الخميس، 26 شوال 1446هـ| 2025/04/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
اتفاقية كامب ديفيد... خيانة مستمرة ومخالفة أم فضيحة كامنة؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

اتفاقية كامب ديفيد... خيانة مستمرة ومخالفة أم فضيحة كامنة؟

 

 

الخبر:

 

قالت القدس العربي على موقعها الثلاثاء 2025/04/15م، إن النائب مصطفى بكري تقدم بطلب إحاطة لوزير الخارجية المصري حول انتهاك كيان يهود لبنود اتفاقية السلام، خاصة بعد عملية طوفان الأقصى. وأكد أن كيان يهود خالف ديباجة الاتفاقية ورفض الحل السلمي وفق قراري مجلس الأمن 242 و338، واستمر في الاستيطان والسيطرة على شرقي القدس. كما طالبت المعارضة المصرية مراراً بتجميد الاتفاقية، خاصة بعد إعادة احتلال محور صلاح الدين. وعقد التحالف الشعبي الاشتراكي ندوة انتقد فيها التطبيع الاقتصادي مع كيان يهود في ظل عدوانه على غزة، مشيراً إلى استيراد مصر للغاز منه، وانعكاساته على أزمة الكهرباء وتراجع الاكتفاء الذاتي. كما سلّطت الندوة الضوء على انتهاكات شركات الكويز لحقوق العمال، ودعت إلى مقاطعة شاملة للشركات المتعاملة مع كيان يهود. وبلغ حجم التبادل التجاري بين مصر والكيان عام 2023 نحو 2.36 مليار دولار، ما يشكل تناقضاً صارخاً مع الموقف الشعبي المصري الداعم لفلسطين.

 

 

التعليق:

 

في خضم المجازر اليومية التي يرتكبها كيان يهود بحق أهلنا في غزة والضفة الغربية، وبينما تهدم البيوت على رؤوس ساكنيها وتُباد العائلات بأكملها، يخرج علينا مصطفى بكري الصحفي والبرلماني المعروف بتوجهاته السياسية والمحسوب على النظام ليتحدث عن مخالفة كيان يهود لبنود اتفاقية كامب ديفيد، وكأنّه التزم يوماً بها أو بغيرها من المواثيق، ويطالب بتحقيق أو مساءلة حول خروقات واضحة وفاضحة منذ سبعة أشهر، وكأن الانتهاك اليوم هو الاستثناء لا القاعدة!

 

إن اتفاقية كامب ديفيد هي جريمة سياسية عظيمة، لا يجوز القبول بها أو البقاء في إطارها، ناهيك عن النقاش في مدى التزام يهود بها. فهذه الاتفاقية وُلدت في لحظة انبطاح سياسي وشرخ عميق في تاريخ الأمة الإسلامية، حين فُصلت مصر عن قضايا أمتها وقيدت عسكرياً وأمنياً واقتصادياً، مقابل ورقة "سلام" كتبها العدو بمداد من الدم والنار. فالمشكلة ليست في مخالفة الاتفاقية، بل في وجودها ابتداءً، فهي عقد إذعان بين مستعمر غاصب وقيادة خانعة رضيت بأن تبيع أرضاً وكرامة وسيادة مقابل بقائها على الكرسي، وتدفق المعونة، وإشادة الغرب بها.

 

إن جميع الاتفاقيات التي تعقد مع المحتل الغاصب، ومنها كامب ديفيد، هي باطلة شرعاً، لا سيما إذا كان صلحاً دائماً يؤدي إلى الاعتراف بشرعيته على أي جزء من أرض الإسلام، قال تعالى: ﴿فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ. والمعلوم أن اتفاقية كامب ديفيد تضمنت اعترافاً صريحاً بكيان يهود، وأخرجت مصر من دائرة الصراع معه، ومهّدت لتطبيع عربي لاحق، وقيّدت وجود الجيش المصري في سيناء، وسلمت الغاز المصري له، ومنحته أداة تحكم باقتصاد مصر ومفاتيح قرارها السيادي.

 

إن تحرك مصطفى بكري، المعروف بمواقفه التجميلية للنظام، لا يمكن النظر إليه إلا كحلقة في مسلسل امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد ضد التطبيع، خصوصاً بعد افتضاح دور النظام في تشديد الحصار على غزة، وفتح الباب أمام يهود للهيمنة على المعابر ومحور صلاح الدين، وإعادة احتلال الشريط الحدودي. فلو كان هذا البرلمان والنظام الذي يزعم تمثيله، جادّين في رفض خروقات يهود، لألغوا الاتفاقية من جذورها، وأوقفوا التطبيع، وقطعوا العلاقات السياسية والاقتصادية فوراً، بل ولأعلنوا الجهاد لتحرير فلسطين لا تجميد المعاهدة.

 

لكن الحقيقة أن النظام المصري لا يستطيع، بل لا يريد ذلك، لأنه أحد أعمدة حماية الكيان الغاصب في المنطقة، وضامن رئيسي لأمنه منذ توقيع كامب ديفيد، بل أصبح شريكاً في تصفية قضية فلسطين، لا سيما بعد تنسيقه الأمني مع كيان يهود في سيناء، وفتح مجال مصر الجوي لتمرير ضربات جوية يقوم بها، وتسليمه الغاز بثمن بخس، بل والعودة لاستيراده منه بعدما سُوّق لنا كذباً اكتفاءٌ ذاتي.

 

إن اتفاقية كامب ديفيد هي خنجر في خاصرة الأمة، فقد أوضحت تقارير كثيرة أن بنود الاتفاقية لم تكن فقط أمنية أو عسكرية، بل تضمنت تطبيعاً اقتصادياً، مثل اتفاقية الكويز التي ربطت المنتجات المصرية بمكون يهود، واتفاقيات غاز جعلت مصر رهينة لإمداداته، وتحولت من مصدّر للطاقة إلى مستورد، وارتبط أمنها القومي واستقرارها الصناعي بمزاج الكيان الغاصب. فهل بعد كل هذا يمكن أن يزعم أحد أن مخالفة يهود لبنود الاتفاقية أمر جديد؟! بل إنه السلوك الطبيعي لكيان قام على الخيانة، ولم يحترم يوماً أي عهود.

 

إن الحل ليس في مراجعة الاتفاقية أو تجميدها أو تعديلها، بل هو في إلغائها وقطع العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع الكيان، بل وإعلان الجهاد لتحرير فلسطين كاملةً من البحر إلى النهر. ففلسطين أرض إسلامية، لا تقبل التقسيم ولا التفاوض، ولا يجوز التنازل عن شبر منها، وهي أمانة في أعناق المسلمين جميعاً. ودويلة يهود لا شرعية لها، وأي اعتراف بها أو تعامل معها هو خيانة لله ولرسوله وللمسلمين.

 

إن كيان يهود لا يحترم إلا من يملك القوة، ولذلك فإن تحرير فلسطين، وإنهاء غطرسة يهود، ووقف نزيف دمائنا، لا يكون بالبرلمان ولا البيانات، بل بجيوش الأمة التي تنتظر من يقودها ويخلّصها من قيود العملاء.

 

وعلى الأمة الإسلامية أن تدرك أن النظام المصري، كغيره من أنظمة المنطقة، ليس عاجزاً عن نصرة فلسطين بل متواطئ في خيانتها، ولن يكون جزءاً من الحل بل هو أصل المعضلة. ولن ينصر الدين ويحرر البلاد إلا خليفة راشد، يقود الجيوش لتطهير الأرض المباركة من رجس يهود.

 

﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

محمود الليثي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية مصر

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع