الأربعاء، 08 ذو الحجة 1446هـ| 2025/06/04م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
هل تحتاج دول آسيا الوسطى إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي؟

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

هل تحتاج دول آسيا الوسطى إلى منظمة معاهدة الأمن الجماعي؟

 

 

الخبر:

 

في 28 أيار/مايو 2025، عقدت في مدينة بشكيك الجلسة الدورية لمجلس وزراء دفاع الدول الأعضاء في منظمة معاهدة الأمن الجماعي. وشارك في أعمال المجلس وزراء الدفاع في الدول الأعضاء في المنظمة، برئاسة وزير الدفاع في قرغيزستان، رسلان موكامبيتوف، بالإضافة إلى ممثلين عن الأمانة العامة وهيئة الأركان المشتركة للمنظمة.

 

التعليق:

 

تُقدّم منظمة معاهدة الأمن الجماعي نفسها على أنها تحالف عسكري لدول ما بعد الاتحاد السوفييتي، وتهدف إلى ضمان الأمن الجماعي. غير أنه في السنوات الأخيرة، وخصوصاً في دول آسيا الوسطى، بدأ الخبراء والساسة يشككون بشكل متزايد في فعالية هذه المنظمة وأهميتها. وهناك حالات كثيرة قُيمت فيها المنظمة على أنها غير ذات صلة بآسيا الوسطى، بل حتى اعتُبرت كياناً ضاراً. وأهم ما في الأمر هو أن هذه المنظمة تخدم مصالح روسيا فقط.

 

تُعتبر روسيا القوة المهيمنة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهذا يؤثر بشكل مباشر على القرارات التي تتخذها المنظمة. ومن الناحية العملية، فإن روسيا هي من تسيطر على جدول أعمال المنظمة وأولوياتها. أما باقي الدول الأعضاء فليست على قدم المساواة في عملية اتخاذ القرار. وغالباً ما يكون تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي متماشياً فقط مع المصالح الاستراتيجية لروسيا. فعلى سبيل المثال، في كانون الثاني/يناير 2022، أُرسلت قوات المنظمة إلى كازاخستان (في الأحداث المعروفة باسم يناير الدموي)، ولم يُنظر إلى هذا التدخل كاستجابة لتهديد خارجي، بل كعملية لحماية نظام توكاييف. وعلى الرغم من رغبة الكرملين في الانخراط في الأزمات، فقد أظهرت المنظمة عدم قدرتها على الاستجابة للتهديدات الفعلية والنزاعات الحقيقية.

 

كذلك، خلال العمليات العسكرية بين أرمينيا وأذربيجان في عامي 2020 و2022، لم تتخذ المنظمة أي رد فعل، رغم أن أرمينيا عضو فيها. أما في حالات النزاع الحدودي بين قرغيزستان وطاجيكستان، فقد اكتفت المنظمة بإصدار بيانات، دون أي تدخل فعلي. وحتى بعد استيلاء حركة طالبان على الحكم في أفغانستان، كانت دول آسيا الوسطى تتوقع تحركات منسقة ودعماً من المنظمة، لكنّ شيئاً من ذلك لم يحدث.

 

هذه الحقائق تُضعف الثقة في منظمة معاهدة الأمن الجماعي كمصدر حقيقي لضمان الأمن. وإضافةً إلى ذلك، يبدو أن دول آسيا الوسطى بدأت تنفر من هذه المنظمة، بسبب تصاعد السياسة الروسية المتغطرسة التي يمكن تلخيصها بمقولة: "أنا صاحب القرار، وأفعل ما أريد".

 

فمنذ اندلاع الحرب الشاملة في أوكرانيا عام 2022، أصبحت العضوية في تحالف عسكري مع روسيا تشكل عبئاً على علاقات دول آسيا الوسطى مع الغرب والصين. فبالنسبة لهذه الدول التي تسعى إلى اتباع سياسة خارجية متعددة الاتجاهات وتعزيز التعاون مع دول مثل تركيا والصين وأمريكا، أصبحت علاقتها بمنظمة معاهدة الأمن الجماعي عقبة في طريق تحقيق هذه الأهداف.

 

فمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بالنسبة لروسيا ليست مجرد تحالف عسكري، بل هي أداة للضغط السياسي، ووسيلة للتدخل في الشؤون الداخلية لدول آسيا الوسطى، وأداة لدعم الأنظمة الموالية لها. ولهذا، فهي في شكلها الحالي لا تخدم مصالح آسيا الوسطى، وأصبحت عاجزة عن التصدي بفعالية للتهديدات الحقيقية. وغالباً ما تخدم أنشطتها المصالح الجيوسياسية الروسية.

 

إن منظمة معاهدة الأمن الجماعي هي تحالف كلاسيكي بطابع عسكري وتبعية روسية، من النوع الذي نشأ في حقبة ما بعد الاتحاد السوفييتي، وقد بدأت تفقد أهميتها في آسيا الوسطى. فهي لا تملك قوة عسكرية فعالة، ولا تأثيراً سياسياً حقيقياً.

 

ومن الناحية الشرعية، لا يجوز للبلاد الإسلامية أن تكون عضواً في مثل هذه المنظمة. ويجب الانسحاب منها، ما قد يُمكّن دول آسيا الوسطى من تحقيق استقلال استراتيجي، والتخلص من الهيمنة الروسية، وتعزيز أمنها وفق معايير أخرى.

 

ينبغي على دول آسيا الوسطى أن تُنهي عضويتها في هذه المنظمة، لأن ذلك لا يتعارض مع ميثاقها. كما يجب البحث عن سبل بديلة لحماية أمن المنطقة. فهذه الدول ذات الغالبية المسلمة يمكن أن تحقق السيادة السياسية والثقافية والدفاعية من خلال دولة إسلامية موحدة، وهو ما سيتحقق بإذن الله تعالى قريباً، عبر دولة الخلافة الراشدة.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

حجّة الجامعة

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع