- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
نهضة الأمم إنما تكون بالفكر وليس بالذهب والفضة!
الخبر:
مع أول ليلة من ليالي العام الهجرى الجديد يتم تغيير أغلى كسوة بالعالم، كسوة الكعبة المشرفة. تستهلك نحو 1000 كيلوغرام من الحرير الخام و120 كيلوغراماً من أسلاك الذهب و100 سلك من أسلاك الفضة. عدد قطع حزام كسوة الكعبة المشرفة 16 قطعة، و6 قطع و12 قنديلاً أسفل الحزام و4 صمديات توضع في أركان الكعبة، كما تتكون من 47 قطعة حريرية مطرزة بـ68 آية، وقد استغرق تصنيعها شهراً. وتزن هذه الكسوة 1416 كيلوغراما.
التعليق:
إن كسوة الكعبة بل الكعبة نفسها ليست أغلى ولا أفضل عند الله من دم المسلم وعرضه حتى تزين بالذهب والفضة والحرير ويخصص لها كل هذا المال، والمسلمون مهجرون ومحاصرون بلا طعام ولا شراب ولا دواء! إننا في زمن حكم الرويبضات حين تهدر أموال المسلمين في صنع أغلى كسوة في العالم، وصنع أكبر طبق أرز لدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية! هكذا أصبحت الأمة الإسلامية؛ جيوش بلا قوة ولا جهاد، أموال تهدر، وشباب بلا مستقبل، خيراتنا تنهب وتسلم هدايا لرؤوس الكفر ليصنعوا بها أسلحة يقتلوننا بها ويدمرون بلادنا، ثم يطل علينا الحكام للتنديد أو النحيب وهم أس البلاء وأصل الداء الذي حل بالمسلمين. فحين قيل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ألا تكسو الكعبة بالحرير؟ قال: "بطون المسلمين أولى من أن أكسو الكعبة بالحرير".
إن مكة المكرمة، بيت الله الحرام فيها يلتقي المسلمون من شتى بقاع الأرض، يتركون دنياهم وما يملكون في سبيل الله، فترى المسلم يتوق ويترقب بكل شغف زيارة بيت الله، ولكن الحج والعمرة أمسيا تجارة وفرصة لتكديس الأموال، فكل شيء بمقابل، فقد طغت المادة، حتى حصوات رجم الشيطان أصبحت تباع!! إن شعائر الله ستبقى لله عز وجل. أما التناقض الذي نعيشه ويستفز المسلمين فهو نتيجة طبيعية لترك شرع الله، فأصبحنا في زمن يلقب فيه العميل والخائن والمطبع خادما للحرمين الشريفين وهو من باع دينه بأبخس الأثمان حتى يرضى عنه اليهود والنصارى. هكذا قطعت أوصالنا وأغرق المسلمون في الفساد ومهرجانات العري والفجور. وقد صدق رسول الله ﷺ: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ؛ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ». قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: «الرَّجُلُ التَّافِهُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ».
غابت عنا الدولة الإسلامية فأصبح الإسلام بلا لون ولا رائحة، فحكمونا بنظام وضعي مشوه حتى أمسينا في ذيل الأمم ومطمعا لكل من هب ودب. هكذا أصبحنا وما زال الوبال قائما ما دام هؤلاء الحكام يرتعون في بلاد المسلمين. فالإسلام هو مبدأ؛ عقيدة ينبثق عنها نظام، نظام مفصل شامل للعبادات والمعاملات ونظام اقتصادي واجتماعي وعلاقات خارجية ونظام حكم... ﴿مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ﴾. بالإسلام يرتقي العباد والبلاد فيخرجهم من العادات البالية والمعتقدات الخاطئة، فهو دين ودولة وليس دينا كهنوتيا منحصرا في دور العبادة وبعض المعاملات.
إن زوال هؤلاء الحكام العملاء أمر حتمي، بالوعي والإرادة تلفظهم الأمة، وبزوالهم سينتشر الخير بإذن الله ويعم العدل، وبنظام الإسلام وحده نزيل حكم الضرار ونعيد حكم الله في الأرض، وهذا وعده عز وجل رغم مكر الماكرين وكيد الكائدين.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
زينب بنرحومة