- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الملفات المحجوبة ووهم الشفافية!
(مترجم)
الخبر:
أثار نشر وزارة العدل لملفات إبستين المحجوبة بشدّة انتقادات من المشرّعين. (المصدر)
التعليق:
سلّط نشر ملفات إبستين المحجوبة، بشدة، الضّوء مجدداً على حقيقة أساسية للأنظمة الرأسمالية وهي أنه عندما تتركّز الثروة والسلطة في أيدي قلة، تصبح المساءلة انتقائية والشفافية مشروطة. هذه هي النتيجة الثانوية لنظام يحمي أصحاب النفوذ بينما يدّعي خدمة الناس! وقد ازداد الجدل حدةً مع الكشف عن أنّ بعض الصور، التي يُزعم أنها تُظهر إبستين إلى جانب شخصيات بارزة، من بينهم الرئيس دونالد ترامب، قد خضعت لحجب شديد أو حُذفت بالكامل، ما زاد من شكوك الناس وعدم ثقتهم.
تُعيد قضية إبستين إحياء حقيقة مُقلقة ولكنها راسخة منذ زمن طويل، وهي استخدام الابتزاز والفساد الأخلاقي كأدوات للتأثير السّياسي. يُظهر التاريخ أنّ الدول الغربية وشبكات النُّخب لطالما استخدمت الرذيلة كوسيلة ضغط لترسيخ وتمكين وتوثيق الإخفاقات الأخلاقية بهدف ابتزاز السياسيين والممولين والقادة. هذا ليس عرضياً، بل هو نهج مُمنهج. فعندما تُطبّع المجتمعات غير الأخلاقية، يُصبح الفساد آلية للحكم والسيطرة. وفي المقابل، يسعى الإسلام إلى منع هذا الاستغلال بإغلاق أبواب الرذيلة تماماً، لا بتسليعها أو إضفاء الطابع المؤسسي عليها كأداة سياسية.
إنّ الأنظمة الرأسمالية، التي تُعلي الربح والنفوذ والمكاسب الفردية فوق المساءلة الأخلاقية، عُرضة بشكل خاص لهذا النوع من الفساد. فالثروة تُتيح الوصول، والوصول يُتيح الصّمت، والصمت يُحافظ على النظام. إنّ الحجب المُحيط بشبكة إبستين ليس شذوذاً، بل هو أعراض لنظام أوسع لا يُسمح فيه بالشفافية إلا بقدر ما لا تُهدّد المصالح الراسخة. بينما يرفض الإسلام هذا التسلسل الهرمي رفضاً قاطعاً؛ ففي الحكم الإسلامي، لا أحد، مهما كانت مكانته، فوق القانون. ولا توجد حقيقةٌ خطيرةٌ جدا بحيث لا يمكن كشفها، ولا يُحجب العقاب متى اقتضت العدالة ذلك.
في نهاية المطاف، يعكس الغضب الذي أحاط بملفات إبستين تعطشاً أعمق للمساءلة الحقيقية، وهي مساءلةٌ يعجز النظام الرأسمالي العالمي عن تحقيقها باستمرار. يقدّم الإسلام أساساً مختلفاً جذرياً للعدالة، متجذراً في المساءلة والحكم باعتباره مسؤولية لا امتيازاً، وقواعد خالدة لا تخضع للتلاعب. يُعلّم الإسلام أنّ جميع الناس يُحاسبون بغض النظر عن مكانتهم أو ثروتهم.
قال رسول الله ﷺ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُـ وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» رواه البخاري
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
هيثم بن ثبيت
الممثل الإعلامي لحزب التحرير في أمريكا



