد، فنرى كيف كانت للمسلمين دولة تحميهم، وكيف كان خليفتها ورئيسها، هارون الرشيد، شامخاً بالعز والكبرياء حين يخاطب ملك الروم، فيقول له: "من هارون خليفة المسلمين إلى نكفور كلب الروم، الجواب ما تراه لا ما تسمعه".

 

هذا هو الخطاب الذي يجب أن نواجه به هذه الهجمة الشرسة على ممتلكات المسلمين، أما حكام الذل والعار فقد لبسوا ثوب الخيانة، حتى أخرسهم هذا الأخرق، فلم نجد أو نسمع كلاماً يشفي صدورنا ويثلجها لردع هذه العنجهية التي لا تبقي ولا تذر.

 

فهذا ترامب، بعد كل المجازر التي ارتكبها ربيبه كيان يهود، وما فعلوه بإخواننا المسلمين من قتل وحرق وتهجير، نراه اليوم يرفع سقف مطالبه وسط ظروف إقليمية منبطحة، لأنه يعتقد جازماً بقدرته على التحكم في هذه الأنظمة العميلة، وهو يتحدث بكل صفاقة وبلا خجل من هؤلاء الحكام، عن تمويل جرائمه من دول الخليج (البقرة الحلوب)، ليضعهم في أكبر خيانة مذلة في التاريخ الحديث.

 

إن موقفنا من أهلنا في غزة هو الذي جعل هذا المجرم يتطاول ويتجرأ على هذه التصريحات الاستعمارية الصريحة، وإن تصاعد سلوك المسلمين المتجاهل للفلسطينيين، وتركهم وحدهم يواجهون مصيرهم المحتوم، هو أحد دواعي هذا الإذلال والاستعلاء، الذي جعل هذا الجَوَّاظ يتطاول على أرض أجدادنا العظام.

 

لقد لبسنا ثوب الذل بسبب هؤلاء الحكام الخونة، منذ أن سقطت دولتنا وعِزُّنا وكرامتنا، حتى أصبحنا كالغنم القاصية للأسف، هذا هو حالنا اليوم، فهذه غزة الجريحة، منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، ونحن ننظر إلى شعب مسكين ليس له ما يدافع به عن نفسه سوى إيمانه وعقيدته وعدالة قضيته، ونحن نتفرج عليهم، حتى وصل بنا الحال إلى أن نستجدي قرارات الأمم المجرمة كي تفتح المعابر لإدخال المساعدات لإخواننا الذين خذلناهم!

 

لذلك، يرى ترامب اليوم أنه ليس هناك عائق أمام جريمته البشعة، متجاهلاً السخط العربي والإسلامي تجاه الحكام، لأننا اكتفينا بالاحتجاجات التي لا طائل من ورائها، سوى أنها تفريغ للطاقات واستنزاف لغضب الشعوب.

 

إن ما يجهله عراب المال هذا ترامب ومعه ربيبه نتنياهو، هو أن الأرض عند المسلم تعني الشرف، وأن مفهوم الحدود هو قيود وضعتها اتفاقية سايكس بيكو، لا تشكل عائقاً في وجوههم، لأن فلسطين مغروسة في قلوب أطفال المسلمين.

 

إنه لمن المؤسف أن يتحدث ترامب بنبرة الواثق، وهو يتكلم عن خطة التهجير، فيخاطب حكام العرب بلغة القوة والتعالي، يقول إنهم سيفعلون، ويحاول أن يتحدث عن أموال طائلة يجب أن يدفعها حكام الخليج.

 

إن أمريكا التي تأسست على فلسفة ليبرالية، وعلى نظرة مادية للعالم والعلاقات، لا تبالي بصرخات الشعوب وهي تموت دفاعاً عن أوطانها.

 

يتكلم ترامب وكأن الأرض ليست أكثر من رقعة جغرافية يمكن تركها عند الضرورة، حين يصبح الإنسان فاقداً للأمان، هكذا يتعامل مع أهل غزة، ليغريهم بمنازل جديدة، ويحلم هو بمشروع استثماري في غزة. وإن هذا المشروع يكشف عن مدى تجرد هذه الحضارة من جميع القيم، فهو لا يعرف لماذا تموت الشعوب دفاعاً عن الأرض، وعن القيم، وعن الكرامة.

 

نقول لترامب: إن أرض غزة ليست مجرد رقعة جغرافية يمكن استبدالها، إنما هي تاريخ، وعقيدة، وهوية، لا يتحقق وجود أصحابها إلا بها.

 

نحن المسلمين لم نكن يوماً ضعفاء، فنحن نمتلك أكبر ثروة في العالم، إلا أن هذه الأنظمة المتسلطة هي علة الشقاء، لأنها رهينة للدول الغربية.

 

إن واقعنا اليوم مؤلم جداً، خصوصاً ونحن نواجه هجمة شرسة من أعداء الله، الذين تداعوا علينا كما تداعى الأكلة إلى قصعتها، وإن الخلاص من هذا كله إنما هو بالعمل الجاد من أجل إقامة دولتنا التي فيها عزنا وخلاصنا من هذه العذابات، وإن حزب التحرير، الرائد الذي لا يكذب أهله، يدعوكم للعمل معه من أجل إعادة هذا العز، الذي به تصونون كرامتكم، وتحفظون حقوقكم.

 

أبشروا أيها المسلمون، فإن الأمن والاستخلاف في الأرض حاصل بإذن الله، لمن آمن إيماناً صحيحاً بتحقيق وعد الله بالنصر والتمكين، مهما كانت قوة الأعداء، ﴿إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. فلنحرص على أن يكون لنا هذا الشرف السامي، الذي يعقبه النصر المؤزر بإذن الله.

 

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

مؤنس حميد – ولاية العراق

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع