- الموافق
- كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم
إحياء الإسلام: السّبيل الوحيد لتجنب الكارثة
(مترجم)
الخبر:
يوم الأربعاء غمرت مياه الأمطار الغزيرة مدينة كراتشي، ما أدّى إلى شلل المدينة الساحلية الجنوبية التي يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، بعد أقلّ من أسبوع من الفيضانات المفاجئة المميتة التي اجتاحت قرى في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب البلاد.
التعليق:
دمّرت الفيضانات الأخيرة في باكستان منطقتي خيبر بختونخوا والسند، بينما تعاني مناطق أخرى من شوارع غارقة بالمياه، ما حوّل الحياة اليومية إلى خطر. وقد هزّت مأساة فقدان الأرواح وسبل العيش في خيبر بختونخوا قلوب الناس. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو غياب معدات الإنقاذ المناسبة، ما دفع الكثيرين إلى التساؤل عن قدرة الحكومة على الاستجابة. ويُترك عمال الإنقاذ للقيام بكل شيء يدوياً، ومرةً أخرى، يدرك السكان المحليون، الذين صقلتهم سنوات من الإهمال، أنّهم مضّطرون للاعتماد على أنفسهم، لأنّ المساعدة لن تأتي إلا نادراً أو معدومة.
غالباً ما تُصنّف الحكومة هذه الكوارث على أنها طبيعية ولا مفرّ منها، على الرّغم من أنّ معظم الأضرار ناجمة عن جشع البشر للسلطة واستغلال الموارد الطبيعية. قال طارق علي شاه، خبير الغابات الذي يعمل عن كثب مع حكومة خيبر بختونخوا، إن المقاطعة تفقد الغابات بمعدل حوالي 1.5٪ سنوياً، وهو ما يعادل 8000 هكتار، أي ما يقرب من حجم منطقة مدينة إسلام آباد، بين عامي 2000 و2023. ومن القضايا الأخرى بناء الفنادق والمنازل والمطاعم على ضفاف النهر. في فيضانات عام 2022 في منطقة سوات، غمرت المياه حوالي 700 فندق وموتيل ونزل ومطعم بالكامل. وفي الفيضانات الأخيرة، رأينا الآثار المدمرة حتى في إسلام آباد، حيث أدى التعدي والبناء على الأنهار إلى خلق اختناقات، ما دفع مياه الفيضانات إلى المنازل المنخفضة والأقبية. وتُعد فيضانات كراتشي دليلاً على فشل نظام الصّرف الصحي، حيث إنّ مصارف مياه الأمطار الطبيعية في المدينة (الأنهار) مسدودة بالنفايات الصلبة، ولا يمكن للنظام العام التعامل مع حجم المياه، خاصة مع أنماط هطول الأمطار غير المنتظمة. يتفاقم هذا الوضع بسبب سوء الإدارة، والتشرذم الإداري، والافتقار العام إلى بنية تحتية شاملة للمياه لإدارة مياه الصرف الصحي ومياه الأمطار في المدينة.
يمكن إرجاع برامج التنمية العمياء في باكستان إلى الحكم الاستعماري البريطاني. فقد ركّز البريطانيون على السيطرة على المساحات وتعظيم الأرباح، وأدخلوا خليطاً فوضوياً من سلطات التخطيط الحضري وسياسات إسكان غير عادلة. أعطوا الأولوية للتنمية الشريطية، والتوسع العمراني، والفصل الطبقي. وبعد الاستقلال، ظلت فلسفتنا التخطيطية ثابتة؛ البناء نحو الخارج، والبناء الكبير، والبناء للأثرياء. وُضعت الخطط الرئيسية ثم أُهملت. وتآكلت الأراضي الزراعية بسبب التوسع العمراني المستمر.
بينما يمتلئ العالم الرأسمالي بالكوارث، يتبنى الإسلام نهجاً مختلفاً تماماً. ففي الإسلام، تتولى الدولة مسؤولية وضع سياسات لحماية الغابات الطبيعية، وتنظيم عمليات التعدين وقطع الأشجار، بالإضافة إلى العمليات الأخرى اللازمة لتجنب تدمير مزارع الأشجار. خلق الله سبحانه وتعالى العالم وما فيه للإنسان، ولا يمكن حمايته إلا بطاعة الله. في العصر الذهبي للإسلام، طوّر المهندسون ومخططو المدن تقنيات هيدروليكية متطورة لحماية المناطق الحضرية من الفيضانات وضمان إمدادات مياه مستقرة. شملت إدارة الفيضانات بناء السدود والأقواس، وإنشاء أنظمة قنوات معقدة، وتطوير آلات رفع المياه لتوزيعها وتخزينها بكفاية. أدّت هذه الجهود، إلى جانب تقنيات صيانة القنوات وحماية السدود باستخدام الصفصاف، إلى إرساء أنظمة شاملة لإدارة المياه دعمت الزراعة، وإمدادات المياه في المناطق الحضرية، والصّالح العام، وكل ذلك يشهد على فهمهم المتطور للهندسة الهيدروليكية. وقد أمكن تحقيق ذلك بفضل ترابط المناطق الخاضعة لنفس الحكم مهما كانت متباعدة. الفيضانات والجفاف والأمراض أو الحروب، أي تحدٍ شعر به وتولّى أمره نواة الأمة، أي القوة المركزية للخلافة. نحن في أمس الحاجة إلى الخلافة لإنقاذ وحفظ وإحياء المجد القديم الذي أراده الله سبحانه وتعالى للأمة. الخلافة، عندما تقوم على منهاج النبوة، لن تدع جشع الجشعين للسلطة يدمّر ثروة الأمة. الماء الذي يسبب الموت والدمار الآن، سيصبح مصدراً للحياة والنمو. سيتمّ بناء السدود والقنوات وسيتمّ توزيع المياه على المناطق التي تحتاج إليها. لدينا أمثلة مثل قناة زبيدة، وهي قناة تمّ بناؤها لأهل مكة بأمر زوجة الخليفة آنذاك هارون الرشيد لراحة الحجاج. ولا تزال القناة موجودة، وتذكرنا بالعصر الذهبي للإسلام وتدعونا إلى اتباع طريق أتباع النبي الكريم محمد ﷺ.
﴿وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
إخلاق جيهان